PDA

View Full Version : وطني .... جداري الأخير


Um-Shahad
31-07-2003, 05:38 PM
يبدو الجدار أحياناً أرحم من الإنسان...
يبدو أكثر صمتاً وأكثر لغة أيضاً، أي أكثر كلاماً، بل هو أحياناً مساحة للحرية، وكأنه- كما يقولون- منبر من لا منبر لهم.
والجدار كما هو صفحة إسمنتية مفتوحة للكتابة والتعبير والموقف، هو أيضاً فاصل وعازل. هو الشكل المادي المباشر للحدود والقطع بين مكانين، ومن أشهر الجدران الحدودية.. جدار برلين الذي كان مآله الهدم في آخر المطاف، واليوم، نشهد جداراً حدودياً آخر " يقص" فلسطين إلى مكانين، وأيضاً، سيكون مآله الهدم، ذلك لأن الأوطان لا تتجزأ، فالجغرافيا كالجسد الذي يمكن أن يلتئم جرحه وقصّه وقطعه حتى بعد طول نزيف.
أكثر من معنى للجدار، وأكثر من تأويل وتمثيل، فكما يمثّل الجدار احاطة وعزلة وتحديداً وتحزيماً يمكن أن يمثل أيضاً معنى القفز والاقتحام. فكما هو رمز على الحجز والمنع والتوقيف هو أيضاً فاصلة جامدة ينفتح بعدها نهار التحرر والانطلاق والانبثاق، وذلك كله بمعدل الهدم.
وعادة، لا يبقى من الجدران إلا أطلالها وبقاياها التي حملت ذات يوم لغة الإنسان منذ خياله الفطري الأول على جدار الكهف وحتى خياله الحرّ على جدار الوطن.
*******
يقول الإنسان المسالم والذي في " حاله " في المثل الشعبي المتداول في بلاد الشام أو في الهلال الخصيب، وما أجمل هذا الهلال يقول " الحيط،، الحيط، ، ويا ربي الستيرة" ، ومع ذلك لا تعطي الجدران دائماً مثل هذه " الستيرة" ، فقد شاهد العالم كله كيف استشهد الفتى الفلسطيني محمد الدرة بجانب الجدار.
كانت ظلال الجدار منحسرة حتى آخرها كما يبدو في نهار استشهاد الدرة، فقد كانت الشمس عمودية تماماً فوق رؤوس الجنود الصهاينة، ولذلك أطلقوا النهار على الفتى والجدار والظلال، فبقيت الصورة أصلب من الاسمنت، وهكذا من الصعب نسيانها أو "هدمها" بأي معول.
******
في الضحى تعلق النسوة الفلسطينيات قمصان أبنائهن الشهداء على حبل الغسيل، لا ليجف الدم عن القمصان، بل لتسقط الحبيبات الدموية على الظلال مثل حبيبات القمح والشعير، وبعد أقل من حول يصبح الدم شقائق نعمان كنعانية تنبت في شقوق الجدران، وفي الظل، وفي لغة الشعراء.
ولم يكن هذا المشهد مقطعاً درامياً من الأسطورة الفلسطينية القديمة، بل هو المشهد اليومي الحيّ الذي تبصره عيون الأمهات الساهمات في ظلال الجدران، والمنحنيات على حزنهن الأمومي المعتّق كما تنحني وتحنو الشمس على قمصان الشهداء.
*****
وطني وطني ...... يا جداري الأخير

حروف سوالف
02-08-2003, 04:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي ام شهد ..
عجزت عن التعليق ولكني اشيد بما كتبتي ..

تحياتي لك ..
اخوك حروف سوالف

Um-Shahad
02-08-2003, 05:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



جزاك الله خير أخي حروف الحب على مرورك الطيب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته