PDA

View Full Version : محمود درويش


أبو يحى
18-12-2004, 11:37 AM
سيرة ذاتية من موقع الاسلام أون لاين:
محمود درويش.. وطن في قصيدة
http://www.islamonline.net/Arabic/famous/2002/06/article04.SHTML

محمود درويش يحصل على جائزة الأمير كلاوس
رابط حلقة الكتاب خير جليس
مع خالد الحروب في قناة الجزيرة

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/FFADC0D2-98AB-41AD-95E6-8F2459CB98FC.htm

- التواصل مع العالم بلغة الشعر من المنفى
- علاقة محمود درويش باللغة واختياره ورد السياج
- حب فلسطين الأسيرة ومجازية الشعر


http://www.alimbaratur.com/All_Pages/Baydat_T_Stuff/B_T_22/B_T_22_A.jpeg

أبو يحى
18-12-2004, 11:42 AM
نصّ كُتبه محمود درويش
أثناء حصار رام الله (يناير 2002)


حالة حصار

هنا، عند مُنْحَدَرات التلال، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت،
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعل العاطلون عن العمل:
نُرَبِّي الأملْ.

بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر. صرنا أَقلَّ ذكاءً،
لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة.
أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
في حلكة الأَقبية.

هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً...

سيمتدُّ هذا الحصارُ إلي أن نعلِّم أَعداءنا
نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ.

أَلسماءُ رصاصيّةٌ في الضُحى
بُرْتقاليَّةٌ في الليالي. وأَمَّا القلوبُ
فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ.

هنا، لا أَنا
هنا، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...

يقولُ على حافَّة الموت:
لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ:
حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،
وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،
وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...

في الحصار، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
بين تذكُّرِ أَوَّلها.
ونسيانِ آخرِها.

هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان، على دَرَج البيت،
لا وَقْتَ للوقت.
نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلى الله:
ننسي الأَلمْ.

الألمْ
هُوَ: أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
صباحاً، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.

لا صدىً هوميريٌّ لشيءٍ هنا.
فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها.
لا صدىً هوميريّ لشيء. هنا جنرالٌ
يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ

يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
بمنظار دبّابةٍ...

نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.

أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
غقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا.
أَيها الواقفون على عتبات البيوت!
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلى أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ!

نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
نلعبُ النردَ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
ونقرأ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
أَلفينِ واثنينِ تبتسم الكاميرا
لمواليد بُرْجِ الحصار.

كُلَّما جاءني الأمسُ، قلت له:
ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
وتعالَ غداً !

أُفكِّر، من دون جدوى:
بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
على قمَّة التلّ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
فتوجعنُي الخاطرةْ
وتنتعشُ الذاكرةْ

عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
بيضاءَ بيضاءَ، تغسِلُ خَدَّ السماء
بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
الجوِّ واللَهْو. أَعلى وأَعلى تطيرُ
الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. ليت السماءَ
حقيقيّةٌ قال لي رَجَلٌ عابرٌ بين قنبلتين

الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
قَيْدَ التَشَابُهِ...
عمَّا قليلٍ سأعرفُ إن كان هذا
هو الوحيُ...
أو يعرف الأصدقاءُ الحميمون أنَّ القصيدةَ
مَرَّتْ، وأَوْدَتْ بشاعرها

إلي ناقدٍ: لا تُفسِّر كلامي
بملعَقةِ الشايِ أَو بفخِاخ الطيور!
يحاصرني في المنام كلامي
كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
ويكتبني ثم يتركني باحثاً عن بقايا منامي

شَجَرُ السرو، خلف الجنود، مآذنُ تحمي
السماءَ من الانحدار. وخلف سياج الحديد
جنودٌ يبولون ـ تحت حراسة دبَّابة ـ
والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ في
شارعٍ واسعٍ كالكنيسة بعد صلاة الأَحد...

نحبُّ الحياةَ غداً
عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
كما هي، عاديّةً ماكرةْ
رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ
وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
فليكن
خفيفاً على القلب والخاصرةْ
فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!

قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
لو عرفتُ النهاية، منذ البدايةَ،
لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللٌّغَةْ

إلي قاتلٍ: لو تأمَّلْتَ وَجْهَ الضحيّةْ
وفكَّرتَ، كُنْتَ تذكَّرْتَ أُمَّك في غُرْفَةِ
الغازِ، كُنْتَ تحرَّرتَ من حكمة البندقيَّةْ
وغيَّرتَ رأيك: ما هكذا تُسْتَعادُ الهُويَّةْ

إلى قاتلٍ آخر: لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
فيكبر طفلاً معافي،
ويدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدى بناتكَ
تارِيخَ آسيا القديمَ.
وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟

لم تكن هذه القافيةْ
ضَرُوريَّةً، لا لضْبطِ النَغَمْ
ولا لاقتصاد الأَلمْ
إنها زائدةْ
كذبابٍ على المائدةْ

الضبابُ ظلامٌ، ظلامٌ كثيفُ البياض
تقشِّرُهُ البرتقالةُ والمرأةُ الواعدة.

الحصارُ هُوَ الانتظار
هُوَ الانتظارُ على سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفةْ

وَحيدونَ، نحن وحيدون حتى الثُمالةِ
لولا زياراتُ قَوْسِ قُزَحْ

لنا اخوةٌ خلف هذا المدى.
اخوةٌ طيّبون. يُحبُّوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
ثم يقولون في سرِّهم:
ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ.. ولا يكملون العبارةَ:
لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا.

خسائرُنا: من شهيدين حتى ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
وعَشْرَةُ جرحى.
وعشرون بيتاً.
وخمسون زيتونةً...
بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ

في الطريق المُضَاء بقنديل منفي
أَرى خيمةً في مهبِّ الجهاتْ:
الجنوبُ عَصِيٌّ على الريح،
والشرقُ غَرْبٌ تَصوَّفَ،
والغربُ هُدْنَةُ قتلي يَسُكُّون نَقْدَ السلام،
وأَمَّا الشمال، الشمال البعيد
فليس بجغرافيا أَو جِهَةْ
إنه مَجْمَعُ الآلهةْ

قالت امرأة للسحابة: غطِّي حبيبي
فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ

إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
فكُنْ شجراً
مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
فكُنْ حجراً
مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
فكن قمراً
في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا
هكذا قالت امرأةٌ
لابنها في جنازته

أيَّها الساهرون ! أَلم تتعبوا
من مُرَاقبةِ الضوءِ في ملحنا
ومن وَهَج الوَرْدِ في جُرْحنا
أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟

واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ على كُلِّ شيء:
علي صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
ومختلفون علي واجبات النساء
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
مختلفون على النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ...
ومن بعده يجدُ الفَرْدُ مُتّسعاً لاختيار الهدفْ.

قال لي في الطريق إلى سجنه:
عندما أَتحرّرُ أَعرفُ أنَّ مديحَ الوطنْ
كهجاء الوطنْ
مِهْنَةٌ مثل باقي المِهَنْ !

قَليلٌ من المُطْلَق الأزرقِ اللا نهائيِّ
يكفي
لتخفيف وَطْأَة هذا الزمانْ
وتنظيف حَمأةِ هذا المكان

على الروح أَن تترجَّلْ
وتمشي على قَدَمَيْها الحريريّتينِ
إلى جانبي، ويداً بيد، هكذا صاحِبَيْن
قديمين يقتسمانِ الرغيفَ القديم
وكأسَ النبيذِ القديم
لنقطع هذا الطريق معاً
ثم تذهب أَيَّامُنا في اتجاهَيْنِ مُخْتَلِفَينْ:
أَنا ما وراءَ الطبيعةِ. أَمَّا هِيَ
فتختار أَن تجلس القرفصاء على صخرة عاليةْ

إلى شاعرٍ: كُلَّما غابَ عنك الغيابْ
تورَّطتَ في عُزْلَة الآلهةْ
فكن ذاتَ موضوعك التائهةْ
و موضوع ذاتكَ. كُنْ حاضراً في الغيابْ

يَجِدُ الوقتَ للسُخْرِيَةْ:
هاتفي لا يرنُّ
ولا جَرَسُ الباب أيضاً يرنُّ
فكيف تيقَّنتِ من أَنني
لم أكن ههنا !

يَجدُ الوَقْتَ للأغْنيَةْ:
في انتظارِكِ، لا أستطيعُ انتظارَكِ.
لا أَستطيعُ قراءةَ دوستويفسكي
ولا الاستماعَ إلى أُمِّ كلثوم أَو ماريّا كالاس وغيرهما.
في انتظارك تمشي العقاربُ في ساعةِ اليد نحو اليسار...
إلي زَمَنٍ لا مكانَ لَهُ.
في انتظارك لم أنتظرك، انتظرتُ الأزَلْ.

يَقُولُ لها: أَيّ زهرٍ تُحبِّينَهُ
فتقولُ: القُرُنْفُلُ .. أَسودْ
يقول: إلى أَين تمضين بي، والقرنفل أَسودْ ؟
تقول: إلى بُؤرة الضوءِ في داخلي
وتقولُ: وأَبْعَدَ ... أَبْعدَ ... أَبْعَدْ

سيمتدُّ هذا الحصار إلى أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
أَن الضَجَرْ
صِفَةٌ من صفات البشرْ.

لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ ـ
قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق: قلبي مليء
بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ.
قلبي بريء مضيء مليء،
ولا وقت في القلب للامتحان. بلى،
لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّى أُحبَّك؟
هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ: عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ !

جَلَسْنَا بعيدينَ عن مصائرنا كطيورٍ
تؤثِّثُ أَعشاشها في ثُقُوب التماثيل،
أَو في المداخن، أو في الخيام التي
نُصِبَتْ في طريق الأمير إلي رحلة الصَيّدْ...

على طَلَلي ينبتُ الظلُّ أَخضرَ،
والذئبُ يغفو علي شَعْر شاتي
ويحلُمُ مثلي، ومثلَ الملاكْ
بأنَّ الحياةَ هنا ... لا هناكْ

الأساطير ترفُضُ تَعْديلَ حَبْكَتها
رُبَّما مَسَّها خَلَلٌ طارئٌ
ربما جَنَحَتْ سُفُنٌ نحو يابسةٍ
غيرِ مأهولةٍ،
فأصيبَ الخياليُّ بالواقعيِّ،
ولكنها لا تغيِّرُ حبكتها.
كُلَّما وَجَدَتْ واقعاً لا يُلائمها
عدَّلَتْهُ بجرَّافة.
فالحقيقةُ جاريةُ النصِّ، حَسْناءُ،
بيضاءُ من غير سوء ...

إلي شبه مستشرق: ليكُنْ ما تَظُنُّ.
لنَفْتَرِضِ الآن أَني غبيٌّ، غبيٌّ، غبيٌّ.
ولا أَلعبُ الجولف.
لا أَفهمُ التكنولوجيا،
ولا أَستطيعُ قيادةَ طيّارةٍ!
أَلهذا أَخَذْتَ حياتي لتصنَعَ منها حياتَكَ؟
لو كُنْتَ غيرَكَ، لو كنتُ غيري،
لكُنَّا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء.
أَما للغبيّ، كما لليهوديّ في تاجر البُنْدُقيَّة
قلبٌ، وخبزٌ، وعينان تغرورقان؟

في الحصار، يصير الزمانُ مكاناً
تحجَّرَ في أَبَدِهْ
في الحصار، يصير المكانُ زماناً
تخلَّف عن أَمسه وَغدِهْ

هذه الأرضُ واطئةٌ، عاليةْ
أَو مُقَدَّسَةٌ، زانيةْ
لا نُبالي كثيراً بسحر الصفات
فقد يُصْبِحُ الفرجُ، فَرْجُ السماواتِ،
جغْرافيةْ !

أَلشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
ويسألني: أَين كُنْت ؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدى

الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.

الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدى
عن عذارى الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
علي الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،
لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ
عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ في جَسَدِ اللازوردْ.

الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة
إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً
من أَحَدْ.

الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.
وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:
كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.
أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !

الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوى موقعي وأَثاثي الفقيرِ.
وَضَعْتُ غزالاً على مخدعي،
وهلالاً على إصبعي،
كي أُخفِّف من وَجَعي !

سيمتدُّ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبوديّة لا تضرّ، ولكن بحريَّة كاملة!!.

أَن تُقَاوِم يعني: التأكُّدَ من صحّة
القلب والخُصْيَتَيْن، ومن دائكَ المتأصِّلِ:
داءِ الأملْ.

وفي ما تبقَّى من الفجر أَمشي إلى خارجي
وفي ما تبقّى من الليل أسمع وقع الخطي داخلي.

سلامٌ على مَنْ يُشَاطرُني الانتباهَ إلي
نشوة الضوءِ، ضوءِ الفراشةِ، في
ليل هذا النَفَقْ.

سلامٌ على مَنْ يُقَاسمُني قَدَحي
في كثافة ليلٍ يفيض من المقعدين:
سلامٌ على شَبَحي.

إلي قارئ: لا تَثِقْ بالقصيدةِ ـ
بنتِ الغياب. فلا هي حَدْسٌ، ولا
هي فِكْرٌ، ولكنَّها حاسَّةُ الهاويةْ.

إذا مرض الحبُّ عالجتُهُ
بالرياضة والسُخْريةْ
وَبفصْلِ المُغنِّي عن الأغنيةْ

أَصدقائي يُعدُّون لي دائماً حفلةً
للوداع، وقبراً مريحاً يُظَلِّلهُ السنديانُ
وشاهدةً من رخام الزمن
فأسبقهم دائماً في الجنازة:
مَنْ مات.. مَنْ ؟

الحصارُ يُحَوِّلني من مُغَنٍّ الى . . . وَتَرٍ سادس في الكمانْ!

الشهيدةُ بنتُ الشهيدةِ بنتُ الشهيد وأختُ الشهيدِ
وأختُ الشهيدةِ كنَّةُ أمِّ الشهيدِ حفيدةُ جدٍّ شهيد
وجارةُ عمِّ الشهيد الخ ... الخ ..
ولا نبأ يزعج العالَمَ المتمدِّن،
فالزَمَنُ البربريُّ انتهى.
والضحيَّةُ مجهولَةُ الاسم، عاديّةٌ،
والضحيَّةُ ـ مثل الحقيقة ـ نسبيَّةٌ الخ ... الخ ف

هدوءاً، هدوءاً، فإن الجنود يريدون
في هذه الساعة الاستماع إلي الأغنيات
التي استمع الشهداءُ إليها، وظلَّت كرائحة
البُنّ في دمهم، طازجة.

هدنة، هدنة لاختبار التعاليم: هل تصلُحُ الطائراتُ محاريثَ ؟
قلنا لهم: هدنة، هدنة لامتحان النوايا،
فقد يتسرَّبُ شيءٌ من السِلْم للنفس.
عندئذٍ نتباري على حُبِّ أشيائنا بوسائلَ شعريّةٍ.
فأجابوا: ألا تعلمون بأن السلام مع النَفْس
يفتح أبوابَ قلعتنا لِمقَامِ الحجاز أو النَهَوَنْد ؟
فقلنا: وماذا ؟ ... وَبعْد ؟

الكتابةُ جَرْوٌ صغيرٌ يَعَضُّ العَدَمْ
الكتابةُ تجرَحُ من دون دَمْ..

فناجينُ قهوتنا. والعصافيرُ والشَجَرُ الأخضرُ
الأزرقُ الظلِّ. والشمسُ تقفز من حائط
نحو آخرَ مثل الغزالة.
والماءُ في السُحُب اللانهائية الشكل في ما تبقَّي لنا
من سماء. وأشياءُ أخرى مؤجَّلَةُ الذكريات
تدلُّ على أن هذا الصباح قويّ بهيّ،
وأَنَّا ضيوف على الأبديّةْ.

أبو يحى
04-03-2005, 08:46 PM
ديوان أوراق الزيتون


بطاقة هوية
سجل
أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهم سيأتي بعد صيفْ
فهل تغضبْ

سجل
أنا عربي
وأعمل مع رفاق الكدح في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسل لهم رغيف الخبزِ
والأثواب والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسل الصدقات من بابكْ
ولا أصغرْ
أمام بلاطِ أعتابك
فهل تغضبْ

*

سجل
أنا عربي
اسمٌ بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كل ما فيها
يعيض بفورة الغضبِ
جذوري
قبل ميلاد الزمان رستْ
وقبل تفتح الحقبِ
وقبل السرْوِ والزيتونْ
وقبل ترعرع العشبِ
أبي من أسرة المحراث
لا من سادةٍ نُجُبِ
وجدي كان فلاحاً
بلا حسبٍ ولا نسبِ
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتبِ
وبيتي كوخ ناطورٍ
من الأعواد والقصبِ
فهل ترضيك منزلتي
انا اسمٌ بلا لقبِ

*

سجل
أنا عربي
ولون الشعر فحْميٌّ
ولون العين بنيِّ
وميزاتي: على رأسي عقالٌ فوق كوفيهْ
وكفي صلبة كالصخرِ
تخمش من يلامسها
وعنواني: أنا من قريةٍ عزْلاءَ... منسيهْ
شوارعها بلا أسماءْ
وكل رجالها في الحقل والمحجرْ
فهل تغضبْ
سجل أنا عربي
سلَبْتَ كروم أجدادي
وأرضاً كنت أفلحها
أنا وجميع أولادي
ولم تترك لنا ولكل أحفادي
سوى هذي الصخورِ... فهل ستأخذها حكومتكم كما قيلا
إذن
سجل برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكني إذا ما جعتُ
آكل لحم مغتصبي
حذار حذارِ من جوعي
ومن غضبي

عاشق من فلسطين


عابرون في كلام عابر



أيها المارون بين الكلمات العابره
احملوا أسماءكم، وانصرفوا
واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكره
وخذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء



أيها المارون بين الكلمات العابره
منكم السيف - ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار - ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى - ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا
وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء..
وعلينا، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء!


أيها المارون بين الكلمات العابره
كالغبار المر، مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائره
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا قمح نربيه ونسقيه ندى أجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا:
حجر.. أو خجل
فخذوا الماضي، إذا شئتم، إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمى للهدهد، إن شئتم،
على صحن خزف.
فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبل
ولنا في أرضنا ما نعمل


أيها المارون بين الكلمات العابره
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس!
فلنا ما ليس يرضيكم هنا، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم، وطن ينزف شعبا ينزف
وطنا يصلح للنسيان أو للذاكره..
أيها المارون بين الكلمات العابره،
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا... والآخره
فاخرجوا من أرضنا
من برنا.. من بحرنا
من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا
من كل شيء، واخرجوا
من ذكريات الذاكره
أيها المارون بين الكلمات العابره




العصافير تموت في الجليل








عصافير الجليل


نلتقي بعد قليل
بعد عام
بعد عامين



وجيلْ...


ورَمَتْ في آلة التصوير


عشرين حديقةْ


وعصافيرَ الجليل.


ومضتْ تبحث، خلف البحر،


عن معنى جديد للحقيقة.


- وطني حبل غسيل


لمناديل الدم المسفوك


في كل دقيقةْ


وتمددتُ على الشاطئ


رملاً... ونخيلْ.



هِيَ لا تعرف-


يا ريتا! وهبناكِ أنا والموتُ


سِر الفرح الذابل في باب الجماركْ


وتجدَّدنا، أنا والموت،


في جبهتك الأولى


وفي شبّاك دارك.


وأنا والموت وجهان-


لماذا تهربين الآنَّ من وجهي


لماذا تهربين؟


ولماذا تهربين الآن ممّا


يجعل القمح رموشَ الأرض، ممّا


يجعل البركان وجهاً آخراً للياسمين؟...


ولماذا تهربينْ ؟...



كان لا يتعبني في الليل إلا صمتها


حين يمتدُّ أمام الباب


كالشارع... كالحيِّ القديمْ


ليكن ما شئت - يا ريتا –


يكون الصمتُ فأساً


أو براويز نجوم


أو مناخاً لمخاض الشجرةْ.


إنني أرتشف القُبلَة


من حدِّ السكاكين،


تعالي ننتمي للمجزرةْ !...



سقطت كالوَرَق الزائد


أسرابُ العصافير


بآبار الزمنْ...


وأنا أنتشل الأجنحة الزرقاء


يا ريتا،


أنا شاهدةُ القبر الذي يكبرُ


يا ريتا،


أنا مَنْ تحفر الأغلالُ


في جلديَ


شكلاً للوطنْ...


عندما يذهب الشهداء إلى النوم


تصبحون على وطن


عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو
وأحرسهم من هواة الرِّثاء



أقول لهم :

تُصبحون على وطن،

من سحابٍ ومن شجرٍ،

من سراب وماء



أهنئُهُم بالسلامةِ من حادثِ المُستحيل

ومن قيمة المذبح الفائضة

وأسرقُ وقتَا لكي يسرقوني من الوقتِ.



هل كُلُنا شهداء؟



وأهمس :

يا أصدقائي اتركوا حائطاَ واحداً،

لحبال الغسيل،

اتركوا ليلةًَ للغناء



اُعلِّق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلاً،

وناموا على سلم الكرمة الحامضة



لأحرس أحلامكم من خناجر حُراسكم

وانقلاب الكتاب على الأنبياء



وكونوا نشيد الذي لا نشيد له

عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء



أقول لكم :

تصبحون على وطنٍ

حمّلوه على فرس راكضه



وأهمس :



يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا ...

حبل مشنقةٍ غامضه !




حبيبتي تنهض من نومها



جواز سفر




لم يعرفوني في الظلال التي


تمتصُّ لوني في جواز السفرْ


وكان جرحي عندهم معرضاً


لسائح يعشق جمع الصور


لم يعرفوني، آه... لا تتركي


كفي بلا شمسٍ،


لأن الشجر


يعرفني...


تعرفني كل أغاني المطر


لا تتركيني شاحباً كالقمر!




كلُّ العصافير التي لاحقتْ


كفى على باب المطار البعيد


كل حقول القمح،


كل السجونِ،


كل القبور البيض


كل الحدودِ،


كل المناديل التي لوَحتْ،


كل العيونِ


كانت معي، لكنهم


قد أسقطوها من جواز السفر!




عارٍ من الاسم، من الانتماء ْ؟


في تربة ربَّيتها باليدينْ؟


أيوب صاح اليوم ملء السماء:




لا تجعلوني عبرة مرتين!




يا سادتي! يا سادتي الأنبياء


لا تسألوا الأشجار عن اسمها


لا تسألوا الوديان عن أُمها


من جبهتي ينشق سيف الضياء


ومن يدي ينبع ماء النهر


كل قلوب الناس... جنسيتي


فلتسقطوا عني جواز السفر!








يوميات جرح فلسطيني




" رباعيات مهداة الى فدوى طوقان "
(1)

نحن في حل من التذكار فالكرمل فينا

وعلى أهدبنا عشب الجليل

لا تفولي : ليتنا نركض كالنهر اليها

لا تقولي

نحن في لحم بلادي, وهي فينا

(2)

لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام

ولذا لم يتفتت حبنا بين السلاسل

نحن يا أختاه من عشرين عام

نحن لا نكتب أشعاراً ولكنا نقاتل!

(3)

ذلك الظل الذي يسقطفي عينيك

شيطان إله

جاء من شهر حزيران لكي يعصب –

بالشمس الجباه

انه لون شهيدٍ

انه طعم صلاةً

انه يقتل أو يحيي, وفي الحالتين: آه!

(4)

أول الليل على عينيك كان

في فؤادي قطرة من آخر الليل الطويل

والذي يجمعنا الساعة في هذا المكان

شارع العودة ..... من عصر الذبول!

(5)

صوتك الليلة سكين وجرح وضماد

ونعاس جاء من صمت الضحايا

أين أهلي؟ خرجوا من خيمة المنفي وعادوا

مرة أخرى سبايا

(6)

كلمات الحب لم تصدأ ولكن الحبيب

واقع في الأسر – ياحبي الذي حملني

شرفات خلعتها الريح .. أعتاب بيوت وذنوب

لم يسع قلبي سوى عينيك في يوم من الايام

والآن اغتنى بالوطن!...

(7)

وعرفنا ما الذي يجعل صوت القبره

خنجرا يلمع في وجه الغزاه

وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبره

مهرجاناً وبساتين حياه!

(8)

عندما كنت تغنين رأيت الشرفات

تهجر الجدران والساحة ترتد الى

خضر الجبل

لم نكن نسمع موسيقى ولا نبصر لون الكلمات

كان في الغرفة مليون بطل !

(9)

في دمي من وجهه صيف ونبض مستعار

عدت خجلان الى البيت, فقد خر على –

جرحي شهيدا

كان مأوى ليلة الميلاد كان الانتظار

وأنا أقطف من ذاكراه عيدا

(10)

الندى والنار عيناه, اذا ازددت –

اقترابا منه ... غنى

وتبخرت على ساعده لحظه صمت وصلاه

آه سميه كما شئت شهيدا

إنه اجمل منا

غادر الكوخ فتىً ثم اتى حين أتى

وجه إله!

(11)

هذه الأرض التي تمتص جلد الشهداء

تعد الصيف بقمح وكواكب

فاعبديها نحن في احشائها ملح وماء

وعلى أحضانها جرح ... يحارب

(12)

دمعتي في الحلق يا أخت, وفي عيني –

نار

وتحررت من الشكوى على باب الخليفه

كل من ماتوا, ومن سوف يموتون على –

باب النهار

عانقوني, صنعوا مني قذيفة!





(13)

منزل الأحباب مهجور, ويافا

ترجمت حتى النخاع

والتي تبحث عني لم تجد مني سوى جبهتها!

اتركي لي كل هذا الموت يا اخت, اتركي –

هذا الضياع

فأنا اضفره نجما على نكبتها؟!

(14)

آه يا جرحي المكابر

وطني ليس حقيبة

وأنا لست مسافر

انني العاشق والارض الحبيبة!

(15)

واذا استرسلت في الذكرى نما

في جبهتي عشب الندم

وتحسرت غلى شيء بعيد

واذااستسلمت للشوق

تبنيت أساطير العبيد

وأنا أثرت أن أجعل من صوتي حصاةً

و من الصخر نغم !

(16)

جبهتي لا تحمل الظل وظلي لا اراه

وأنا ابصق في الجرح الذي لا

يشعل الليل جباه

خبئي الدمعة للعيد فلن نبكي –

سوى من فرحٍ

ولنسم الموت في الساحة عرساً....

وحياة!

(17)

وترعرعت على الجرح وما قلت لامي

ما الذي يجعلها في الليل خيمه

أنا ما ضيعت ينبوعي وعنواني واسمي

ولذا أبصرت في أسماها مليون نجمة !

(18)

رايتي سوداء, والميناء تابوت, وظهري

قنطره

يا خريف العمر المنهار فينا

يا ربيع العالم المولود فينا

زهرتي حمراء و الميناء مفتوح, وقلبي

شجره

(19)

لغتي صوت خرير الماء في نهر الزوابع

ومرايا الشمس و الحنطة في ساحة حرب

ربما أخطأت في التعبير احيانا

ولكن كنت – لا اخجل - رائع

عندما استبدلت بالقاموس قلبي !

(20)

كان لا بد من الاعداء كي نعرف أنا

توأمان

كان لا بد من الرياح لكي نسكن

جذع السنديان

و لو ان السيد المصلوب لم يكبر على

عرش الصليب

ظل طفلاً ضائع الجرح ... جبان

(21)

لك عندي كلمه

لم أقلها بعد, فالظل على الشرفة يحتل

القمر

وبلادي ملحمه

كنت فيها عازفاً, صرت وتر !

(22)

عالم الآثار مشغول يتحليل الحجاره

إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير

لكي يثبت أني

عابر في الدرب لا عينان لي لا حرف في

سفر الحضارة !

و انا أزرع أشجاري على مهلي و عن

حبي أغني

(23)

غيمة الصيف التي يحملها ظهر الهزيمة

علقت نسل السلاطين على حبل السراب

وأنا ازددت التصاقاً بالتراب

(24)

آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل وآن

لي أن أثبت حبي للثرى و القبره

فالعصا تفترس القيثار في هذا

الزمان

وأنا أصغر في المرآة , مذ لاحت

لعيني شجره!



عاشق من فلسطين



عيونِك شوكةٌ في القلب


توجعني... وأعبدُها


وأحميها من الريحِ


وأُغمدها وراء الليل والأوجاع... أغمدها


فيشعل جُرحُها ضوءَ المصابيحِ


ويجعل حاضري غدُها


أعزَّ عليَّ من روحي


وأنسى، بعد حينٍ، في لقاء العين بالعينِ


بأنّا مرة كنّا، وراءَ الباب، إثنينِ!



كلامُكِ... كان أغنيهْ


وكنت أُحاول الإنشاد


ولكنَّ الشقاء أحاط بالشفة الربيعيَّة


كلامك، كالسنونو، طار من بيتي


فهاجر باب منزلنا، وعتبتنا الخريفيَّه


وراءك، حيث شاء الشوقُ...


وانكسرت مرايانا


فصار الحزن ألفينِ


ولملمنا شظايا الصوت...


لم نتقن سوى مرثيَّة الوطنِ!


سنزرعها معاً في صدر جيتارِ


وفق سطوح نكبتنا، سنعرفها


لأقمارٍ مشوَّهةٍٍ...وأحجارِ


ولكنّي نسيتُ... نسيتُ... يا مجهولةَ الصوتِ:


رحيلك أصدأ الجيتار... أم صمتي؟!



رأيتُك أمسِ في الميناءْ


مسافرة بلا أهل... بلا زادِ


ركضتُ إليكِ كالأيتامُ،


أسأل حكمة الأجداد:


لماذا تُسحبُ البيَّارة الخضراءْ


إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناءْ


وتبقى، رغم رحلتها


ورغم روائح الأملاح والأشواق،


تبقى دائماً خضراء؟


وأكتب في مفكرتي:


أُحبُّ البرتقال. وأكرهُ الميناء


وأَردف في مفكرتي:


على الميناء


وقفتُ. وكانت الدنيا عيونَ شتاءْ


وقشر البرتقال لنا. وخلفي كانت الصحراء!



رأيتُكِ في جبال الشوك


راعيةً بلا أغنام


مطارَدةً، وفي الأطلال...


وكنت حديقتي، وأنا غريب الدّار


أدقُّ الباب يا قلبي


على قلبي...


يقرم الباب والشبّاك والإسمنت والأحجار!



رأيتكِ في خوابي الماء والقمحِ


محطَّمةً. رأيتك في مقاهي الليل خادمةً


رأيتك في شعاع الدمع والجرحِ.


وأنتِ الرئة الأخرى بصدري...


أنتِ أنتِ الصوتُ في شفتي...


وأنتِ الماء، أنتِ النار!



رأيتكِ عند باب الكهف... عند النار


مُعَلَّقَةً على حبل الغسيل ثيابَ أيتامك


رأيتك في المواقد... في الشوارع...


في الزرائب... في دمِ الشمسِ


رأيتك في أغاني اليُتم والبؤسِ!


رأيتك ملء ملح البحر والرملِ


وكنتِ جميلة كالأرض... كالأطفال... كالفلِّ


وأُقسم:


من رموش العين سوف أُخيط منديلا


وأنقش فوقه شعراً لعينيكِ


وإسماً حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا...


يمدُّ عرائش الأيكِ...


سأكتب جملة أغلى من الشُهَدَاء والقُبَلِ:


"فلسطينيةً كانتِ. ولم تزلِ!"


فتحتُ الباب والشباك في ليل الأعاصيرِ


على قمرٍ تصلَّب في ليالينا


وقلتُ لليلتي: دوري!


وراء الليل والسورِ...


فلي وعد مع الكلمات والنورِ.


وأنتِ حديقتي العذراءُ...


ما دامت أغانينا


سيوفاً حين نشرعها


وأنتِ وفيَّة كالقمح...


ما دامت أغانينا


سماداً حين نزرعها


وأنت كنخلة في البال،


ما انكسرتْ لعاصفةٍ وحطّابِ


وما جزَّت ضفائرَها


وحوشُ البيد والغابِ...


ولكني أنا المنفيُّ خلف السور والبابِ


خُذينيَ تحت عينيكِ


خذيني، أينما كنتِ


خذيني، كيفما كنتِ


أردِّ إليَّ لون الوجه والبدنِ


وضوء القلب والعينِ


وملح الخبز واللحنِ


وطعم الأرض والوطنِ!


خُذيني تحت عينيكِ


خذيني لوحة زيتيَّةً في كوخ حسراتِ


خذيني آيةً من سفر مأساتي


خذيني لعبة... حجراً من البيت


ليذكر جيلُنا الآتي


مساربه إلى البيتِ!



فلسطينيةَ العينين والوشمِ


فلسطينية الإسمِ


فلسطينية الأحلام والهمِّ


فلسطينية المنديل والقدمَين والجسمِ


فلسطينية الكلمات والصمتِ


فلسنينية الصوتِ


فلسطينية الميلاد والموتِ


حملتُك في دفاتريَ القديمةِ


نار أشعاري


حملتُك زادَ أسفاري


وباسمك، صحتُ في الوديانْ:


خيولُ الروم!... أعرفها


وإن يتبدَّل الميدان!


خُذُوا حَذَراً...


من البرق الذي صكَّته أُغنيتي على الصوَّانْ


أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسانْ


أنا. ومحطِّم الأوثانْ.


حدود الشام أزرعها


قصائد تطلق العقبان!


وباسمك، صحت بالأعداءْ:


كلي لحمي إذا نمت ياديدانْ


فبيض النمل لا يلد النسور


وبيضةُُ الأفعى...


يخبىء قشرُها ثعبانْ!


خيول الروم... أعرفها


وأعرف قبلها أني


أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسان!

أبو يحى
04-03-2005, 08:47 PM
يحبونني ميتاً

- محمود درويش-

يُحِبُّونَنِي مَيِّتًا
.لِيَقُولُوا: لَقَدْ كَان مِنَّا، وَكَانَ لَنَا
.سَمِعْتُ الخُطَى ذَاتَهَا
.مُنْذُ عِشْرِينَ عَامًا تدقُّ عَلَى حَائِطِ اللَّيْ
.تَأتِي وَلاَ تَفْتَحُ البَابَ. لَكِنَّهَا تَدْخُلُ الآن
.يَخْرُجُ مِنْهَا الثَّلاَثَةُ: شَاعِرٌ، قَاتِلٌ، قَارِئٌ
?أَلاَ تَشْرَبُونَ نَبِيذًا
.سَأَلْتُ. سَنَشْرَبُ
?قَالُوا. مَتَى تُطْلِقُونَ الرَّصَاصَ عَلَيَّ
!سَأَلْتُ. أجابوا: تَمَهَّلْ
وَصَفُّوا الكُؤُوسَ وَرَاحُوا يُغَنُّونَ لِلشَّعْبِ،
?قُلْتُ: مَتَى تَبْدَأُونَ اغْتِيَالِي
!فَقَالُوا: ابْتَدَأنَا... لِمَاذَا بَعَثْتَ إِلَى الرُّوحِ أَحْذِيَةً
.كَيْ تَسِيرَ عَلَى الأَرْضِ
قُلْتُ. فَقَالُوا: لِمَاذَا كَتَبْتَ القَصِيدَةَ بَيْضَاءَ
.والأَرْضُ سَوْدَاءُ جِدًّا
.أَجَبْتُ: لأَنَّ ثَلاَثِينَ بَحْرًا تَصُبُّ بِقَلْبِي
?فَقَالوا: لِمَاذَا تُحِبُّ النَّبِيذَ الفَرَنْسِيّ
.قُلْتُ: لأَنِّي جَدِيرٌ بأَجْمَلِ اِمْرَأَةٍ
?كَيْفَ تَطْلُبُ مَوْتَك
أَزْرَق مِثْل نُجُومٍ تَسِيلُ مِنَ السَّقْفِ
?- هَلْ تَطْلُبُونَ المَزِيدَ مِنَ الخَمْر
.قَالُوا: سَنَشْرَبُ
قُلْتُ: سَأَسْأَلُكُمْ أَنْ تَكُونُوا بَطِيئِين،
أَنْ تَقْتُلُونِي رُوَيْدًا رُوَيْدًا لأَكْتُبَ شِعْرًا أَخِيرًا لِزَوْجَةِ قَلْبِي.
وَلَكِنَّهُم يَضْحكُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ مِنَ البَيْتِ
..غَيْرَ الكَلاَمِ الذِي سَأَقُولُ لِزَوْجَةِ قَلْبِي




آن للشاعر أن يقتل نفسه

- محمود درويش-

آن للشاعر أن يقتل نفسه
لا لشيء، بل لكي يقتل نفسه
قال : لن أسمح للنحلة أن تمتصَّني .
قال : لن أسمح للفكرة أن تقتص مني .
قال : لن أسمح للمرأة أن تتركني حياً على ركبتها .
من ثلاثين سنه
يكتب الشعر وينسى . وقعنا عن جميع الأحصنه
ووجدنا الملح في حبة قمحٍ ، وهو ينساني . خسرنا الأمكنه
وهو ينساني . أنا الآخر فيه .
كلُّ شيء صورةٌ فيه . أنا مرآتهُ
كل موتٍ صورةٌ . كل جسد صورةُ
كل رحيل صورةٌ . كل بلد صورةٌ
قلت ُ : كفى متنا تماماً ، أين إنسانيتي ؟ أين أنا ؟
قال : لا صورة إلا للصور
من ثلاثين شتاء
يكتب الشعر ويبني عالماً ينهار حوله
يجمع الأشلاء كي يرسم عصفوراً وباباً للفضاء
كلما انهار جدارٌ حولنا شاد بيوتاً في اللغه
كلما ضاق بنا البرُّ بنى الجنة ، وامتدَّ بجُمله
من ثلاثين شتاء ، وهو يحيا خارجي
قال إن جئنا إلى أولى المُدن
ووجدناها غياباً
وخراباً
لا تُصدق
لا تطُلِّق
شارعاً سرنا عليه .. وإليه .
تكذب الأرضُ ولا يكذب حُلمٌ يتدلى من يديه .
من ثلاثين خريفاً
يكتب الشعر ولا يحيا ولا يعشق إلا صوره
يدخل السجن فلا يُبصر إلا قمره
يدخل الحبَّ فلا يقطفُ إلا ثمره
قلت : ما المرأة فينا ؟ قال لي : تُفاحةٌ للمغفره
أين إنسانيتي ؟ صحتُ
فسد الباب كي يبصرني خارجه . يصرخ بي :
من فكرةٍ في صورةٍ في سُلم الإيقاع تأتي المرأةُ المنتظره .
آن للشاعر أن يخرج مني للأبد .
ليس قلبي من ورق
آن لي أن أفترق
عن مراياي وعن شعب الورق .
آن للنحلة أن تخرج من وردتها نحو الشفق
آن للوردة أن تخرج من شوكتها كي تحترق
آن للشوكة أن تدخل قلبي كلهُ
كي أرى قلبي ، وكي أسم قلبي ، وأحسه .
آن للشاعر آن يقتل نفسه
لا لشيء

بل لكي يقتل نفسه

بين حلمي وبين اسمه كان موتي بطيء

- محمود درويش-
باسمها أتراجَعُ عن حلمها. ووصلتُ أخيراً إلى
الحُلْم. كان الخريفُ قريباً من العشب. ضاع
اسمُها بيننا... فالتقينا.
لم أسجلِّ تفاصيل هذا اللقاء السريع. أحاول شرحَ
القصيدةِ كي أفهم الآن ذاك اللقاء السريع.
هي الشيءُ أو ضدُّهُ، وانفجارات روحي
هي الماءُ والنار، كنا على البحر نمشي.
هي الفرقُ بيني... وبيني].
وأنا حاملُ الإسم أو شاعر الحُلْم. كان اللقاء سريعاً.
أنا الفرقُ بين الأصابع والكفّ. كان الربيع
قصيراً. أنا الفرقُ بين الغصون وبين الشجْر.
كنتُ أحْملها، واسمُها يتضاءلُ. كانت تُسمّى
خلايا دمي. كنتُ أحلْمها
والتقينا أخيراً.
أحاول شرح القصيدة كي أفهم الآن ماذا حدث...

- يحمل الحُلْم سيفاً ويقتل شاعرةُ حين يبلغهُ –
هكذا أخبرتني المدينةُ حين غفوتُ على ركبتيها
لم أكن حاضراً
لم أكن غائباُ
كنتُ بين الحضور وبين الغيابْ
حَجَراً... أو سحابهْ

- تشبهين الكآبةَ
قلت لها باختصار شديد
تشبهين الكآبة
ولكنَّ صدرك صار مظاهرة العائدين من الموتِ...
ما كنتُ جنديَّ هذا المكان
وثوريَّ هذا الزمان
لأحمل لا فتةً، أو عصا، في الشوارعِ.
كان لقائي قصيراً
وكان وداعي سريعاً.
وكانت تصيرُ إلى امرأةٍ عاطفيةْ
فالتحمتُ بها
وصارت تفاصيلها وَرَقاً في الخريفِ
فلملمها عسكريُّ المرور
ورتَّبها في ملف الحكومةْ
وفي المتحف الوطني
- تشبهين المدينةَ حين أكون غريباً
قلت لها باختصار شديد
تشبهين المدينةْ.
هل رآك الجنود على حافَّةِ الأرض
هل هربوا منكِ
أم رجموكِ بقنبلة يدويةْ؟

قالتِ المرأة العاطفيَّة :
كلُّ شيء يلامس جسمي
يَتَحَوَّلُ
أو يتشكَّلُ
حتى الحجارة تغدو عصافير.
قلت لها باكياً:
ولماذا أنا
أتشرَّدُ
أو أتبدَّد
بين الرياح وبين الشعوب؟
فأجابت:
في الخريف تعود العصافير من حالة البحرِ
- هذا هو الوقتُ
- لا وقت

وابتدأتْ أغنيةْ:
في الخريف تعود العصافير من حالة البحر
هذا هو الوقتُ، لا وقت للوقتِ
هذا هو الوقتُ
- ماذا تكون البقيَّةْ؟
- شبه دائرة أنت تُكلمها
- أذهبُ الآن؟
- لا تذهب الآن. إنَّ الرياح على خطأ دائماَ.
والمدينة أقربْ.
- المدينةُ أقرب !!ُ‍‍ أنتِ المدينةُ
- لستُ مدينةْ
أنا امرأةٌ عاطفيةْ
هكذا قلتَ قبل قليلْ
واكتشفتَ الدليل
وأنت البقيةْ
- آه، كنتُ الضحيَّةْ
فكيف أكون الدليل؟
- وكنتُ أعانقها. كنت أسألها نازفاً:
أ أنتِ بعيدةْ؟
- على بُعْدِ حُلْم من الآن
والحُلْمُ يحمل سيفاً. ويقتل شاعره حين يبلغهُ
- كيف أكمل أغنيتي
والتفاصيل ضاعت. وضاع الدليل؟
- انتهتْ صورتي
فابتدئ من ضياعك.

أموتُ - أحبُّكِ
إن ثلاثة أشياء لا تنتهي:
أنتِ، والحبُّ، والموتُ
قبَّلتُ خنجركِ الحلوَ
ثم احتميتُ بكفَّيكِ

أنْ تقتليني
وأن توقفيني عن الموتِ
هذا هو الحب.
إني أحبُّك حين أموت

وحين أحبُّكِِ
أشعر أني أموتُ
فكوني امرأةْ
وكوني مدينة‍
ولكن، لماذا سقطتِ، لماذا احترقتِ
بلا سَبَبٍ؟
ولماذا ترهّلت في خيمة بدويَّةْ؟
- لأنكَ كنتَ تمارس موتاً بدون شهيَّةْ
وأضافت، كأنَّ القَدَرْ
يتكسَّرُ في صوتها:
هل رأيت المدينة َتذهبُ
أم كنتَ أنت الذي يتدحرج من شرفة اللّهِ
قافلةً من سبايا؟
هل رأيتَ المدينةَ تهربُ
أم كنتَ أنت الذي يحتمي بالزوايا‍

المدينةُ لا تسقطُ، الناس تسقط !‍
ورويداً... رويداً تفتَّت وجهُ المدينةْ
لم نحوِّل حصاها إلى لُغَةٍ
لم نُسَيِّجْ شوارعها
لم ندافع عن البابِ
لم ينضج الموتُ فينا.
كانت الذكرياتُ مقراً لحكام ثورتها السابقة
ومرَّ ثلاثون عاماً
وألف خريف
وخمس حروب
وجئتُ المدينة منهزماً من جديد
كان سورُ المدينة يُشبهني
وقلتُ لها:
سأحاول حُبّكِ...
لا أذكر الآن شكل المدينةِ
لا أذكرُ اسمي
ينادونني حَسَبَ الطقس والأمْزجةْ
لقد سقط اسمي بين تفاصيل تلك المدينةِ
لملمه عسكريُّ المرور
ورتّبه في ملف الحكومةْ
- تشبهين الهويَّة حين أكون غريباً
تشبهين الهويَّة.
- ليس قلبي قرنفلةً
ليس جسمي حقلاً
- ما تكونين؟
هل أنت أحلى النساء وأحلى المدنْ
- للذي يتناسل فوق السفنْ

وأضافت:
بين شوك الجبال وبين أماسي الهزائم
كان مخاضي عسيراً
- وهل عذَّبوكِ لأجلي؟
- عذَّبوك لأجلي
- هل عرفتِ الندمْ؟
- النساء – المدن
قادراتٌ على الحبِّ، هل أنتَ قادر؟
- أحاول حبَّك
لكنّ كل السلاسل

تلتفُّ حول ذراعيَّ حين أحاول...
هل تخونينني؟
- حين تأتي إليّ
- هل تموتين قبلي؟
سألتكِ : مُوتي!
- أيجديكَ مَوْتي!
- أصيرُ طليقاً
لأن نوافذ حُبّي عبوديَّةٌ
والمقابر ليست تثير اهتمام أحَدْ
وحين تموتين
أكمل موتي.
بين حُلْمي وبين اسمِهِ
كان موتي بطيئاً بطيئاً.

أموت – أحبُّكِ
إن ثلاثة أشياء لا تنتهي
أنتِ، والحبُّ، والموتُ
أن تقتليني
وأن توقفيني عن الموتِ.
هذا هو الحبّ
... وانتهتْ رحلتي فابتدأتْ
وهذا هو الوقتُ: ألا يكون لشكلكِ وقتُ.
لم تكوني مدينةْ
الشوارعُ كانت قُبَلْ
وكان الحوار نزيفاً
وكان الجبلْ
عسكرياً. وكان الصنوبر خنجرْ.
ولا امرأةً كنتِ
كانت ذراعاكِ نهرين من جُثَثٍ وسنابلْ
وكان جبينُكِ بيد رْ
وعيناكِ نار القبائلْ
وكنتُ أنا من مواليد عام الخروج
ونسل السلاسلْ.

يحملُ الحلمُ سيفاً، ويقتل شاعرَهُ حين يبلغهُ -
هكذا أخبرتني المدينة حين غفوتُ على ركبتيها
لم أكن غائباً
لم أكن حاضراً
كنتُ مختفياً بالقصيدةْ،
إذا انفجرت من دمائي قصيدةْ
تصير المدينةُ ورداً،
كنتُ أمتشق الحُلْمَ من ضلعها
وأحارب نفسي
كنتُ أعلى يأسي
على صدرها، فتصير امرأةْ
كنتُ أعلن حبي
على صدرها، فتصير مدينةْ
كنتُ أعلن أنَّ رحيلي قريب
وأنَّ الرياح وأنَّ الشعوب
تتعاطى جراحي حبوباً لمنع الحروب.
بين حلمي وبين اسمه
كان موتي بطيئاً
باسمها أتراجع عن حُلمها. ووصلتُ
وكان الخريف قريباً من العشب.
ضاع اسمها بيننا... فالتقينا.
لم أسجّل تفاصيل هذا اللقاء السريع
أحاول شرح القصيدةْ
لأغلق دائرة الجرح والزنبقةْ
وأفتح جسر العلاقة بين الولادة والمشنقةْ
أحاول شرح القصيدةْ
لأفهم ذاك اللقاء السريع
أحاول
أحاول... أحاول!

عندما يذهب الشهداء إلى النوم
"تصبحون على وطن"

- محمود درويش-

عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو
وأحرسهم من هواة الرِّثاء
:أقول لهم
تُصبحون على وطن،
من سحابٍ ومن شجرٍ،
من سراب وماء
أهنئُهُم بالسلامةِ من حادثِ المُستحيل
ومن قيمة المذبح الفائضة
.وأسرقُ وقتَا لكي يسرقوني من الوقتِ
هل كُلُنا شهداء؟
:وأهمس
ً، يا أصدقائي اتركوا حائطاَ واحدا
لحبال الغسيل،
اتركوا ليلةًَ للغناء
اُعلِّق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلاً،
وناموا على سلم الكرمة الحامضة
لأحرس أحلامكم من خناجر حُراسكم
وانقلاب الكتاب على الأنبياء
وكونوا نشيد الذي لا نشيد له
عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء
:أقول لكم
تصبحون على وطنٍ
حمّلوه على فرس راكضه
:وأهمس
...يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا
!حبل مشنقةٍ غامضه

shahnaz
06-03-2005, 09:41 PM
http://members.lycos.co.uk/edborders/newBorders/b120.gif


مجهود واضح .. بارك الله فيك أخي الفاضل .. aboasim ...


http://members.lycos.co.uk/edborders/newBorders/b120.gif


... ::: سميتها قصائدي : أرى ما أريد/ محمود درويش ::: ...


:

أرى ما أريد


1
أرى ما أريد من الليل... إني أرى
نهايات هذا الممر الطويل على باب إحدى المدن
سأرمي مفكرتي في مقاهي الرصيف، سأجلس هذا الغياب
على مقعد فوق إحدى السفن.


2
أرى ما أريد من السلم... إني أرى
غزالا وعشبا، وجدول ماء... فأغمض عيني:
هذا الغزال ينام على ساعدي
وصياده نائم، قرب أولاده في مكان قصي


3
أرى ما أريد من البرق.. إني أرى
حقولا تفتت أغلالها بالنباتات، مرحى!
لأغنية اللوز بيضاء تهبط فوق دخان القرى
حماما... حماما نقاسمه قوت أطفالنا

4
أرى ما أريد من الحب ... إني أرى
خيولا ترقص سهلا، وخمسين غيتاره تتنهد
وسربا من النحل يمتص توت البراري، فأغمض عيني
حتى أرى ظلنا خلف هذا المكان المشرد.

5
أرى ما أريد من الموت: إني أحب، وينشق صدري
ويقفز منه الحصان الإروسي أبيض يركض فوق السحاب
يطير على غيمة لا نهائية ويدور مع الأزرق الأبدي...
فلا توقفوني من الموت، لا ترجعوني إلى نجمة من تراب

6
أرى ما أريد من الدم: إني رأيت القتيل
يخاطب قاتلة مذ أضاءت رصاصته قلبه: أنت لا تستطيع
من الآن أن تتذكر غيري. قتلتك سهوا، ولن تستطيع
من الآن أن تتذكر غيري... وأن تحمل ورد الربيع

7
أرى ما أريد من المسرح العبثي: الوحوش
قضاة المحاكم، قبعة الإمبراطور، أقنعة العصر،
لون السماء القديمة، راقصة القصر ، فوضى الجيوش
فأنسى الجميع، ولا أتذكر إلا الضحية خلف الستار....

8
أرى ما أريد من الشعر: كنا قديما إذا استشهد الشعراء
نشيعهم بالرياحين ثم نعود إلى شعرهم سالمين...
ولكننا في زمان المجلات والسينما والطنين نهيل التراب على شعرهم
ضاحكين....
وحين نعود نراهم على بابنا واقفين...

9
أرى ما أريد من الفجر في الفجر... إني أرى
شعوبا تفتش عن خبزها بين خبز الشعوب
هو الخبز، ينسلنا من حرير النعاس، ومن قطن أحلامنا
أمن حبة القمح يبزغ فجر الحياة... وفجر الحروب؟

10
أرى ما أريد من الناس: رغبتهم في الحنين
إلى أي شيء. تباطؤهم في الذهاب إلى شغلهم
وسرعتهم في الرجوع إلى أهلهم....
وحاجتهم للتحية عند الصباح....

http://members.lycos.co.uk/edborders/newBorders/b120.gif

أبو يحى
07-03-2005, 12:45 PM
من القلب شكرا يا شهناز
ذائقتك سقفها النجوم هكذا من يقراء لدرويش
القصيدة سوناتة من 15 مقطع أضعها كاملة
وعذراً إذا كنت لااهتم بالتنسيق




1.

أرى ما أريد من الحقل ..إني أرى

جدائل قمح تمشّطها الريح,فأغمض عيني:

هذا السراب يؤدي إلى النهوند

وهذا السكون يؤدّي إلى اللاوزرد

2.

أرى ما أريد من البحر ...إني أرى

هبوب النوارس عند الغروب.فأغمض عينيّ:

هذا الضياع يؤدّي إلى أندلس

وهذا الشراع صلاه الحمام عليّ..

3.

أرى ما أريد من الليل إنّي أرى

نهايات هذا العمر الطويل على باب إحدي المدن

سأرمي مفكرتي في مقاهي الرصيف

سأجلس هذا الغياب على مقعد فوق إحدى السفن

4.

أرى ما أريد من الروح ..وجه الحجر وقد حكه البرق

خضراء يا أرض ...خضراء يا أرض روحي

أما كنت طفلا على حافه البئر يلعب

ما زلت ألعب..هذا المدى ساحتي,والحجاره ريحي

5.

أرى ما أريد من السلم إنّي أرى

غزالا وعشبا ,وجدول ماء..فأغمض عينيّ

هذا الغزال ينام على ساعديّ

وصياده نائم, قرب أولاده ,في مكان قصيّ

6.

أرى ما أريد من الحرب إنّي أرى

سواعد أجدادنا تعصر النبع في حجر أخضرا

وآباءنا يرثون المياه ولا يورثون,فأغمض عينيّ:

إن ّالبلاد التي بين كفيّ من صنع كفيّ

7.

أرى ماأريد من البرق إنّي أرى

حقولا تفتّت أغلالها بالنباتات,مرحى!

مرحى لأغنيه اللوز بيضاء تهبط فوق دخاننا القرى

حماما...حماما نقاسمه قوت أطفالنا

9.

أرى ما أريد من الحب..إنّي أرى

خيولا ترقّّص سهلا, وخمسين غيتاره تتنهد

وسربا من النحل يمتصّ توت البراري , فأغمض عينيّ

حتى أرى ظلنا خلف هذا المكان المشرّد

10.

أرى ما أريد من الموت ..إنّي أحب ,وينشّقّ صدري

ويقفز منه الحصان الإروسيّ أبيض يركض فوق السحاب

يطير على غيمه لا نهائيه ويدور مع الأزرق الأبدي

فلا توقفوني من الموت , لا ترجعوني إلى نجمه من تراب

11.

أرى ما أريد من الشعر :كنّا قديما إذا استشهد الشعراء

نشيّعهم بالرياحين..ثم نعود إلى شعرهم سالمين...

ولكننا في زمن المجلاّت والسينما والطنين ...

نهيل التراب على شعرهم ضاحكين..

وحين نعود نراهم على بابنا واقفين!!

14.

أرى ما أريد من الفجر في الفجر إنّي أرى

شعوبا تفتّش عن خبزها بين خبز الشعوب

هو الخبز , ينسلنا من حرير النعاس , ومن قطن أحلامنا

أمن حبّه القمح يبزغ فجر الحياه ..وفجر الحروب؟؟

15.

أرى ما أريد من الناس :رغبتهم في الحنين

إلى أيّ شيء...تباطؤهم في الذهاب إلى شغلهم

وسرعتهم في الرجوع إلى أهلهم...

وحاجتهم للتحيّه عند الصباح...

أبو يحى
07-03-2005, 12:48 PM
محمود درويش



(1941)
"البِروة - عكّـا"


أعماله الشعرية :


عصافير بلا أجنحة (عكا، 1960م).


أوراق الزيتون (مطبعة الاتحاد التعاونية، حيفا، 1964م).


عاشق من فلسطين (مطبعة الحكيم، الناصرة،1966م).


آخر الليل (مطبعة الجليل، عكا، 1967م).


يوميات جرح فلسطيني (دار العودة، بيروت، 1969م).


حبيبتي تنهض من نومها ( دار العودة، بيروت، 1969م).


كتابة على ضوء البندقية (دار العودة، بيروت، 1970م).


العصافير تموت في الجليل (دار الآداب، بيروت، 1970م).


ديوان محمود درويش / مجلدان ( دار العودة، بيروت، 1971م).


مطر ناعم في خريف بعيد (الناصرة،1971م).


أحبك او لا أحبك (دار الآداب، بيروت، 1972م).


جندي يحلم بالزنابق البيضاء (دار العودة، بيروت، 1973م).


الأعمال الشعرية الكاملة (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1973م).


محاولة رقم 7 (دار الاداب، بيروت، 1974م).


تلك صورتُها وهذا انتحار العاشق (مركز الأبحاث م.ت.ف. بيروت، 1975م).


أعراس ( دار العودة، بيروت،1977م).


النشيد الجسدي / بالاشتراك (دار العودة، بيروت، 1981م).


أحمد الزعتر (بيروت، 1982م).


مديح الظل العالي ( دار العودة، بيروت، 1982م).


هي أغنية...هي أغنية (دار العودة، بيروت، 1985م).


ورد أقل (دار العودة، بيروت، 1985م).


حصار لمدائح البحر (دار العودة، بيروت، 1986م).


أرى ما أريد (دار العودة، بيروت، 1990م).


أحد عشر كوكباً (دار توبيقال، المغرب، 1993م).


مأساة النرجس .. ملهاة الفضة (دار العودة، بيروت، 1994م).


لماذا تركت الحصان وحيداً (دار رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 1995م).


سرير الغريبة ( دار رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 1999م).


جدارية ( دار رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 2000م).



أعماله النثرية:


شيء عن الوطن (دار العودة، بيروت، 1971م).


وداعاً أيتها الحرب.. وداعاً أيها السلام (1974م).


يوميات الحزن العادي (مركز الأبحاث م. ت. ف. بيروت، 1973م).


ذاكرة للنسيان (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1987م).


في وصف حالتنا (دار الكلمة، بيروت، 1987م).


الرسائل / بالاشتراك مع سميح القاسم ( عربسك، حيفا، 1990م).


عابرون في كلام عابر (دار توبيقال للنشر، المغرب، 1991م).

أبو يحى
07-03-2005, 12:52 PM
من ديوان أوراق الزيتون

مرثيـــة

لملمتُ جرحكَ يا أبي
برموش أشعاري
فبكت عيون الناسِ
من حزني ومن ناري
وغمست خبزيَ في الترابِ...
وما التمستُ شهامة الجارِ
وزرعت أزهاري
في تربة صمّاءَ عاريةٍ
بلا غيمٍ... وأمطارِ
فترقرقتْ لمّا نذرتُ لها
جرحاً بكى برموش أشعاري
عفواً أبي
قلبي موائدهم
وتمزّقي... وتيتمي العاري
ما حيلة الشعراء يا أبتي
غير الذي أورثتَ أقداري
إن يشربِ البؤساء من قدحي
لن يسْألوا
من أي كرمٍ خمريَ الجاري



عن إنسان

وضعوا على فمه السلاسلْ
ربطوا يديه بصخرةِ الموتى
وقالوا أنت قاتلْ
أخذوا طعامه والملابسَ والبيارقْ
طردوه من كل المرافئْ
أخذوا حبيبته الصغيرةَ
ثم قالوا أنت لاجئْ
يا دامي العينينِ والكفينِ
إن الليل زائلْ
لا غرفة التوقيف باقيةٌ
ولا زرد السلاسلْ
نيرون مات ولم تمتْ روما
بعينيها تقاتل
وحبوب سنبلة تموتُ
ستملأ الوادي سنابلْ


أجمـــل حـــب

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرهْ
وُجِدْنا غريبينِ يوما
وكانت سماء الربيعِ
تؤلِّف نجماً ونجما
وكنت أؤلّف فقرة حبٍّ
لعينيكِ... غنيتُها
أتعلم عيناكِ
أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائرْ
ونمت كنومِ المهاجرْ
فعين تنام, لتصحوَ عينٌ, طويلا
وتبكي على أختها
حبيبان نحن, الى أن ينام القمرْ
ونعلم أن العناق وأن القُبَلْ
طعام ليالي الغزلْ
وأن الصباح ينادي خطايَ لكي تستمرّ
على الدرب يوماً جديدا
صديقان نحن فسيري بقربي كفّاً بكفْ
معاً نصنع الخبز والأغنياتْ
لماذا نسائل هذا الطريق.. لأي مصيرٍ يسير بنا
ومن أين لملم أقدامنا
فحسبي وحسبك أنّا نسير معاً للأبدْ
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء
بديوان شعرٍ قديمْ
ونسأل يا حبنا هل تدومْ
أحبك حبَّ القوافل واحة عشْبٍ وماءْ
وحب الفقير الرغيف
كما ينبت العشب بين مفاصل صخره
وجدنا غريبين يوما
ونبقى رفيقين دوما

أبو يحى
07-03-2005, 12:55 PM
من ديوان عاشق من فلسطين



الى أمــي

أحنّ الى خبز أمي
وقهوة أمي وتكبر فيّ الطفولة
يوماً على صدر يومِ
وأعشق عمري لأني
إذا متُّ
أخجل من دمع أمي
خذيني إذا عُدْتُ يوماً
وشاحاً لهدبكْ
وغطي عظامي بعشبٍ
تعمَّدَ من طهر كعبكْ
وشدّي وثاقي بخصلة شعرٍ... بخيطٍ
يلوّح في ذيل ثوبكْ
عساني أصير إلهاً
الهاً أصيرُ
إذا ما لمستُ قرارة قلبكْ
ضعيني إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ
وحبل غسيلٍ على سطح داركْ
لأني فقدتُ الوقوفَ
بدون صلاة نهاركْ
هرِمتُ, فردّي نجوم الطفولةِ
حتى أشاركْ
صغار العصافيرِ
درب الرجوعِ
لعش انتظاركْ



عاشقٌ من فلسطين

عيونكِ شوكةُ في القلبِ
توجعني وأعبدها
وأغمدها وراء الليِ والأوجاعِ... أغمدها
فيشعل جرحها ضوءَ المصابيحِ
ويجعل حاضري غدُها
أعزّ عليّ من روحي
وأنسى بعد حينٍ في لقاء العين بالعينِ
بأنا مرةً كنا, وراء البابِ إثنينِ كلامكِ كان أغنيّهْ
وكنت أحاول الإنشادَ
لكنّ الشقاء أحاط بالشفة الربيعيهْ
كلامكِ, كالسنونو طار من بيتي
فهاجر بابَ منزلنا وعتْبتنا الخريفيهْ
وراءكِ حيث شاء الشوقُ
وانكسرتْ مرايانا
فصار الحزنُ ألفينِ
ولملمنا شظايا الصوتِ
لم نتقِنْ سوى مرثية الوطنِ
سنزرعها معاً في صدر جيتارِ
وفوقَ سطوح نكبتنا, سنعزفها
لأفمارٍ مشوّهةٍ.. وأحجارِ
ولكني نسيتُ.. نسيتُيا مجهولة الصوتِ
رحيلكِ أصْدأ الجيتار أم صمتي
رأيتكِ أمسُ في الميناءْ
مسافرةً بلا أهلٍ... بلا زادِ
ركضتُ إليكِ كالأيتامِ
أسألُ حكمةَ الأجدادْ: لماذا تُسحبُ البيّارةُ الخضراءْ
الى سجنٍ
الى منفىً
الى ميناءْ
وتبقى رغمَ رِحلتها
ورغم روائح الأملاحِ والأشواقِ
تبقى دائماً خضراءْ
وأكتب في مفكّرتي: على الميناءْ
وقفتُ وكانت الدنيا غيون شتاءْ
وقشْر البرتقال لنا... وخلفي كانت الصحراءْ
رأيتكِ في جبال الشوكِ راعيةً بلا أغنامْ
مطاردَةً, وفي الأطلالْ
وكنتِ حديقتي وأنا غريبُ الدارْ
أدق البابَ يا قبي
على قبي
يقوم الباب والإسمنت والأحجارْ
رأيتك في خوابي الماء والقمحِ
محطّمةً. رأيتكِ في مقاهي اليلِ خادمةً
رأيتكِ في شعاع الدمع والجرحِ
وأنت الرئة الأخرى بصدري
أنتِ أنتِ الصوتُ في شفتي
وأنتِ الماء أنت ألنارْ
رأيتك عند باب الكهفِ
عندَ النارْ
معلّقةً على حبل الغسيلِ ثيابَ أيتامكْ
رأيتكِ في المواقدِ... في الشوارعِ... في الزرائبِ... في دمِ الشمسِ
رأيتكِ في أغاني اليتمِ والبؤسِ
رأيتكِ ملءَ ملحِ البحرِ والرملِ
وكنتِ جميلةً كالأرضِ... كالأطفالِ ... كالفلِّ
وأقسمُ: من رموشِ العينِ سوف أخيط منديلا
وأنقش فوقه شِعْراً لعينيكِ
وإسماً حين أسقيهِ فؤاداً ذابَ ترتيلا
يمدُّ عرائش الأيْكِ
سأكتب جملةً أغلى من الشهداء والقُبَلِ
فلسطينيةً كانت ولم تزلِ
فتحْتُ البابَ والشبّاكَ في ليلِ الأعاصيرِ
على قمرٍ تصلّبَ في ليالينا
وقلتُ لليلتي:دوري
وراء الليلِ والسورِ
فلي وعدٌ مع الكلماتِ والنورِ
وأنتِ حديقتي العذراءُ... ما دامت أغانينا
سيوفاً حين نشرِعُها
وأنت وفيةٌ كالقمحِ
ما دامت أغانينا
سماداً حين نزرعها
وأنت كنخلةٍ في البالِ
ما انكسرتْ لعاصفةٍ وحطابِ
وما جزَّتْ ضفائرها
وحوش البيد والغابِ
ولكني أنا المنفي خلفَ السور والبابِ
خذيني تحت عينيكِ
خذيني أينما كنتِ
خذيني كيفما كنتِ
أردّ اليّ لونَ الوجه والبدنِ
وضوءَ القلبِ والعينِ
وملحً الخبزِ واللحنِ
وطعم الأرض والوطنِ
خذيني تحت عينيكِ
خذيني لوحةً زيتيّةً في كوخ حسراتِ
خذيني آيةً من سِفْرِ مأْساتي
خذيني لعبةً ... حجراً من البيتِ
ليذكر جيلنا الآتي
مساربه الى البيتِ
فلسطينية العينينِ والوشمِ
فلسطينيةًَ الإسمِ
فلسطينيةً الأحلامِ والهمِّ
فلسطينية المنديلِ والقدمينِ والجسمِ
فلسطينية الكلماتِ والصمتِ
فلسطينية الصوتِ
فلسطينية الميلادِ والموتِ
حملتكِ في دفاتريَ القديمةَ نار أشعاري
حملتكِ زاد أسفاري
وبِاسمكِ صِحْتُ في الوديانْ
خيول الرومِ أعرفها
وإن يتبدّل اميدانْ
خذوا حذَراً
من البرق الذي صكَّتْهُ أغنيتي على الصوانْ
أنا زين الشبابِ وفارس الفرسانْ
أنا. ومحطم الأوثانْ
حدود الشامِ أزرعها
قصائدَ تُطلِقُ العقبانْ
وباسمك صحتُ في الأعداءْ
كُلي لحْمي إذا ما نمتُ يا ديدانْ
فبيضُ النملِ لا يلدُ النسورَ
وبيضةُ الأفعى يخبىء قشرها ثعبانْ
خيول الروم أعرفها
وأعرف قبلها أني
أنا زين الشبابِ وفارسُ الفرسانْ


تحــد

شُدّوا وثاقي
وامنعوا عني الدفاترَ
والسجائرْ
وضعوا التراب على فمي
فالشعر دمّ القلبِ
ملحُ الخبزِ
ماء العينِ يُكتبُ بالأظافرِ
والمحاجرِ
والخناجرْ
سأقولها
في غرفة التوقيفِ
في الحمامِ
في الإسطبلِ
تحتَ السوطِ
تحت القيدِ
في عنف السلاسلْ
مليون عصفورٍ على أغصانِ قلبي
يخلقُ اللحنَ المقاتلْ





قصائد عن حبٍّ قديم

1
على الأنقاضِ وردتنا
ووجهانا على الرملِ
إذا مرّتْ رياح الصيفِ
أشرعنا المناديلا
على مهلٍ... على مهلِ
وغِبْنا طيّ أغنيتينِ, كالأسرى
نراوغُ قطرة الطلِّ
تعالي مرةً في البالِ
يا أختاهُ
إنَّ أواخر الليلِ
تُعرِّني من الألوانِ والظلِّ
وتحميني من الذلِّ
وفي عينيك, يا قمري القديمِ
يشدّني أصلي
إلى إغفاءةٍ زرقاءَ
تحت الشمس.. والنخلِ
بعيداَ عن دجى المنفى
قريباً من حمى أهلي


2
تشهّيتُ الطفولة فيكِ
مذْ طارت عصافير الربيعِ
تجرّد الشجرُ
وصوتكِ كان.. يا ما كان
يأتيني
من الآبار أحياناً
وأحياناً ينقِّطهليَ المطرُ
نقياً هكذا كالنارِ.. كالأشجار.. كالأشعرِ ينهمرُ
تعالي
كان في عينيكِ شيءٌ أشتهيهِ
وكنتُ أنتظرُ
وشدّيني الى زنديكِ
شدّيني أسيراً منكِ يغتفرُ
تشهيتُ الطفولة فيكِ
مذْ طارت عصافير الربيعِ
تجرّدَ الشجرُ


3
ونعبر في الطريقِ
مكبّلينِ
كأننا أسرى
يدي.. لم أدرِ أم يدكِ
احتستْ وجعاً
من الأخرى
ولم تطلق كعادتها
بصدري أو بصدرك سرْوة الذكرى
كأنا عابرا دربٍ ككل الناسِ
إن نظروا.. فل شوقاً
ولا ندماً
ولا شزرا
ونغطس في الزحام لنشتري أشياءنا الصغرى
ولم نترك لليلتنا رماداً... يذكر الجمرا
وشيءٌ في شراييني
يناديني
لأشربَ من يديكِ
ترمّد الذكرى


4
ترجّل مرةً كوكبْ
وسار على أناملنا ولم يتعبْ
وحين رشفتُ عن شفتيكِ ماء التوتِ
أقبلَ عندها يشربْ
وحين كتبتُ عن عينيكِ
نقّطَ كل ما أكتبْ
وشاركنا وسادتنا
وقهوتنا
وحين ذهبتِ
لم يذهبْ
لعلّي صرْتُ منسيّاً لديكِ
كغيمةٍ في الريحِ نازلةً الى المغربْ
ولكنّي إذا حولت أن أنساكِ
حطَّ على يدي كوكبْ


5
لكِ المجدُ
تجنّحَ في خيالي من صداكِ... السجنُ والقيدُ
أراكُ إذا استندتُ الى وسادةٍ, مهرة
تعدو... أجسّكِ في ليالي البردِ
شمساً
في دمي تشدو
أسمّيكِ الطفولة
يشرئبُّ أماميَ النهدُ
أسمّيك الربيعُ
فتشمخُ الأعشابُ والورودُ
أسميك السماءَ
فتشمت الأمطار والرعدُ
لك المجدُ
فليس لفرحتي بتحيُّري حدُّ
وليس لموعدي... وعدُ
لك المجدُ


6
وأدركَنا المساءُ... وكانت الشمسُ
تُسرِّحُ شعرها في البحرْ
وآخر قبلة ترسو
على عينيَّ مثل الجمرْ
خذي مني الرياح وقبليني
لآخر مرةٍ في العمرْ
وأدركها الصباحُ
وكانت الشمسُ
تمشّطُ شعرها في الشرقْ
لها الحنّاء والعرسُ
وتذكرةً لقصر الرِقْ
خذي مني الأغاني واذكريني.. كلمحِ البرقْ
وأدركني المساء وكانت الأجراسْ
تدق لموكب المسبية الحسناءْ
وقلبي باردٌ كالماسْ
وأحلامي صناديقٌ على الميناءْ
خذي مني الربيعَ وودّعيني





صوتٌ وسوط

لو كان لي برجٌ
حبست البرق في جيبي
وأطفأْتُ السحابْ
لو كان لي في البحر أشرعةٌ
أخذت الموج والإعصارَ في كفّي
ونوّمتُ العبابْ
لو كان عندي سلّمٌ
لغرسْتُ فوق الشمس راياتي التي
اهترأت على الأرض الخرابْ
لو كان لي فرسٌ
تركْتُ عنانها
ولجمتُ حوذيّ الريحِ على الهضابْ
لو كان لي حقلٌ ومحراثٌ
زرعت القلبَ والأشعار في بطن الترابْ
لو كان لي عودٌ ملأْتُ أسئلةً ملحّنةً
وسلّيْتُ الصحابْ
لو كان لي قدمٌ
مشيتُ... مشيتُ حتى الموت من غابٍ لغابْ
لو كان لي... حتى صليبي ليس لي
إني لهُ حتى العذاب
- ماذا تبقّى أيها المحكوم؟ إن الليل خيّمَ مرةً أخرى وتهْتفُ لا أهابْ
- يا سيداتي.. سادتي... يا شامخينَ على الحرابْ
الساقُ تقْطعُ والرقابْ
والقلبُ يُطْفاُ- لو أردتم- والسحابْ
يمشي على أقدامكم
والعين تُسْمَلُ والهضابْ
تنهارُ لو صحتم بها
ودمي المملّح بالترابْ
إن خفّ كرمكمُ يصير الى شرابْ
والنيل يسكب في الفرات – إذا أردتم – والغرابْ
لو شئتمُ في الليلِ شابْ
لكنّ صوتي صاح يوماً: لا أهابْ
فلتجلدوه إذا استطعتم
واركضوا خلف الصدى
ما دام يهتفُ : لا أهابْ

أبو يحى
07-03-2005, 01:02 PM
من ديوان " آخر الليل " (1967)




الورد والقاموس

وليكن.
لا بد لي...
لا بد للشاعر من نخب جديدْ
وأناشيد جديده
إنني أحمل مفتاح الأساطير وآثار العبيد
وأنا أجتاز سرداباً من النسيان
والفلفل، والصيف القديم
وأرى التاريخ في هيئة شيخ،
يلعب النرد ويمتصُّ النجوم
وليكن
لا بدَّ لي أن أرفض الموت،
وإن كانت أساطيري تموت
إنني أبحث في الأنقاض عن ضوء، وعن شعر جديد
آه... هل أدركت قبل اليوم
أن الحرف في القاموس، يا حبي، بليد
كيف تحيا كل ُّهذي الكلمات
كيف تنمو؟... كيف تكبر؟
نحن ما زلنا نغذيها دموع الذكريات
واستعارات... وسُكَّر!
وليكن...
لا بد لي أن أرفض الورد الذي
يأتي من القاموس، أو ديوان شعر
ينبت الورد على ساعد فلاّح، وفي قبضة عامل
ينبت الورد على جرح مقاتل
وعلى جبهة صخر...












وعود من العاصفة

وليكن ...
لا بدّ لي أن أرفض الموت
وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفةْ
وأُعري شجر الزيتون من كل الغصون الزائفة
فإذا كنت أغني للفرح
خلف أجفان العيون الخائفة
فلأن العاصفة
وعدتني بنبيذ
وبأنخاب جديدة
وبأقواس قزح
ولأن العاصفة
كنّست صوت العصافير البليدة
والغصون المستعارة
عن جذوع الشجرات الواقفة
وليكن ...
لا بد لي أن أتباهى بك يا جرح المدينة
أنت يا لوحة برق في ليالينا الحزينة
يعبس الشارع في وجهي
فتحميني من الظل ونظرات الضغينة
سأغني للفرح
خلف أجفان العيون الخائفة
منذ هبّت في بلادي العاصفة
وعدتني بنبيذ وبأقواس قزح






لا تنامي... حبيبتي


عندما يسقط القمر
كالمرايا المحطمة
يكبر الظلُّ بيننا
والأساطير تحتضر
لا تنامي... حبيبتي
جرحنا صار أوسمة
صار ورداَ على قمر...!
خلف شباكنا نهار
وذراع من الرضا
عندما لفني وطار
خلتُ أني فراشةٌ
في قناديل جلَّنارْ
وشفاهٌ من الندى
حاورَتْني بلا حوارْ!
لا تنامي... حبيبتي
خلف شباكنا نهارْ!
سقط الوردُ من يدي
لا عبير، ولا خّدَرْ
لا تنامي... حبيبتي
العصافير تنتحرْ
ورموشي سنابلٌ
تشرب الليلَ والقدرْ
صوتُك الحُلْوُ قبلةٌ
وجناحٌ على وترْ
غُصْنُ زيتونةٍ بكى
في المنافي على حجرْ
باحثاً عن أُصولهِ
وعن الشمس والمطرْ
لا تنامي... حبيبتي
العصافير تنتحرْ
عندما يسقط القمر
كالمرايا المحطمة
يشرب الظلُّ عارَنا
ونُداري فرارَنا
عندما يسقط القمر
يصبح الحب ملحمة
لا تنامي حبيبتي
جرحنا صار أوسمة
ويدانا على الدجى
عندليبٌ على وترْ












أحبك أكثر

تَكَبَّرْ…تَكَبَّر!
فمهما يكن من جفاك
ستبقى، بعيني ولحمي، ملاك
وتبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
وأرضك سكَّر
وإني أحبك… أكثر
يداك خمائلْ
ولكنني لا أغني
ككل البلابلْ
فإن السلاسلْ
تعلمني أن أقاتلْ
أقاتل… أقاتل
لأني أحبك أكثر!
غنائي خناجر وردْ
وصمتي طفولة رعد
وزنبقة من دماء
فؤادي،
وأنت الثرى والسماء
وقلبك أخضر…!
وَجَزْرُ الهوى، فيك، مَدّ
فكيف، إذن، لا أحبك أكثر
وأنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
وأرضك سكَّر
وقلبك أخضر…!
وإنِّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو وأكبر!











مغني الدم
لمُغنيكِ، على الزيتون، خمسون وترْ
ومغنيك أسيرً كان للريح، وعبداُ للمطر
ومغنيك الذي تاب عن النوم تسلّى بالسهر
سيُسمّي طلعة الورد، كما شئتِ، شررْ
سيُسمّي غابة الزيتون في عينيك، ميلاد سحر
وسيبكي، هكذا اعتاد،
إذا مرَّ نسيم فوق خمسين وترْ
آه يا خمسين لحناً دموياُ
كيف صارت بركة الدمِّ نجوماً وشجر؟
الذي مات هو القاتل يا قيثارتي
ومغنيك انتصر!
إفتحي الأبواب يا قريتنا
إفتحيها للرياح الأربع
ودعي خمسين جرحاً يتوهَّج
كُفْرُ قاسم...
قرية تحلم بالقمح، وأزهار البنفسج
وبأعراس الحمائم
.............
- أحصدوهم دفعة واحدة
أحصدوهم
.............
.......أحصدوهم...
.............
آه يا سنبلةَ القمح على صدر الحقول
ومغنيك يقول:
ليتني أعرف سرَّ الشجرة
ليتني أدفن كل الكلمات الميتة
ليت لي قوة صمت المقبرة
يا يداً تعزف، يا للعار! خمسين وترْ
ليتني أكتب بالمنجل تاريخي
وبالفأس حياتي،
وجناح القُبرةْ
.......................
كُفْرَ قاسِم
إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني
فدعيني أستعر صوتي من جرح توهَّج
وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج
إنني مندوب جرح لا يساوم
علمتني ضربة الجلاّد أن أمشي على جرحي
وأمشي...
ثم أمشي...
وأُقاوم!











القتيل رقم 18


محمود درويش


من ديوان " آخر الليل " (1967)





غابةُ الزيتون كانت مرةً خضراءَ

كانت.. والسماءْ

غابةً زرقاء.. كانت يا حبيبي

ما الذي غيَّرها هذا المساء?

.. .. ..

أوقَفُوا سيارةَ العمال في منعطف الدربِ

وكانوا هادئين

وأدارونا إلى الشرق.. وكانوا هادئين

.. .. ..

كان قلبي مَرَّةً عصفورةً زرقاءَ.. يا عش حبيبي

ومناديلك عندي، كلها بيضاء، كانت يا حبيبي

ما الذي لطّخها هذا المساء?

أنا لا أفهم شيئًا يا حبيبي!

.. .. ..

أوقفوا سيارة العمّال في منتصف الدربِ

وكانوا هادئين

وأدارونا إلى الشرق.. وكانوا هادئين

.. .. ..

لكَ مني كلُّ شيء

لكَ ظل لك ضوء

خاتم العرس، وما شئتَ

وحاكورة زيتون وتينِ

وسآتيكَ كما في كل ليلهْ

أدخل الشبّاكَ، في الحلُمِ، وأرمي لَكَ فُلَّه

لا تلمني إن تأخرتُ قليلاً

إنهم قد أوقفوني

غابة الزيتون كانت دائمًا خضراء

كانت يا حبيبي

إن خمسين ضحيَّهْ

جعلتها في الغروب..

بركةً حمراء.. خمسين ضحيَّهْ

يا حبيبي.. لا تلمني..

قتلوني.. قتلوني..

قتلوني..











رد الفعل



محمود درويش



من ديوان " آخر الليل " (1967)








وطني! يعلمني حديدُ سلاسلي

عنف النسور، ورقة المتفائلِ

ما كنت أعرف أن تحت جلودنا

ميلاد عاصفةٍ… وعرس جداولِ

سَدُّوا عليَّ النورَ في زنزانةٍ

فتوهَّجَتْ في القلب… شمسُ مشاعلِ

كتبوا على الجدران رقم بطاقتي

فنما على الجدران… مرج سنابلِ

رسموا على الجدران صورة قاتلي

فمحتْ ملامحَها ظلالُ جدائلِ

وحفرتُ بالأسنان رسمك دامياً

وكتبتُ أُغنية العذاب الراحلِ

أغمدت في لحم الظلام هزيمتي

وغرزت في شعر الشموس أناملي

والفاتحون على سطوح منازلي

لم يفتحوا إلاَّ وعود زلازلي!

لم يبصروا إلاَّ توهُّج جبهتي

لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلي

فإذا احترقت على صليب عبادتي

أصبحت قديساً… بِزَيّ مُقاتلِ