مخاوي الغربة
07-05-2000, 11:43 PM
الحمير والطاقة
تعجبت عندما رشحتني وزارة القوى العاملة للالتحاق بمكتب براءات الاختراع والابتكار لتقييم ما يتقدم به المخترعون بالرغم من أنني خريج كلية تربية رياضية قسم كرة القدم
وفكرت في أنه لعل هدف الوزارة هي أن تكون مهمتي الحقيقية هي أن أشوط هؤلاء المخترعين خارج المكتب وأسجل بذلك هدفا لأن أهداف الحكومة بأكملها تعتمد على الاستيراد وليس على الاختراع والابتكار الذي يتبعه التصدير !
ثم أصابني الذهول عندما رأيت بنفسي عينة من أفكار هؤلاء المخترعين والمبتكرين . وكيف يفكر عباقرة شبابنا ممن أضناهم البحث عن مال من أجل الحصول على شقة للزواج فيها ، والبحث في نفس الوقت لتوفير مثل هذا المال اللازم لشراء مثل تلك الشقة !
وكان أول المخترعين شاباً قرويا – بلدياتي – يبدو عليه الهزل الشديد كأنه لم يأكل منذ عام وتلمع عيناه ببريق غريب ، ولكني استقبلته مرحباً ، ولما سألته عن اختراعه الذي جاء لتسجيله قال في حماس بالغ : أنا عندي اختراع جهنمي للحصول على الكهرباء بدون تكلفة ومن مصدر رخيص جداً ، فأسالته في لهفة : و إيه المصدر ده ؟
فأجابني وعيناه تزدادان التماعا : مصدر الكهرباء حيكون مخلفات الحمير ..
وإذا عرفنا أن في البلد خمسة ملايين حمار شوف بقى قوة الطاقة الكهربائية اللي حنحصل عليها منها !
واستطرد في حماس قبل أن أقاطعه : والطاقة دي نقدر نستخدمها في تشغيل الآلات اللي ممكن تخلينا نستغني عن الحمير وبكده نكون وفرنا الفول اللي بتاكله الحمير .
زمال علي ببريق جنوني في عينيه وهو يضيف : وبكده ناكل إحنا الفول ونشبع !
وهكذا كان علي أن أشوط بلدياتي خارج المكان بعد أن تأكدت من بعد نظر وزارة القوى العاملة في تعيني في تلك الوظيفة !
أما صاحب الاختراع الثاني فكانت امرأة عجوز اندفعت صوب مكتبي باكية وهي تقول : أن خلاص مابقيتش قادرة أستحمل .. أعصابي تعبت ولازم توقفوا الذبحة دي .
فسألتها في دهشة : مذبحة أيه ؟
فأجابتني من وسط شهقاتها : مذبحة الفيران اللي القطط بتاكلها .. هي الفيران ذنبها إيه عاشان تعيش في رعب من القطط اللي بتاكلها في الأخر ؟
فسألتها ساخرا : ويا ترى عند حضرتك اختراع لحل المشكلة دي ؟
فاجابتني في لهفة : أنا فكرت في عمل باتيناج خاص صغير على مقاس للفيران .. ولو وزعنا الباتيناج ده على كل فار في البلد نبقى أنقذنا حياتها ، لأن أي فار أول ما يشوف قط حيلبس الباتيناج ويهرب منه وينفذ بحياته !
وقبل أن أجيبها على اختراعها رايتها تصرخ في هلع عندما شاهدت القط الذي أعتاد التسلل إلى مكتبي بين الحين والأخر ، وتراجعت في ذعر للوراء صارخة : ألحق وني .. القط حياكلني !
ثم أخرجت من حقيبتها باتيناج ارتدته في قدميها ، وأسرعت هاربة في جنون ، والقط يراقبها في دهشة دون أن يعرف السبب في ذعر العجوز المفاجئ ، أو أن يفكر في مطاردتها لالتهامها !!
أما المخترع الثالث الذي كان جسده متورما وظل يهرش أمامي طوال الوقت حتى ظننته مصاباً بالجرب . فقال إنه لاحظ أن مشكلة أغلب بيوت الريف وبعض المدن هو انتشار البراغيت .. والتي ليس لها من مهمة غير أن تقرص شخصا ما ثم تقفز بسرعة قبل أن يمسك بها هذا الشخص وينتقم منها شر انتقام . وكانت وجهة نظره هي أنه باستغلال البراغيت في القفز باختراع جهاز لتدريبها على ذلك بصورة صحيحة وتنظيم مسابقات خاصة لها في القفز- مثل مسابقات القفز بالزانة مثلا – فيمكن أن تنشغل البراغيت بذلك فلا تعود لمضايقة البشر !!
والأن بعد أن مرت بضع سنوات على عملي في مكتب براءة الاختراعات ، رأت زوجتي أن أعصابي قد أرهقها كثرة العمل ومن الضروري حصولي على إجازة طويلة من عملي .. فوافقتها على ذلك ، فقد كانت على حق ، إذ أن المكان الذي أرسلتني للاستجمام عن مضايقات البشر وتحيط به الأسوار العالية ويقع مكانه في قلب العباسية .. هذا المكان الهادئ سيتيح لي ولا شك أن أفكر بعمق في كيفية اختراع مثل ذلك الجهاز القادر على استخراج الطاقة الكهربائية من مخلفات الحمير !!
العباسية ((( أسم متداول في الجمهورية بمصلحة المجانين ))).
تحياتي
http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif
تعجبت عندما رشحتني وزارة القوى العاملة للالتحاق بمكتب براءات الاختراع والابتكار لتقييم ما يتقدم به المخترعون بالرغم من أنني خريج كلية تربية رياضية قسم كرة القدم
وفكرت في أنه لعل هدف الوزارة هي أن تكون مهمتي الحقيقية هي أن أشوط هؤلاء المخترعين خارج المكتب وأسجل بذلك هدفا لأن أهداف الحكومة بأكملها تعتمد على الاستيراد وليس على الاختراع والابتكار الذي يتبعه التصدير !
ثم أصابني الذهول عندما رأيت بنفسي عينة من أفكار هؤلاء المخترعين والمبتكرين . وكيف يفكر عباقرة شبابنا ممن أضناهم البحث عن مال من أجل الحصول على شقة للزواج فيها ، والبحث في نفس الوقت لتوفير مثل هذا المال اللازم لشراء مثل تلك الشقة !
وكان أول المخترعين شاباً قرويا – بلدياتي – يبدو عليه الهزل الشديد كأنه لم يأكل منذ عام وتلمع عيناه ببريق غريب ، ولكني استقبلته مرحباً ، ولما سألته عن اختراعه الذي جاء لتسجيله قال في حماس بالغ : أنا عندي اختراع جهنمي للحصول على الكهرباء بدون تكلفة ومن مصدر رخيص جداً ، فأسالته في لهفة : و إيه المصدر ده ؟
فأجابني وعيناه تزدادان التماعا : مصدر الكهرباء حيكون مخلفات الحمير ..
وإذا عرفنا أن في البلد خمسة ملايين حمار شوف بقى قوة الطاقة الكهربائية اللي حنحصل عليها منها !
واستطرد في حماس قبل أن أقاطعه : والطاقة دي نقدر نستخدمها في تشغيل الآلات اللي ممكن تخلينا نستغني عن الحمير وبكده نكون وفرنا الفول اللي بتاكله الحمير .
زمال علي ببريق جنوني في عينيه وهو يضيف : وبكده ناكل إحنا الفول ونشبع !
وهكذا كان علي أن أشوط بلدياتي خارج المكان بعد أن تأكدت من بعد نظر وزارة القوى العاملة في تعيني في تلك الوظيفة !
أما صاحب الاختراع الثاني فكانت امرأة عجوز اندفعت صوب مكتبي باكية وهي تقول : أن خلاص مابقيتش قادرة أستحمل .. أعصابي تعبت ولازم توقفوا الذبحة دي .
فسألتها في دهشة : مذبحة أيه ؟
فأجابتني من وسط شهقاتها : مذبحة الفيران اللي القطط بتاكلها .. هي الفيران ذنبها إيه عاشان تعيش في رعب من القطط اللي بتاكلها في الأخر ؟
فسألتها ساخرا : ويا ترى عند حضرتك اختراع لحل المشكلة دي ؟
فاجابتني في لهفة : أنا فكرت في عمل باتيناج خاص صغير على مقاس للفيران .. ولو وزعنا الباتيناج ده على كل فار في البلد نبقى أنقذنا حياتها ، لأن أي فار أول ما يشوف قط حيلبس الباتيناج ويهرب منه وينفذ بحياته !
وقبل أن أجيبها على اختراعها رايتها تصرخ في هلع عندما شاهدت القط الذي أعتاد التسلل إلى مكتبي بين الحين والأخر ، وتراجعت في ذعر للوراء صارخة : ألحق وني .. القط حياكلني !
ثم أخرجت من حقيبتها باتيناج ارتدته في قدميها ، وأسرعت هاربة في جنون ، والقط يراقبها في دهشة دون أن يعرف السبب في ذعر العجوز المفاجئ ، أو أن يفكر في مطاردتها لالتهامها !!
أما المخترع الثالث الذي كان جسده متورما وظل يهرش أمامي طوال الوقت حتى ظننته مصاباً بالجرب . فقال إنه لاحظ أن مشكلة أغلب بيوت الريف وبعض المدن هو انتشار البراغيت .. والتي ليس لها من مهمة غير أن تقرص شخصا ما ثم تقفز بسرعة قبل أن يمسك بها هذا الشخص وينتقم منها شر انتقام . وكانت وجهة نظره هي أنه باستغلال البراغيت في القفز باختراع جهاز لتدريبها على ذلك بصورة صحيحة وتنظيم مسابقات خاصة لها في القفز- مثل مسابقات القفز بالزانة مثلا – فيمكن أن تنشغل البراغيت بذلك فلا تعود لمضايقة البشر !!
والأن بعد أن مرت بضع سنوات على عملي في مكتب براءة الاختراعات ، رأت زوجتي أن أعصابي قد أرهقها كثرة العمل ومن الضروري حصولي على إجازة طويلة من عملي .. فوافقتها على ذلك ، فقد كانت على حق ، إذ أن المكان الذي أرسلتني للاستجمام عن مضايقات البشر وتحيط به الأسوار العالية ويقع مكانه في قلب العباسية .. هذا المكان الهادئ سيتيح لي ولا شك أن أفكر بعمق في كيفية اختراع مثل ذلك الجهاز القادر على استخراج الطاقة الكهربائية من مخلفات الحمير !!
العباسية ((( أسم متداول في الجمهورية بمصلحة المجانين ))).
تحياتي
http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif