PDA

View Full Version : **..** الدرس الثامن ..(..كيف يصوم القلب ؟!..)**..**


عبد الله المسكين
21-12-1999, 08:47 PM
كيف يصوم القلب ؟
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
يقول الله تباك وتعالى : { ومن يؤمن بالله يهد قلبه } . وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمل ورأس كل فعل .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ".
فصلاح قلبك سعادتك في الدنيا وفي الآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل . يقول الله عز وجل : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } . ولكل مخلوق قلب . ولكنهما قالبان ، قلب حي نابض بالنور مشرق بالإيمان ممتلئ باليقين عامر بالتقوى ، وقلب ميت مندثر سقيم فيه كل خراب ودمار .
يقول سبحانه وتعالى عن قلوب اللاهين : { في قلوبهم مرض فزادهم مرضاً } وقال تعالى: { وقالوا قلوبنا غلف ، بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون } . وقال سبحانه : {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } . وقال عنهم : { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذننا وقر } .
فالقلوب تمرض ويطبع عليها ، وتقفل وتموت .
إن قلوب أعداء الله عز وجل معهم في صدورهم ، ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها ، لذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام كما صح عنه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .
قلب مؤمن يصوم في رمضان وغيره وصيام القلب يكون بتفريغه من المادة الفاسدة من شركيات مهلكة ، ومن اعتقاد باطل ، ومن وساوس سيئة ، ومن نوايا خبيثة ، ومن خطرا ت موحشة .
قلب المؤمن عامر بحب الله ، يعرف ربه بأسمائه وصفاته ، كما وصف سبحانه وتعالى نفسه ، فهذا القلب يطالع بعين البصيرة سطور الأسماء والصفات ، وصفحات صنع الله في الكائنات، ودفاتر إبداع الله في المخلوقات .
وكتابي الفضاء أقرأ فيه ******* صوراً ما قرأتها في كتابي
قلب المؤمن فيه نور وهاج لا يبقى معه ظلمة ، نور الرسالة الخالدة ، والتعاليم السماوية ، والتشريع الرباني ، يضاف هذا إلى الفطرة التي فطر الله عليه العبد، فيجتمع نوران عظيمان، { نور على نور ، يهدي الله لنوره من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم } .
قلب المؤمن يزهر كالمصباح ، ويضيء كالشمس ، ويلمع كالفجر ، يزاد قلب المؤمن من سماع الآيات إيماناً ، ومن التفكير يقيناً ، ومن الاعتبار هداية .
قلب المؤمن يصوم عن الكبر لأنه يفطِّر القلب ، فلا يسكن الكبر قلب المؤمن لأنه الحرام ، والكبر خيمته ورواقه ، ومنزله في القلب ، فإذا سكن الكبر في القلب أصبح صاحب هذا القلب مريضاً سفيهاً أحمق ، ومعتوهاً لعاباً .
يقول سبحانه كما في صحيح الحديث القدسي : " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، من نازعني فيها عذبته " . وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "من تكبر على الله وضعه ون تواضع لله رفعه " .
وقلب المؤمن يصوم عن العجب ، والعجب تصور الإنسان كمال نفسه ، وانه أفضل من غيره ، وأن عنده من المحاسن ما ليس عند الآخرين ، وهذا هو الهلاك بعينه . صح عنه الصلاة والسلام أنه قال : " ثلاث مهلكات : إعجاب المرء بنفسه ، وشح مطاع ، وهوى متبع " .
ودواء هذا العجب النظر إلى عيب النفس ، وكثرة التقصير ، وآلاف السيئات والخطايا التي فعلها العبد واقترفها ثم نسيها ، وعلمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى .
وقلب المؤمن يصوم عن الحسد ، لأن الحسد يحبط الأعمال الصالحة ويطفئ نور القلب ويعطل سيره إلى الله تعالى .
يقول سبحانه : { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله } . ويقول عليه الصلاة والسلام : ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) . حديث صحيح .
أخبر عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات عن رجل من أصحابه أنه من أهل الجنة ، فلما سئل ذاك الرجل بما تدخل الجنة ؟ قال لا أنام وفي قلبي حسد أو حقد أو غش على مسلم . فهل من قلب يصوم صيام العارفين :
صيام العارفين له حنين ******* إلى الرحمن رب العالمينا
تصوم قلوبهم في كل وقت ******* وبالأسحار هم يستغفرونا
اللهم أهد قلوبنا إلى صراطك المستقيم ، وثبتها على الإيمان يا رب العالمين .

ـــــــــــــــ
ثلاثون درساً للصائمين (عائض الفرني)