شروق
07-01-2004, 11:09 AM
بعـد أن أنهـت الطالبات كتـابة الدرس أقبـَلت وبيدها ورقـة جميلة، وقـالت : أريـد أن تساعديني في كتابـة رسالـة لوالدي أضعـها مع هديـة اشتريتها له، فـقـلت لها: امسكي القـلـم واكتبـي:
أبـي الحبيـب
السلام عليكم ورحمـة الله وبركاتـه ....
أبـي.. إنـي لم أنسـكَ يـومـاً و كيـف أنسى ذلك الركـن الحنـون أم كيـف أنسى أياديـك البيضـاء بالعـطــاء.
أبـي.. كيـف أنسى غامـر فـضـلك وإحسانـك وصلابتـك في الحـق، فـأنت شمسي التي تشرق صباحاً فـتنشر الدفء والنشاط في بيتنا لنستـقبل يومنـا بعـزم ونشاط وسعـادة مقبـلين على الحيـاة، والأمل يحـدونـا لاستقبـال يـوم جديـد بعـزم وثبـات، وفي المساء أنت قمـري المضيء الذي ينير البيت بتلك الحكم الباهرة التي تتـعهـدنا بهـا فتـنقـلنا من خميـلة إلى خميـلـة بين الآيات والأحاديث والسير في حديث عـذب تعشقـه الآذان وتصغـي لـه القـلـوب، وأرشدتنا إلى حيـاة في الليل هي جنـة المؤمـن في الدنيا والآخـرة، حينما أسرجت ليلنـا بتلك الركعـات في ظلمـة الليل البهيم وبذلك الصـوت العـذب حينما ترتـل الآيات، وكنت الدفء يشع في جوانـحـي حينمـا تلفـحـني الحيـاة بتياراتـها البـاردة فأتـوق إلى لفتـة حانيـة منـك تـقـشـع عني غيـوم وساوسي، فـقـربـك وعـذب حديثـك أنس مجـالسي وضحكاتـك متـانـة فـي جدار بيتي وأمنـي.
قـل لي يا أبـي، بـل علمنـي كمـا كنت تعـلمنـي وتشاطرني تفكيـري، علمنـي كيـف أتـرجم حبـي لك، بل كيـف أعبـِّر لك عـن امتنـاني وفـخري بك.
أبـي.. حينمـا تبدو الحياة مـواتيـة وتسير بي مراكبـها إلى شواطـئ آمنـة إلى الفـضيلـة والعِـفـة أجـد أنـفـاسك إلى جـواري، فـأنت سِرٌ من أسـرار نجـاحـي، فـأسيـر في تـلك الطرقـات المعـشبـة، وأحس نظـراتـك تتـابعـني، وأظنـها نظـرات الرضـا هكذا شعـرتُ بـها؛ لأنني أرى التـوفيـق يحـالفـنـي وأجـدنـي معـها أشق طريـقـي بثـقـة وثبـات، متـحملـة تـلك التغييرات فـي سني الحـرجة - كما يصفـها علماء النفـس - لكنني لا أجـدها كذلك، بل هـي السن التي اكتشفـت فيـها مدى النعمـة العـظيمـة التـي أمتـنّ الله بها علي أن جعـلنـي ابنـة لك، واكتشفـتُ مـدى قـصـور فهمـي حينمـا كنـتُ صغيـرة وكانـت بعـض توجيهـاتـك يضيـقُ بـها صـدري فتتبـادر دمـوعـي فتتـلقـاها بيـدك الحـانيـة كجـوهـرة تـخشى مـن وقـوعـها أرضـاً ، لكننـي الآن أكثـر تفهمـاً لهـا وأكبـِر فيـك ثباتـك وصمـودك لأجـل تربيـة إسلاميـة تطمـح بهـا لابنتـك بعيـداً عن كل المـؤثرات الخـارجيـة.
أحطتـنـي وإخـوتي بستـار متيـن وكأننـا نعـيش فـي جنـة مِـن جنـات الدنيا، وإذا خرجنـا منها فتـلك الدروع الواقيـة التي وفـقـك الله لصناعتـها كانت تـقـينـا _بإذن الله_ من صـوارف الحيـاة ومـفسداتـها فاختـصرت عليّ طريـق التجـارب الطـويل، والذي قـد لا يـوصل في النهـاية إلى ما نتمنى.
أبـي.. إن حجـابي الذي أفـاخر به أحـد انتصـاراتـك، كمـا أن تسابق إخـوتي للصـلاة في المسجـد لهـو نصـرٌ عظيـم لتـلك التـربية الجـادة التي سعِـيتَ لهـا بـاكراً ووهبتـها الكثير من جهـدك وأوقـاتـك وإمكانـاتـك، فهنيئـاً لكَ ربـح تجارتـك مـع الله، وهـل هنـاك أعظـم تجـارة من صـلاح الـولـد؟ فبـِهِ قـرة العـيـن فـي الدنيـا والرفـعـَة في الآخـرة.
لله ما بـذلت يـا أبي لا أضـاع الله لك جهـداً ولا حرمـك نعيـم بـر أبنائـك.
ولتعـلم يـا أبـي أننـي لا زلتُ أطمـع منـك بالمـزيـد، ولتعـلم أبـي أن السر الذي اكتشفـتـه فيـك أنـك لم ترَ يـومـاً أن أحاديثـي سَمِـجـة أو تـافِـهـة حتى إنـك لتجيـد الإنـصـات للصـغـير الذي بدأ يُرَكِّب جمـلـة مـن ثلاث كلمـات، وحـتى أنـك لتـأخذ بـرأيي في بعـض الأمـور مما يشعـرني بقيمتي عنـدك أولاً واحترامـك لطريقة تـفكيري ثانيـاً ،فتـتـقبل آرائـي وتنـاقـشني حتـى نصـل إلى حـل أمثـل.
أبي.. إننـي ألِـحُ أحيـانـاً في طلب بعـض الأمـور ليس لذاتـها بل لأستمتـع بردودك التي تنـُم عـن رحابـة صـدرك ورجاحـة عـقـلك، إذ تستطيـع أن تتفـهم رغبـات الأولاد والبنـات والصغـار والكبـار فأصنـع ذلك لأتعـلم فـاعـذرني..
أبـي.. إن للتـربية الجيـدة عنـدك فنـون، أبي.. تلك الخطـوط الرئيسـة التي جعـلتني وأفـراد أسرتنـا نشارك في صناعتـها مستـلهمين ذلك من مصـدر عـزتنـا وقـوتنـا من ديننا الحنيـف جعَـلـَت الرؤيـا للحيـاة واضحـة لا أراها بذلك الغبـش الذي تجـده كثير من الفتيـات، فيتـقـلبن مـع المتـغـيرات، وقـد ينتكسن إن لـم يجـدن يـداً خيـّرة تمسح دمـوعهـن وتـرعـى ضعـفـهن، وكلمـة حانيـة تـواسيـهن، وقـلوبـاً دافـئـة تشاركهن أفـراحهـن وأحـزانـهن، وقـد لا يجـدن ذلك في بيوتـهن فيتعـلقن بعـدها بمَن يمنـحهـن ذلك .
أبـي.. أنت لا شك تفـهم معـنى حديثـي وتـدرك بأن قـرب الأب من ابنتـه في هـذه السن مصـدر أمـن لها وثبـات لثمـرات التربيـة التي تتـلقـاها في المنـزل أو على يـد الخيـّرات من المُـربيـات .
حفـظك الله يـا أبي من كل مكروه، وأمَـدّ في عمـرك في طاعتـه، ووفـقـك لغـرس الفضـائل في أسرتـك، وجعـلك مثـالاً وقـدوةً تُحتـذى للآبـاء فـي التربية الإسلاميـة الجـادة .
.. .. ..
كتبـتـه : بدرية الغـنـيـم ... المصـدر : موقـع المسـلم (http://www.almoslim.net/tarbawi/show_article_main.cfm?id=309)
.. .. ..
شـروق : كلماتٌ يستـحـق أن يسمـعـهـا الأب والأم
كلماتٌ دافـئـة حـانيـة حميمـة تـُشعـِر الطـرفَ الآخـر ببعـض الوفـاء والبّـر
كلماتٌ قـد نخـجـل من الإفـصـاح عنهـا ، أو نستكثـرهـا عليهم
لكنهم الأحـق بمُـجمـل المشـاعـر ، وفيـض الأحاسيس : أمُّـك وأبــُّوك !
فيا أيهـا الأبنـاء والبنـات .. افتـحـوا أبواب قـلوبكم لأبائكم وأمهـاتكم فهم الأحـرصُ عليكم ، وهم الأقـرب لكم ، وهم الأكثـر حبـًا وخـوفـًا عليكم
ويـا أيهـا الأبـاء والأمهـات : اقـتربـوا من أبنـائكم ، أشعـروهم بالأمـان واغرسـوا بينكم وبينهم الثـقـة فأنتم حصنهم الحصين ، ومـلاذهم الأمين !
.. .. ..
أبـي الحبيـب
السلام عليكم ورحمـة الله وبركاتـه ....
أبـي.. إنـي لم أنسـكَ يـومـاً و كيـف أنسى ذلك الركـن الحنـون أم كيـف أنسى أياديـك البيضـاء بالعـطــاء.
أبـي.. كيـف أنسى غامـر فـضـلك وإحسانـك وصلابتـك في الحـق، فـأنت شمسي التي تشرق صباحاً فـتنشر الدفء والنشاط في بيتنا لنستـقبل يومنـا بعـزم ونشاط وسعـادة مقبـلين على الحيـاة، والأمل يحـدونـا لاستقبـال يـوم جديـد بعـزم وثبـات، وفي المساء أنت قمـري المضيء الذي ينير البيت بتلك الحكم الباهرة التي تتـعهـدنا بهـا فتـنقـلنا من خميـلة إلى خميـلـة بين الآيات والأحاديث والسير في حديث عـذب تعشقـه الآذان وتصغـي لـه القـلـوب، وأرشدتنا إلى حيـاة في الليل هي جنـة المؤمـن في الدنيا والآخـرة، حينما أسرجت ليلنـا بتلك الركعـات في ظلمـة الليل البهيم وبذلك الصـوت العـذب حينما ترتـل الآيات، وكنت الدفء يشع في جوانـحـي حينمـا تلفـحـني الحيـاة بتياراتـها البـاردة فأتـوق إلى لفتـة حانيـة منـك تـقـشـع عني غيـوم وساوسي، فـقـربـك وعـذب حديثـك أنس مجـالسي وضحكاتـك متـانـة فـي جدار بيتي وأمنـي.
قـل لي يا أبـي، بـل علمنـي كمـا كنت تعـلمنـي وتشاطرني تفكيـري، علمنـي كيـف أتـرجم حبـي لك، بل كيـف أعبـِّر لك عـن امتنـاني وفـخري بك.
أبـي.. حينمـا تبدو الحياة مـواتيـة وتسير بي مراكبـها إلى شواطـئ آمنـة إلى الفـضيلـة والعِـفـة أجـد أنـفـاسك إلى جـواري، فـأنت سِرٌ من أسـرار نجـاحـي، فـأسيـر في تـلك الطرقـات المعـشبـة، وأحس نظـراتـك تتـابعـني، وأظنـها نظـرات الرضـا هكذا شعـرتُ بـها؛ لأنني أرى التـوفيـق يحـالفـنـي وأجـدنـي معـها أشق طريـقـي بثـقـة وثبـات، متـحملـة تـلك التغييرات فـي سني الحـرجة - كما يصفـها علماء النفـس - لكنني لا أجـدها كذلك، بل هـي السن التي اكتشفـت فيـها مدى النعمـة العـظيمـة التـي أمتـنّ الله بها علي أن جعـلنـي ابنـة لك، واكتشفـتُ مـدى قـصـور فهمـي حينمـا كنـتُ صغيـرة وكانـت بعـض توجيهـاتـك يضيـقُ بـها صـدري فتتبـادر دمـوعـي فتتـلقـاها بيـدك الحـانيـة كجـوهـرة تـخشى مـن وقـوعـها أرضـاً ، لكننـي الآن أكثـر تفهمـاً لهـا وأكبـِر فيـك ثباتـك وصمـودك لأجـل تربيـة إسلاميـة تطمـح بهـا لابنتـك بعيـداً عن كل المـؤثرات الخـارجيـة.
أحطتـنـي وإخـوتي بستـار متيـن وكأننـا نعـيش فـي جنـة مِـن جنـات الدنيا، وإذا خرجنـا منها فتـلك الدروع الواقيـة التي وفـقـك الله لصناعتـها كانت تـقـينـا _بإذن الله_ من صـوارف الحيـاة ومـفسداتـها فاختـصرت عليّ طريـق التجـارب الطـويل، والذي قـد لا يـوصل في النهـاية إلى ما نتمنى.
