PDA

View Full Version : **..** الدرس الحادي عشر ..(..كيف تصوم الأذن ؟!..)**..**


عبد الله المسكين
23-12-1999, 09:56 AM
الدرس الحادي عشر
كيف تصوم الأذن ؟
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد .
يقول عز من قائل: { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً }
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويالندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن صوت الحق .
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغنا وعن الفحشاء والبذاء . وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره .
كثير من البشر عطلوا ما من الله عليهم به من أعضاء . يقول عنهم سبحانه : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون ولهم أعين لا يبصرون بها ، ولهم آذان لا يسمعون بها ، أولئك كالأنعام بل هم أضل ، أولئك هم الغافلون } .
نعم لهم آذان ولكن لا يسمعون سمع موعظة وسماع تدبر وفهم . سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماماً لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة .
قال تعالى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً } .
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة والكلمة الآثمة ، والمجون الأثيم ، حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم ، ذلك السماع الشرعي السني النبوي العظيم .
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان والهدى والنوع والفلاح . سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنسا وطمأنينة .
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة والوساوس الخطيرة والخطرات الآثمة .
قوت الأذن الذكر والعلم النافع والموعظة الحسنة والأدب الجم ، ودرر المعارف ومحاسن القول .
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبداً ******* إن استماعك للأوزار أوزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد "نعم أتاني نعم أتاني ".
مدح الله قوماً بجودة السماع وحسن الاستماع فقال : { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق } . الآية .
فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع .
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل ، وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل :
لا تستمع إلا لقول صادق ******* يغنيك عن خطل من الأقوال
فالأذن نافذة العلوم وخيرها ******* أذن وعت ذكر تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة وأفسدت بستان المعارف .
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال :
{ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً ، فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون ، وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وما توا وهم كافرون} .
سماع الحق يزيد القلب ثباتاً على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب آثار الباطل .
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة .
وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله . يقول تبارك وتعالى عن عباده الصالحين : { وإذا مروا باللغو مروا كراماً } .وقال تعالي : { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} .
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه .

ـــــــــــــ
ثلاثون درساً للصائمين (عائض القرني)