خليجي
28-06-2003, 10:16 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملخص الخطبة :
1- تسلط اليأس على بعض المسلمين بسبب أحوال الأمة الإسلامية. 2- موعود الكتاب والسنة للأمة المسلمة في العز والتمكين. 3- المعركة الحاسمة الموعودة مع اليهود. 4- فوائد معرفة هذه المبشرات وأثرها في المسلمين.
الخطبة الأولى :
أما بعد: فالسعيد من اتقى ربه وأطاعه، وعلم أن له رباً يأخذ بالذنب ويجازي عليه، والشقي من غره شيطانه وأطاع نفسه الأمارة بالسوء وتمنى على الله الأماني.
عباد الله، إذا غربت شمس النهار أقبل الليل بسواده وديجوره، وإذا انتصف الليل اشتدت ظلمته، وبعد هذا الظلام الدامس يوقن الجميع أن الصبح سيأتي مشرقاً مسفراً، ولا يشك في ذلك عاقل، ومتى طال الليل على مهموم أو مغموم، فإن أمله في انبلاج الصبح قائم.
أيها المسلمون، لا يخفى على أحد واقع المسلمين اليوم، فقد تسلط عليهم أعداؤهم في كثير من الجوانب والبلدان، وتجاه هذا الواقع فإنّ بعض المسلمين قد يصيبه اليأس من صلاح أمر الأمة الإسلامية لما يرى من جهود الأعداء في محاربة الإسلام والتضييق على المسلمين، ومن جهة أخرى هو يرى يقظة الأعداء ومواجهتهم لأي جهد يبذله المسلمون، لاستعادة ما فقدوه من مجدٍ وماضٍ تليد.
وربما كان هذا اليأس سبباً في القعود عن خدمة الدين والمساهمة في نفع المسلمين وتعليمهم ودعوتهم.
ولكن يجب أن يعلم المسلم أنه مهما ساء واقع الأمة وامتد كيد الأعداء فإن المستقبل لدين الله، والعزة لأوليائه، تشهد بذلك نصوص القرآن الكريم القطعية والأحاديث النبوية المتواترة، مما يبعث الأمل في نفس كل مسلم ويجعله واثقاً بوعد ربه مطمئناً بأنه على الحق مهما بلغت الأحوال والظروف، وإن التصديق بما أخبر الله تعالى به أو رسوله من الأمور الغيبية لمن أجلّ الأعمال، وهو من ركائز العقيدة الإسلامية، ألم يصف الله تعالى حال المؤمنين في الأحزاب بما وصفه من حال الخوف والرعب إِذْ جَاءوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلاْبْصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ [الأحزاب:10]، ثم بعد آيات قليلة يذكر حال المؤمنين الصادقين وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلاْحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيماً [الأحزاب:22].
عباد الله، إن من يشك في انتصار الدين وغلبته أو يشك في ذلك فهو كمن يئس من بزوغ النهار بعد اسوداد الليل أو شك في ذلك.
وإليكم أيها المسلمون بعضاً مما في كتاب ربنا وسنة نبينا مما يقطع بأن دين الله منصور وأهله ظافرون ولو بعد حين. فقد أشار القرآن إلى غلبة الدين وظهوره قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ [الصف:8، 9]، وقد وعد الله تعالى المؤمنين بالنصر فقال أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]، وقال: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءوهُم بِٱلْبَيّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ [الروم:47]. وقال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ [الصافات:170-172]، ففي هذه الآيات أخبر الله سبحانه وتعالى أن من سنته في خلقه أن ينصر عباده المؤمنين إذا قاموا بنصرة دينه وسعوا لذلك، ولئن تخلفت هذه السنة لحكمة يريدها الله في بعض الأحيان، فهذا لا ينقض القاعدة، وهي أن النصر لمن ينصر دين الله. وقال تعالى: وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ [النور:55]، فقد وعد الله في هذه الآية وهو سبحانه لا يخلف الميعاد، وعد المؤمنين باستخلافهم في الأرض وأن يمكّن لهم دينهم، وأي أمل للمسلم فوق وعد الله عز وجل؟ وأي رجاء بعد ذلك للمؤمن الصادق؟
وإن مما يجلب اليأس لكثير من المسلمين ما يراه من اجتماع الكفار على اختلاف طوائفهم ومشاربهم على الكيد للإسلام وأهله، وما يقومون به من جهود لحرب المسلمين في عقيدتهم وإفساد دينهم، ولكن تأمل في كلام ربك تعالى إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36]، وقوله: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهّلِ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدا [الطارق:15-17]، فمهما كاد هؤلاء لدين الله ومهما بذلوا لمحاربته فالله لهم بالمرصاد. وهم أعداء الله قبل أن يكونوا أعداء المسلمين، كما قال تعالى: ٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء [الممتحنة:1]. فبدأ بوصفهم بأنهم أعداؤه.
أما من السنة النبوية فمن المبشرات بنصر الدين وغلبته ما قاله النبي في الحديث الصحيح ((ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام وذُلاً يذل الله به الكفر))، وأخبر قائلاً: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)) أخرجه مسلم.
وإن المسلم حين يطرق سمعه هذا الوصف ليتمنى من أعماق قلبه أن يكون من هذه الطائفة، وأن يضرب معها بسهم في نصرة دين الله وإعلاء كلمته، فتتحول هذه الأمنية وقوداً يشعل في نفسه الحماسة والسعي الدؤوب للدعوة لدين الله على منهج الطائفة الناجية أهل السنة والجماعة. ويقول : ((بشّر هذه الأمة بالسناء والنصر والتمكين)) أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وأقره.
أما اليهود الأنذال، هؤلاء الذين أذاقوا المسلمين الأذى فإن لهم موعداً مع هذه الأمة المحمدية، يقول : ((لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)) أخرجه البخاري ومسلم.
فكل هذه النصوص وأمثالها كثير أدلة قاطعة ومبشرات مؤكدة بانتصار الدين الإسلامي ورفعة أهله مهما بلغ كيد الكائدين ومكر الماكرين وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُواْ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [النمل:50-52].
اللهم إنا نسألك من فضلك ونعوذ بك من الأمن من مكرك فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ.
ملخص الخطبة :
1- تسلط اليأس على بعض المسلمين بسبب أحوال الأمة الإسلامية. 2- موعود الكتاب والسنة للأمة المسلمة في العز والتمكين. 3- المعركة الحاسمة الموعودة مع اليهود. 4- فوائد معرفة هذه المبشرات وأثرها في المسلمين.
الخطبة الأولى :
أما بعد: فالسعيد من اتقى ربه وأطاعه، وعلم أن له رباً يأخذ بالذنب ويجازي عليه، والشقي من غره شيطانه وأطاع نفسه الأمارة بالسوء وتمنى على الله الأماني.
عباد الله، إذا غربت شمس النهار أقبل الليل بسواده وديجوره، وإذا انتصف الليل اشتدت ظلمته، وبعد هذا الظلام الدامس يوقن الجميع أن الصبح سيأتي مشرقاً مسفراً، ولا يشك في ذلك عاقل، ومتى طال الليل على مهموم أو مغموم، فإن أمله في انبلاج الصبح قائم.
أيها المسلمون، لا يخفى على أحد واقع المسلمين اليوم، فقد تسلط عليهم أعداؤهم في كثير من الجوانب والبلدان، وتجاه هذا الواقع فإنّ بعض المسلمين قد يصيبه اليأس من صلاح أمر الأمة الإسلامية لما يرى من جهود الأعداء في محاربة الإسلام والتضييق على المسلمين، ومن جهة أخرى هو يرى يقظة الأعداء ومواجهتهم لأي جهد يبذله المسلمون، لاستعادة ما فقدوه من مجدٍ وماضٍ تليد.
وربما كان هذا اليأس سبباً في القعود عن خدمة الدين والمساهمة في نفع المسلمين وتعليمهم ودعوتهم.
ولكن يجب أن يعلم المسلم أنه مهما ساء واقع الأمة وامتد كيد الأعداء فإن المستقبل لدين الله، والعزة لأوليائه، تشهد بذلك نصوص القرآن الكريم القطعية والأحاديث النبوية المتواترة، مما يبعث الأمل في نفس كل مسلم ويجعله واثقاً بوعد ربه مطمئناً بأنه على الحق مهما بلغت الأحوال والظروف، وإن التصديق بما أخبر الله تعالى به أو رسوله من الأمور الغيبية لمن أجلّ الأعمال، وهو من ركائز العقيدة الإسلامية، ألم يصف الله تعالى حال المؤمنين في الأحزاب بما وصفه من حال الخوف والرعب إِذْ جَاءوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلاْبْصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ [الأحزاب:10]، ثم بعد آيات قليلة يذكر حال المؤمنين الصادقين وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلاْحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيماً [الأحزاب:22].
عباد الله، إن من يشك في انتصار الدين وغلبته أو يشك في ذلك فهو كمن يئس من بزوغ النهار بعد اسوداد الليل أو شك في ذلك.
وإليكم أيها المسلمون بعضاً مما في كتاب ربنا وسنة نبينا مما يقطع بأن دين الله منصور وأهله ظافرون ولو بعد حين. فقد أشار القرآن إلى غلبة الدين وظهوره قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ [الصف:8، 9]، وقد وعد الله تعالى المؤمنين بالنصر فقال أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]، وقال: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءوهُم بِٱلْبَيّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ [الروم:47]. وقال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ [الصافات:170-172]، ففي هذه الآيات أخبر الله سبحانه وتعالى أن من سنته في خلقه أن ينصر عباده المؤمنين إذا قاموا بنصرة دينه وسعوا لذلك، ولئن تخلفت هذه السنة لحكمة يريدها الله في بعض الأحيان، فهذا لا ينقض القاعدة، وهي أن النصر لمن ينصر دين الله. وقال تعالى: وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ [النور:55]، فقد وعد الله في هذه الآية وهو سبحانه لا يخلف الميعاد، وعد المؤمنين باستخلافهم في الأرض وأن يمكّن لهم دينهم، وأي أمل للمسلم فوق وعد الله عز وجل؟ وأي رجاء بعد ذلك للمؤمن الصادق؟
وإن مما يجلب اليأس لكثير من المسلمين ما يراه من اجتماع الكفار على اختلاف طوائفهم ومشاربهم على الكيد للإسلام وأهله، وما يقومون به من جهود لحرب المسلمين في عقيدتهم وإفساد دينهم، ولكن تأمل في كلام ربك تعالى إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36]، وقوله: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهّلِ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدا [الطارق:15-17]، فمهما كاد هؤلاء لدين الله ومهما بذلوا لمحاربته فالله لهم بالمرصاد. وهم أعداء الله قبل أن يكونوا أعداء المسلمين، كما قال تعالى: ٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء [الممتحنة:1]. فبدأ بوصفهم بأنهم أعداؤه.
أما من السنة النبوية فمن المبشرات بنصر الدين وغلبته ما قاله النبي في الحديث الصحيح ((ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام وذُلاً يذل الله به الكفر))، وأخبر قائلاً: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)) أخرجه مسلم.
وإن المسلم حين يطرق سمعه هذا الوصف ليتمنى من أعماق قلبه أن يكون من هذه الطائفة، وأن يضرب معها بسهم في نصرة دين الله وإعلاء كلمته، فتتحول هذه الأمنية وقوداً يشعل في نفسه الحماسة والسعي الدؤوب للدعوة لدين الله على منهج الطائفة الناجية أهل السنة والجماعة. ويقول : ((بشّر هذه الأمة بالسناء والنصر والتمكين)) أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وأقره.
أما اليهود الأنذال، هؤلاء الذين أذاقوا المسلمين الأذى فإن لهم موعداً مع هذه الأمة المحمدية، يقول : ((لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)) أخرجه البخاري ومسلم.
فكل هذه النصوص وأمثالها كثير أدلة قاطعة ومبشرات مؤكدة بانتصار الدين الإسلامي ورفعة أهله مهما بلغ كيد الكائدين ومكر الماكرين وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُواْ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [النمل:50-52].
اللهم إنا نسألك من فضلك ونعوذ بك من الأمن من مكرك فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ.