PDA

View Full Version : حدث ذات مساء!


المبحر نحو الجنون
06-07-2003, 03:15 PM
وقفتُ على عتبة الغفران متأوّهةً...
أيجوز للنفس أن تَرى ما لا يُرى!
تُرى ما الذي يدفع الإنسان إلى تحمّل المعاناة حدّ مجاورة المهانة!
ما الذي يرمي به إلى بُعد الإحساس بالخذلان، حتى لا يشعر بالذّل وهو يمدّ يده استجداء؟
جرَتْ دمعة تسكب الوجدان في كأس العجز واعتصَمَتْ بالمقلة!
أيسهل الأمر على من تدوسهم عجلة الحياة وتسحقهم تحت عربة التهميش، ويصعب غلى من أتت به في مقام؟
أيكون تتبّع خطى الروح نحو الانكسار هيّن لمن يتأمّل انتصار الآخرين؟
أوَيُعقل أن يُحرم مَنْ بصقَتْه الحياة، عاريًا كالريح، على طرقات البؤس ولا يُعطَى
بعضًا من مستلزمات الحياة الأساسيّة؟
ربّما الريح لا تحبّ من يهادن نسيمات دفئها وتُعرِض عنه، أم أنّها تُفضّل، مثله، الترحال!
أهي لا تحب سوى أجسادًا تآكلها العمر على مسالك الحرمان؟
وكم يمكن للنفس أن ترتاب الحياة وموانعها وهي ترزح تحت سياط الألم والجوع؟
كيف يمكن لها أن تهاب قوانين مجتمع ولا تقتحم قيوده وأَسْرِ تقاليده الموغلة إجحافًا؟
أوَيحقّ لكِ يا نفس أن تتمرّدي على نُظم أخلاقيّة وهي تنهركِ افتراءً وذُلاًّ في كلّ لحظة وترميك لمخالب الموت المتراكمة حول جيفة تناتشتها الضباع منذ الولادة!
لماذا تتلفتين وجلى وكأنّك تقومين بجرم أيا نفس؟
أيحقّ لربيع هذا العمر أن يأتيكِ جوعًا وإذلالاً ولا تبحثين عن شيء يسدّ رمقك؟ من هم على عكّاز يحظون بمساعدة إنسانيّةٍ وأنت ما من يهتمّ بك يا نفس!
ألستِ صاحبة احتياجات خاصّة؟
أمّ أنّ هذا المجتمع لا يعتبرك صاحبة قضيّة محقّة يجوز النظر فيها!
أوّاه ربي ماذا أقول؟
أتعطيني تذكرة سفر إلى الآخرة كي لا أرى النفس تُغتال في كلّ يومٍ وفي كلّ لحظة؟
أيّ عيبٍ اقترفَت هذه الأنامل وهي ترتفع وتسأل إحسانًا؟
حسِبَتْ أنّ الأمر سهلاً، تجاسرتْ لمرّةٍ وخانتني وذهبت بمفردها تسأل عن لقمة وما سألت عن حالي... وشرفي... وعزّتي... وكرامتي... وهذا الوجدان المتمسّك بكياني.
كان الأمر الباطني اللاإرادي أكبر منها وأعظم مني! ل
م تهتمّ لمَ في الذات من موانع، وأدركَتْ أنّها تخيّبني، ولكنّ الجوع جبّار... جبّار... جبّار!
وأدركتُ أنه انكساري أمام هاوية الحضيض المذلّ، وما من مفرّ وهذا المعكوف...
ينتظر على بابي ليبدأ حصاده وقد عُرّيتُ من كلّ أمل.
ما بين طرقات الموت جوعًا وامتدادي ذلاًّ على أطراف أناملي أيمكن للنفس أن تختار!
مواجع الروح ما استكانت، ولا هدأ الندب الساكن في أوصالي.
بات الوضع خارج سيطرة العقل، فالجسم تداعى وحَسَم أمره وهزمني، تخلّى عن قِيَمٍ عجِزتْ عن احترام كياني وباتت بلا فائدة مع هذا النهش لخواء معدتي!
- أوَتستجدين مِنَّةً من أحدهم بعنفوان الكسير ومكابرته!
سألتها نفسي والدمعة الساكنة أطراف الفقر تسأل حاجة!
وماذا أجابت؟
اعترضت في صميمها ونفرتْ مني... أبت أن تراني هكذا!
أوَأريد لها الانحناء؟
أوَأقبل بعريها المتسكّع على دروب الأوهام؟
أوَأستطيع مدّها بالعون ولا أتمكّن من سدّ رمقها للحظة واحدة أقول بعدها: ها أنا معكِ ساكنة!
وكيف لي أن أتدبّر أمري وكلّ قيود العالم تحاصرني... تمنعني... تنهرني... تخذلني...
و... أتخبّط في عوزي!
جاهلة قالوا... وقحة... سفيهة! (يتبع)

إرث أحزان
06-07-2003, 04:28 PM
المبحر نحو الجنون

تساؤلات حقيقية كانت تدور في خلدي منذ أمد


من يهن يسهل الهوان عليه **** مالجرح بميت إيلام

وقلت :

لمن وكل الأمور إلى الهوانٍ **** أحق به من العيش المصانٍ

تحياتي لإبحاراتك

وشكرا

ملاك الثلج
07-07-2003, 02:24 AM
كلام رائع و جميل
شكرا على هذا الإبحار ...... :D :D

تحياتي لك

أختك

ملاك

المبحر نحو الجنون
07-07-2003, 08:21 PM
المشرف الأدبي >>>>>>>>>>>صباح جميل

تحياتي الطيبة لك
وكل الشكر والتقدير على تواصلك

المبحر نحو الجنون
15-07-2003, 05:39 PM
ملاك الثلج >>>>>>>>>>>>>>>>>>مراحب


شكرا جزيلا لتواجدك

وتحياتي الطيبة لك
المبحر

المبحر نحو الجنون
15-07-2003, 05:41 PM
حدث ذات مساء! القسم الثاني


وهل الفقر ذنب!
أهي استمارة انتماء إلى القعر؟
أم انّها سيرة ذاتيّة محفورة على جبيني!
وإن يكن!
ألا يحق لي بلقمة عيش؟
سألتها هذه النفس وهي في ارتحال مداوم على طريق الأنين!
ألَمٌ يتصاعد زفيرًه، يلهب الرئة... يكوي الأنفاس... يسكتها ويمنعها من الاعتراض!
شئتُ أم أبيتُ، أراهم ينتظروني على أرصفة سرابي ويضحكون، ولا يكتفون...
نعم لا يكتفون وبي وبكِ يستهزئون!
شئتِ أم أبيتِ، أنا هنا أجرجركِ على مسافة عمركِ، وألملم احترازًا تاه وراءكِ، وأرمي به وجوهَهم الغافلة!
قد لا يبصروكِ!
قد لا يراكِ أيّا منهم وهو يزجرك بعيدًا وقد يلحقون بكِ، فتضطرّين إلى الهرب...
والنبض يتسارع اكتمالا، والروح هروبا... أأمدّها يدي؟
أين أنتِ يا نفس؟ أجيبيني! لمَ لا تجيبِ؟
أين رحلتِ عني؟
تركتني وحيدة... تنصّلتِ مني ومضيتِ...
ألا يحقّ لي بالحياة؟
أنا لا أطلب ملذّةً يا نفس...
أنا أروم سدّ رمقي بكسرة خبز تقيني وجعي حتى الغد... فقط حتى الغد!
بعدها أعدك ألاّ أفعل مجدّدًا! ألا تصدّقيني؟
أنظري إليهم لا تخافي... أرمقيهم... أويدركون معاناتكِ؟
توغّلي في عيونهم، راقبي نظراتهم الهاربة منكِ، تجرّدي من ماضيكِ، تأملي فرائسهم الضعيفة الخائفة، إهزئي بهم، مدي يدكِ!
تعالي أسرعي هاتي الأنامل اخطفيها لحظة من وجعي ومرّريها فوق قهوة يرتشفون سأمها عياءًً واسأليهم عطاءً.
دعيهم يختبئون في تردّدهم، أو يرتمون خوفا من أنفسهم وراء خجلهم... أتركيهم هكذا في حيرتهم طوال العمر!
أمسكي أنتِ بزمام الأمور وتطلّعي مباشرة نحوهم وإن بعين كسيرة... فليروها!
وما الضير في أن يفهموا معاناة تنتحب بها حياتكِ على أرصفة التهميش!
عليهم ألاّ يتناسوا وجهكِ وأنت تخترقيهم بنظراتك ...
أرمقيهم بِكبَر إنسانك والتماسك!
نعم متماسكة مكابرة عميقة نظراتك، وتلك الدمعة ساحرة ساحرة في مجراها نحو الجوع!
أودّ أن أفعل يا نفس... أعطني جرأتكِ المعتادة ولنتقدّم... لننتقم لهذه الريح المسافرة... علّها تهدأ بعض الشيء!
أقدمي هيّا ألا ترينهم يتنادون وجلاً وهم يسرقون النظر إليكِ استغرابًا ودهشةً؟
وأنتِ... تتقدمين نحوهم بثبات الخوف الذي يلاحق خطواتك واستدانة الموت الذي يتربّص ليلكِ!
وكأنك مصيبة أتتهم في آخر النهار!
وأنا مصيبةٌ فيما أترجّى فالجوع قاتل... قاتل!
وأنتِ مصيبة أتتني بكِ الحياة لتصفعين بي ضمائرهم!

(يتبع)

ملاك الثلج
16-07-2003, 02:02 AM
هلا أخي المبحر ...............

تحياتي لك و على إبحارك الأكثر من رائع ......

و ننتظر التكملة......;) ;)

تحياتي لك

المبحر نحو الجنون
18-07-2003, 04:54 AM
ملاك الثلج >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>صباح ورد ناعم


شكرا لتواجدك ومتابعتك

وإليك النهاية

تحياتي الطيبة
المبحر

المبحر نحو الجنون
18-07-2003, 04:55 AM
أنظرتِ إلى حالكِ؟
أرأيتِ نفسكِ يا نفس كما يرونكِ؟
عيناك يغطيهما الاحتراز وتلمع أحداقهما بحذر شديد، ومع ذلك يرونك بعريٍ استدانوه لك مع المهانة!
وتكتسين الثياب السوداء بكلّ مهابة، بكبر الشهامة، بنظرة حزينة وإنّما بعمق إنسانة تعي أنّ دنياها نأتْ بها تهميشا وجورًا وأبتْ الخضوع رغم استجدائها الحياة!
وتتعثرين بموانعهم وتنهرك... ويتشبّثون بمواقفهم ولا تنثني....
معوِّقات من تقاليد وقناعات، تجذّرت فيهم عبر الزمن، فتجمّدت وتجمّدوا معها، وباتت أعرافًا لا تمسّ.
وأنتِ... ما همّك بما يقتنعون؟
ما شأنك في عالمهم؟
شأنكِ منهم التنائي بقدر ما يرفعون حواجزهم المُعَوِّقة في وجهك!
هيّا أقدمي واطلبي حسنة، قد يحنّ أحدهم عليكِ!
قد يأتي محسن وينتشلكِ من هنا... أو قد يباغتكِ منجل الحنان هذه الليلة!
موانعكِ يا نفس أقوى من مواقعهم!
أويمكن لهم أن يذلّوك أكثر مما أذلّتك الحياة؟
وإن كانت المرّة الأولى... مرغمةٌ أنتِ لا مخيّرة!
تعالي... لا تمانعي... انطلقي معي...
هيّا راقبيني... تقدّمي... تجرّئي...
افعلي ولا تفكّري، وانظري إليهم جيّدًا...
اقتحمي هدوءهم بفراستكِ المعتادة واقلبي الدمعة في مآقيهم ولا تهابي مذلّة ...
أينظرون؟
إرفعي اليد...
ادفعيها إلى الأمام، نحو الأعلى، مدّيها...
افتحي الكفّ...
ابسطي الأنامل... وجهّيها نحوهم، ضعيها قرب سحنتهم... نعم هكذا!
أيشفقون؟
لا تنتحبي الآن ولا تتنحّي...
أصمدي لثانية... لاثنتين... لثلاثة... وحتى لأربعة!
وإن يطول الوقت بعض الشيء، لا يهمّ... حسنة لوجه الله!
ها إنك قلتها!
سمعتك تتمتمين يا نفس، حتى الهمس لم تحسّه الشفة!
لا زال وجلك وانتماؤك لأرض الكرامة وتلك السماء النقيّة أقوى لا محالة!
ولكنّ الجوع يصرخ... ويطول الانتظار...
ماذا! لا شيء؟
قطعا لا شيء!
ثواني طويلة مرّت وهَوَتْ اليد خاوية منكسرة، وهوَيتِ وراءها مهزومة!
بئس هذه الدنيا! أما كان من الأفضل أن لا أمدّ اليد؟
مجتمعاتٌ تتركني أستجدي الحياة وأنا كسيرة النفس أنظر من مقلة هذا الربيع وأتسوّل عمرًا لم يتفتّح إلاّ على قساوة الدهر والآخرين!
وماذا أقول؟
ما أقسى هذا الإنسان... ما أظلمه... ما أقبح ابتسامته الساخرة وهو ينهر اليد الممتدّة أمانًا ويعيدها خاوية بلا حسنة...
فارغة يدي! احتوت قبضتها على أناملي الجائعة إلى إنسانيّة ثكلى تترحّم البركات!
أتتني تبكي من كثرة المهانة والذل ...
وماذا أقول!
أوَيمكن أن تبقي هكذا خاوية الوفاض أيا نفس؟
أم أنّ منجل الربيع قد بدأ الحصاد!!!


انتهت

ملاك الثلج
18-07-2003, 06:27 AM
تسلم الانامل التي خطت هذه الكلمات ....;)

تحياتي لك أخي