PDA

View Full Version : ثوابت القضية الفلسطينية بين التضييع والتطبيع


USAMA LADEN
21-01-2005, 05:24 PM
ثوابت القضية الفلسطينية بين التضييع والتطبيع

مفكرة الإسلام : لا تستطيع أمة من الأمم أن تحافظ على وجودها من الضياع وهويتها من الذوبان في بحر الدفء الذي قد يلف حينًا من الدهر علاقاتها مع أعدائها إلا بالحفاظ على ثوابتها وعدم التفريط فيها.



ـ ومن المعلوم بداهة أن الهزيمة التي تلحق بالأمم إذا ما استدرجها عدوها إلى التخلي عن ثوابتها بدعوى 'الواقعية' و' فن المفاوضات ' لا تضاهيها هزيمة أخرى, بل هي اشد وقعًا من الخسائر الحربية واحتلال الأرض, التي قد تسترد يومًا, ولكن من يستطيع أن يعيد للأمة ثوابتها يوم أن تضيع بأيدي أبنائها.




ـ وإذا كان التاريخ قد حفظ في صفحاته السود أولئك الذين فرطوا في الأرض بتخاذلهم عن إعداد العدة والذود عن الديار, فلن تكون صفحات التاريخ إلا أكثر سوادًا لأولئك المتربحين بثوابت الأمة وعقيدتها ومنطلقاتها.



الهرولة.... عودة الغائب

والذي دعانا للحديث عن الثوابت التي يجب مراعاتها فيما يخص القضية الفلسطينية هو ما نراه من موجة جديدة من موجات الهرولة ناحية تكفين القضية ودفنها بأي صورة من الصور ولو على حساب تلك الثوابت, وما استتبع ذلك من شوق دفين لزمن التطبيع ودفء العلاقات تراه في أعين القوم قبل أن تنطق به الألسن, وكأن 'إسرائيل' الصدر الحنون الذي يهفو الجميع للارتماء فيه.



وقراءة للأحداث الأخيرة تؤكد أن زمنًا جديدًا للهرولة قد لاح في الأفق, و أن المستقبل ربما يحمل الكثير من تلك التوجهات.



ـ ففي منتصف شهر ديسمبر الماضي تم التوقيع على اتفاقية 'QIZ' لإقامة منطقة تجارة حرة مشتركة بين 'إسرائيل' ومصر والولايات المتحدة.

وتتيح تلك الاتفاقية تصدير المنتجات المصرية إلى الأسواق الأمريكية دون الخضوع للجمارك شريطة احتوائها على مدخلات صهيونية بنسبة لا تقل عن 11%. وهذه أول اتفاقية اقتصادية توقع بين مصر و 'إسرائيل' منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.




ـ وفي نهاية شهر سبتمبر وقعت الأردن مع 'إسرائيل' اتفاقية للتجارة الحرة رفعت بمقتضاها حجم التجارة المعفاة من الضرائب إلى 60% بدلا من 10 %.

وفي تعليقه على هذه الاتفاقية صرح وزير الصناعة والتجارة الصهيوني إيهود أولمرت أن هذا الاتفاق هي أوسع اتفاق يتم توقيعه مع دولة عربية حتى الآن.




ـ توقع وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم قيام عشر دول عربية بفتح ممثليات دبلوماسية لها في 'إسرائيل' بعد إجراء الانتخابات الفلسطينية في التاسع من يناير القادم، والاستعدادات القائمة لتطبيق 'خطة الانفصال'.




ـ صرحت مصادر في وزارة الخارجية الصهيونية أن بعض الدول الخليجية قد توقع اتفاقيات على إقامة علاقات دبلوماسية مع 'إسرائيل'، وهي دبي وأبو ظبي, عقب الانتخابات الفلسطينية وتطبيق 'خطة الانفصال'.




وتعيد هذه الأنباء إلى الأذهان ما كان من ميل عربي للتطبيع والتعاون مع الصهاينة عقب اتفاقات اوسلو الموقعة في 13 سبتمبر عام 1993 في واشنطن بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة و'إسرائيل', والتي أضيفت إلى سجل المبادرات والمعاهدات التي ما تجاوزت الحبر الذي كتبت به, وإنما الواقع تفرض فيه 'إسرائيل' إملاءاتها وتصوراتها, وما على راغبي السلام إلا الاستسلام.




ماذا عن الثوابت الصهيونية؟

ومن العجب أنه في ظل الهرولة العربية والتخلي عن الثوابت - تشبثًا بأوهام السلام - تجد الثوابت الصهيونية والثبات على المواقف واللعب فقط بمصطلحات السلام ومفرداته من أجل تجاوز مواقف معينة تمليها المصلحة الشارونية البحتة.




وقد أفصح أحد المحللين الصهاينة عن طبيعة هذه اللعبة التي يمارسها شارون وعصابته, حيث كتب المراسل السياسي لصحيفة هآرتس'ألوف بن إن' أن 'إشارات السلام' هذه ضرورة يحتاجها شارون لتهدئة الأجواء السياسية والاقتصادية في 'إسرائيل'.




وأكد أن هناك أهمية سياسية واقتصادية كبرى للتقارير المنشورة عن بوادر السلام بصرف النظر عن صدقيتها, مشيرًا إلى أن أجواء التفاؤل هذه تساعد شارون في صراعه من أجل ضم حزب العمل إلى الحكومة، وتسهل على بنيامين نتنياهو ورفاقه تأييده، برغم معارضتهم خطة الفصل.




كما أن هذا الإيهام بقرب عملية التوصل إلى 'سلام' مع العرب ـ بحسب المحلل ذاته ـ يحدث ارتفاعًا في قيمة الأسهم في البورصة ويعزز العملة الصهيونية الشيكل, التي عانت تدهورًا كبيرًا جراء تواصل عمليات المقاومة.




ونحن - عند تأملنا - نجد أن 'إسرائيل' تتجلى ثوابتها في ثلاث محاور :




أولا: تحقيق حلم 'إسرائيل' الكبرى من النيل إلى الفرات

فحدود 'إسرائيل', حسب مزاعم وافتراءات الصهاينة, هي من النيل إلى الفرات, وإن كانت موازين القوى لا تسمح بذلك في الوقت الحالي 'جغرافيا', فلا أقل من بسط النفوذ والسيطرة 'سياسيًا' والتغلغل'اقتصاديا' على هذه البقعة إلى حين توافر المناخ المناسب لتحقيق الوعد المكذوب.




والمشروع الصهيوني ينادي بأن 'وطنك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات'، وذلك استنادًا إلى مزاعم بأن مدينة 'اور' التاريخية في جنوب العراق هي أصل اليهود، وأن اليهود اضطروا للخروج من مصر هربا من ظلم فرعون لهم.




فـ 'أرض إسرائيل', حسب معتقدات الصهاينة, هي الأرض التي منحها 'رب إسرائيل' لإسرائيل, وهذه الأرض يجب أن تكون النواة الأولى لـ'إسرائيل الكبرى' التي يجب أن تشمل 'وطن إسرائيل', وهو يتكون, وفق مزاعمهم, من كل أرض سكنها يهودي ذات يوم بغض النظر إن كان ذلك اليهودي مالكا لتلك الأرض أو مستأجرا لها، أو مارا بها، أو وافدا إليها !!




وتأمل بسيط لما يحدث من تغلغل صهيوني في بلاد الرافدين عقب الغزو الاحتلالي الانجلو أمريكي, وقضايا التجسس على مصر التي تطفو من حين لآخر ستؤكد ما ذهبنا إليه.




كما أن ما نشرته الصحف من تأكيد أجهزة المخابرات الأردنية إمساكها بشبكة صهيونية تمد متمردي دارفور بالأسلحة والتدريب لتؤكد من جديد ثبات صهيون على زعزعة أركان الدول العربية تمهيدًا للحلم الكبير.




ثانيا: تحقيق الوعد المكذوب بإقامة الهيكل وهدم المسجد

فحسب معتقدات الصهاينة لابد من إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى ولو بعد حين, ومن ثم فإن القدس ليست بحال من الأحوال مجالا للنقاش آنيًا أو مستقبلاً.

وقد أرسلت 'إسرائيل' بالونات اختبار متعددة في الآونة الأخيرة لجس نبض الشعوب حيال المسجد من خلال إظهار تهديدات من قبل متطرفين باستهداف المسجد بطائرة لتدميره, والحديث عن انهيارات أرضية تصدع بنيان المسجد.

وفي المنحي ذاته نشر الصحفي نداف شرجي تقريرًا موسعًا في صحيفة هآرتس الصهيونية حول الخلفية العقائدية وسيناريوهات الاعتداء على الحرم القدسي ونشاط المخابرات الصهيونية في هذا الصدد.

ولإبراز أهمية هذا الموضوع فقد اختارت صحيفة هآرتس أن يكون غلاف ملحقها صورة قبة الصخرة وتحته عنوان بارز : 'وفجأة ستسمعون صوت الانفجار' في إشارة إلى تفجير ونسف المسجد الأقصى وقبة الصخرة.

ويتحدث شرجي في تقريره عن 'يسرائيل ارئيل' رئيس 'معهد الهيكل' وكيف أنه يعكف في معهده منذ سنوات على تجهيز وتصنيع أدوات الهيكل الثالث.

كما يتطرق الصحفي ذاته في تقريره إلى ما يسمى 'مسيرة الأبواب' وهي مسيرة تنظمها مجموعات يهودية على رأس كل شهر عبري يتجمعون بالقرب من ساحة البراق وتقوم بمسيرة حول أسوار المسجد الأقصى وبوابته الرئيسية، يشارك فيها المئات وأحيانا الآلاف.

ويذكر شرجي أن المشاركين في هذه المسيرة يرفعون خلال مسيرتهم شعارات مثل ' فليبن الهيكل.. وليهدم المسجد ' أو ' فليبنى الهيكل.. وليحرق المسجد'.

ويقول إن مثل هذه الفعاليات ترفع من الاهتمام ببناء الهيكل، إضافة إلى الكتب والأدبيات التي تؤلفها وتوزعها المجموعات اليهودية حول أهمية بناء الهيكل الثالث، من منطلقات عقائدية.




ثالثا: إنهاء التيار الجهادي من خلال تصفيه قياداته

فـ'إسرائيل' تعلم أن عدوها الأول من يحمل مشروع المقاومة أما اللاعبون على أوتار السياسية فهي أعلم بحالهم, ومن ثم تجدها دائمة التربص بقادة العمل الجهادي في محاولة مستميتة لوئد هذا المشروع.

ولا تتورع 'إسرائيل' عن اغتيال زعماء الانتفاضة من أمثال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين والذي خلفه في قيادة الحركة عبدالعزيز الرنتيسي بجانب استهداف القادة الميدانيين لمختلف الفصائل الجهادية.

وتتجسد خشيتها كذلك من التطور النوعي للانتفاضة التي انطلقت من الحجارة إلى الصاروخ فزلزلت أركان الكيان, والتي ما زال بجعبتها الكثير الذي يخشى منه الصهاينة.




وتسعى 'إسرائيل' عقب اغتيال مشروع المقاومة باغتيال قادته إلى خندقة الفلسطينيين في خانة المفاوضات السياسية التي تستغرق السنوات ثم لا يكون إلا السراب الذي يحسبه دعاه السلام ماءا.




وقد ظهر ذلك جليا من خلال الشروط والإملاءت التي فرضها شارون على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, فلا مفاوضات قبل وقف المقاومة المسلحة, وعند الدخول في مفاوضات تظهر اللاءات الثلاثة: لا لعودة اللاجئين, ولا عودة لحدود 1967, ولا تفاوض حول وضع مدينة القدس.




ثوابت الأمة... تذكره قبل أن نفقد الذاكرة




ولعل تمسك الصهاينة بثوابتهم وما نشاهده من تضخم في أجندة التطبيع يكون مناسبًا للتذكير ببعض الثوابت التي يجب وضعها في الاعتبار عند التعرض لمجمل العلاقات العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني.




أولاً: فلسطين جغرافيا وتاريخيا عربية مسلمة

الوجود الصهيوني في فلسطين كلها برها وجوها ومياهها وصحاريها وخضرائها ومدنها وقراها وجود احتلالي, وليس لهم إلا الرحيل عن بلاد العرب والمسلمين, فهي أرض عربية مسلمة لاحق لأحد أن يفرط فيها ولو كان فلسطينيًا مقدسيًا حتى النخاع.




فالذي فتح فلسطين وحررها من أيدي الرومان هم العرب المسلمون، فقد فتح عمرو بن العاص – رضي الله عنه- معظم مدن فلسطين عام 15هـ، وفتح عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ القدس واستلم مفاتيحها عام 16هـ.

ومن ثم فهو صراع لا يخص العرب وحدهم, وإنما صراع يعني كل مسلم وإن نئت به الديار وشردت به البلاد.



فحدود 67 التي يتم الحديث عنها وحدود عام 2000 التي تنادى بعض الدول بالانسحاب إليها هي في حقيقتها خيانة للقضية وللشعب الفلسطيني بل وللأمة كلها.

فأرض فلسطين المعروفة تاريخيًا، والتي حدودها تمتد من حدود لبنان الجنوبية [شمالاً] إلى حدودها مع سيناء المصرية [جنوبًا] ومن نهر الأردن [شرقًا] إلى البحر المتوسط [غربًا] ليست بلا شعب حتى يأتي إليها الصهاينة ليغتصبوها.




ويحضرنا في هذا المقام قول السلطان عبد الحميد في رسالته إلى زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل بعدما طلب الحصول على فلسطين بأي ثمن تحدده دولة الخلافة:

'إني لا أستطيع أن أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة, لأنها ليست ملكي, بل هي ملك شعبي, وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض ورووها بدمائهم, فليحتفظ اليهود بملايينهم, فإذا مزقت دولتي فمن الممكن الحصول على فلسطين بدون مقابل, ولكن لزم أن يبدأ التمزيق أولاً في جثتتي , ولكن لا أوافق على تشريح جثتي وأنا على قيد الحياة'.




ثانيًا: المقاومة هي السبيل الوحيد لاسترداد الحق المسلوب

السبيل الوحيد لخروج أي محتل من أي أرض هو المقاومة, لان التاريخ لم يخبرنا حتى الآن عن محتل خرج من الديار عبر رشقه بالزهور والياسمين, ولكن بالياسين والقسام.

وفلسطين العربية المسلمة ليست بدعًا من التاريخ, ولم تعقم نسائها عن إنجاب الرنتيسي وياسين والقسام.

فمشروع المقاومة هو المشروع الوحيد الذي يجب أن تلتف حوله الأمة, لأنه السبيل الوحيد لاسترداد الأرض المغتصبة.

أما المتاجرون بالقضية على موائد المفاوضات فعليهم أن يستذكروا التاريخ جيدا ويخبرونا عن أرض مغتصبة خرج مغتصبوها بالمفاوضات والسياسة.

فما خرجت فرنسا من الجزائر إلا بمليون شهيد, وما خرجت أمريكا من فيتنام إلا بالمقاومة, وما اندحر الاتحاد السوفيتي عن أفغانستان إلا بعد أن ذاق مرارة المواجهة مع المستبسلين عن أرضهم وديارهم.




ولقد علمنا التاريخ القديم والحديث أن اليهود لا عهد لهم ولا ميثاق ولا ذمة, ومن ثم فإن البحث عن سراب المعاهدات والسلام, هي أمان جوفاء لا تقترب من المصداقية في شئ.

ولقد دخل العرب في مفاوضات متعددة مع اليهود, فما جف حبرها حتى تنقضها 'إسرائيل'.

فـ'إسرائيل' ليست راغبة في السلام ولا تريده.




ثالثًا: الصراع لابد أن ينتهي لصالح الحق والعدل

نعم لابد أن ينتهي الصراع في فلسطين, ولكن ليس المطلوب التعامل مع الصراع على أنه سوأة لابد من التخلص منها بأية صورة , فالصراع لابد أن ينتهي وفق الحق والعدل وليس وفق رغبات المحتل, وإن كانت الأوضاع الراهنة لا تسمح باسترداد كامل الحقوق فالغد يحمل البشرى والخير, فقط لا نفرط في أرضنا وعرضنا بدعوى الواقعية, والتعامل مع معطيات النظام الدولي الجديد.




فقد ضاعت فلسطين من المسلمين مدة إحدى وتسعين سنة هجرية, حيث احتلها الصليبيون عام 492هـ, والذي حرَّرها هم القادة الملتزمون بنهج المقاومة أمثال عماد الدين زنكي ونور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبي.

وسقطت فلسطين في يد التتار عام 658هـ والذي وقف في وجه التتار، وتمكَّن من إلحاق الهزيمة بهم، وأخرجهم من فلسطين هو الحاكم المجاهد قطز، الذي رفع شعار 'وإسلاماه', وكان الانتصار في عين جالوت عام 658هـ، أي بعد خمسة أشهر فقط من سقوط فلسطين في أيديهم.

فما عرف أسلافنا وأجدادنا مائدة المفاوضات ولكن عرفوا طريق النصر بعد لبسوا لأمة الحرب.




رابعا: فلسطين ..أرض وشعب

لابد من عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم ستة ملايين [ ثلثا الشعب الفلسطيني] إلى ديارهم التي تم تهجيرهم منها, ففلسطين أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم, وما على قطعان المستوطنين إلا الرحيل إلى ديارهم التي أتوا منها, فما لهم في فلسطين مأوى.

وليس المقصود عودتهم فقط إلى ما يسمى بمناطق الحكم الذاتي, ولكن يرجع كل لاجئ إلى داره التي خرج منها في القدس كانت أو في حيفا أو في غزة.

وعن هذا الحق يقول المجاهد الفلسطيني محمود الزهار:'إن أحدًا من الشعب الفلسطيني لا يستطيع أن يدعي أنه مخول من كل الشعب الفلسطيني بالتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني والعربي والمسلم في فلسطين, فالمفاوض الفلسطيني لم ينتخبه كل الشعب، ومن انتخبه لم ينتخبه تحت عنوان التفريط.

وإن أي مُوقع على أي اتفاقية تمس بحقوق الشعب الفلسطيني في إطار تسويات سياسية أو أمنية، مهما كانت محاولات إلباسها ثوب الإجماع الفلسطيني والموافقة العربية، يعرض نفسه للحكم التاريخي الذي لا يعرف ظروفًا موضوعية ولا مبررات سياسية'.

فليس المطلوب إعلان 'دولة' وعزف نشيد ورفع علم وفقط, بل لابد للدولة التي تقام على كامل التراب الفلسطيني أن يعيش فيها كل شعب فلسطين.




خامسا: أمة واحدة ومشروع واحد

الكيان الصهيوني يتعامل مع العرب كأنهم أمة واحدة, وتسليحها قائم على أساس اجتماع العرب عليها في حرب واحدة, بل لا نبعد كثيرًا إذا ما قلنا أن الكيان الصهيوني يتحسب لقوة باكستان النووية, على اعتبار أنها دولة إسلامية قد تدخل في الصراع إذا ما اقتضت الضرورة.




والأمر لابد أن يكون كذلك من ناحيتنا فليست التسوية السورية بمعزل عن الفلسطينية بمعزل عن اللبنانية, فهي أمة واحدة وإدارتها للصراع يجب أن تنبثق من هذا الفهم.

إضافة إلى أن آليات الصراع ومنطقاته في حقيقتها يجب إن تنبثق من إطار عقدي وليس من قومية أو وطنية, لأنه بهذه الكيفية وحدها يتحقق النصر على الصهاينة.




فقد باع 'حزب الاتحاد والترقي' الذي رفع شعار العلمانية فلسطين لليهود, حيث يقول السلطان عبد الحميد: 'إن سبب خلع الاتحاد والترقي له من السلطة هو إصرارهم عليه أن يصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة فلسطين'.




كما خان دعاة القومية القضية واسلموا المجاهدين في حرب عام 1948 للسجون والمعتقلات, في حين تجد دعاة الإسلام وأرباب العقيدة يفجرون الانتفاضة تلو الأخرى:

ـ فقد قاد للحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى انتفاضة 1920, كما قاد انتفاضة أخرى عام 1929، وكانت انتفاضة إسلامية شملت معظم مناطق فلسطين دفاعا عن الحق الإسلامي في حائط البراق.

ـ وأنشأ الشيخ عز الدين القسام سنة 1928 أول تنظيم سري عسكري في فلسطين يعمل ضد الاحتلال البريطاني واليهود، وقد أطلق على هذا التنظيم اسم 'المنظمة الجهادية'، ولم يُقبل في هذا التنظيم إلا المستعدون للموت في سبيل الله.

وينسب لجماعة القسام تفجير الثورة في إبريل 1936م، وقد استمرت هذه الثورة حتى 1938م



ـ وقادت حماس وغيرها من فصائل الجهاد الانتفاضة في ديسمبر 1987, وكذلك الانتفاضة التي ما زالت مستعرة على الصهاينة والتي انطلقت عام 2000 من المسجد الأقصى.



وأخيرًا نقول أن التاريخ سجل أقوالاً لعمر بن الخطاب أثناء وجوده في بيت المقدس، بين فيها أن هذه البلاد فتحت بالإسلام، وأنها لا تضيع إلا بالتخلي عنه، حيث قال:' يا أهل الإسلام إنّ الله تعالى قد صدقكم الوعد، ونصركم على الأعداء، وأورثكم البلاد، ومكن لكم في الأرض، فلا يكون جزاؤه منكم إلا الشكر، وإياكم والعمل بالمعاصي، فإنَّ العمل بالمعاصي كفرُُ بالنعم، وقلما كفر قومُُ بما أنعم الله عليهم، ثمَّ لم يفرغوا إلى التوبة إلا سُلبوا عِزَّهم، وسَلّط الله عليهم عدوهم'.