PDA

View Full Version : وقال بوش: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد


USAMA LADEN
08-05-2004, 01:45 AM
بعد سنة من الاحتلال الأمريكي لأرض الرافدين، أرض الخلافة العباسيّة، أرض القادسيّة، أرض الفلوجة والرمادي وبعقوبة، هذه هديّة أقدمها إلى كلِّ من أحسن الظنّ بحروب الإدارة الأمريكيّة التي افتتحتها بأفغانستان، ثم العراق، ثم التحرش بسوريّة وليبيا والسودان، وما ألقته بظلالها على المنطقة من رعب وضغط تجاوز حدود الدبلوماسيّة إلى الإكراه المقرون بالترهيب، فإما معنا و(( إما ضدّنا ))، وجاء مشروع (( الشرق الأوسط الكبير )) ليغير خارطة العالم لإسلامي، وليبرز النماذج المسلمة الضعيفة التي يراها مناسبة لتكون القدوة التي تحتذى، ولتستمر سيطرته على المنطقة .

* سقط تمثال ((الديكتاتور صدام)) ونصب تمثال ((راعي البقر)).

* اختفت صورة ((صدام)) وخرجت لنا صورة ((بول بريمر)).

* وقع ما كان العقلاء يحذرون أميركا الوقوع فيه، وهو الظهور الأمريكي بصورة الكيان الصهيوني.

* صورة الصهيوني ((رامسفيلد)) وجنرالاته ما زالت تشغل الشاشات التلفزيونيّة والفضائيّة.

* مجلس الحكم لا يجد المشاهد العربي له مثلاً إلا قول الشاعر:

لقد هزلت حتى بدا من هزالها * * * كلاها وحتى سامها كلّ مفلس

* انتقل العراق من حكم ديكتاتور يتسلط على من يرى أنّه يشكل خطراً على حكمه ،إلى حكم يقمع كلّ الشعب لأنّه يراه يشكل خطراً على مصالحه الداخليّة والخارجيّة.

* كلّ الوعود المعسولة تبددت، فلا الشعب العراقي استلم الحكم، ولا نال الحريّة، ولا عرف ((الديموقراطيّة))، ولا توافر على عيش كريم، وصار يصبح على أزيز الطائرات ويمسي على دوي القنابل، دمرت المستشفيات والمدارس والدور والمصانع، وجردت البلاد من جيشها وقوى الأمن فيها، وأصبحت الطوابير مشهداً لا بدّ منه لنيل لقمة الخبز في بلد الرافدين، والانتظار أياماً للحصول على الوقود هو الأصل في بلد كان مصدراً للنفط، وذهبت مكتبات بغداد العامرة بالمخطوطات التي كان أهل العلم يتمنون رؤيتها، لتصبح شاهداً على أنّ التأريخ يعيد نفسه، وأنّ جحافل التتار التي أغرقت النهر بكتب العلم لتعبر خيولها عليها تعود لا لتنتفع بالكتب كما صنع الخرق التتري، ولكن لتحرقها وتظهر حقدها الصليبي.

* قال راعي البقر قبل حروبه: إنّها حروب صليبيّة! ثم تراجع ليقول: إنّها ألفاظ مشتركة، واصطلاحات مطاطة، قد تفهم على غير وجه، وتحمل على أكثر من محمل، وصدّقه من يحسنون الظنّ بـ((العم سام))،ولكن ظهر ما لم يستطع جحده، وهو النداء الذي نشرته ((التايم)) الأمريكيّة لراعي البقر، حيث قال مخاطباً المنصرين الذين وصلت منهم ((27.000)) مجموعة إلى العالم الإسلامي: يجب أن تعلموا أنّ هذه الحرب ليست حرباً عسكريّة، بل حرباً من أجل يسوع، المسلمون يعيشون بين خطي عرض 10-40 ومع ذلك انتشروا في كلّ مكان يدعون إلى دينهم، فعليكم أن تستخدموا إستراتيجيتهم نفسها للتبشير بيسوع،فسيحوا في بلاد المسلمين، واجتهدوا في التبشير عبر الجمعيات الخيريّة وغيرها.

* مروحيات ((الأباتشي)) و((أي.سي 130)) ومقاتلات ((إف 16 و18)) وراجمات ((بي 52)) والدبابات التي لا تخرق، و((مركبات الهامر)) والعنقوديّة والذكية والغبيّة، وغير ذلك من أسلحة الدمار والخراب والإرهاب هي التي تعلمها العراقيّون من فصول أميركا المفتوحة بالمجان للشعب العراقي، وهي الصورة البشعة التي ارتضتها إدارة راعي البقر لأمريكا في المنطقة.

* مقاتلات ((إف 16 و18)) التي صنعت لتقاتل أمثالها من المقاتلات، أصبحت تدك بيوت المدنييّن العزل في أرض الرافدين، وكأنها تحارب جيوشاً اقتحمت أراضيها الأمريكيّة، هكذا تريد أميركا أن تجلب الخير و((الديموقراطية)) وتحرر الشعوب من الديكتاتوريات بالعنف والإرهاب الذي لا مثيل له، والذي جلبته هديّة
إلى المنطقة.

* تكونت تحالفات جبريّة صوريّة، تخشى عليها أميركا التفكك، فأصبحت الاتصالات تترى بين البيت الأبيض ومدريد، ولندن، وسنغافوره، وطوكيو، رجاء أن يستمر التحالف الوهمي، وأن لا تسحب مدريد وطوكيو وكازخستان قواتها، ولو اضطر ((دك تشيني)) إلى السفر إلى اليابان لتهدئة الوضع هناك.

* أصبحت توجيهات ((إيرييل شارون)) و((شاؤول موفاز)) علنيّة، وهي الموجه لسياسة الاحتلال حتّى أصبحنا نرى فلسطين في العراق والعراق في فلسطين، فالسياسة هي السياسة، والتكتيك هو التكتيك، والبربريّة هي البربريّة.

* المفاهيم الدوليّة التي يفترض أن تحترم، ولو من باب المجاملة، أصبح التفسير الباطني هو سبيل إخراجها إلى النّاس، واحذر مخالفة هذه التفسيرات وإلاّ خرجت عن القانون: ((إما معنا وإما ضدنا)) هكذا هي ((الديموقراطيّة)) واحذر الاعتراض فنحن أعلم بـ((الديموقراطيّة))، نحن من أحبلها وولدها وربى صغيرها وبعثه إليكم، والفوضى التي وصل إليها العراق هي النظام والضبط، واحذر المخالفة، والتعسف والقهر هما الحريّة والعدالة، واحذر الرفض، والانفلات الأمني هو الأمن والسلام، واحذر التشكيك، والشعب المسلم الذي يرفض الذل ويحارب الطغيان هم مجرد بقايا نظام صدام وفلول القاعدة التي تتوالد توالد البكتيريا، وهدم البيوت على رؤوس أهلها هو إعادة إعمار العراق، ولا تقل من هدمه أوّل مرّة؛ لأنّ المقاتلات والراجمات والمدمرات والبارجات الأمريكيّة كانت تنثر حلوى وقطناً على رؤوس العراقيين، ومنع النّاس الحصول على لقمة العيش الشريف هو إحلال الرفاهية والنعيم، وقتل آلاف العراقيين وجرح عشرات الآلاف، وسلب شعب
بأكمله الأمن وشرف العيش، وهدم البنى التحتيّة، هي النهوض بالعراق بعد كبوته البعثيّة، واحذر تسميته إرهاباً، أو جرائم حرب! وتدمير قدرات العراق العسكرية والصناعيّة والاقتصاديّة وعزله عن العالم هو طريق العثور على ((كنز أسلحة الدمار الشامل))، والانتقال من قارة إلى قارة بالجيوش الجرارة لغزو أناس في عقر دارهم هو ((الدفاع المبكر عن النفس))، فهل رأيتم –أيها العقلاء- قلباً للمفاهيم كهذا؟

* أصبح العراق الواحد المتحد ينذر بأن يصبح ((العراق الكردي))، و((العراق التركماني))،و((العراق الشيعي)) و((عراق المثلث السني))، وأصبح النّاس في كلّ يوم يرون جيوشاً ومنظمات وأحزاباً جديدة، لا تدري عن حجمها وقدراتها ولا من يقودها، ولا تعرفها إلا من خلال بعض آثارها، وقد تكون مدعاة، ومن خلال بياناتها التي ترسل عبر المواقع.

ومع كلّ هذا نقول لكلّ من أحسن الظن بحروب أميركا: لا تحزن، فإنّه في زمن تزييف الحقائق،وقلب المفاهيم، وتطفيف الموازين، يمكن أن يكون لحسن ظنكم وجهاً مقبولاً، فليست هي شرٌّ محض،بل جعل الله فيها خيراً كثيراً ..فمن ذلك:
* أنّ هذه الحرب أسقطت أقنعة كثيرة كنّا نريد أن نعرف حقيقة من ورائها، ولو أنفقنا ما في الأرض لمعرفتهم ما تمكنا، فظهرت لنا تلك الوجوه الكالحة على حقيقتها، فجزى الله الشدائد كلّ خير.

* وهذه الحرب أظهرت نماذج حرّة في الشعب العراقي، كنّا نوقن بوجودها كما نوقن أنّها تزخر بها أمتنا العربيّة والإسلاميّة، ولولا تقدير الله تعالى أن يسلط راعي البقر على العراق لما ظهرت.

* وهذه الحرب أحيا الله بها روح الجهاد التي تهذب النّفوس، وتقربها من الخير وتبعدها عن الشرّ، وأصبحت ظاهرة في بلد عربيّ عريق لأوّل مرّة بعد اختفاء دام عقوداً طويلة.

* وهذه الحرب أظهرت أنّ الأخرق مهما أوتي من قوة وعدد وعُدد فإنّه يهزم نفسه بسوء تدبيره واستفزازه لمشاعر الإباء الكامنة في عدوه، وهذا ما نراه الآن.

* وهذه الحرب أظهرت معنى قوله تعالى [أنّ القوة لله جميعاً] فأصبح يقيناً لمن هم في الميدان، وظاهراً لمن يراقبهم، فها قد تمرغت أنوف قادة ((البنتاغون)) بالوحل الفلوجي الرمادي البعقوبي.

* وهذه الحرب بيّنت للمسلمين، بل وللعالم أنّ الكذب والتدليس والإيهام، وإن طال مداه، فلا بدّ أن تنقشع غيومه، وتظهر حقيقته، وأنّ راعي البقر هو الإرهابي الذي يكذب عندما ادعى حرب الإرهاب.

* وهذه الحرب كانت سبباً لتغيير صورة ((العراق الغاصب المعتدي)) التي سعى صدام لرسمها إلى صورة ((العراق المكلوم)) الذي تعاطف معه الشارع العربي من الخليج العربي إلى الدار البيضاء.

* وهذه الحرب كانت سبباً لتآلف الشعوب العربيّة، وتقليص هوة الفرقة التي سببتها كثير من الحكومات العميلة كما بشرتنا بذلك صحيفة ((واشنطن بوست)).

* وهذه الحرب كانت سبباً في إظهار ((ديموقراطيّة راعي البقر)) في صورتها الحقيقيّة: قتل، وسلب، ونهب، واغتصاب، وتدمير، وتخريب، وغطرسة متناهية.

* وهذه الحرب ما كاد الليبراليون يفرحون بها حتى عادوا يراقبونها بتخوف، فحبيبة أفئدتهم ((أمريكا)) أصبحت تتخبط، وظهر تخوفهم من فلتات ألسنتهم: ((نطالب أهل الفلوجة والرمادي وبعقوبة بتسليم المجرمين الإرهابيين وبضبط النّفس فإن الخروج عن القانون ليس من مصلحتهم)) وكأننا نستمع إلى ((كوفي عنان)) و((المتحدث بلسان الخارجيّة الأمريكيّة)) وهو يوجه نداءه إلى الفلسطينيين بعد ((أحداث جنين)).

* وهذه الحرب جعلت المسلمين يتوجهون إلى ربهم، ويستغيثون به، ويسألونه المدد، وأيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه.

* وهذه الحرب جعلتنا أكثر ثقة بوعد الله تعالى عباده المؤمنين أن ينصرهم ويمكنهم في الأرض، قال تعالى:

[ ولينصرن الله من ينصره إنّ الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ].

* وهذه الحرب حققت قوله تعالى:

[إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون]

لقد تألموا في عقر دارهم، فارتعدت فرائصهم، وهلعت أفئدتهم، وبكت أعينهم، وهم يشاهدون فلذات أكبادهم يتشحطون في دمائهم، ويتفحمون بنار غطرستهم، وتتقطع أجسادهم بشظايا مكرهم، وأرعد الإسرائليون وأزبدوا
خوفاً على أنفسهم وظهر أنهم ((وآخرين من دونهم))، قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم:

((نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدبور)).

* وهذه الحرب فيها درس عظيم للعرب في الاعتماد على أنفسهم، وأن يعلموا أن عدوهم لن يعطيهم ما ينتصرون به عليه، فقد قامت مجموعات الجهاد في العراق بتطوير صواريخ ((سمتي)) التي ذاق المحتل منها الأمرين، فقد كانت تطلق من الطائرات فأصبحت تطلق من على أكتاف الرجال الأشاوس.

أسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً، وأن يصلح أحوالنا. آمين.


بقلم فضيلة الشيخ / أحمد بن عبد العزيز الحمدان
مدير مركز الدعوة والإرشاد بمحافظة جدة