PDA

View Full Version : أول لـقـاء لـي مـع فـــن الـقـصـة الـقـصـيـرة !!


سديم
24-11-1999, 09:10 AM
f 15
تحياتي
اسلوبك القصصي جميل وخاصة طريقة السرد ، مع اني ضعت شوي في المنتصف لكن بعد قراءة ثانية قدرت اربط الاحداث و التسلسل الزمني للقصة .. اعتبرها انا مذكرات اكثر من قصة http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif
عموما بداية جميلة لمشروع كاتب قصة قصيرة ...



------------------
تحياتي / الســــــديــم
http://www.zyworld.com/khawater
ALSADEEM@HOTMAIL.COM

F15
24-11-1999, 11:09 AM
مرحبا اخوتي .. هذه أول تجربة لي مع فن القصة القصيرة .. أتمنى إبداء رأيكم بها بكل صراحة ..


كان صديقا قديما.. ولكنه من ذلك النوع الذي لا يمكن الغاؤه من الذاكرة ... ادركت ذلك عندما رأيته مجددا فلم اكن اتصور ان اراه مرة أخرى .. وأنا اقول ذلك لأنه كان قد غادر حينا الواعد منذ خمسة عشر عاما ..عمر ولا شك .. ولم نكن نعرف لماذا غادره .. على كلٍ خلال تلك السنين تغيرت اشياء كثيرة .. حَـيـُنا نمى كثيرا .. وتفرق الرفاق في دروب الحياة كل الى حيث ساقه القدر .. ومضيت انا في درب حلمت به منذ كنت صغيرا .. ورغم انه مرت بي فترة من الوقت ظننت فيها انه كان بإمكاني ان اصبح لاعب كرة شهير في أحد أندية العاصمة .. الا ان ذلك الحلم سرعان ما تلاشى بعد التحاقي عِقداً من الزمان بنادي الهلال .. بسبب عدة ظروف افضل الاحتفاظ بها لنفسي .. كان حلما فحسب .. بعد ذلك تحقق الحلم الأكبر وأصبحت ضابطاً في مركز الشرطة الذي يتبع له حينا ولمست كم أصبحت مهما وأعامل بالكثير من التقدير والاحترام مما زادني تعلقا بوضعي الجديد .. كما ان بيئتنا لم تكن تحفل - مثلا- بتلك الجرائم البشعة .. فالناس هنا كانوا مسالمين جدا وبسطاء للغاية .. وان كانت ظروف المعيشة أحياناً وغياب التربية السليمة قد بدأت تدفع البعض الى جرائم كالسرقة وتعاطي الممنوعات .. وربما العمل بتهريبها ..

أمس وجدت نفسي في موقف لا احسد عليه .. صديق الطفولة وزميلي في الفريق .. ورفيق العمر الذي كان آخر عهدي به قبل خمسة عشر عاماً .. يقف أمامي متهماً بالسرقة لم يرفع وجهه في وجهي حتى تلك اللحظة التي أخذت اقرأ فيها محضر التهمة كما أنني لم ادقق النظر فيه في البداية .. ولو كنت نظرت اليه في غير تمعّن لماعرفته .. كان يرتدي قميصا مهترئا ، وشعره الكثيف يغطي أسفل رقبته في فوضى .. وجسمه الرياضي الذي عرفته دائماً يفيض بالقوة اراه هزيلا ..
كان يغطي وجهه بيديه .. قرأت " فيصل عبدالله " .. العمر 30 عاما .. التهمة اعتراض احد مديري المدارس اثناء عودته من البنك برواتب العاملين وتهديده وسرقة جميع ما معه .. اقرَّ بفعلته في التحقيق وتعرف عليه المجني عليه ..
حينها توقفت شفتاي عن النطق .. وحدقت فيه انه هوَ لم اصدق .. طلبت منه ان يرفع رأسه ففعل ، ذُهلت ولوهله أدركت كم تغيـّر .. وجهٌ مصفر .. وعينان غائرتان ..
اجتاحني شعور هائل بالأسف ، لقد عاد وليته لم يعد .. بقينا صامتين لفترة ثم جلست مقابلة .. ووضعت يدي على كتفه وقلت :
-(( فيصل لم تكن هكذا يوما ما .. اعرف شعورك تماما انا احترق مثلك من هذا الموقف .. ولكن يا فيصل .. نبقى نحن البشر نـخطئ ونتألم .. وترمينا الأقدار ربما " تحت رحمة بعضنا " ويؤلمنا ذلك اكثر مما يؤلمنا الجرم .. اعرف هناك فرقاً ولكن انا هنا صديقك .. صديقك الذي تعرفه .. ابن الحي .. ورفيق الدرب والطفولة.. أرجوك عاملني كذلك ..
تطلع نحوي بنظرةٍ أدركت منها حجم الشقاء الذي عاناه صاحبها .. أدركت انه لا يريد الكلام أبداً كل ما يتمناه أن أُنهي ما يعيشه الآن في أسرع وقت وعلى أي وجه كان .. وقوفه الآن أمامي اصعب عليه من كل عقوبةٍ أُخرى ،، هتفت :
-(( لماذا عدت .. اعني لماذا رحلت أولاً .. ولماذا كل هذا !؟؟ اجبني كصديق أرجوك ..
لا .. لا تجب .. ربما تقول قصة طويلة مؤلمة .. فشل وكفاح .. وفشل مرة اخرى .. لا أنسى ان فيصل كان دائما الموفق الوحيد في حارتنا كان أبرزنا .. اذكر بكل الحب فريق النادي وقد كنا ناشئين صغاراً .. و أمسياتنا الحالمة .. وتلك الألعاب الرائعة ..
كان فيصل هو المتفوق دائما .. واذكر يوم رحلة المنطقة الشرقية الرائعة وكيف تحدى فيصل الجميع في السباحة وكان دائما الرابح .. وأذكر أنني تحديته فخسرت وكدت أموت لولا لطف الله ثم إنقاذه لي ، فيصل كنت الأفضل دائماً ، إلا في المدرسة ، كان النجاح هو الهم الأكبر في حياتك .. وهو الحاجز الوحيد الذي رأيتك تـفشل في تخطيه دائماً .. آسف لتذكيرك بذلك ،،
قالوا انك رحلت تبحث عن وظيفة .. ورغم أنني أحببت لك الخير دائما إلا أنني تمنيت أن تعود .. حتى ولو بدون وظيفة .. أن تعود للحي .. لأنك كنت جزءاً من روعته .. فيصل كم كانت العودة سيئة !!!..
لاحظت كم هو متأثر .. فيصل الإنسان الذي لم أره في لحظة ضعف يوما ما .. أراه الآن على هذه الصورة ، كنت اشعر ان قسوة القدر ربما هي التي دفعته إلى هذا الوضع .. ولكنه أخطأ ومن قمة الخطأ أن نلوم القدر في مثل هذه الأحوال ..
صرخت : فيصل .. لماذا عدت .. ألهذا عدت ..؟؟ رايته يتحرك ثم سمعت حروفه تتحرك في تثاقل :
((( نعم كانت العودة غلطة .. ولكن أنت - يا صديقي- لم تذق الفقر يوما ما .. إذا الجوع داهمك وألصق بطنك بالتراب فسوف تنسى كل المبادئ .. كل الفضائل .. ربما .. ربما لن يوفقك شيء من مجانبة الصواب ،،، أتذكر .. كنت أنت أحد أعضاء الفريق وكنت أنا الرئيس .. هي الطفولة تحفل بالعذوبة مهما كانت .. إلا إذا كنت فقيرا والمصيبة أن يلازمك الفقر مدى الحياة .. طفولتي وتلك الروائع التي ذكرتَها هي التي تشعرني أنني اختطفت من سالف العمر لحظات جميلة .. كنت اشعر أنني والحيّ كالسمكة والبحر .. وقد خرجت السمكةُ من البحر ولديها الفرصة أن تعود قبل أن تختنق ، ولكنها اختنقت أثناء العودة ،،، عدت لأجد أقراني قد تفرقوا .. وقليل منهم ما زال يذكرني ومعظمهم نسيني ونسي الكرة .. ونسي كل شيء .. كان الجوع همي الأكبر .. وكبريائي ترفض أن استجدي .. وكرامتي تأبى أن أسأل قديم الأصدقاء .. اكتفوا جميعاً بالسلام .. والتحدث عن الذكريات … وجدت الحيَّ غير الحي .. والناس كأسماك القرش ..
كانت لحظة ضعف وفعلتها .. نعم أنا اعترف .. ولكن أليست جريمتي صغيرة إذا ما قيست بجريمة المجتمع .. أليسوا السبب إذا لم يمدوا يد المساعدة لأمثالي ، وأنا لن ارتمي على الرصيف لأموت جوعا ، في مجتمعنا اليوم لم يعد يكفي أن تأكل ما يسد رمقك ، وان تلبس ما يستر عورتك … لا .. لا .. هناك أشياء أخرى مهمة هي أساسيات …
لم أقف عاجزا جئت إلى أحدهم ابحث عن وظيفة فقال لي " آسف أنت لا تحمل مؤهلاً " .. حاولت ولكن عبثا .. وصلت لدرجة اقتناعي بأن السجن أرحم كثيراً مما أعيشه على الأقل أجد فيه الأمان من غائلة الجوع ..
تـرى هـل تـفـكـر فـي مـسـاعـدتـي ؟؟؟؟؟.. ربما أسأت إليك يوما ما ..
حاولت تهدئته .. وبعد لحظة صمت قلت محاولاً تبديد ذلك الجو الحزين ( نعم .. لقد أسأت لي .. زمان .. أتذكر !! نعم لقد أقنعةَ المدرب بجعلي احتياطياً في الفريق رغم أنني كنت جناحا خطيراً .. كان بإمكاننا أن نكسب المباراة يومها ) ..كان بإمكاني أن المح نصف ابتسامةٍ على شفتيه ،،،
.. قلت :
-(( آمل أن تدرك ما أنت فيه .. وتكون قد تعلمت ان الحياة لا ترحم الضعفاء لهذا السبب أو غيره ولا يقبل منا البشر أن نتعلل بالقدر .. عندما نعمل ونصبر فإننا سنحصد حتماً .. ولا زلت اذكر أنك يوما قلت لي (( القوة لا تكفي لنحصل على كل ما نريد )) .. وأعتقد أنكَ أصبت كثيراً ،،، سأحاول عدني أن تعود من جديد .. وكما يجب ..
أشاح بوجهه .. وصمت .. ربما ضايقه نصحي ….
تناولت أوراقه ووقعت عليها وكان هذا يعني أنني لن أستطيع مساعدته … ليس بيدي شيء ،،، ذلك اليوم شعرت بأنني أتمنى لو اترك مهنتي .. ودعته بعد أن وعدته بالمساعدة .. كنت أعرف أنني لا أملك له شيئا .. يوماً ما سيخرج وسيدرك أنني مثلهم تماما .. آلمني الخاطر .. ولكن عليه عندئذٍ أن يعي حقائق مهمة ، وان الحياة تغيرت كثيرا ولا ينبغي أن نلوم الآخرين …

[b]<small><small>[ تم تعديل الموضوع بواسطة &nbsp; F15 &nbsp; يوم &nbsp; 24-11-1999]

وردالشمال
24-11-1999, 06:45 PM
f15

لديك الأسلوب الكافي لكي تصبح كاتباً جيداً

هذا التدرج والسلاسة في قصتك تبين ان لديك قدرة
على الكتابة و رواية القصة بأسلوبٍ مميز

....ياه يلها من قصةٍ مؤلمة...حقيقة لقد تصورتها وأدركتها تماماً
مثلك..

http://www.talstar.com/cat/graphics/n/book12.gif

F15
25-11-1999, 02:14 PM
اخي سديم متى ما اطلقت خياك وقلبك لما تقرأ ستدرك تماما الاحساس الذي كان ينوي الكاتب ايصاله الى القارئ .. فثمة قراءة تلغي النص تقابلها قراءة تلغي نفسها .. اشبه باللاقراءة وأعني بها القراءة الميتة التي هي نوع من اللغو أو الهذر والثرثرة .. أما القراءة الحية فهي تقرأ في النص المختلف عن ذاتة مايختلف في الوقت نفسه عنه .. إنها قراءة تكون ممكنة .. أعني فعالة منتجة .. فالاختلاف ليس عيباً أو نقصاً انه على العكس امكان وقوة .. واشكرك اخي على هالتواصل والتشجيع ..

F15
25-11-1999, 02:14 PM
اختي ورد الشمال .. اشكركِ على هذه المشاعر الطبيه .. ومشاركتك معي احاسيسي .. اكرر شكري ..

F15
25-11-1999, 02:15 PM
وعليكم السلام ..
اختي بنت العرب .. أنا آسف لوجود بعض الاخطاء الاملائية والنحوية .. لاكن أنا معذور فالقصة طويلة نوعاً ما أضيفي إلى ذلك أنها خرجت من قلبي .. وللقلب لغة خاصة وتعابير خاصة .. قد تختلف عن لغتنا نحن العرب http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif ..
الف شكر على التواصل اختي ..