حفيد حمزة
09-01-2004, 02:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مسلسل عمرو بن العاص
وقفة مع الصحابة … لفضيلة الشيخ / محمد حسان
العناصر : 1 – استخراج للحق من بين ركام الباطل .
2 – مكانة الصحابة في القرآن والسنة .
3 – قضية التحكم مُزورة .
4 – واجب الأمة نحو الصحابة .
أولاً – استخراج للحق من بين ركام الباطل ؛ لا ريب ولا شك أنه من الأمور الجميلة المستحسنة أن نُقدم للناس حياة الصحابة رضى الله عنهم – لا سيما ونحن نعيش الآن زماناً قلَّ فيه أصحاب القدوة الصالحة ، وقُدم فيه كثير من التافهين والساقطين .
وراع الشاة يحمى الذئب عنها .... فكيف إذا الرعاةُ لها الذئابُ .
فما أحوج الأمة الآن إلى أن تربى شبابها ونسائها ، بل ورجالها وحكامها وعلمائها على منهج اطهر وأشرف الخلق بعد الأنبياء والرسل ، وهم أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، فو الله ما كان حديثاً يُفترى ، ولا فتوناً يتردد .. ذلكم الحديث الذي يروى به التاريخ أنباءا ، هذا الجيل القرآني الفريد ، الذي رباه المصطفي وكفي ، لكن الذي يُدمى القلب أن هذه الحقبة الخطيرة من حقب التاريخ وسنواته ، قد شُوهت تشويهاً خطيراً ، وزُورت تزويراً مُروعاً مُؤلماً ، وهذا ما سقط فيه كثير من الكُتّاب والأدباء ؛ الذين سجلوا هذه الحقبة التاريخية من أخطر حقب التاريخ الإسلامي – وهذا ما ذل فيه تبعاً لذلك أصحاب مسلسل عمرو بن العاص رضى الله عنه فلقد شُوهوا كثيراً من الحقائق وزوّروا كثيراً من الصورة الحقيقة الناصعة المشرقة التي يجب أن تدخل الآن قلب وبيت كل مسلم ومسلمة ، فالصحابة رضوان الله عليهم أختارهم الله جل وعلا يوم أختار المصطفي لرسالته ، قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : " إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ خير قلوب العباد ، فأختصه برسالته ونبوته ، ثم نطر الله تعالى في قلوب العباد بعد قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ فوجد قلوب الصحابة خير قلوب العباد ، فأختصهم فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه . فالصحابة رضوان الله عليهم أطهر الخلق وأشرف الخلق بعد الرسل و الأنبياء .
أيها الأفاضل : اسمحوا لى أن أؤصل هذه الأصول المهمة جداً قبل أن أشرع في الحديث عن مكانة وقدر الصحابة عند الله وعند رسوله . لنستخرج سوياً الحق من بين ركام الباطل الهائل أقول : أعلموا أيها الأفاضل وفقني الله وإياكم وجعلني الله وإياكم ممن يخشونه سبحانه وتعالى ، أعلموا علم اليقين – بأن التاريخ الإسلاميّ لم يُدَّوَن في الكتب إلا في عهد بنى العباس بعد زوال دولة بنى أمية ، وقام على تدوين التاريخ الإسلاميّ ثلاث طوائف من الإخباريين :
الطائفة الأولى : هي طائفة المنتفعين ، الذين يأكلون بأقلامهم ، بالتودد والقرب إلى الأمراء وهؤلاء لا يخلوا منهم زمان ولا مكان – فشَوهَت هذه الطائفة من الإخباريين .. شوهت تاريخ بنى أمية كله لصالح بنى العباس ، انتبهوا لهذا التأصيل المهم .. الطائفة الأولى من طوائف الإخباريين الذين كتبوا التاريخ الإسلاميّ ، طائفة تأكل بأقلامها ، فشوهت تلك الطائفة تاريخ بني أمية ؛ لصالح أمراء بني العباس ، الطائفة الثانية : انقسمت إلي فرقتين:الفرقة الأولى : فرقة الروافض ( الشيعة ) التي غالت في حب علىّ وفي حب آل بيت الحبيب النبيّ ، ونحن نحب علياً رضى الله عنه ، ونحب آل بيت سيدنا رسول الله ، بل نتقرب إلى الله بحب علىّ ، ونتقربُ إلى الله ببغض أبى لهب ، وأبو لهب عم النبيّ ، علىّ ابن عم النبيّ ، فنتقرب إلى الله بحب علىّ وببغض أبي لهب ، فهذه الطائفة غالت – غالت – في شأن علىّ بل ومنهم من رفعه إلى مرتبة الإلوهيه ، فجاءت فرقة أخرى فأفرطت ، هذه أفرطت الفرقة الأولي ، وجاءت فرقة أخري ففرطت ، فكفرت هذه الفرقة علياً رضى الله عنه ، وجلّ آل البيت ، هذه الفرقة هي فرقة الخوارج ، تلك الفرقة الضالة المارقة التي قال في شأنها رسول الله الصادق " هم كلاب أهل النار ، ويَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ " فكفرت فرقة الخوارج علياً ومن معه ، بعد قضية التحكيم التي سأبينها الآن بتوفيق الله جل وعلا ، هذه هي الفرقة الثانية فرقة ألهت علياً والفرقة الأخرى كفرت علياً ، تلك فرقة الروافض والثانية هي فرقة الخوارج ، أما الطائفة الثالثة فهي طائفة أهل السنة من علمائنا الأجلاء كالإمام الطبري والإمام ابن كثير والإمام ابن الأثير والإمام الحافظ ابن عساكر وغيرهم ، هؤلاء هم أهل السنة من علمائنا الأجلاء الذين دوّنوا أيضاً هذه الحقبة الخطيرة من التاريخ الإسلامي .. أنتبه أيها اللبيب فإن الموضوع في غاية الأهمية والخطورة – أقول هذه الطائفة الثالثة من علماء أهل السنة نظراً للظروف السياسية التي أحاطت بهم لم يتمكنوا من ذكر روايات علماء أهل السنة فقط ، وإنما سجلوا كل الروايات على اختلاف رواتها باختلاف مذاهبهم وعقائدهم ومشاربهم ، لكنهم من باب الأمانة العلمية التي علمونا إياها ، نقلوا كل رواية بسندها كاملة حتى يفطن بعد ذلك كلُ لبيب عاقل ، يريد أن ينقل من هذه التركة الضخمة ، ليقف على سند كل رواية ليتعرف على الصحيح من الباطل المكذوب ، فجاء بعد ذلك من لا يُحسن النزال في هذا الميدان الخطير ، ومن لا يُحسن السباحة بين هذه الأمواج الهائجة ونقل من هذه التركة الضخمة من كتب علماء أهل السنة على أنه الحق الذي لا حق بعده ، ونسى أن يقف مع سند كل رواية ليتعرف على صحة الرواية من عدمها ، وهذا هو السبب الرئيسي الذي ذل بسببه من ذل ، حين نقل من كتب أهل السنة كتاريخ الطبري والبداية والنهاية لابن كثير والكامل لابن الأثير وتاريخ الحافظ ابن عساكر ، ونسيّ هؤلاء أن يحققوا الروايات وظنوا أن التحقيق للسند الحديثىّ فقط – كلا كلا – وهذا هو ما يُعرف عندنا بعلم الجرح والتعديل ، وهو علم من أشرف علوم هذه الأمة ، لنتعرف على الصحيح من الباطل والمكذوب المُدَعى على رسول الله وعلى الصحابة خير خلق الله بعد الرسل والأنبياء ، فنقل من الكتاب والأدباء من نقل دون أن يحقق الروايات فنقلوا هذه التركة بغثها وسمينها ، بحلوها ومرها ، بصحيحها وكذبها على أن هذه الحقبة هي الواقع الذي عاشه أشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء – كلا كلا – لا يا سادة ، ليس الأمر كذلك ، وما هكذا يا سعد تُوردُ الإبلُ – لا بد أن نعىّ أيضاً أن الحديث عن أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ – يتطلبُ ، أنتبه أيها الفاضل ، لا بد أن نعلم أن الحديث عن أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، سواء كان الحديث مكتوباً في الكتب أو مُصوراً عبر وسائل الإعلام ، لا بد أن نعلم أن هذا الحديث يتطلبُ حتماً صفاءاً في العقيدة وإخلاصاً في النية ، وأمانة في النقل ، ودقة في الفهم ، ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المغرضين والكذابين والوضاعين ، أكرر : إن هذا الحديث يتطلب حتماً صفاءاً في العقيدة ، وإخلاصاً في النية ، وأمانة في النقل ، ودقة في الفهم ، ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المغرضين والكذابين والوضاعين ، فلا يجوز أبداً لرجل مهما كان قدره ، ومهما كان أدبه ، ومهما كان فنه ، ومهما كان علمه ، ومهما كانت مكانته ، لا يجوز أبداً لرجل زائغ العقيدة ، مشوش الفكر ، مريض القلب أن يتجاسر وأن يتجزأ بالحديث عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، لأن الحديث عنهم ليس حديثاً عن بشر عاديّ ، أنا لا أريد بذلك أن أُثبت الآن لحضاراتكم عصمة الصحابة -كلا كلا - لا ندعى العصمة للصحابة ، بل إن العصمة انتهي زمانها بموت المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، لكننا نود أن نقف على مكانة هؤلاء ، فالصحابة كلـهم بلا استثناء عدولٌ ، عدّلهم الله وعدّلهم الصادق رسول الله .
قال الأمام الخطيب البغدادي في كتابه الماتع " الكفاية في علم الرواية " قال : ( إن عدالة أصحاب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم كما ذكر ذلك في القرآن الكريم ) .
بل وقال الإمام مالك إمام دار الهجرة :" إذا أصبح الرجل ووجد في قلبه غيظاً على أحد من أصحاب رسول الله ، فأعلموا بأنه قد أصابه قول الله جل وعلا :" لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ " فعدالة الصحابة ثابتة ، كما سأبين على عجالة في آخر الكلام في واجب الأمة نحو أصحاب سيدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ .
أيها الأفاضل : تعالوا بنا لنتعرف على قدر هؤلاء سريعاً عند الله وعند الصادق رسول الله ، وهذا هو عنصرنا الثاني بإيجاز شديد ، مكانة الصحابة في القرآن والسنة ، قال تعالى ، أنتبه فالذي سنقرأه الآن قرآناً .. قرآناً ، قال الله تعالى في حق الصحابة ، فهم المُخَاطبون ابتداءاً بقوله جل وعلا " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ " المُخَاطب أبتداءاً بهذا النداء من الله هم الصحابة " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ " . وهم المُخَاطبون بقول الله جلا وعلا " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " وفي حقهم قال الله جل وعلا :" الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ، الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ " وقال الله جل وعلا في حق الصحابة " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " وفي حقهم يقول الله " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ .." والمراد بالمؤمنين في هذه الآية بإجماع المفسرين هم الصحابة يقول الله جل وعلا " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا " وفي حق الصحابة يقول الله جل وعلا :" وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ " هؤلاء هم المهاجرون ، أنظر إلى حكم الله بعد ذلك على الأنصار :" وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ " من هؤلاء قال الله :" أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ " هذه آيات القرآن ، هذه كلمات الرحمن في حق الصحابة ، قال تعالى " لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ " لماذا ؟ " يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ، وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وأختم الآيات الكريمة بقول الله جل وعلا :" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا " هذه شهادات القرآن هذه مناقب القرآن لأشرف واطهر الخلق بعد الرسل والأنبياء ، وقال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى كما في الصحيحين من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قَالَ :"خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي - أي اهل زمان - ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " فقرن النبيّ هم الصحابة ثم الذي يلونهم هم التابعون ثم الذين يلونهم هم تابعوا التابعين .
وفي الصحيحين من حديث أَنَسَ قَالَ :" مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا - أي أثنوا على صاحب الجنازة خيراً - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا وَجَبَتْ قَالَ هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ " وفي صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعري رضى الله عنه ، وقد شُوه تاريخ أبو موسى الأشعرى الصحابي الزاهد العابد الفقية الكيس الفطن صاحب القرآن وصاحب القضاء رضى الله عنه ، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ بعد ما نظر إلى النجوم في السماء ليلة قال الصادق " النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ - أي أمان للسماء - فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " " النجوم …. يوعدون " يا مسلمــون والله الذي لا إله غيره من أغضب الصحابة فقد أغضب الله ، والله وأقسم على ذلك من أغضب الصحابة فقد اغضب الله ، من أين لك هذا الحكم الخطير الذي تقسم عليه بربك ، من كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه وهو من أهل بيعة الرضوان قال عائذ :" أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ – يقصد الفقراء - فِي نَفَرٍ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ - يقصد أبو سفيان - فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ – أقرأ ما قاله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ألتفت إلى ابى بكر – وأبو بكر هو الرجل الثاني في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحب الصحابة إلى قلب رسول الله ، ومع ذلك التفت النبيّ إلى الصديق وقال - لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ - أوعى تكون زعلت الناس دى - لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ قَالُوا لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي " ، وفي الحديث الذي اسوقه أستأناساً ، لأنى أعلم أن في سنده ضعفاً الذي رواه الترمذي وابن حبان واحمد في مسنده وفي سنده ضعف كما ذكرت من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضى الله عنه إلا أن الحديث يتقوى بالشواهد التي ذكرت الآن أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قال :" اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ " ولم لا ففي الصحيحين من حديث أبى سعيد الخدري وفي لفظ مسلم من حديث أبى هريرة أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قال " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ أنتبه أنتبه …. حتى لا تغتر بعلم أو طاعة أو عبادة ، فشرف الصحبة للرسول لا يُدانيه أي شرف ولا يدانيه أي عمل ، مجرد أنهم عاشوا مع رسول الله شرف لا يُدانية شرف ، الصحبة والصحابي كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة :" هو كل من رأي رسول الله وآمن به ولو مات على الإسلام " لا بد من هذه الشروط مجتمعه " كل من رأي رسول الله وآمن به ولو مات على الإسلام " فأبو جهل رأي رسول الله لكنه فرعون هذه الأمة ، وأبو لهب رأي رسول الله وهو في الدرك الأسفل من النار ، فلا بد من الرؤية من الإيمان بالله ورسوله ولا بد من الموت على ذلك ، فمنهم من رأي النبيّ وآمن به ثم أرتد والعياذ بالله – نسأل الله أن يثبتنا على الحق حتى نلقاه ، وأن يجمعنا بأصحاب رسول الله إنه ولى ذلك ومولاه .
أيها الأفاضل : لا بد أن أطيل النفس في هذا العنصر ، فوالله أنه يحتاج إلى لقاء كبير كامل إلا وهو قدر الصحابة عند الله جل وعلا ، وعند الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ لا بد من هذا التأصل الذي بينت في العنصرين الأول والثاني لندخل بعد ذلك على قضية الفتنة التي وقعت بين الصحابة ، ونحن بهذا المعتقد الصافي وبهذا الفهم الرائق ، ونحن نقف على أرض صُلبة ، ونعرف عمن نتحدث وعمن نتكلم ، فلقد قدم المسلسل تاريخاً مزوراً عن العلاقة بين خالد بن الوليد و عمر بن الخطاب وهذا الأمر يحتاج إلى لقاء مستقل ، وأعد أن شاء الله تعالى بأن افرد له لقاءاً كاملاً ، وعرض المسلسل أيضاً صورة مشوهة لعلاقة عمرو بن العاص مع امرأته وكأنه رجل متخصص في كلمات العشق والغزل إلى غير ذلك ولكن اخطر ما قدمه المسلسل هو قضية التحكم وهذا عنصرنا الثالث من عناصر الموضوع ، قضية التحكيم المزورة ، أنتبه معي وأعرني قلبك ونظرك وكيانك فإن الكلام خطير قضية التحكم إسمح لى أن ارجع بك إلى الوراء قليلاً ، يوم حاصر المنافقون ، أكتبها بأكبر خط ، يوم حاصر المنافقون دار عثمان بن عفان الخليفة الراشد صاحب بئر روما زوج ابنتي رسول الله ، مجهز جيش العسرة ، موسع المسجد النبوي ، عثمان الحيي ، عثمان الحيي ، الذي استحيت منه ملائكة الرب العلىّ ، والحديث في صحيح مسلم من حديث عَائِشَةَ :" قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ - فالتقطت عائشة البليغة الفقيهة هذا المشهد النبوي قالت يا رسول الله - قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ - فقال الرسول المصطفي والنبيّ المُجتبي والصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قال - أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ "
عثمان – اللــه – يا أخى فكر فيها والله ، والله لو فكرت فيها لطاش عقلك . إنى لأستحى من عثمان – لماذا ؟ لأنه رجل تستحى منه الملائكة أنتبه أنتبه لأنني أؤصل أصولاً في غاية الأهمية ، حتى لا يسئل مسلم ويقول لماذا لم يقاتل عثمان لماذا لم يأمر عثمان علياً والصحابة أن يقتلوا المنافقين الثوار الذين أحاطوا بداره أنتبه – عثمان لا يتكلم ولا يتحرك إلا بأمر واضح من أستاذه ومعلمه المصطفي ، أنتبه أيها الحبيب الرسول أخبر عثمان ابن عفان بأنه شهيد ، أنتهي هذا أول بيان نبوي كما في الصحيحين صَعِدَ النَّبِيَّ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ :" اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ "، أو فإن عليك نبياً وصديقاً وشهيدين واللغتان صحيحتان فـ ( ما ) في الحديث الأول كآفة لعمل
"إن" فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان ، النبيّ هو المصطفي والصديق هو أبو بكر والشهيدان هما عمر وعثمان ، وفي صحيح مسلم الطويل من حديث أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضى الله عنه الذي قال " لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ – باب الحديقة - فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنْ الشَّقِّ الْآخَرِ قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ "
صلى الله على الصادق وفي بعض الروايات في غير راوية مسلم قال عثمان " نصبر ونحسب إن شاء الله تعالى " وفي رواية لأبن أبى شيبة في المصنف بسند صحيح قال النبيّ لعثمان :" يا عثمان إنك مبتلى ، وفي لفظ " إنك مستشهد فاصبر صبرك الله " فالرسول يبلغه بالشهادة ، ويأمره بالصبر ، وعدم القتال وفي رواية صححها شيخنا الألبانى وغيره في سند ابن ماجة أن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قال لعثمان " يا عثمان ! إن الله مُقَمصك قميصاً – وهو قميص الخلافة - فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني " وأنا جزمت بأن المنافقين هم الذين حاصروا الدار لهذا الحديث فالذي شهد بنفاقهم هو المصطفي ، مجموعة من المنافقين الخبثاء ، بزعامة ابن السوداء اليهوديّ المجرم ، عبد الله بن سبأ ، هم الذين حاصروا عثمان ومنعوا عنه الطعام ومنعوا عنه الماء ، منعوا عن عثمان الماء الذي مازال يجرى في بئر روما من خالص ماله رضى الله عنه ولو تركه المجرمون أياماً لمات عثمان عطشاً ، والسؤال الذي يسأله شبابنا الآن أين كان الصحابة إذاً ؟ لقد وضحت لكم الآن أن عثمان مأمور بالصبر ومأمور بالاحتساب ومأمور بعدم خلع قميص الخلافة ، ومأمور بعدم القتال ، فهو من هو إن لم ينفذ أمر النبيّ الصادق بحذافيره كلمة كلمة بل حرفا حرفاً ، فلما حاصر المجرمون بيت عثمان أنطلق علىّ وأنتبه معي جيداً ، أنطلق علىّ وقد أعتم بعمامة سيدنا رسول الله ، ودخل علي عثمان رضى الله عنه ، وقال " يا أمير المؤمنين ما أرى إلا أن القوم سيقتلوك فمرنا بالقتال .. مرنا بالقتال " قال عثمان : لا … لا والله ، والله ما أحب أن ألقى الله وفي عنقي قطرة دم لأمرىءٍ مسلم " رجل مأمور – رجل عجيب وطراز فريد من البشر ، وصبر عثمان وفي الليلة الموعودة في كثير من الروايات وسندها حسن أن عثمان رضى الله عنه قبل أن يُقتل جاءه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ في الرؤيا وقال :" أفطر عندنا غداً يا عثمان " فأصبح عثمان رضى الله عنه صائماً وجلس وأصبح الصباح وقد فتح باب داره فتح الدر وقرأ كتاب العزيز الغفار ، وضع المصحف بين يديه ، ذلكم المصحف الذي جمعه عثمان في مصحفٍ إمام واحد فتح المصحف بين يديه ، وبدأ يقرأ وقد شد عليه سراويله وقد علم أنه مقتول في هذا اليوم فأنقض عليه المجرمون فطعنه الغافقى تسع طعنات – تسع طعنات بخنجر مسموم وهو بقول طعنت عثمان تسع طعنات طعنت عثمان ست طعنات لما كان في نفسي عليه ، وثلاث طعنات لله تعالى ، كذاب مجرم آثم ، ولو صدق هذا المجرم لقال : طعنت عثمان تسع طعنات لما كان في نفسي عليه ، يُقتل الخليفة بأسم الدين يُقتل الخليفة بأسم الله ؟؟!! لله تعالى !! كذب ، ثم تقدمت نائلة الزوجة الوفية الصابرة لتدافع عن زوجها عثمان فقطعوا أصابعها وهي المرأة العفيفة ، ونظر أحد المجرمين إلى مقعدتها من الخلف ، وقال : ما أعظم كذا وكذا ، هؤلاء المجرمون الذين خرجوا لله تعالى !! ، فأرسلت نائلةُ رضوان الله عليها ، وأنتبه : أرسلت القميص الذي قُتل فيه عثمان ، وقد وقفت والله على رواية غربية عجيبة ، لا أقصد بالغرابة الضعف ، وإنما أمرٌ عجيب ، أن هذا المجرم ضرب المصحف في حجر عثمان برجلة ، فدار المصحف بتقدير الله دورة كاملة ، ليستقر في حجر عثمان مرة أخرى ، لتسيل دماء عثمان عليه لتخالط دماء عثمان آيات القرآن ، كما خالطت آيات القران دماء عثمان ، والعجيب أنهم وجدوا المصحف والدماء على قول الله تعالى " فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وقُتل عثمان ، وأرسلت نائله بقميصه إلى من ..؟؟ إلى معاوية ، فمعاوية صاحب جيش وصاحب مكانة ، فالمدينة ليس لها من وال ، فأرسلت إلى معاوية فهو أولى الناس بدم عثمان فهو أقرب عثمان ، وأرسلت مع قميص عثمان أصابعها التي قُطعت ، فلما ذهب القميص لمعاوية في بلاد الشام ، علق معاوية قميص عثمان وعلق فيه أصابع نائلة على منير المسجد الدمشقي ، فبكى الناس في المسجد بكاءً مراً ، وعاهدوا معاوية رض الله عنه على قتل قتلة عثمان ، ومكثت المدينة النبوية بدون حاكم ، وبدون وال ، وأميرها الغافقى قاتل عثمان !!! فطلبوا من علىّ الخلافة ، فطلبوا أن يُبايعوه ، فأقر علىّ بالخلاقة وقبلها وما كان على الارض من هو أولى بها من علىّ رض الله عنه ، وهنا بدأ الخلاف أيها الأفاضل ، حينما طلب طلحه والزبير ومعاوية وغيرهم من رؤوس الصحابة ، طالبوا علياً أن يُقيم الحد على قتلة عثمان ، فأعتذر علىّ وهو على حق ، لأن قتلة عثمان ليس فرداً وليس عشرة أفراد ، بل إنهم جيشٌ جرار ، يُدمر الأخضر واليابس ، ولا يجد علىّ من القوة ما يُقيم بها الحد على قتلة عثمان ، فأعتذر علىّ بفقهه وفطنته وحكمته عن إقامة الحد علي قتلة عثمان الآن ، وهنا دبّ الخلاف الرهيب بين معاوية وطلحة والزبير رضي الله عنهم وبين علىّ رضي الله عنه ، وقالوا لابد وحتماً من إقامة الحد على قتلة عثمان وذهب طلحة والزبير إلى عائشة ، وكانت تؤدى مناسك الحج رضي الله عنها ، في بلد الله الحرام ، وأخبروها بذلك ، وطلبوا منها أن تحث الناس للقيام للأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه ، ولإقامة القصاص العادل ، فخرجت عائشة رضي الله عنها لا إلى المدينة بل إلى البصرة ، وهي تظن أنها ستعد وتهيئ الناس للقتال ، أي لقتال من قتلوا عثمان رضي الله عنه ، وقد تأولت قول الله :" لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ – الآية "
قالت والله ما خرجت إلا للإصلاح بين الناس ، بل وفي رواية للزهري قالت : والله لقد ظننت أن مكاني سيحجز بين الناس ، ولو علمت أنه سينشب القتال ما خرجت "كلٌ مجتهد يريد بنية خالصة أن يُقيم الحد على من قتلوا عثمان رضي الله عنه لكن المجتهد إن أصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله اجر ، فهو على أجر ، لأنهم جميعاً على نيةٍ صادقة مخلصةٍ ، وهذا معتقد أهل السنة بلا استثناء ، المهم أيها الأفاضل نشب القتال حينما أرسل علىّ القعقاع بن عمرو إلى عائشة رضي الله عنها وأخبرها ، وقال : يا أماه ما الذي جاء بكى إلى هنا ، فالت : والله يابني ما جئت إلا للإصلاح بين الناس ، قال فأرسلي إلى طلحة والزبير ، فأرسلت عائشة إلى طلحة والزبير فحضرا ، وقال لهما القعقاع بن عمرو رسول علىّ ، ما الذي جاء بكما إلى هنا ياطلحة ويازبير ، قالا : والله ما جئنا إلا للإصلاح فقال القعقاع بن عمرو رضي الله عنه فكيف يكون الإصلاح ، قال طلحة والزبير : بقتل من قتلوا عثمان ، فقال لهم القعقاع بن عمرو رضي الله عنه لقد قتلتم أنتم قتلة عثمان من أهل الكوفة فغضب لهم ستةُ آلاف مقاتل ، فلم تقيموا الحد على هؤلاء ، فإن لم تقيموا الحد عليهم ، وقعتم فيما تطلبون به الآن علياً رضي الله عنه ، قالوا : فما الحكم إذاً ، فقال القعقاع الأمر فتنة ، ودواؤه التسكين ، وعلىٌّ لا يجد من القوة ما يُقيم به الحد على قتلة عثمان ، فاتفقا على الصلح ، وأرسلت عائشة القعقاع بين عمرو ليخبر علياً بأنها ما جاءت إلا للإصلاح بين الناس ، وبات قتلة عثمان من المنافقين وهم جمعٌ كبير ، في ليلةٍ شديدة ، وقالوا : إن علياً هو أعرف الناس بكتاب الله ، وهو أول الناس الذين سيقيمون الحد عليكم إن سكن هذا الأمر وهدأت الفتة ، فاتفقوا على أن ينقسموا فريقين انتبه معي فريقٍ في سواد الليل ينقض على جيش علىّ ، وفريقٍ ينقض علي جيش طلحة والزبير ، أو على من مع طلحة والزبير وفي سواد الليل وقعت السيوف ، فظن فريق علىّ أن هذه السيوف هي سيوف طلحة والزبير ، وظن طلحة والزبير أن هذه السيوف هي سيوف علىّ ، ونشب قتالٌ شديد ، وأمُنَا رضي الله عنها عائشة علي جملها في هودجها تبكى لهذا الدماء الغزيرة التي تُسفح تحت أرجل جملها ، هذه المعركة التي تُسمى