PDA

View Full Version : **..** الدرس الخامس ..(..رمضان مدرسة للجود والعطاء..)**..**


عبد الله المسكين
21-12-1999, 01:34 AM
رمضان مدرسة للجود والعطاء
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
قال سبحانه وتعالى : "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله " .
قال سبحانه : "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم " .
في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة .
إن الصيام يدعو إلى إطعام الجائع وإعطاء المسكين وإتحاف الفقير .
وشهر رمضان موسم للمتصدقين وفرصة سانحة للباذلين والمعطين :
الله أعطاك فأبذل من عطيته ****** فالمال عاريه والعمر رحال
المال كالماء إن تحبس سواقيه ****** يأسن وإن يُجْرِ يعذب منه سلسال
ما أجمل البذل وما أحسن الصدقة وما أجلّ العطاء
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " إن لله ملكين يناديان في كل صباح يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً . ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً ".
كلما أنفق العبد أخلف الله عليه ببسطه في الجسم وراحة في البال وسعة في الرزق .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار" .والخطايا لها حرارة في القلوب واشتعال في النفوس ، ونار موقدة في الحياة، ولا يطفيء هذه الحرارة والاشتعال إلا الصدقة .
الصدقة باردة على القلب طيبة على الروح، تحت الخطايا حتا .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "كل امرء في ظل صدقته يوم القيامة، حتى يقضى بين الناس". عجيب ! جدُّ عجيب، للصدقة ظل وارف ولها أفياء يتظلل في ظلها العباد يوم القيامة، وكل بحسب ظله الذي أنتجته صدقته في الدنيا.
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه صاحب مال وعنده ثراء ، فجعل ماله وثراءه في مرضات ربه تبارك وتعالى ، جهز جيش تبوك وشرى بئر رومة للمسلمين ، وتصدق وأعطى ولسوف يرضى .
وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه غنياً موسراً ، فتصدق مرة واحدة بحمل سبعمائة جمل على فقراء المدينة ليكافأه الله على ما فعل .
في الناس صائم لا يجد كسرة خبز ولا مذقة لبن ولا حفنة تمر .
في الناس صائم لا يجد بيتاً يؤويه ولا مركباً يحمله ولا صاحباً يواسيه .
في الناس صائم لا يجد ما يفطر به أو يتسحر عليه .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من فطر صائماً كان له أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئاً " .
الصالحون يزيد كرمهم في رمضان ن فيذلون ويعطون وينفقون .
كان كثير من الأخيار يتكفل بإفطار جماعات من الفقراء والمساكين طلباً لأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى .
كانت مساجد السلف تمتليء بالطعام المقدم للفقراء فلا تجد جائعاً ولا محتاجاً .
والعجيب أن كل ما ينفقه العبد في أكله وشربه ولباسه ، فإن زائل لا محالة إلا ما ينفقه في مرضات الله عز وجل .
يقول عز وجل من قائل : " إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم، والله شكور حليم " .
أيها الصائم إنك ببذلك وعطائك تقرض ربك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك يوم الفقر والمسكنة، يوم التغابن .
أيها الصائم شربة ماء ومذقة لبن وحفنة تمر وقليل من الطعام والمال واللباس والفاكهة تسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنة .
أيها الصائم تالله لايحفظ المال مثل الصدقة ، ولا يزكي المال مثل الزكاة .
مات كثير من الأثرياء وتركوا من الأموال والكنوز والدور والقصور ما الله به عليم ، فاصبح كل ذلك حسرة عليهم ، وندامة وأسفاً ، لأنهم ما صرفوه مصارفه.
وغداً يظهر لك الربح من الخسران والله المستعان .

______________
ثلاثون درساً للصائمين (عائض القرني)