F15
15-02-2000, 11:30 AM
هذه رسالة عتب (( من واقع الحياة )) كتبها أحد نزلاء سجن الحائر *1* ليلة تنفيذ حد القصاص به .. حَملت الرسالة التي وجهها لنفسه عتابا قاسيا ولوما مباشراً للنفس الأمارة بالسوء .
الرسالة التي جاءت ضمن مذكرات السجين ابرزت مضامينً صادقة وعبراً قيمة يمكن من خلالها فرز الشر ونداءاته المهلكة والخير ودعواته الصادقة للحياة الهانئة.
وقصة هذا الشباب ـ رحمه الله ـ حصلت له مع زميل له في العمل قبل سنوات مشكلة تطورت إلى شجار فأخرج بعدما أغواه الشيطان مسدسا وضرب زميله فمات!!.. بعدها حـكم عليه بالاعدام شرعا وصد ق اعترافه شرعا .. وعندها كان يسجل مذكراته في (دفتر أبو ستين) .. ومن ضمن هذه المذكرات رساله كان تحمل عنوان "رساله إلى نفسي " .. التــي تجعل دموع القلب تسبق دموع العين .. فـتـــخـــيـّــل نفسك مكانه .. تنتظر نهايتك !! .. ماذا سيكون موقفك !!؟؟ وكيف ستكون حالك ..
لا أُحب أن أُطيل عليكم .. سأترككم مع الرسالة التي يقول فيها :
(( نعم رسالة إلى نفسي وهل يوجد لدي أغلى منك يا نفسي العزيزة, ها أنت تمرين في أصعب موقف يمر به كائن حي, ها أنت تمرين بأحلك أيام حياتك ها أنت واقفة امام بوابة الموت وتتألمين حسرة ولوعة على أيامك الماضية ليس حبا في الحياة وأنت تعلمين انها عندك الآن لا تساوي جناح بعوضة, أعلم انك سمعت هذا من قول سيد البشر ولكنه مر عليك في أيامك الخالية مرور الكرام ولم يكن له أي تأثير شأنه بذلك شأن مختلف المواعظ والعبر التي سمعتيها من قبل ولكنك في ضلالة لم تفيقين منها إلا بعد فوات الاوان والذي ارجو من الله ان لا يكون قد فات بعد .
نفسي العزيزة ها أنت تتحسرين على ما مضى وأكبر أمنية وأعزها لديكِ في هذه اللحظة ان تصلين فرضا واحدا مع الجماعة في المساجد حرةً طليقة, نفسي لا أحد في هذه الدنيا من يفهم ما اقول سواكِ أنتِ..
نفسي … أنا.. أكتب لك هذه الرسالة في أصعب اللحظات التي تمر عليّ .. ألا إنها ليلة الجمعة ليلة القضاء المتوقع والتي كم لبثت في صبيحتها تنتظرين السجّان متى يفتح عنك الباب ليس للخروج, فهذا محال ما عدا رحمة ربي ولكن لكي يقودك إلى الصفاة*2* كما يُقاد الخروف إلى الجزار.. نفسي رغم ان ليلة الجمعة ويومها من ابرك الليالي وأحنها ولكنها لي كابوس مفزع.. نفسي كم تتحسرين على رؤية أهلك, أمك التي كم عصيتها وهي تنصحك وتدلك على الطريق الصحيح وتتحسرين على رؤية أبيك الذي كان ملاذك في المصاعب, أبيك الذي لم ينهرك طوال ما اسلفت من أيام في الحياة الدنيا, أب يكابد ويكافح لكي لا يشعرك بالحاجة لأحد في يوم من الأيام.
وانت تتحسرين على رؤية أخوة لك لم ترين منهم في يوم من الأيام ما يكدر صفو عيشك, لم يشعروك يوما من الأيام بأنك كيان مستقل عنهم بل جزء منهم لا يتجزأ على مرور مراحل عمرك.
وانت تتحسرين على رؤية أهلك جميعهم وذويك بكل ما فيهم إلى صغيرهم الوردة المتفتحة وكبيرهم منبع الحنان.
نفسي ها أنت تفارقيهم جميعا ها أنت تنتزعين من بينهم وتذهب بذلك أيامك التي عشتها بينهم, ها أنت تتمنين وتنتظرين زيارتهم على أحر من الجمر تعدين الدقائق واجزاءها لترين من لم ترينه منهم, بل ربما تلقين عليه نظرة الوداع الأخير.. نعم فربما اتى يوما ليزورك ولكنك رحلت عن هذه الدنيا.
نفسي لماذا لم تفكري يوما من الأيام لماذا أنت اتيت لهذه الدنيا؟ ولماذا خلقت؟! لكي تلهي في هذه الدنيا وتأكلي كما تأكل الأنعام لماذا لم تسألي وتتساءلي هذا السؤال في يوم من الايام؟ لماذا؟ لماذا يا نفسي العزيزة؟
آه.. آسف يا نفسي أعلم انه الآن لا يمكنك فعل شيء بل تزيد حسرة وهم .
نفسي ما أعجز التعبير وما اقل مدلولاته في هذه اللحظة بأن يصور هذا الموقف, ما أعجزه بان يصور لحظات الوداع نعم لحظات الوداع ليس وداع الأحبة والمحبة وهراها الفاضي ولكنه وداع الدنيا جميعها وداع البشرية والهوى.
نفسي كيف بك اذا واجهت خالقك بمعاصيك وذنوبك وسجل حياتك المخزي, ولم تعملي يوما من الأيام في حياتك وصحتك وما تقدميه يوم جزاءك وحسابك, نفسي ولهفك ليوم تخرجين فيه إلى الدنيا نعم الدنيا إنك الآن في مقبرة الاحياء مقبرة من بقي بهم الروح ووقفوا او وضعوا ينتظرون الجلاد.
ما الهفك واحوجك في هذه اللحظات القاسية والمعدودة إلى طاعة الله خالقك وانت طليقة لتقولي يا ربي انني عبدتك في يوم واحد يا ربي وأنا في صحتي ونعمتي ومستبعد موتي او بالاحرى وانتظره الآن واعلمه لتقولي لربك عبدتك في ذلك اليوم وشكرتك يا ربي على نعمتك واحفظها لي وجازني عليها..
نفسي انتظري قدرك وأدعي ربك واستنجدي الله ومن غيره في هذا الموقف يخرجك ويمن عليك بعمر جديد غير خالقك من العدم هو القادر على ذلك هو الذي يسمع دبيب النمل على الصفاة في الليلة الظلماء.
نفسي انت تدعين الله ليلا ونهارا وهو مجيب الدعاء قابل التوبة مفرج الكروب, ومن يقنط من رحمته إلا الخاسرون.
أجل يا نفسي من يمنع رحمة الله عنك من يمنعها اذا استجاب لدعواتك الباكية في ظلمات الليالي, ولهذا يا نفسي فاجعلي رجاءك دائما بالله وأملك وظنك حسن وانتظري فرجه القريب واحسني الظن به ولهذا يا نفسي ولهذا فقط.. وجهت لك هذه الرسالة ووصفت بها حالك وما بها من يأس لا كاشف له إلا خالقك وجهت لك هذه الرسالة لان املي بالله كبير وارجو عفوه.
لذا يا نفسي الغالية اذا اتاك فرج الله واستمالك الشيطان وغرتك الحياة الدنيا فلا تنسي هذه اللحظات وشدتها وانتظارك الموت, لا تنسي يا نفسي هذه اللحظات لا تأبهي اذا اتاك فرج الله فلا تقابليه بالجحود كيف الجحود بعد الخروج من الظلمات إلى النور.. نفسي انتظري فرج الله اذا أتاك فلا تنسي نعمته وفضله )) .
راجـــــي رحمـــــة ربــــــــه
ليلة الجمعة الساعة الواحدة
*1* - أحد السجون في المملكة العربية السعودية
*2* - اسم مكان يتم فيه تنفيذ العقوبات من قصاص وغيره
الرسالة التي جاءت ضمن مذكرات السجين ابرزت مضامينً صادقة وعبراً قيمة يمكن من خلالها فرز الشر ونداءاته المهلكة والخير ودعواته الصادقة للحياة الهانئة.
وقصة هذا الشباب ـ رحمه الله ـ حصلت له مع زميل له في العمل قبل سنوات مشكلة تطورت إلى شجار فأخرج بعدما أغواه الشيطان مسدسا وضرب زميله فمات!!.. بعدها حـكم عليه بالاعدام شرعا وصد ق اعترافه شرعا .. وعندها كان يسجل مذكراته في (دفتر أبو ستين) .. ومن ضمن هذه المذكرات رساله كان تحمل عنوان "رساله إلى نفسي " .. التــي تجعل دموع القلب تسبق دموع العين .. فـتـــخـــيـّــل نفسك مكانه .. تنتظر نهايتك !! .. ماذا سيكون موقفك !!؟؟ وكيف ستكون حالك ..
لا أُحب أن أُطيل عليكم .. سأترككم مع الرسالة التي يقول فيها :
(( نعم رسالة إلى نفسي وهل يوجد لدي أغلى منك يا نفسي العزيزة, ها أنت تمرين في أصعب موقف يمر به كائن حي, ها أنت تمرين بأحلك أيام حياتك ها أنت واقفة امام بوابة الموت وتتألمين حسرة ولوعة على أيامك الماضية ليس حبا في الحياة وأنت تعلمين انها عندك الآن لا تساوي جناح بعوضة, أعلم انك سمعت هذا من قول سيد البشر ولكنه مر عليك في أيامك الخالية مرور الكرام ولم يكن له أي تأثير شأنه بذلك شأن مختلف المواعظ والعبر التي سمعتيها من قبل ولكنك في ضلالة لم تفيقين منها إلا بعد فوات الاوان والذي ارجو من الله ان لا يكون قد فات بعد .
نفسي العزيزة ها أنت تتحسرين على ما مضى وأكبر أمنية وأعزها لديكِ في هذه اللحظة ان تصلين فرضا واحدا مع الجماعة في المساجد حرةً طليقة, نفسي لا أحد في هذه الدنيا من يفهم ما اقول سواكِ أنتِ..
نفسي … أنا.. أكتب لك هذه الرسالة في أصعب اللحظات التي تمر عليّ .. ألا إنها ليلة الجمعة ليلة القضاء المتوقع والتي كم لبثت في صبيحتها تنتظرين السجّان متى يفتح عنك الباب ليس للخروج, فهذا محال ما عدا رحمة ربي ولكن لكي يقودك إلى الصفاة*2* كما يُقاد الخروف إلى الجزار.. نفسي رغم ان ليلة الجمعة ويومها من ابرك الليالي وأحنها ولكنها لي كابوس مفزع.. نفسي كم تتحسرين على رؤية أهلك, أمك التي كم عصيتها وهي تنصحك وتدلك على الطريق الصحيح وتتحسرين على رؤية أبيك الذي كان ملاذك في المصاعب, أبيك الذي لم ينهرك طوال ما اسلفت من أيام في الحياة الدنيا, أب يكابد ويكافح لكي لا يشعرك بالحاجة لأحد في يوم من الأيام.
وانت تتحسرين على رؤية أخوة لك لم ترين منهم في يوم من الأيام ما يكدر صفو عيشك, لم يشعروك يوما من الأيام بأنك كيان مستقل عنهم بل جزء منهم لا يتجزأ على مرور مراحل عمرك.
وانت تتحسرين على رؤية أهلك جميعهم وذويك بكل ما فيهم إلى صغيرهم الوردة المتفتحة وكبيرهم منبع الحنان.
نفسي ها أنت تفارقيهم جميعا ها أنت تنتزعين من بينهم وتذهب بذلك أيامك التي عشتها بينهم, ها أنت تتمنين وتنتظرين زيارتهم على أحر من الجمر تعدين الدقائق واجزاءها لترين من لم ترينه منهم, بل ربما تلقين عليه نظرة الوداع الأخير.. نعم فربما اتى يوما ليزورك ولكنك رحلت عن هذه الدنيا.
نفسي لماذا لم تفكري يوما من الأيام لماذا أنت اتيت لهذه الدنيا؟ ولماذا خلقت؟! لكي تلهي في هذه الدنيا وتأكلي كما تأكل الأنعام لماذا لم تسألي وتتساءلي هذا السؤال في يوم من الايام؟ لماذا؟ لماذا يا نفسي العزيزة؟
آه.. آسف يا نفسي أعلم انه الآن لا يمكنك فعل شيء بل تزيد حسرة وهم .
نفسي ما أعجز التعبير وما اقل مدلولاته في هذه اللحظة بأن يصور هذا الموقف, ما أعجزه بان يصور لحظات الوداع نعم لحظات الوداع ليس وداع الأحبة والمحبة وهراها الفاضي ولكنه وداع الدنيا جميعها وداع البشرية والهوى.
نفسي كيف بك اذا واجهت خالقك بمعاصيك وذنوبك وسجل حياتك المخزي, ولم تعملي يوما من الأيام في حياتك وصحتك وما تقدميه يوم جزاءك وحسابك, نفسي ولهفك ليوم تخرجين فيه إلى الدنيا نعم الدنيا إنك الآن في مقبرة الاحياء مقبرة من بقي بهم الروح ووقفوا او وضعوا ينتظرون الجلاد.
ما الهفك واحوجك في هذه اللحظات القاسية والمعدودة إلى طاعة الله خالقك وانت طليقة لتقولي يا ربي انني عبدتك في يوم واحد يا ربي وأنا في صحتي ونعمتي ومستبعد موتي او بالاحرى وانتظره الآن واعلمه لتقولي لربك عبدتك في ذلك اليوم وشكرتك يا ربي على نعمتك واحفظها لي وجازني عليها..
نفسي انتظري قدرك وأدعي ربك واستنجدي الله ومن غيره في هذا الموقف يخرجك ويمن عليك بعمر جديد غير خالقك من العدم هو القادر على ذلك هو الذي يسمع دبيب النمل على الصفاة في الليلة الظلماء.
نفسي انت تدعين الله ليلا ونهارا وهو مجيب الدعاء قابل التوبة مفرج الكروب, ومن يقنط من رحمته إلا الخاسرون.
أجل يا نفسي من يمنع رحمة الله عنك من يمنعها اذا استجاب لدعواتك الباكية في ظلمات الليالي, ولهذا يا نفسي فاجعلي رجاءك دائما بالله وأملك وظنك حسن وانتظري فرجه القريب واحسني الظن به ولهذا يا نفسي ولهذا فقط.. وجهت لك هذه الرسالة ووصفت بها حالك وما بها من يأس لا كاشف له إلا خالقك وجهت لك هذه الرسالة لان املي بالله كبير وارجو عفوه.
لذا يا نفسي الغالية اذا اتاك فرج الله واستمالك الشيطان وغرتك الحياة الدنيا فلا تنسي هذه اللحظات وشدتها وانتظارك الموت, لا تنسي يا نفسي هذه اللحظات لا تأبهي اذا اتاك فرج الله فلا تقابليه بالجحود كيف الجحود بعد الخروج من الظلمات إلى النور.. نفسي انتظري فرج الله اذا أتاك فلا تنسي نعمته وفضله )) .
راجـــــي رحمـــــة ربــــــــه
ليلة الجمعة الساعة الواحدة
*1* - أحد السجون في المملكة العربية السعودية
*2* - اسم مكان يتم فيه تنفيذ العقوبات من قصاص وغيره