PDA

View Full Version : وجوب التفقه في علم الحديث


الألباني
06-06-2003, 11:01 AM
نرى كثيراً من كتاب المجلات الإسلامية يوردون أحاديث ويرفعونها وينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يذكروا مصادرها من كتب السنة المطهرة ، وعلاوة على ذلك فإنهم يجزمون بعزوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تكون ضعيفة أو موضوعة ، وإن منهم لمن يسود الصفحات في شرح بعضها ، ومنهم من يحتج بما هو مقطوع عند المحققين من العلماء ببطلانها على مخالفة في رأيه وهو دخيل في الإسلام .

فإلى هؤلاء الأفاضل من الخطباء والوعاظ والمرشدين أسوق هذه الكلمة نصيحة وذكرى :

لا يجوز للمسلم أن ينسب حديثاً ما إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن يتثبت من صحته على قاعدة المحدثين ، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ((اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم ، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) رواه أبي شيبة بسند صحيح كما في ((فيض القدير)) .

والتثبت له طريقان :

الأول : أن ينظر الطالب في إسناده ورجاله ويحكم عليه بما تقتضيه قواعد علم الحديث وأصوله من صحة أو ضعف ، دون أن يقلد إماماً معيناً في التصحيح والتضعيف ، وهذا أمرٌ عزيز في هذا العصر ، لا يكاد يقوم به إلا أفرادٌ قلائل مع الأسف .

الثاني : أن يعتمد في ذلك على كتاب خصه مؤلفه بالأحاديث الصحيحة كالصحيحين ونحوهما ، أو على أقوال المحققين من المحدثين كالإمام أحمد ، وابن معين ، وأبي حاتم الرازي ، وغيرهم من المتقدمين ، وكالنووي ، والذهبي ، والزيلعي ، والعسقلاني ، ونحوهم من المتأخرين .

وهذه الطريق ميسرة لكل راغب في الحق ، ولكنه يحتاج إلى شيء من الجهد في المراجعة والتنقيب عن الحديث ، وهذا أمرٌ لا بد منه ، ولا ينبغي أن يصدف عنه من كان ذا غيرة على دينه ، وحريصٍ على شريعته أن يدخلها ما ليس منها ، ولذلك قال الفقيه ابن حجر الهيثمي في كتابه ((الفتاوى المدينية)) (ص : 32 ) :

((وسئل رضي الله عنه في خطيب يرقى المنبر في كل جمعة ، ويروي أحاديث كثيرة ، ولم يبين مخرجيها ولا رواتها فما الذي يجب عليه ؟
فأجاب بقوله : ما ذكره من الأحاديث في خطبته من غير أن يبين رواتها أو من ذكرها ، فجائز بشرط أن يكون من أهل المعرفة في الحديث ، أو ينقلها من كتاب مؤلفه من أهل الحديث ، أو من خطب ليس مؤلفها كذلك ، فلا يحل ذلك ! ومن فعله عزر عليه التعزير الشديد ، وهذا حال أكثر الخطباء ، فإنهم بمجرد رؤيتهم خطبة فيها أحاديث حفظوها وخطبوا بها من غير أن يعرفوا أن لتلك الأحاديث أصلاً أم لا ، فيجب على حكام كل بلد أن يزجروا خطباءها عن ذلك……) .

ثم قال ((فعلى هذا الخطيب أن يبين مستنده في روايته ، فإن كان مستنداً صحيحاً ، فلا اعتراض عليه ، وإلا ساغ الاعتراض عليه ، بل وجاز لولي الأمر أن يعزله من وظيفة الخطابة زجراً له على أن يتجرأ على هذه المرتبة السنية بغير حق…))


بقلم : الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

---------------------------------------------------------------------------------------

نسوق لكم هذا المقال ، لكي يتق الله من جعل من الضعاف والمنكرات أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم ، فاتقوا الله يا أولي الألباب ، وتوثقوا من الأحاديث قبل وضعها ، وحمل وزرها ووزر من عمل بها .



ناصر السنة