أبـي.. إن حجـابي الذي أفـاخر به أحـد انتصـاراتـك، كمـا أن تسابق إخـوتي للصـلاة في المسجـد لهـو نصـرٌ عظيـم لتـلك التـربية الجـادة التي سعِـيتَ لهـا بـاكراً ووهبتـها الكثير من جهـدك وأوقـاتـك وإمكانـاتـك، فهنيئـاً لكَ ربـح تجارتـك مـع الله، وهـل هنـاك أعظـم تجـارة من صـلاح الـولـد؟ فبـِهِ قـرة العـيـن فـي الدنيـا والرفـعـَة في الآخـرة.
لله ما بـذلت يـا أبي لا أضـاع الله لك جهـداً ولا حرمـك نعيـم بـر أبنائـك.
ولتعـلم يـا أبـي أننـي لا زلتُ أطمـع منـك بالمـزيـد، ولتعـلم أبـي أن السر الذي اكتشفـتـه فيـك أنـك لم ترَ يـومـاً أن أحاديثـي سَمِـجـة أو تـافِـهـة حتى إنـك لتجيـد الإنـصـات للصـغـير الذي بدأ يُرَكِّب جمـلـة مـن ثلاث كلمـات، وحـتى أنـك لتـأخذ بـرأيي في بعـض الأمـور مما يشعـرني بقيمتي عنـدك أولاً واحترامـك لطريقة تـفكيري ثانيـاً ،فتـتـقبل آرائـي وتنـاقـشني حتـى نصـل إلى حـل أمثـل.
أبي.. إننـي ألِـحُ أحيـانـاً في طلب بعـض الأمـور ليس لذاتـها بل لأستمتـع بردودك التي تنـُم عـن رحابـة صـدرك ورجاحـة عـقـلك، إذ تستطيـع أن تتفـهم رغبـات الأولاد والبنـات والصغـار والكبـار فأصنـع ذلك لأتعـلم فـاعـذرني..
أبـي.. إن للتـربية الجيـدة عنـدك فنـون، أبي.. تلك الخطـوط الرئيسـة التي جعـلتني وأفـراد أسرتنـا نشارك في صناعتـها مستـلهمين ذلك من مصـدر عـزتنـا وقـوتنـا من ديننا الحنيـف جعَـلـَت الرؤيـا للحيـاة واضحـة لا أراها بذلك الغبـش الذي تجـده كثير من الفتيـات، فيتـقـلبن مـع المتـغـيرات، وقـد ينتكسن إن لـم يجـدن يـداً خيـّرة تمسح دمـوعهـن وتـرعـى ضعـفـهن، وكلمـة حانيـة تـواسيـهن، وقـلوبـاً دافـئـة تشاركهن أفـراحهـن وأحـزانـهن، وقـد لا يجـدن ذلك في بيوتـهن فيتعـلقن بعـدها بمَن يمنـحهـن ذلك .
أبـي.. أنت لا شك تفـهم معـنى حديثـي وتـدرك بأن قـرب الأب من ابنتـه في هـذه السن مصـدر أمـن لها وثبـات لثمـرات التربيـة التي تتـلقـاها في المنـزل أو على يـد الخيـّرات من المُـربيـات .
حفـظك الله يـا أبي من كل مكروه، وأمَـدّ في عمـرك في طاعتـه، ووفـقـك لغـرس الفضـائل في أسرتـك، وجعـلك مثـالاً وقـدوةً تُحتـذى للآبـاء فـي التربية الإسلاميـة الجـادة .
.. .. ..
كتبـتـه : بدرية الغـنـيـم ... المصـدر : موقـع المسـلم (http://www.almoslim.net/tarbawi/show_article_main.cfm?id=309)
.. .. ..
شـروق : كلماتٌ يستـحـق أن يسمـعـهـا الأب والأم
كلماتٌ دافـئـة حـانيـة حميمـة تـُشعـِر الطـرفَ الآخـر ببعـض الوفـاء والبّـر
كلماتٌ قـد نخـجـل من الإفـصـاح عنهـا ، أو نستكثـرهـا عليهم
لكنهم الأحـق بمُـجمـل المشـاعـر ، وفيـض الأحاسيس : أمُّـك وأبــُّوك !
فيا أيهـا الأبنـاء والبنـات .. افتـحـوا أبواب قـلوبكم لأبائكم وأمهـاتكم فهم الأحـرصُ عليكم ، وهم الأقـرب لكم ، وهم الأكثـر حبـًا وخـوفـًا عليكم
ويـا أيهـا الأبـاء والأمهـات : اقـتربـوا من أبنـائكم ، أشعـروهم بالأمـان واغرسـوا بينكم وبينهم الثـقـة فأنتم حصنهم الحصين ، ومـلاذهم الأمين !
.. .. ..