صدى الحق
03-07-2003, 12:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنوان الموضوع شد إنتباهي كما قد يكون شد إنتباهك قبل الدخول إلى الموضوع .
وبعد أن قرأته تيقنت إنني كنت جاهلاً لأقرب جيراني إلي ( نفسي ) .
فهل توقفنا قليلاً لنتعرف على أنفسنا كما دعانا الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله من خلال هذه المقتطفات التي وصلتني عبر بريدي ؟
من كتاب صور وخواطر
لفضيلة الشيخ/ علي الطنطاوي -رحمه الله-
اعرف نفسك
إنكم تسمعون كل يوم أحاديث في الجد والهزل , وفي الخير وفي الشر , أحاديث تدعوا على الوطنية , وأحاديث تسمو بالخلق , وأحاديث فيها متعة وفيها تسلية , ولكن حديثي الليله من أهم الأحاديث كلها لأنها من أمس الموضوعات بكم , وأقربها إليكم , ولأنه دعوة لكم لتعرفوا أنفسكم .
ومتى تعرف نفسك يا أخي , وأنت من حين تصبح إلى حين تنام مشغول عنها بحديث أو عمل أو لهو أو كتاب ؟
ومتى تعرف نفسك وأنت لا تحاول أن تخلو بها ساعة كل يوم تفكر فيها , لا يشغلك عنها تجارة ولا علم ولا متاع ؟
ومتى وأنت أبدا تفكر في الناس كلهم إلا نفسك؟
تقول "أنا" فهل خطر على بالك مرة واحدة أن تسأل : " من أنا ؟"
هل جسمي هو (أنا) ؟
هل أنا هذه الجوارح والأعضاء؟
إن الجسم قد ينقص بعاهة أو مرض , فتبتر رجل , أو تقطع يد , ولكن لا يصيبني بذلك نقصان! .
فما (أنا) ؟
ولقد كنت في يوما طفلا ثم صرت شابا , وكنت شابا وصرت كهلا , فهل خطر على بالك أن تسأل : هل هذا الشاب هو ذلك الطفل؟
وكيف؟
وما جسمي بجسمه , ولا عقلي بعقله , ولايدي هذه يده الصغيرة , فأين ذهبت تلك اليد ؟
ومن أين جاءت هذه؟
وإذا كنا شخصين مختلفين فأيهما أنا ؟
هل أنا ذلك الطفل الذي مات ولم يبق فيّ من جسده ولا فكره بقية ؟
أم أنا الكهل الذي يلقي هذا الحديث ؟
ما أنا؟
وتقول :" حدثت نفسي...ونفسي حدثتني" فهل فكرت مرة , ما أنت ؟
وما نفسك ؟
وما الحد بينهما ؟
وكيف تحدثها وتحدثك؟
وتسمع الصباح جرس الساعة تدعوك إلى القيام , فتحس من داخلك داعيا إلى النهوض , فإذا ذهبت تنهض ناداك منك مناد أن تريث قليلا واستمتع بدفء الفراش , ولذة المنام .
ويتجاذبك الداعيان : داعي القيام وداعي المنام .
فهل تساءلت ما هذا ؟
وما ذاك؟ وما أنت بينهما ؟
وما الذي يزين لك المعصية ومن يصور لك لذتها ؟
ويجرك اليها ؟
وما الذي ينفرك منها وما الذي يبعدك عنها ؟
يقولون : إنها النفس وإنه العقل ؟.
فهل فكرت يوما ما النفس الأمارة بالسوء , وما العقل الرادع عنه ؟
وما أنت ؟
نفسك عالم عجيب , يتبدل كل لحظة ويتغير , ولا يستقر على حال: تحب المرء فتراه ملكا , ثم تكرهه فتبصره شيطانا , وما ملكا كان قط ولا شيطانا , وما تبدل , ولكن تبدلت حالة نفسك .
وتكون في مسرة فترى الدنيا ضاحكة , ثم تراها وأنت في كدر , باكية قد فرغت في سواد الحداد .
وما ضحكت الدنيا قط ولا بكت , ولكن كنت أنت الضاحك الباكي .
فما هذا التحول فيك ؟
وأي أحكامك على الدنيا أصدق ؟
إن النفس يا أخي كالنهر الجاري , لا تثبت قطرة منه في مكانها , ولا تبقى لحظة على حالها , تذهب ويجيء غيرها , تدفعها التي هي وراءها , وتدفع هي التي أمامها .
في كل لحظة يموت واحد ويولد واحد, وأنت الكل , أنت الذي مات وأنت الذي ولد , فابتغ لنفسك الكمال أبدا , واصعد بها إلى أعلى , واستولدها دائما مولودا أصلح وأحسن , ولا تقل لشىء ( لا أستطيعه) فإنك لا تزال كالغصن الطري , لأن النفس لا تيبس أبدا , ولا تجمد على حال , ...
إنك تتعود السهر حتى ما تتصور إمكان تعجيل المنام , فما هي إلا أن تبكر في المنام ليال حتى تتعوده فتعجب كيف كنت تستطيع السهر!!
فلا تقل لحالة أنت فيها , لا أستطيع تركها , فإنك في سفر دائم , وكل حالة لك محطة على الطريق , لا تنزل فيها حتى ترحل عنها .
فيا أخي .
اعرف نفسك , واخلُ بها , وغُص على أسرارها .
وتساءل أبدا: ما النفس ؟
وما العقل ؟
وما الحياة ؟
وما العمر ؟
وإلى أين المسير ؟
ولا تنس أن من عرف نفسه عرف ربه ، وعرف الحياة , عرف اللذة الحق التي لا تعدلها لذة .
وأن أكبر عقاب عاقب به الله من نسوا الله أنه أنساهم أنفسهم!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } .
عنوان الموضوع شد إنتباهي كما قد يكون شد إنتباهك قبل الدخول إلى الموضوع .
وبعد أن قرأته تيقنت إنني كنت جاهلاً لأقرب جيراني إلي ( نفسي ) .
فهل توقفنا قليلاً لنتعرف على أنفسنا كما دعانا الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله من خلال هذه المقتطفات التي وصلتني عبر بريدي ؟
من كتاب صور وخواطر
لفضيلة الشيخ/ علي الطنطاوي -رحمه الله-
اعرف نفسك
إنكم تسمعون كل يوم أحاديث في الجد والهزل , وفي الخير وفي الشر , أحاديث تدعوا على الوطنية , وأحاديث تسمو بالخلق , وأحاديث فيها متعة وفيها تسلية , ولكن حديثي الليله من أهم الأحاديث كلها لأنها من أمس الموضوعات بكم , وأقربها إليكم , ولأنه دعوة لكم لتعرفوا أنفسكم .
ومتى تعرف نفسك يا أخي , وأنت من حين تصبح إلى حين تنام مشغول عنها بحديث أو عمل أو لهو أو كتاب ؟
ومتى تعرف نفسك وأنت لا تحاول أن تخلو بها ساعة كل يوم تفكر فيها , لا يشغلك عنها تجارة ولا علم ولا متاع ؟
ومتى وأنت أبدا تفكر في الناس كلهم إلا نفسك؟
تقول "أنا" فهل خطر على بالك مرة واحدة أن تسأل : " من أنا ؟"
هل جسمي هو (أنا) ؟
هل أنا هذه الجوارح والأعضاء؟
إن الجسم قد ينقص بعاهة أو مرض , فتبتر رجل , أو تقطع يد , ولكن لا يصيبني بذلك نقصان! .
فما (أنا) ؟
ولقد كنت في يوما طفلا ثم صرت شابا , وكنت شابا وصرت كهلا , فهل خطر على بالك أن تسأل : هل هذا الشاب هو ذلك الطفل؟
وكيف؟
وما جسمي بجسمه , ولا عقلي بعقله , ولايدي هذه يده الصغيرة , فأين ذهبت تلك اليد ؟
ومن أين جاءت هذه؟
وإذا كنا شخصين مختلفين فأيهما أنا ؟
هل أنا ذلك الطفل الذي مات ولم يبق فيّ من جسده ولا فكره بقية ؟
أم أنا الكهل الذي يلقي هذا الحديث ؟
ما أنا؟
وتقول :" حدثت نفسي...ونفسي حدثتني" فهل فكرت مرة , ما أنت ؟
وما نفسك ؟
وما الحد بينهما ؟
وكيف تحدثها وتحدثك؟
وتسمع الصباح جرس الساعة تدعوك إلى القيام , فتحس من داخلك داعيا إلى النهوض , فإذا ذهبت تنهض ناداك منك مناد أن تريث قليلا واستمتع بدفء الفراش , ولذة المنام .
ويتجاذبك الداعيان : داعي القيام وداعي المنام .
فهل تساءلت ما هذا ؟
وما ذاك؟ وما أنت بينهما ؟
وما الذي يزين لك المعصية ومن يصور لك لذتها ؟
ويجرك اليها ؟
وما الذي ينفرك منها وما الذي يبعدك عنها ؟
يقولون : إنها النفس وإنه العقل ؟.
فهل فكرت يوما ما النفس الأمارة بالسوء , وما العقل الرادع عنه ؟
وما أنت ؟
نفسك عالم عجيب , يتبدل كل لحظة ويتغير , ولا يستقر على حال: تحب المرء فتراه ملكا , ثم تكرهه فتبصره شيطانا , وما ملكا كان قط ولا شيطانا , وما تبدل , ولكن تبدلت حالة نفسك .
وتكون في مسرة فترى الدنيا ضاحكة , ثم تراها وأنت في كدر , باكية قد فرغت في سواد الحداد .
وما ضحكت الدنيا قط ولا بكت , ولكن كنت أنت الضاحك الباكي .
فما هذا التحول فيك ؟
وأي أحكامك على الدنيا أصدق ؟
إن النفس يا أخي كالنهر الجاري , لا تثبت قطرة منه في مكانها , ولا تبقى لحظة على حالها , تذهب ويجيء غيرها , تدفعها التي هي وراءها , وتدفع هي التي أمامها .
في كل لحظة يموت واحد ويولد واحد, وأنت الكل , أنت الذي مات وأنت الذي ولد , فابتغ لنفسك الكمال أبدا , واصعد بها إلى أعلى , واستولدها دائما مولودا أصلح وأحسن , ولا تقل لشىء ( لا أستطيعه) فإنك لا تزال كالغصن الطري , لأن النفس لا تيبس أبدا , ولا تجمد على حال , ...
إنك تتعود السهر حتى ما تتصور إمكان تعجيل المنام , فما هي إلا أن تبكر في المنام ليال حتى تتعوده فتعجب كيف كنت تستطيع السهر!!
فلا تقل لحالة أنت فيها , لا أستطيع تركها , فإنك في سفر دائم , وكل حالة لك محطة على الطريق , لا تنزل فيها حتى ترحل عنها .
فيا أخي .
اعرف نفسك , واخلُ بها , وغُص على أسرارها .
وتساءل أبدا: ما النفس ؟
وما العقل ؟
وما الحياة ؟
وما العمر ؟
وإلى أين المسير ؟
ولا تنس أن من عرف نفسه عرف ربه ، وعرف الحياة , عرف اللذة الحق التي لا تعدلها لذة .
وأن أكبر عقاب عاقب به الله من نسوا الله أنه أنساهم أنفسهم!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } .