زمردة
14-01-2007, 01:00 AM
لم يكن أحد يتصور أن يكون لقب الشهيد ملحوقا باسم رجل من رجال المخابرات الروسية (السوفيتية سابقا)، ولكن هذا ما حدث بعد اغتيال رجل المخابرات الروسي" ليتفينينكو " في لندن منذ أسابيع، وعقب الكشف عن أنه آمن بالإسلام قبلها بسنوات خلال عمله في الشيشان، وكان السبب في إيمانه القدوة فيما رآه من تفاني وتضحيات المجاهدين الشيشان المدافعين عن دينهم وبلادهم.
كذلك كان السبب في اعتناقه الإسلام ما شاهده من تآمر وغدر القيادة السياسية والاستخباراتية الروسية ،وأساليبها القذرة التي أدت إلى القيام بأعمال إرهابية في موسكو،راح ضحيتها المئات من المواطنين الروس الأبرياء،وذلك فقط لكي يوجدوا ذريعة ومبرر لضرب الشيشان بقسوة ووحشية،وإعلان الحرب الشعواء على كل أهلها، بعد تلفيق الاتهام وإلقائه على المجاهدين الشيشان، بأنهم هم الذين قاموا بالأعمال الإرهابية .
وقصة هذا الشهيد القادم من بلاد الصقيع تثير أكثر من تساؤل وتأمل.
هل أولها هو مسئولية بريطانيا التي كان يلجأ إليها عن مصرعه؟، فمن المؤكد أن الحكومة البريطانية ليست بعيدة عن تسليم " ليتفينينكو " لقاتليه، لأمر لا يرضيها أن يكون على أراضيها حرًا رجل مسلم بمثل هذه الخبرات والكفاءات،التي قد يوظفها لصالح حركات الجهاد الإسلامي، ليس فقط في أقاليم الاتحاد السوفيتي السابق،وإنما في مناطق أخرى من العالم .
إن الشبهات قد حامت بالمخابرات البريطانية في عملية مصرع الأميرة ديانا ،بسبب مجرد ارتباط عاطفي بشاب مسلم، وخشي الإنجليز من وراءه ؟ , فهل يكون رجل المخابرات الروسي صاحب الولاء الفعلي للإسلام ؟، وصاحب الخبرات المؤكدة العريضة في مجاله, أعز عليهم من أميرتهم ، التي أحاط بها فقط احتيال الإسلام وليس حقيقة! وتسليم الرجل لقاتليه يمكن أن يتم في إطار صفقة من الصفقات المعروفة جيدا في عالم الاستخبارات والسياسة الدولية، وبريطانيا بالذات مشهور عنها الغدر في هذا الميدان .
أما ما عرفه الشهيد الروسي وكشفه عن الأعمال القذرة لجهاز بلاده ، فهو الآخر ليس غريبا إلى هذا الحد! فعملية تلفيق تهم إرهابية لجماعات المعارضين الروس (من اليسار إلى اليمين) هي لعبة ترجع إلى عهد القياصرة ،لكنها لم تكن تمارس على هذا النطاق من قبل، ويشير هذا بالنسبة للأوضاع العربية والإسلامية إلى شيئ مهم وهو أن الأجهزة الاستخبارية المحلية لا يمكن أن تحجم عن القيام بعمليات قذرة مماثلة (أي عمليات إرهابية) وتلقي بالاتهام فيها على الإسلاميين وجماعاتهم على اختلافها توطئة لاتخاذ كل قرارات القمع والمنع ضدهم.
ولكن هناك فارق آخر خطير فإذا كانت المخابرات الروسية تقوم بعمليات قذرة وتنسبها للشيشان لكي تبرر الحرب الإجرامية ضدهم ،فإن نظرائها من الأجهزة في البلاد العربية والإسلامية تقوم أحيانا كثيرة بتلك العمليات لأهداف أبعد من مجرد قمع وضرب جماعات وحركات إٍسلامية معية ،فالهدف هنا يكون غالبا وراءه إيجاد مبرر للقيام بخطوات ضد الإسلام نفسه ،ووجوده في حماية تلك البلدان،وخطوات أوسع بسبيل العلمانية، ونزع ما تبقى من مظاهر الحكم بالشريعة أو التقاليد الإسلامية في جنبات وكيان الدولة، تحت حجة أن وجود تلك المظاهر الإسلامية الباقية كان هو العامل الرئيس والمحرض للإسلاميين كي يقوموا بأعمال العنف المنسوبة لهم كذبًا، وإذا لم تقم الأجهزة المحلية بتلك العمليات لتحقيق تلك الأهداف ،فإن الأجهزة الغربية المختلفة والإسرائيلية سوف تقوم بها نيابة عنهم وفي إطار التفاوت المشترك أو حتى تقوم بها دون إخطار في إطار سياستها هي المعادية للإٍسلام تحت شعار محاربة الإرهاب.
وهناك في قصة " ليتفينينكو " زاوية بعيدة مختلفة ألا وهي جدوى الكثير من أساليب الدعوة الإسلامية الراهنة.
إن اعتناق الرجل للإسلام ليس بسبب تأثره بأي من تلك الوسائل التقليدية ،بل جاء بدافع داخلي متأثر بالتجربة الشخصية والفكر الذاتي أمام خبرات معينة ،أبرزها قدرة الجنود الشيشان ،وحقارة أساليب حكومته ،وكذلك لتحقيق غايات عدوانية .ولا مجال هنا لوجود أساليب الدعوة التقليدية للخطابة للرجل، فمع الأسف يوجه معظم هذه الأساليب لما كان يسمى في التعبير التقليدي بالعوام ،أي إلى جموع غفيرة من الناس يفترض أنهم ذوي عقليات بسيطة إلى حد السذاجة،ويكفي في مخاطبتهم بالدعوة الاعتماد على الوسائل والأدوات اللغوية الانفصالية العاطفية من خلال الخطابة والأحاديث، حتى ولو عبر الفضائيات دونما الحاجة إلى بذل جهد عقلي في الخطاب والإقناع، ومن الواضح أن العوام أو العامة بهذا التصور لم يعودوا وهم على الساحة التي يجب أن تعطيها الدعوة الإسلامية .
صحيح أن رجلا مثل " ليتفينينكو " هو حالة خاصة وفريدة من ناحية عمله الاستخباري والقدرات الذهنية،والخبرات المتعلقة بالذات بذلك العمل،لكنه ليس حالة فريدة,بل على العكس حالة شائعة وعامة فيما يتعلق بالعقلية والنضج العقلي،والمتطلبات والتوقعات.
وهو يمثل طبقة عريضة من الناس، ليس فقط في الغرب ولكن في العالم العربي والإسلامي، لذلك من المفترض أن تتوجه الدعوة الإسلامية لهم،وليس مطلوبًا في هذه الدعوة أن تتخلى عن أساليبها التقليدية، لكن المطلوب منها أن تقول هذه الأساليب حتى وهي تتوجه بها إلى من لا يزال البعض يسميهم بـ"العوام"، والأكثر إلحاحا هو أن تضع الدعوة في اعتبارها التطورات الاجتماعية، والطبقات والمستويات الأكثر تطورا وتفقدا،والتي أصبحت الآن مثل مركز الثقل في المجتمع،وهو المطلوب التوجه لها بالخطاب.
والمطلوب ليس مجرد تغيرات شكلية في الأسلوب والمخاطبة، بل تغيرات جوهرية في الأدوات والأفكار والمنطق.
إن هناك في الغرب، والآن في العالم الإسلامي نفسه عشرات الألوف ومئات الألوف من أمثال الشهيد الروسي، ولكي ينفع الله بهم الإسلام لو أحسنت الدعوة الإسلامية التوجه لهم ومخاطبتهم، أو إقناعهم أو تحفيزهم بوسائل وأدوات ولغة ومنطق جديد فعّال، بدلا من ترديد نفس الكلام القديم ولو بصوت أعلى من خلال الميكروفونات، أو بصوت أبعد من خلال الفضائيات.
http://www.islammemo.cc/article1.aspx?id=27992
كذلك كان السبب في اعتناقه الإسلام ما شاهده من تآمر وغدر القيادة السياسية والاستخباراتية الروسية ،وأساليبها القذرة التي أدت إلى القيام بأعمال إرهابية في موسكو،راح ضحيتها المئات من المواطنين الروس الأبرياء،وذلك فقط لكي يوجدوا ذريعة ومبرر لضرب الشيشان بقسوة ووحشية،وإعلان الحرب الشعواء على كل أهلها، بعد تلفيق الاتهام وإلقائه على المجاهدين الشيشان، بأنهم هم الذين قاموا بالأعمال الإرهابية .
وقصة هذا الشهيد القادم من بلاد الصقيع تثير أكثر من تساؤل وتأمل.
هل أولها هو مسئولية بريطانيا التي كان يلجأ إليها عن مصرعه؟، فمن المؤكد أن الحكومة البريطانية ليست بعيدة عن تسليم " ليتفينينكو " لقاتليه، لأمر لا يرضيها أن يكون على أراضيها حرًا رجل مسلم بمثل هذه الخبرات والكفاءات،التي قد يوظفها لصالح حركات الجهاد الإسلامي، ليس فقط في أقاليم الاتحاد السوفيتي السابق،وإنما في مناطق أخرى من العالم .
إن الشبهات قد حامت بالمخابرات البريطانية في عملية مصرع الأميرة ديانا ،بسبب مجرد ارتباط عاطفي بشاب مسلم، وخشي الإنجليز من وراءه ؟ , فهل يكون رجل المخابرات الروسي صاحب الولاء الفعلي للإسلام ؟، وصاحب الخبرات المؤكدة العريضة في مجاله, أعز عليهم من أميرتهم ، التي أحاط بها فقط احتيال الإسلام وليس حقيقة! وتسليم الرجل لقاتليه يمكن أن يتم في إطار صفقة من الصفقات المعروفة جيدا في عالم الاستخبارات والسياسة الدولية، وبريطانيا بالذات مشهور عنها الغدر في هذا الميدان .
أما ما عرفه الشهيد الروسي وكشفه عن الأعمال القذرة لجهاز بلاده ، فهو الآخر ليس غريبا إلى هذا الحد! فعملية تلفيق تهم إرهابية لجماعات المعارضين الروس (من اليسار إلى اليمين) هي لعبة ترجع إلى عهد القياصرة ،لكنها لم تكن تمارس على هذا النطاق من قبل، ويشير هذا بالنسبة للأوضاع العربية والإسلامية إلى شيئ مهم وهو أن الأجهزة الاستخبارية المحلية لا يمكن أن تحجم عن القيام بعمليات قذرة مماثلة (أي عمليات إرهابية) وتلقي بالاتهام فيها على الإسلاميين وجماعاتهم على اختلافها توطئة لاتخاذ كل قرارات القمع والمنع ضدهم.
ولكن هناك فارق آخر خطير فإذا كانت المخابرات الروسية تقوم بعمليات قذرة وتنسبها للشيشان لكي تبرر الحرب الإجرامية ضدهم ،فإن نظرائها من الأجهزة في البلاد العربية والإسلامية تقوم أحيانا كثيرة بتلك العمليات لأهداف أبعد من مجرد قمع وضرب جماعات وحركات إٍسلامية معية ،فالهدف هنا يكون غالبا وراءه إيجاد مبرر للقيام بخطوات ضد الإسلام نفسه ،ووجوده في حماية تلك البلدان،وخطوات أوسع بسبيل العلمانية، ونزع ما تبقى من مظاهر الحكم بالشريعة أو التقاليد الإسلامية في جنبات وكيان الدولة، تحت حجة أن وجود تلك المظاهر الإسلامية الباقية كان هو العامل الرئيس والمحرض للإسلاميين كي يقوموا بأعمال العنف المنسوبة لهم كذبًا، وإذا لم تقم الأجهزة المحلية بتلك العمليات لتحقيق تلك الأهداف ،فإن الأجهزة الغربية المختلفة والإسرائيلية سوف تقوم بها نيابة عنهم وفي إطار التفاوت المشترك أو حتى تقوم بها دون إخطار في إطار سياستها هي المعادية للإٍسلام تحت شعار محاربة الإرهاب.
وهناك في قصة " ليتفينينكو " زاوية بعيدة مختلفة ألا وهي جدوى الكثير من أساليب الدعوة الإسلامية الراهنة.
إن اعتناق الرجل للإسلام ليس بسبب تأثره بأي من تلك الوسائل التقليدية ،بل جاء بدافع داخلي متأثر بالتجربة الشخصية والفكر الذاتي أمام خبرات معينة ،أبرزها قدرة الجنود الشيشان ،وحقارة أساليب حكومته ،وكذلك لتحقيق غايات عدوانية .ولا مجال هنا لوجود أساليب الدعوة التقليدية للخطابة للرجل، فمع الأسف يوجه معظم هذه الأساليب لما كان يسمى في التعبير التقليدي بالعوام ،أي إلى جموع غفيرة من الناس يفترض أنهم ذوي عقليات بسيطة إلى حد السذاجة،ويكفي في مخاطبتهم بالدعوة الاعتماد على الوسائل والأدوات اللغوية الانفصالية العاطفية من خلال الخطابة والأحاديث، حتى ولو عبر الفضائيات دونما الحاجة إلى بذل جهد عقلي في الخطاب والإقناع، ومن الواضح أن العوام أو العامة بهذا التصور لم يعودوا وهم على الساحة التي يجب أن تعطيها الدعوة الإسلامية .
صحيح أن رجلا مثل " ليتفينينكو " هو حالة خاصة وفريدة من ناحية عمله الاستخباري والقدرات الذهنية،والخبرات المتعلقة بالذات بذلك العمل،لكنه ليس حالة فريدة,بل على العكس حالة شائعة وعامة فيما يتعلق بالعقلية والنضج العقلي،والمتطلبات والتوقعات.
وهو يمثل طبقة عريضة من الناس، ليس فقط في الغرب ولكن في العالم العربي والإسلامي، لذلك من المفترض أن تتوجه الدعوة الإسلامية لهم،وليس مطلوبًا في هذه الدعوة أن تتخلى عن أساليبها التقليدية، لكن المطلوب منها أن تقول هذه الأساليب حتى وهي تتوجه بها إلى من لا يزال البعض يسميهم بـ"العوام"، والأكثر إلحاحا هو أن تضع الدعوة في اعتبارها التطورات الاجتماعية، والطبقات والمستويات الأكثر تطورا وتفقدا،والتي أصبحت الآن مثل مركز الثقل في المجتمع،وهو المطلوب التوجه لها بالخطاب.
والمطلوب ليس مجرد تغيرات شكلية في الأسلوب والمخاطبة، بل تغيرات جوهرية في الأدوات والأفكار والمنطق.
إن هناك في الغرب، والآن في العالم الإسلامي نفسه عشرات الألوف ومئات الألوف من أمثال الشهيد الروسي، ولكي ينفع الله بهم الإسلام لو أحسنت الدعوة الإسلامية التوجه لهم ومخاطبتهم، أو إقناعهم أو تحفيزهم بوسائل وأدوات ولغة ومنطق جديد فعّال، بدلا من ترديد نفس الكلام القديم ولو بصوت أعلى من خلال الميكروفونات، أو بصوت أبعد من خلال الفضائيات.
http://www.islammemo.cc/article1.aspx?id=27992