PDA

View Full Version : بين قلبين! (الجزء الثاني)


طيور الشوق
23-06-2003, 01:58 AM
يُصدر (أحمد) آهةً طويلة موجوعة تشي بما تعانيه نفسه، وما يكابده قلبه، وتذكر في هذه اللحظة زوجته، تلك الإنسانة التي قضى معها سنيناً طوالاً، عاشا فيها سويةً كأجمل ما يعيش الزوجان من حياة يظللها الحب والتفاهم، وتسيجها المودة والسكينة.
كيف نساها بمجرد أن تعرف إلى (ريم) وأحبها، كيف انزوت إلى ركن ناءٍ في قلبه، وكيف طاوعه فؤاده أن يحب امرأةً أخرى، وأن يحتل غيرها جزءاً كبيراً من عواطفه ومشاعره.
لكنّ عيني (ريم) نفضت عنه هذه الخواطر، فقال لها في هدوءٍ غريب:-
((وما ذنبي أنّي أحببتكِ، وهل يختار المرء من يحبه؟!)).
فتقول له-وعذابات حبها تتراقص أمام عينيها:-
((لا ذنب لك، كما لا ذنب لي، لم يكن لي ولا لك يدٌ فيما حدث، فالحب يا -غالي- ليس اختياراً أو رغبةً، ولا أمنية يسعى الناس للوصول إليها، بل هو القدر، فهو الذي جمع بيننا، وهو الذي شاء لنا أن نفترق الآن، ولا يمكننا أن نعاند الأقدار!)).
كان كلامها منطقياً، وحديثها عقلانياً، وإن جلّله غار الحزن، وكللته أطواق الألم، وسالت منه قطرات الوجد.
لكنه قال لها -في سرعة من كان يتوقع الإجابة-:-
ولماذا لا تجتمعان أنتما الاثنتين في قلبي؟ ويضمكما فؤادي، وتحتويكما روحي؟)).
أجابته بسرعة هي الأخرى:-
((لا يمكنني أن أكتفي منك بنصف قلب أو نصف مشاعر، حتى لو كنت تحبني أكثر منها!))
ثم لا يمكنني-ولا يمكنها- أن تخرج من عند أحدنا لترتمي في أحضان الأخرى، فلا أطيق ذلك، ولا يمكنني احتمال أمر كهذا!
أشاح (أحمد) بوجهه تلقاء البحر ثانيةً، وكأنه يبحث لنفسه عن طوق نجاة بين أمواج نفسه المتلاطمة!
أم هي فقد استغلت فرصة انشغالها عنه، وأخذت تتفرس في وجهه وكأنها تراه للمرة الأولى، وكلما تأملت قسماته، تشعر بمزيد من الأسى، ويلتهما الندم على ما قالته له منذ قليل.
أو ليس(أحمد) أول من سكن قلبها، وتملّك روحها، واستوطن أحشاءها؟
أو ليس هو الرجل، الفارس، الحلم، الذي انتظرته أعوماً طويلة؟
ما بالها الآن تحاول أن تفر منه، بعد أن ظلت تركض وراءه؟
ماذا دهاها! وهذا الرجل الواقف أمامها، يحبها كأروع ما يكون الحب، وهي تقول له ارحل عني، وغادِر حياتي التي أصبحت مذ عرفته شيئاً آخر غير الذي كانت تعيشه!
أو ليس حبه لزوجته، وتمسكه بها يحسب له لا عليه؟!
دارت هذه الأسئلة في خاطرها، لم يقطعها سوى التفات (أحمد) المفاجئ نحوها، ليقول لها في خفوت:-
((ما دمت ترين زوجتي عقبةً في طريق سعادتنا، فلا يمكننا الاستمرار إذن، فليس من الشهامة أو الرجولة الحقة أن أترك زوجتي المحبة المخلصة من اجل امرأة أخرى ما دامت هذه الأخرى لا تقبل بوجودها!)).
تلقت جوابه في إحباط، وأُسقط في يدها، على الرغم من معرفتها المسبقة بموقفه تجاه شريكة حياته، لكنها-ربما- كانت تبحث عن جواب أو حل آخر يبقيها إلى جواره كما يتمنى قلبها، ويبقي على زوجته كما يتمنى ضميرها!
فقالت له-كمن طعنت في فؤادها، وذبحت من الوريد إلى الوريد:-
(( إذن هو الوداع يا حبيب العمر! آه من كآبة الأيام بعدك، وموت الأماني عقبك، ووحشة لياليّ من دونك!)).
وأسرعت تغادر المكان في عجلة، وركبت سيارتها وانطلقت، و(أحمد) يرقبها بعينٍ زائغة، ونفسٍ ملتاعة، وصورة الزوجة والحبيبة تتبادلان الظهور أمام عينيه، فلم يملك إلا أن يجثو على ركبتيه، ودموعه- المنهمرة في غزارة- تختلط بمياه الخليج!


انتهى……

الدوحة في 22 حزيران(يونيه) 2003م.

شرود
23-06-2003, 05:18 AM
تصوير عاطفي عقلاني واقعي

نقطة افتراق ومصارحة خالية من المفاجآت والاثارة

لكنها بحق محزنة

إليك لفائف الود والاعجاب والاكبار يا أخي

إرث أحزان
24-06-2003, 05:52 PM
روعة طيور الشوق

بحر من الحب عشانا ونحن نكمل القصة

============

همسة : لك من داخل قلبي شكرا ومن كل شراييني
فقد لبيت طلبي وقد كلفتك فاعذرني ...

=============

تحياتي

طيور الشوق
26-06-2003, 04:40 AM
أخي الكريم شرود...
أشكرك لمرورك وتعليقك. أرق التحايا أهديها لك، ولقلمك المميز!

أخي المشرف الأدبي..
شكرا جزيلا لك، وجزاك الله خيراً، تقبل مني أسمى آيات التقدير والاعتزاز.

أتمنى فعلاً لو حازت قصتي المتواضعة على إعجاب رواد القسم،،،

وإلى لقاء قريب في مقطوعة أخرى قريباً إن شاء الله.