بمعركة الجمل ، ثم هدأت المعركة في الصباح بعد ما تبين الفريقان الخُدعة الكبرى ، وذهب علىّ إلى عائشة وقال كيف حالك يا أماه ، قالت : بخير يا علىّ ، قال : يغفر الله لكي : وأمدها بالطعام والشراب ، وأرسلها مع محمد بي أبى بكر فانطلقت من مكة إلى المدينة النبوية بعد ذلك ثم أصر علىّ أن ينطلق إلى الكوفة ثم إلي بلاد الشام ، وهو يعتقد أن معاوية ليس من حقه أن يُطالب بدم عثمان ، لأنه ليس خليفة ، وما طلب معاوية الخلافة ، وما كان معاوية خليفة قط ، فانطق إلى الشام ، ونشبت الفتنة مرة أخرى وبدأ القتال بين علىّ وبين معاوية رضي الله عنهما ، إلى أن رفع فريق أهل الشام المصاحف على أسنة السيوف والرماح ، وقالوا بيننا وبينكم كتاب الله ، وهنا وقف القتال ، وأختار الفريقان حكمين ليحكما بينهم ، أختار علىٌّ أبا موسى الأشعرى ، وأختار معاوية عمرو بن العاص وانتبه إلى الرواية ، رواه الإمام الطبري ، وقد بينت أن أهل السنة قد جمعوا الروايات ويبنوا كل رواية بذكر السند حتى ننتبه إلى صحة الرواية من عدمها ، روى الطبري ، قال : أبو مخنف لوطُ بن يحيى قال حدثني أبو جنابن الكلبي ، وقال : أجتمع أبو موسى الأشعرى وعمرو بن العاص بدومة الجندل ، مكان يُقال له : دومة الجندل اجتمعا واتفقا على خلع علىّ ومعاوية ، وهذه أول كذبة ، معاوية لم يكن خليفة حتى يُخلع ، ثم قدم عمرو بن العاص باختصار شديد أبا موسى ليتكلم ، وقال أنت صاحب رسول الله وأنت أسنّ منى ، فتقدم أبا موسى فحمد الله ، وأثنى عليه بين الناس ، وقال لقد اتفقت أنا وعمرو بين العاص على خلع الرجلين ، على خلع عليّ ومعاوية ، وتركنا الأمر شورى للمسلمين ، ليختاروا من يرونه أهلاً لهذا الأمر ثم همّ أن ينصرف ، فقال له ابن عباس : ويحك يا أبا موسى " هكذا في الرواية الباطلة " بل قدم عمرو بن العاص ليتكلم أولاً ، فو الله إني لأظن أن الرجل قد خدعك ، فإن عمرو بن العاص رجل غادر – أعوذ بالله – فتقدم عمرو بن العاص فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : هذا الرجل قد خلع صاحبه علياً وأنا أخلع صاحبه علياً وأُثبت صاحبي معاوية فألتفت أبو موسى ، تقول الرواية ، وكان أبو موسى رجلاً مغفلاً – عياذاً بالله ، فألتفت إلى عمرو وقال : لا وفقك الله يا عمرو تغدر وتخون ،ثم قال : إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل علية يلهث أو تتركه يلهث ، هكذا ذكر المسلسل وذكر هذه الرواية المكذوبة الباطلة ، فألتفت عمرو بن العاص إلى أبي موسى ، وقال : يا أبا موسى إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ، ثم بعد ذلك انتهت القضية ، فكان علىّ يقنت في صلاة الصبح ويقول " اللهم ألعن معاوية بن أبى سفيان ، وألعن عمرو بن العاص "وكان معاوية يقول :" اللهم ألعن علىّ بن أبى طالب ، والحسن والحسين ، وألعن ابن عباس " إلى آخر الرواية – كذب – كذب – كذب باطل – جهل في الدين – وضلال مبين وتحريف بيّن لهذه المرحلة الخطيرة من أخطر مراحل التاريخ الإسلامي : وعلى عجالة أيها الأفاضل ، أقول هذه الرواية لا تصح سنداً ولا تصح متنا ً، أما السند ، روى الطبرى قال أبو مخنف لوط بن يحيى قال حدثني أبو جنابن الكلبىّ ، أبو مخنف لوط بن يحيى قال فيه علماء الجرح والتعديل ما يلي ، قال ابن عديّ " أبو مخنف شيعىٌّ محترق " أنتبة شيعىٌّ محترق ، قال الذهبى :" إخبارىٌّ تالف " صاحب أخبارهم ، قال أبوحاتم " ليس بثقة " وسُئل عنه يوماً فقال :" وهل يسئلُ أحدٌ عن هذا "إلى آخره ، فهذا حكم بعض علماء الجرح والتعديل في أبي مخنف ، أما الرجل الثاني وهو الكلبي ، قال فيه البخاريّ والنسائيّ وأبو حاتم وغيرهم :" ضعيف " فالسند لا يصح أما المتن فباطل ، فمن أي شيء يُخلع معاوية ، وما كان معاوية خليفة قط وما طلب الخلافة قط ، وما كان الخلاف على الخلافة ، بل كان على الأخذ بدم عثمان رضي الله عنه وأرضاه ، ثم أبو موسى الأشعرى الذي تُصوره الرواية على أنه رجل مغفل ساذج لا يعرف شيئاً ولا يعرف القضية ، وهو الصحابي الجليل الفقيه الزاهد العابد الورع الذي ولاه النيى – النبي – ولاه النبي على زبيد وعدن ، وولاه عمر بن الخطاب على البصرة ثم ولاه بعد ذلك عثمان بن عفان على البصرة ثم نقله بعد ذلك إلى الكوفة ، فلما تولى علىّ أبقاه أميراً على الكوفة ، فهل يُعقل ياسادة أن يولى النيى – أبا موسى القضاء والحكم في زبيد وفي عدن ، وأن يُبقيه عمر وأن يُبقيه عثمان وأن يُبقيه علىّ وهو رجلٌ مغفل ساذج ليس من الفطنة ولا من الفقة ولا من الذكاء في شيء ، سبحانك ربى هذا والله ضلال مبين ، وعمرو بن العاص الصحابيّ الجليل الزاهد العابد الورع الذي أسلم بعد الحديبية طائعاً مُختاراً مُحباً مؤمناً بالله ورسوله ، بل وقد شهد له النبى صلى الله عليه وسلم بقوله كما في الحديث الذي رواه الترمذي وأحمد وغيرهما بسند حسن بل وصحح إسناده بعض أهل العلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ " وحسنه شيخنا الألباني انظر حديث رقم :971 في صحيح الجامع ، فيشهد النبي له بالإيمان وهو الذي ولاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ الإمرة إمرة الجيش في غزوة ذات السلاسل ، وهكذا ، هؤلاء يا أخوه رباهم المصطفي ، هل يُعقل بعد ذلك أن يلعن أبو موسى عمرو بن العاص ويقول له أنت كالكلب ، أو أن يقول عمرو بن العاص لأبي موسى أنت كالحمار ، هل يقولها مؤمن لمؤمن في زماننا هذا ، والله لا تحدث من آحاد المؤمنين ، فكيف تقع من أصحاب سيد المرسلين ثم هل يُعقل أن يلعن علىّ معاوية أو أن يلعن معاوية علياً والحسن والحسين ، كيف ذلك ؟؟ وهم الذين سمعوا رسولهم المصطفي ونبيهم المُجتبي يقول كما من صحيح البخاريّ " وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ " ويقول في صحيح مسلم :" لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ "ويقول في مسند أحمد بسند صحيح " إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلَا الطَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ " فالمؤمن العاديّ لا يعلن أخاه المؤمن ، فهل يلعن علىّ – علىّ – معاوية ، وهل يلعن معاوية كاتب الوحي علياً ، الذي قال له النبي " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي " . أيها الأفاضل يا سادة هؤلاء هم أصحاب المصطفي وكفي ، وإذا كان تلميذ في العادة يقتبس من أستاذة فأرجو أن تتصوروا كيف يكون الاقتباس ، إذا كان الأستاذ والمربى هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ .
أخيراً : واجب الأمة نحو الصحابة : أولاً : واجبنا نحو هؤلاء الأفاضل أن نُحبهم فحبهم دين ، قال الإمام الطحاويّ " ونُحب أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا نبغض أحداً منهم ، فحبهم دينٌ وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفرٌ ونفاق وطغيان " وقال الحافظ الكبير أبو زُرعة " إذا رأيت الرجل يسب أحد أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ فأعلم بأنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله علية وسلم حق ، والقرآن حق ، وأن ما جاء به من عند الله حق - أي الرسول - وما نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة " فهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليهدموا القرآن والسنة ، لأن الصحابة هم نقلة الوحي القرآنيّ والنبويّ ، فواجبنا أن نحب هؤلاء .
ثانياً : أن نقتدي بهؤلاء ، قال ابن مسعود :" من كان مستناً ، فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تُؤمن عليه الفتنه أولئك أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ كانوا أفضل هذه الأمة ، أبرها قلوباً وأعمقها علماً ؟ وأقلها تكلفاً أختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينة فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " .
ثالثاً : أن نذبّ عنهم وعن أعراضهم بكل ما أُوتينا فمن استطاع منكم أن يُرسل هذه الرسالة أو الشريط إلى ممثل قام بالدور أو إلى منتج أو إلى مخرج أو إلى صحفيّ فليفعل بأسلوب مهذب وبكلمات رقيقة رقراقة، ومن استطاع أن ينقل هذا الكلام عبر مجلة أو جريدة فليفعل وقد أذنت له بذلك ، يجب أن نذبّ عن أعراض هؤلاء الأطهار ، فأنت لا تقبل أن يُسيئ أحدٌ إلى عرضك أو إلي عرض أبيك أو عرض أمك ، وهؤلاء يجب أن يكونوا أحب إلينا من آبائنا وأمهاتنا فهم الذين نقلوا إلينا وحيّ ربنا ووحيّ نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ .
رابعاً: الإمساك عما شجر بينهم في هذه الفتنة ، وأن نردد قولة هذا الصادق الأمين " تلك فتته سلمت منها أيدينا ، فلتسلم منها ألسنتنا " .
عنوان الدرس علي الإنترنت : http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=27086&scholar_id=28
نرجو إرسال أي ملاحظات علي eltawhed@islamway.net
( وصلني عبر الايميل )
مسلسل عمرو بن العاص
وقفة مع الصحابة … لفضيلة الشيخ / محمد حسان
العناصر : 1 – استخراج للحق من بين ركام الباطل .
2 – مكانة الصحابة في القرآن والسنة .
3 – قضية التحكم مُزورة .
4 – واجب الأمة نحو الصحابة .
أولاً – استخراج للحق من بين ركام الباطل ؛ لا ريب ولا شك أنه من الأمور الجميلة المستحسنة أن نُقدم للناس حياة الصحابة رضى الله عنهم – لا سيما ونحن نعيش الآن زماناً قلَّ فيه أصحاب القدوة الصالحة ، وقُدم فيه كثير من التافهين والساقطين .
وراع الشاة يحمى الذئب عنها .... فكيف إذا الرعاةُ لها الذئابُ .
فما أحوج الأمة الآن إلى أن تربى شبابها ونسائها ، بل ورجالها وحكامها وعلمائها على منهج اطهر وأشرف الخلق بعد الأنبياء والرسل ، وهم أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، فو الله ما كان حديثاً يُفترى ، ولا فتوناً يتردد .. ذلكم الحديث الذي يروى به التاريخ أنباءا ، هذا الجيل القرآني الفريد ، الذي رباه المصطفي وكفي ، لكن الذي يُدمى القلب أن هذه الحقبة الخطيرة من حقب التاريخ وسنواته ، قد شُوهت تشويهاً خطيراً ، وزُورت تزويراً مُروعاً مُؤلماً ، وهذا ما سقط فيه كثير من الكُتّاب والأدباء ؛ الذين سجلوا هذه الحقبة التاريخية من أخطر حقب التاريخ الإسلامي – وهذا ما ذل فيه تبعاً لذلك أصحاب مسلسل عمرو بن العاص رضى الله عنه فلقد شُوهوا كثيراً من الحقائق وزوّروا كثيراً من الصورة الحقيقة الناصعة المشرقة التي يجب أن تدخل الآن قلب وبيت كل مسلم ومسلمة ، فالصحابة رضوان الله عليهم أختارهم الله جل وعلا يوم أختار المصطفي لرسالته ، قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : " إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ خير قلوب العباد ، فأختصه برسالته ونبوته ، ثم نطر الله تعالى في قلوب العباد بعد قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ فوجد قلوب الصحابة خير قلوب العباد ، فأختصهم فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه . فالصحابة رضوان الله عليهم أطهر الخلق وأشرف الخلق بعد الرسل و الأنبياء .
أيها الأفاضل : اسمحوا لى أن أؤصل هذه الأصول المهمة جداً قبل أن أشرع في الحديث عن مكانة وقدر الصحابة عند الله وعند رسوله . لنستخرج سوياً الحق من بين ركام الباطل الهائل أقول : أعلموا أيها الأفاضل وفقني الله وإياكم وجعلني الله وإياكم ممن يخشونه سبحانه وتعالى ، أعلموا علم اليقين – بأن التاريخ الإسلاميّ لم يُدَّوَن في الكتب إلا في عهد بنى العباس بعد زوال دولة بنى أمية ، وقام على تدوين التاريخ الإسلاميّ ثلاث طوائف من الإخباريين :
الطائفة الأولى : هي طائفة المنتفعين ، الذين يأكلون بأقلامهم ، بالتودد والقرب إلى الأمراء وهؤلاء لا يخلوا منهم زمان ولا مكان – فشَوهَت هذه الطائفة من الإخباريين .. شوهت تاريخ بنى أمية كله لصالح بنى العباس ، انتبهوا لهذا التأصيل المهم .. الطائفة الأولى من طوائف الإخباريين الذين كتبوا التاريخ الإسلاميّ ، طائفة تأكل بأقلامها ، فشوهت تلك الطائفة تاريخ بني أمية ؛ لصالح أمراء بني العباس ، الطائفة الثانية : انقسمت إلي فرقتين:الفرقة الأولى : فرقة الروافض ( الشيعة ) التي غالت في حب علىّ وفي حب آل بيت الحبيب النبيّ ، ونحن نحب علياً رضى الله عنه ، ونحب آل بيت سيدنا رسول الله ، بل نتقرب إلى الله بحب علىّ ، ونتقربُ إلى الله ببغض أبى لهب ، وأبو لهب عم النبيّ ، علىّ ابن عم النبيّ ، فنتقرب إلى الله بحب علىّ وببغض أبي لهب ، فهذه الطائفة غالت – غالت – في شأن علىّ بل ومنهم من رفعه إلى مرتبة الإلوهيه ، فجاءت فرقة أخرى فأفرطت ، هذه أفرطت الفرقة الأولي ، وجاءت فرقة أخري ففرطت ، فكفرت هذه الفرقة علياً رضى الله عنه ، وجلّ آل البيت ، هذه الفرقة هي فرقة الخوارج ، تلك الفرقة الضالة المارقة التي قال في شأنها رسول الله الصادق " هم كلاب أهل النار ، ويَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ " فكفرت فرقة الخوارج علياً ومن معه ، بعد قضية التحكيم التي سأبينها الآن بتوفيق الله جل وعلا ، هذه هي الفرقة الثانية فرقة ألهت علياً والفرقة الأخرى كفرت علياً ، تلك فرقة الروافض والثانية هي فرقة الخوارج ، أما الطائفة الثالثة فهي طائفة أهل السنة من علمائنا الأجلاء كالإمام الطبري والإمام ابن كثير والإمام ابن الأثير والإمام الحافظ ابن عساكر وغيرهم ، هؤلاء هم أهل السنة من علمائنا الأجلاء الذين دوّنوا أيضاً هذه الحقبة الخطيرة من التاريخ الإسلامي .. أنتبه أيها اللبيب فإن الموضوع في غاية الأهمية والخطورة – أقول هذه الطائفة الثالثة من علماء أهل السنة نظراً للظروف السياسية التي أحاطت بهم لم يتمكنوا من ذكر روايات علماء أهل السنة فقط ، وإنما سجلوا كل الروايات على اختلاف رواتها باختلاف مذاهبهم وعقائدهم ومشاربهم ، لكنهم من باب الأمانة العلمية التي علمونا إياها ، نقلوا كل رواية بسندها كاملة حتى يفطن بعد ذلك كلُ لبيب عاقل ، يريد أن ينقل من هذه التركة الضخمة ، ليقف على سند كل رواية ليتعرف على الصحيح من الباطل المكذوب ، فجاء بعد ذلك من لا يُحسن النزال في هذا الميدان الخطير ، ومن لا يُحسن السباحة بين هذه الأمواج الهائجة ونقل من هذه التركة الضخمة من كتب علماء أهل السنة على أنه الحق الذي لا حق بعده ، ونسى أن يقف مع سند كل رواية ليتعرف على صحة الرواية من عدمها ، وهذا هو السبب الرئيسي الذي ذل بسببه من ذل ، حين نقل من كتب أهل السنة كتاريخ الطبري والبداية والنهاية لابن كثير والكامل لابن الأثير وتاريخ الحافظ ابن عساكر ، ونسيّ هؤلاء أن يحققوا الروايات وظنوا أن التحقيق للسند الحديثىّ فقط – كلا كلا – وهذا هو ما يُعرف عندنا بعلم الجرح والتعديل ، وهو علم من أشرف علوم هذه الأمة ، لنتعرف على الصحيح من الباطل والمكذوب المُدَعى على رسول الله وعلى الصحابة خير خلق الله بعد الرسل والأنبياء ، فنقل من الكتاب والأدباء من نقل دون أن يحقق الروايات فنقلوا هذه التركة بغثها وسمينها ، بحلوها ومرها ، بصحيحها وكذبها على أن هذه الحقبة هي الواقع الذي عاشه أشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء – كلا كلا – لا يا سادة ، ليس الأمر كذلك ، وما هكذا يا سعد تُوردُ الإبلُ – لا بد أن نعىّ أيضاً أن الحديث عن أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ – يتطلبُ ، أنتبه أيها الفاضل ، لا بد أن نعلم أن الحديث عن أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، سواء كان الحديث مكتوباً في الكتب أو مُصوراً عبر وسائل الإعلام ، لا بد أن نعلم أن هذا الحديث يتطلبُ حتماً صفاءاً في العقيدة وإخلاصاً في النية ، وأمانة في النقل ، ودقة في الفهم ، ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المغرضين والكذابين والوضاعين ، أكرر : إن هذا الحديث يتطلب حتماً صفاءاً في العقيدة ، وإخلاصاً في النية ، وأمانة في النقل ، ودقة في الفهم ، ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المغرضين والكذابين والوضاعين ، فلا يجوز أبداً لرجل مهما كان قدره ، ومهما كان أدبه ، ومهما كان فنه ، ومهما كان علمه ، ومهما كانت مكانته ، لا يجوز أبداً لرجل زائغ العقيدة ، مشوش الفكر ، مريض القلب أن يتجاسر وأن يتجزأ بالحديث عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، لأن الحديث عنهم ليس حديثاً عن بشر عاديّ ، أنا لا أريد بذلك أن أُثبت الآن لحضاراتكم عصمة الصحابة -كلا كلا - لا ندعى العصمة للصحابة ، بل إن العصمة انتهي زمانها بموت المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ، لكننا نود أن نقف على مكانة هؤلاء ، فالصحابة كلـهم بلا استثناء عدولٌ ، عدّلهم الله وعدّلهم الصادق رسول الله .
قال الأمام الخطيب البغدادي في كتابه الماتع " الكفاية في علم الرواية " قال : ( إن عدالة أصحاب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم كما ذكر ذلك في القرآن الكريم ) .
بل وقال الإمام مالك إمام دار الهجرة :" إذا أصبح الرجل ووجد في قلبه غيظاً على أحد من أصحاب رسول الله ، فأعلموا بأنه قد أصابه قول الله جل وعلا :" لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ " فعدالة الصحابة ثابتة ، كما سأبين على عجالة في آخر الكلام في واجب الأمة نحو أصحاب سيدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ .
أيها الأفاضل : تعالوا بنا لنتعرف على قدر هؤلاء سريعاً عند الله وعند الصادق رسول الله ، وهذا هو عنصرنا الثاني بإيجاز شديد ، مكانة الصحابة في القرآن والسنة ، قال تعالى ، أنتبه فالذي سنقرأه الآن قرآناً .. قرآناً ، قال الله تعالى في حق الصحابة ، فهم المُخَاطبون ابتداءاً بقوله جل وعلا " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ " المُخَاطب أبتداءاً بهذا النداء من الله هم الصحابة " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ " . وهم المُخَاطبون بقول الله جلا وعلا " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " وفي حقهم قال الله جل وعلا :" الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ، الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ " وقال الله جل وعلا في حق الصحابة " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " وفي حقهم يقول الله " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ .." والمراد بالمؤمنين في هذه الآية بإجماع المفسرين هم الصحابة يقول الله جل وعلا " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا " وفي حق الصحابة يقول الله جل وعلا :" وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ " هؤلاء هم المهاجرون ، أنظر إلى حكم الله بعد ذلك على الأنصار :" وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ " من هؤلاء قال الله :" أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ " هذه آيات القرآن ، هذه كلمات الرحمن في حق الصحابة ، قال تعالى " لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ " لماذا ؟ " يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ، وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وأختم الآيات الكريمة بقول الله جل وعلا :" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا " هذه شهادات القرآن هذه مناقب القرآن لأشرف واطهر الخلق بعد الرسل والأنبياء ، وقال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى كما في الصحيحين من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قَالَ :"خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي - أي اهل زمان - ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " فقرن النبيّ هم الصحابة ثم الذي يلونهم هم التابعون ثم الذين يلونهم هم تابعوا التابعين .
وفي الصحيحين من حديث أَنَسَ قَالَ :" مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا - أي أثنوا على صاحب الجنازة خيراً - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا وَجَبَتْ قَالَ هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ " وفي صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعري رضى الله عنه ، وقد شُوه تاريخ أبو موسى الأشعرى الصحابي الزاهد العابد الفقية الكيس الفطن صاحب القرآن وصاحب القضاء رضى الله عنه ، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ بعد ما نظر إلى النجوم في السماء ليلة قال الصادق " النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ - أي أمان للسماء - فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " " النجوم …. يوعدون " يا مسلمــون والله الذي لا إله غيره من أغضب الصحابة فقد أغضب الله ، والله وأقسم على ذلك من أغضب الصحابة فقد اغضب الله ، من أين لك هذا الحكم الخطير الذي تقسم عليه بربك ، من كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه وهو من أهل بيعة الرضوان قال عائذ :" أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ – يقصد الفقراء - فِي نَفَرٍ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ - يقصد أبو سفيان - فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ – أقرأ ما قاله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ألتفت إلى ابى بكر – وأبو بكر هو الرجل الثاني في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحب الصحابة إلى قلب رسول الله ، ومع ذلك التفت النبيّ إلى الصديق وقال - لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ - أوعى تكون زعلت الناس دى - لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ قَالُوا لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي " ، وفي الحديث الذي اسوقه أستأناساً ، لأنى أعلم أن في سنده ضعفاً الذي رواه الترمذي وابن حبان واحمد في مسنده وفي سنده ضعف كما ذكرت من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضى الله عنه إلا أن الحديث يتقوى بالشواهد التي ذكرت الآن أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قال :" اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ " ولم لا ففي الصحيحين من حديث أبى سعيد الخدري وفي لفظ مسلم من حديث أبى هريرة أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قال " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ أنتبه أنتبه …. حتى لا تغتر بعلم أو طاعة أو عبادة ، فشرف الصحبة للرسول لا يُدانيه أي شرف ولا يدانيه أي عمل ، مجرد أنهم عاشوا مع رسول الله شرف لا يُدانية شرف ، الصحبة والصحابي كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة :" هو كل من رأي رسول الله وآمن به ولو مات على الإسلام " لا بد من هذه الشروط مجتمعه " كل من رأي رسول الله وآمن به ولو مات على الإسلام " فأبو جهل رأي رسول الله لكنه فرعون هذه الأمة ، وأبو لهب رأي رسول الله وهو في الدرك الأسفل من النار ، فلا بد من الرؤية من الإيمان بالله ورسوله ولا بد من الموت على ذلك ، فمنهم من رأي النبيّ وآمن به ثم أرتد والعياذ بالله – نسأل الله أن يثبتنا على الحق حتى نلقاه ، وأن يجمعنا بأصحاب رسول الله إنه ولى ذلك ومولاه .
أيها الأفاضل : لا بد أن أطيل النفس في هذا العنصر ، فوالله أنه يحتاج إلى لقاء كبير كامل إلا وهو قدر الصحابة عند الله جل وعلا ، وعند الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ لا بد من هذا التأصل الذي بينت في العنصرين الأول والثاني لندخل بعد ذلك على قضية الفتنة التي وقعت بين الصحابة ، ونحن بهذا المعتقد الصافي وبهذا الفهم الرائق ، ونحن نقف على أرض صُلبة ، ونعرف عمن نتحدث وعمن نتكلم ، فلقد قدم المسلسل تاريخاً مزوراً عن العلاقة بين خالد بن الوليد و عمر بن الخطاب وهذا الأمر يحتاج إلى لقاء مستقل ، وأعد أن شاء الله تعالى بأن افرد له لقاءاً كاملاً ، وعرض المسلسل أيضاً صورة مشوهة لعلاقة عمرو بن العاص مع امرأته وكأنه رجل متخصص في كلمات العشق والغزل إلى غير ذلك ولكن اخطر ما قدمه المسلسل هو قضية التحكم وهذا عنصرنا الثالث من عناصر الموضوع ، قضية التحكيم المزورة ، أنتبه معي وأعرني قلبك ونظرك وكيانك فإن الكلام خطير قضية التحكم إسمح لى أن ارجع بك إلى الوراء قليلاً ، يوم حاصر المنافقون ، أكتبها بأكبر خط ، يوم حاصر المنافقون دار عثمان بن عفان الخليفة الراشد صاحب بئر روما زوج ابنتي رسول الله ، مجهز جيش العسرة ، موسع المسجد النبوي ، عثمان الحيي ، عثمان الحيي ، الذي استحيت منه ملائكة الرب العلىّ ، والحديث في صحيح مسلم من حديث عَائِشَةَ :" قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ - فالتقطت عائشة البليغة الفقيهة هذا المشهد النبوي قالت يا رسول الله - قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ - فقال الرسول المصطفي والنبيّ المُجتبي والصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قال - أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ "
عثمان – اللــه – يا أخى فكر فيها والله ، والله لو فكرت فيها لطاش عقلك . إنى لأستحى من عثمان – لماذا ؟ لأنه رجل تستحى منه الملائكة أنتبه أنتبه لأنني أؤصل أصولاً في غاية الأهمية ، حتى لا يسئل مسلم ويقول لماذا لم يقاتل عثمان لماذا لم يأمر عثمان علياً والصحابة أن يقتلوا المنافقين الثوار الذين أحاطوا بداره أنتبه – عثمان لا يتكلم ولا يتحرك إلا بأمر واضح من أستاذه ومعلمه المصطفي ، أنتبه أيها الحبيب الرسول أخبر عثمان ابن عفان بأنه شهيد ، أنتهي هذا أول بيان نبوي كما في الصحيحين صَعِدَ النَّبِيَّ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ :" اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ "، أو فإن عليك نبياً وصديقاً وشهيدين واللغتان صحيحتان فـ ( ما ) في الحديث الأول كآفة لعمل
"إن" فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان ، النبيّ هو المصطفي والصديق هو أبو بكر والشهيدان هما عمر وعثمان ، وفي صحيح مسلم الطويل من حديث أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضى الله عنه الذي قال " لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ – باب الحديقة - فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنْ الشَّقِّ الْآخَرِ قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ "
صلى الله على الصادق وفي بعض الروايات في غير راوية مسلم قال عثمان " نصبر ونحسب إن شاء الله تعالى " وفي رواية لأبن أبى شيبة في المصنف بسند صحيح قال النبيّ لعثمان :" يا عثمان إنك مبتلى ، وفي لفظ " إنك مستشهد فاصبر صبرك الله " فالرسول يبلغه بالشهادة ، ويأمره بالصبر ، وعدم القتال وفي رواية صححها شيخنا الألبانى وغيره في سند ابن ماجة أن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قال لعثمان " يا عثمان ! إن الله مُقَمصك قميصاً – وهو قميص الخلافة - فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني " وأنا جزمت بأن المنافقين هم الذين حاصروا الدار لهذا الحديث فالذي شهد بنفاقهم هو المصطفي ، مجموعة من المنافقين الخبثاء ، بزعامة ابن السوداء اليهوديّ المجرم ، عبد الله بن سبأ ، هم الذين حاصروا عثمان ومنعوا عنه الطعام ومنعوا عنه الماء ، منعوا عن عثمان الماء الذي مازال يجرى في بئر روما من خالص ماله رضى الله عنه ولو تركه المجرمون أياماً لمات عثمان عطشاً ، والسؤال الذي يسأله شبابنا الآن أين كان الصحابة إذاً ؟ لقد وضحت لكم الآن أن عثمان مأمور بالصبر ومأمور بالاحتساب ومأمور بعدم خلع قميص الخلافة ، ومأمور بعدم القتال ، فهو من هو إن لم ينفذ أمر النبيّ الصادق بحذافيره كلمة كلمة بل حرفا حرفاً ، فلما حاصر المجرمون بيت عثمان أنطلق علىّ وأنتبه معي جيداً ، أنطلق علىّ وقد أعتم بعمامة سيدنا رسول الله ، ودخل علي عثمان رضى الله عنه ، وقال " يا أمير المؤمنين ما أرى إلا أن القوم سيقتلوك فمرنا بالقتال .. مرنا بالقتال " قال عثمان : لا … لا والله ، والله ما أحب أن ألقى الله وفي عنقي قطرة دم لأمرىءٍ مسلم " رجل مأمور – رجل عجيب وطراز فريد من البشر ، وصبر عثمان وفي الليلة الموعودة في كثير من الروايات وسندها حسن أن عثمان رضى الله عنه قبل أن يُقتل جاءه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ في الرؤيا وقال :" أفطر عندنا غداً يا عثمان " فأصبح عثمان رضى الله عنه صائماً وجلس وأصبح الصباح وقد فتح باب داره فتح الدر وقرأ كتاب العزيز الغفار ، وضع المصحف بين يديه ، ذلكم المصحف الذي جمعه عثمان في مصحفٍ إمام واحد فتح المصحف بين يديه ، وبدأ يقرأ وقد شد عليه سراويله وقد علم أنه مقتول في هذا اليوم فأنقض عليه المجرمون فطعنه الغافقى تسع طعنات – تسع طعنات بخنجر مسموم وهو بقول طعنت عثمان تسع طعنات طعنت عثمان ست طعنات لما كان في نفسي عليه ، وثلاث طعنات لله تعالى ، كذاب مجرم آثم ، ولو صدق هذا المجرم لقال : طعنت عثمان تسع طعنات لما كان في نفسي عليه ، يُقتل الخليفة بأسم الدين يُقتل الخليفة بأسم الله ؟؟!! لله تعالى !! كذب ، ثم تقدمت نائلة الزوجة الوفية الصابرة لتدافع عن زوجها عثمان فقطعوا أصابعها وهي المرأة العفيفة ، ونظر أحد المجرمين إلى مقعدتها من الخلف ، وقال : ما أعظم كذا وكذا ، هؤلاء المجرمون الذين خرجوا لله تعالى !! ، فأرسلت نائلةُ رضوان الله عليها ، وأنتبه : أرسلت القميص الذي قُتل فيه عثمان ، وقد وقفت والله على رواية غربية عجيبة ، لا أقصد بالغرابة الضعف ، وإنما أمرٌ عجيب ، أن هذا المجرم ضرب المصحف في حجر عثمان برجلة ، فدار المصحف بتقدير الله دورة كاملة ، ليستقر في حجر عثمان مرة أخرى ، لتسيل دماء عثمان عليه لتخالط دماء عثمان آيات القرآن ، كما خالطت آيات القران دماء عثمان ، والعجيب أنهم وجدوا المصحف والدماء على قول الله تعالى " فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وقُتل عثمان ، وأرسلت نائله بقميصه إلى من ..؟؟ إلى معاوية ، فمعاوية صاحب جيش وصاحب مكانة ، فالمدينة ليس لها من وال ، فأرسلت إلى معاوية فهو أولى الناس بدم عثمان فهو أقرب عثمان ، وأرسلت مع قميص عثمان أصابعها التي قُطعت ، فلما ذهب القميص لمعاوية في بلاد الشام ، علق معاوية قميص عثمان وعلق فيه أصابع نائلة على منير المسجد الدمشقي ، فبكى الناس في المسجد بكاءً مراً ، وعاهدوا معاوية رض الله عنه على قتل قتلة عثمان ، ومكثت المدينة النبوية بدون حاكم ، وبدون وال ، وأميرها الغافقى قاتل عثمان !!! فطلبوا من علىّ الخلافة ، فطلبوا أن يُبايعوه ، فأقر علىّ بالخلاقة وقبلها وما كان على الارض من هو أولى بها من علىّ رض الله عنه ، وهنا بدأ الخلاف أيها الأفاضل ، حينما طلب طلحه والزبير ومعاوية وغيرهم من رؤوس الصحابة ، طالبوا علياً أن يُقيم الحد على قتلة عثمان ، فأعتذر علىّ وهو على حق ، لأن قتلة عثمان ليس فرداً وليس عشرة أفراد ، بل إنهم جيشٌ جرار ، يُدمر الأخضر واليابس ، ولا يجد علىّ من القوة ما يُقيم بها الحد على قتلة عثمان ، فأعتذر علىّ بفقهه وفطنته وحكمته عن إقامة الحد علي قتلة عثمان الآن ، وهنا دبّ الخلاف الرهيب بين معاوية وطلحة والزبير رضي الله عنهم وبين علىّ رضي الله عنه ، وقالوا لابد وحتماً من إقامة الحد على قتلة عثمان وذهب طلحة والزبير إلى عائشة ، وكانت تؤدى مناسك الحج رضي الله عنها ، في بلد الله الحرام ، وأخبروها بذلك ، وطلبوا منها أن تحث الناس للقيام للأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه ، ولإقامة القصاص العادل ، فخرجت عائشة رضي الله عنها لا إلى المدينة بل إلى البصرة ، وهي تظن أنها ستعد وتهيئ الناس للقتال ، أي لقتال من قتلوا عثمان رضي الله عنه ، وقد تأولت قول الله :" لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ – الآية "
قالت والله ما خرجت إلا للإصلاح بين الناس ، بل وفي رواية للزهري قالت : والله لقد ظننت أن مكاني سيحجز بين الناس ، ولو علمت أنه سينشب القتال ما خرجت "كلٌ مجتهد يريد بنية خالصة أن يُقيم الحد على من قتلوا عثمان رضي الله عنه لكن المجتهد إن أصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله اجر ، فهو على أجر ، لأنهم جميعاً على نيةٍ صادقة مخلصةٍ ، وهذا معتقد أهل السنة بلا استثناء ، المهم أيها الأفاضل نشب القتال حينما أرسل علىّ القعقاع بن عمرو إلى عائشة رضي الله عنها وأخبرها ، وقال : يا أماه ما الذي جاء بكى إلى هنا ، فالت : والله يابني ما جئت إلا للإصلاح بين الناس ، قال فأرسلي إلى طلحة والزبير ، فأرسلت عائشة إلى طلحة والزبير فحضرا ، وقال لهما القعقاع بن عمرو رسول علىّ ، ما الذي جاء بكما إلى هنا ياطلحة ويازبير ، قالا : والله ما جئنا إلا للإصلاح فقال القعقاع بن عمرو رضي الله عنه فكيف يكون الإصلاح ، قال طلحة والزبير : بقتل من قتلوا عثمان ، فقال لهم القعقاع بن عمرو رضي الله عنه لقد قتلتم أنتم قتلة عثمان من أهل الكوفة فغضب لهم ستةُ آلاف مقاتل ، فلم تقيموا الحد على هؤلاء ، فإن لم تقيموا الحد عليهم ، وقعتم فيما تطلبون به الآن علياً رضي الله عنه ، قالوا : فما الحكم إذاً ، فقال القعقاع الأمر فتنة ، ودواؤه التسكين ، وعلىٌّ لا يجد من القوة ما يُقيم به الحد على قتلة عثمان ، فاتفقا على الصلح ، وأرسلت عائشة القعقاع بين عمرو ليخبر علياً بأنها ما جاءت إلا للإصلاح بين الناس ، وبات قتلة عثمان من المنافقين وهم جمعٌ كبير ، في ليلةٍ شديدة ، وقالوا : إن علياً هو أعرف الناس بكتاب الله ، وهو أول الناس الذين سيقيمون الحد عليكم إن سكن هذا الأمر وهدأت الفتة ، فاتفقوا على أن ينقسموا فريقين انتبه معي فريقٍ في سواد الليل ينقض على جيش علىّ ، وفريقٍ ينقض علي جيش طلحة والزبير ، أو على من مع طلحة والزبير وفي سواد الليل وقعت السيوف ، فظن فريق علىّ أن هذه السيوف هي سيوف طلحة والزبير ، وظن طلحة والزبير أن هذه السيوف هي سيوف علىّ ، ونشب قتالٌ شديد ، وأمُنَا رضي الله عنها عائشة علي جملها في هودجها تبكى لهذا الدماء الغزيرة التي تُسفح تحت أرجل جملها ، هذه المعركة التي تُسمى بمعركة الجمل ، ثم هدأت المعركة في الصباح بعد ما تبين الفريقان الخُدعة الكبرى ، وذهب علىّ إلى عائشة وقال كيف حالك يا أماه ، قالت : بخير يا علىّ ، قال : يغفر الله لكي : وأمدها بالطعام والشراب ، وأرسلها مع محمد بي أبى بكر فانطلقت من مكة إلى المدينة النبوية بعد ذلك ثم أصر علىّ أن ينطلق إلى الكوفة ثم إلي بلاد الشام ، وهو يعتقد أن معاوية ليس من حقه أن يُطالب بدم عثمان ، لأنه ليس خليفة ، وما طلب معاوية الخلافة ، وما كان معاوية خليفة قط ، فانطق إلى الشام ، ونشبت الفتنة مرة أخرى وبدأ القتال بين علىّ وبين معاوية رضي الله عنهما ، إلى أن رفع فريق أهل الشام المصاحف على أسنة السيوف والرماح ، وقالوا بيننا وبينكم كتاب الله ، وهنا وقف القتال ، وأختار الفريقان حكمين ليحكما بينهم ، أختار علىٌّ أبا موسى الأشعرى ، وأختار معاوية عمرو بن العاص وانتبه إلى الرواية ، رواه الإمام الطبري ، وقد بينت أن أهل السنة قد جمعوا الروايات ويبنوا كل رواية بذكر السند حتى ننتبه إلى صحة الرواية من عدمها ، روى الطبري ، قال : أبو مخنف لوطُ بن يحيى قال حدثني أبو جنابن الكلبي ، وقال : أجتمع أبو موسى الأشعرى وعمرو بن العاص بدومة الجندل ، مكان يُقال له : دومة الجندل اجتمعا واتفقا على خلع علىّ ومعاوية ، وهذه أول كذبة ، معاوية لم يكن خليفة حتى يُخلع ، ثم قدم عمرو بن العاص باختصار شديد أبا موسى ليتكلم ، وقال أنت صاحب رسول الله وأنت أسنّ منى ، فتقدم أبا موسى فحمد الله ، وأثنى عليه بين الناس ، وقال لقد اتفقت أنا وعمرو بين العاص على خلع الرجلين ، على خلع عليّ ومعاوية ، وتركنا الأمر شورى للمسلمين ، ليختاروا من يرونه أهلاً لهذا الأمر ثم همّ أن ينصرف ، فقال له ابن عباس : ويحك يا أبا موسى " هكذا في الرواية الباطلة " بل قدم عمرو بن العاص ليتكلم أولاً ، فو الله إني لأظن أن الرجل قد خدعك ، فإن عمرو بن العاص رجل غادر – أعوذ بالله – فتقدم عمرو بن العاص فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : هذا الرجل قد خلع صاحبه علياً وأنا أخلع صاحبه علياً وأُثبت صاحبي معاوية فألتفت أبو موسى ، تقول الرواية ، وكان أبو موسى رجلاً مغفلاً – عياذاً بالله ، فألتفت إلى عمرو وقال : لا وفقك الله يا عمرو تغدر وتخون ،ثم قال : إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل علية يلهث أو تتركه يلهث ، هكذا ذكر المسلسل وذكر هذه الرواية المكذوبة الباطلة ، فألتفت عمرو بن العاص إلى أبي موسى ، وقال : يا أبا موسى إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ، ثم بعد ذلك انتهت القضية ، فكان علىّ يقنت في صلاة الصبح ويقول " اللهم ألعن معاوية بن أبى سفيان ، وألعن عمرو بن العاص "وكان معاوية يقول :" اللهم ألعن علىّ بن أبى طالب ، والحسن والحسين ، وألعن ابن عباس " إلى آخر الرواية – كذب – كذب – كذب باطل – جهل في الدين – وضلال مبين وتحريف بيّن لهذه المرحلة الخطيرة من أخطر مراحل التاريخ الإسلامي : وعلى عجالة أيها الأفاضل ، أقول هذه الرواية لا تصح سنداً ولا تصح متنا ً، أما السند ، روى الطبرى قال أبو مخنف لوط بن يحيى قال حدثني أبو جنابن الكلبىّ ، أبو مخنف لوط بن يحيى قال فيه علماء الجرح والتعديل ما يلي ، قال ابن عديّ " أبو مخنف شيعىٌّ محترق " أنتبة شيعىٌّ محترق ، قال الذهبى :" إخبارىٌّ تالف " صاحب أخبارهم ، قال أبوحاتم " ليس بثقة " وسُئل عنه يوماً فقال :" وهل يسئلُ أحدٌ عن هذا "إلى آخره ، فهذا حكم بعض علماء الجرح والتعديل في أبي مخنف ، أما الرجل الثاني وهو الكلبي ، قال فيه البخاريّ والنسائيّ وأبو حاتم وغيرهم :" ضعيف " فالسند لا يصح أما المتن فباطل ، فمن أي شيء يُخلع معاوية ، وما كان معاوية خليفة قط وما طلب الخلافة قط ، وما كان الخلاف على الخلافة ، بل كان على الأخذ بدم عثمان رضي الله عنه وأرضاه ، ثم أبو موسى الأشعرى الذي تُصوره الرواية على أنه رجل مغفل ساذج لا يعرف شيئاً ولا يعرف القضية ، وهو الصحابي الجليل الفقيه الزاهد العابد الورع الذي ولاه النيى – النبي – ولاه النبي على زبيد وعدن ، وولاه عمر بن الخطاب على البصرة ثم ولاه بعد ذلك عثمان بن عفان على البصرة ثم نقله بعد ذلك إلى الكوفة ، فلما تولى علىّ أبقاه أميراً على الكوفة ، فهل يُعقل ياسادة أن يولى النيى – أبا موسى القضاء والحكم في زبيد وفي عدن ، وأن يُبقيه عمر وأن يُبقيه عثمان وأن يُبقيه علىّ وهو رجلٌ مغفل ساذج ليس من الفطنة ولا من الفقة ولا من الذكاء في شيء ، سبحانك ربى هذا والله ضلال مبين ، وعمرو بن العاص الصحابيّ الجليل الزاهد العابد الورع الذي أسلم بعد الحديبية طائعاً مُختاراً مُحباً مؤمناً بالله ورسوله ، بل وقد شهد له النبى صلى الله عليه وسلم بقوله كما في الحديث الذي رواه الترمذي وأحمد وغيرهما بسند حسن بل وصحح إسناده بعض أهل العلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ " وحسنه شيخنا الألباني انظر حديث رقم :971 في صحيح الجامع ، فيشهد النبي له بالإيمان وهو الذي ولاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ الإمرة إمرة الجيش في غزوة ذات السلاسل ، وهكذا ، هؤلاء يا أخوه رباهم المصطفي ، هل يُعقل بعد ذلك أن يلعن أبو موسى عمرو بن العاص ويقول له أنت كالكلب ، أو أن يقول عمرو بن العاص لأبي موسى أنت كالحمار ، هل يقولها مؤمن لمؤمن في زماننا هذا ، والله لا تحدث من آحاد المؤمنين ، فكيف تقع من أصحاب سيد المرسلين ثم هل يُعقل أن يلعن علىّ معاوية أو أن يلعن معاوية علياً والحسن والحسين ، كيف ذلك ؟؟ وهم الذين سمعوا رسولهم المصطفي ونبيهم المُجتبي يقول كما من صحيح البخاريّ " وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ " ويقول في صحيح مسلم :" لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ "ويقول في مسند أحمد بسند صحيح " إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلَا الطَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ " فالمؤمن العاديّ لا يعلن أخاه المؤمن ، فهل يلعن علىّ – علىّ – معاوية ، وهل يلعن معاوية كاتب الوحي علياً ، الذي قال له النبي " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي " . أيها الأفاضل يا سادة هؤلاء هم أصحاب المصطفي وكفي ، وإذا كان تلميذ في العادة يقتبس من أستاذة فأرجو أن تتصوروا كيف يكون الاقتباس ، إذا كان الأستاذ والمربى هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ .
أخيراً : واجب الأمة نحو الصحابة : أولاً : واجبنا نحو هؤلاء الأفاضل أن نُحبهم فحبهم دين ، قال الإمام الطحاويّ " ونُحب أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا نبغض أحداً منهم ، فحبهم دينٌ وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفرٌ ونفاق وطغيان " وقال الحافظ الكبير أبو زُرعة " إذا رأيت الرجل يسب أحد أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ فأعلم بأنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله علية وسلم حق ، والقرآن حق ، وأن ما جاء به من عند الله حق - أي الرسول - وما نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة " فهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليهدموا القرآن والسنة ، لأن الصحابة هم نقلة الوحي القرآنيّ والنبويّ ، فواجبنا أن نحب هؤلاء .
ثانياً : أن نقتدي بهؤلاء ، قال ابن مسعود :" من كان مستناً ، فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تُؤمن عليه الفتنه أولئك أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ كانوا أفضل هذه الأمة ، أبرها قلوباً وأعمقها علماً ؟ وأقلها تكلفاً أختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينة فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " .
ثالثاً : أن نذبّ عنهم وعن أعراضهم بكل ما أُوتينا فمن استطاع منكم أن يُرسل هذه الرسالة أو الشريط إلى ممثل قام بالدور أو إلى منتج أو إلى مخرج أو إلى صحفيّ فليفعل بأسلوب مهذب وبكلمات رقيقة رقراقة، ومن استطاع أن ينقل هذا الكلام عبر مجلة أو جريدة فليفعل وقد أذنت له بذلك ، يجب أن نذبّ عن أعراض هؤلاء الأطهار ، فأنت لا تقبل أن يُسيئ أحدٌ إلى عرضك أو إلي عرض أبيك أو عرض أمك ، وهؤلاء يجب أن يكونوا أحب إلينا من آبائنا وأمهاتنا فهم الذين نقلوا إلينا وحيّ ربنا ووحيّ نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ .
رابعاً: الإمساك عما شجر بينهم في هذه الفتنة ، وأن نردد قولة هذا الصادق الأمين " تلك فتته سلمت منها أيدينا ، فلتسلم منها ألسنتنا " .
عنوان الدرس علي الإنترنت : http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=27086&scholar_id=28
نرجو إرسال أي ملاحظات علي eltawhed@islamway.net
( وصلني عبر الايميل )