PDA

View Full Version : عبد الله الصغيرة و طيره ( قصة قصيرة )


ام شهد
27-05-2003, 10:26 AM
دخل عبد الله ابن أخي الصغير إلى غرفتي ممسكاً طيراً جميلاً ، لم أتوقع أن أرى وجهه عبد الله البريء متهللاً لهذه الدرجة ، و كأنه ملك الدنيا بأسرها ..

كنت منهمكة في القراءة ، عندما دخل عبد الله و هو يصرخ من شدة الفرحة ..

عمتي انظري إلى طيري الجميل ، انظري ما أروعه و ما أبهاه، هل رأيت طيراً أجمل منه ، تبسمت في وجهه الصغير و قلت له : ما شاء الله إنه طير جميل سبحان من صوره و خلقه، يبدو أنك تحبه كثيراً..

عبد الله : لا تتصوري يا عمتي كم أحبه ، لا أستطيع أن أفارقه لحظة واحدة، قلت لوالدي بأن يحضر له كل الأنواع الطيبة من الطعام، و أن يشتري له قفصاً جميلاً..

نظرت بشفقة إلى الطير الذي أمسكه الطفل الصغير ، و أحسست بأن قرار الطفل له ظلم بحقه ، كيف يمنعه من الهواء الطلق و العيش بحرية.. كم أتمنى أن يطير بحرية لينعم بحياته ، لا أتمنى أن أراه مقيداً حبيساً ، و لكني أيضاً مشفقة على قلب الصغير ، كيف أقنعه بأن الطير يجب أن ينطلق ليعيش حياته و هو الذي أخبرني بأنه لا يقوى على مفارقته ، جلست أفكر دقائق و أنظر إلى الطير تارة و إلى عبد الله تارة و هو يضحك و يحاول أن يحدث العصفور، قد أفاجئ الصغير بهذا الكلام ، و لكن يجب أن أكون قوية، و يجب أن أخبره بوجوب ترك الطائر بشجاعة، سأحاول أن أكلمه بلطف لعله يستجيب، قلت له ..

عبد الله ، يا صغيري منذ متى والطير عندك ..

عبد الله و هو يضحك من فرط سعادته : منذ أربعة أيام و هذا اليوم الخامس، و لكن يا عمتي لا تتصوري كيف تعلقت به و كم أحببته و كأن الطير ولد معي.

أم شهد : هل تحبه يا عبد الله ..

عبد الله : ما هذا السؤال يا عمتي، أكيد أحبه ، بل و أحبه كثيراً بدرجة لا تتخيليها.

أم شهد : و هل سعادة الطير تهمك.

عبد الله : أكيد يا عمتي بلا سؤال.

أم شهد : يا صغيري الحبيب ، هل تعتقد أن الطير سيكون سعيداً في القفص ، أم عندما ينطلق بحرية في الهواء الطلق ليعيش حياته كأقرانه من الطيور.

سكت عبد الله قليلاً ولم يجب ، و كأنه فهم مغزى سؤالي ثم أدرج قائلاً ( يا عمتى لقد وفرت له كل سبل الراحة ، مستعد أن أسهر معه في الليل ، و أستيقظ معه في الصباح ، سأشتري له قفصاً كبيراً، وكل أنواع الأرز، كل ما أستطيع أن أفعله له فسأقوم به حتى يسعد طيري و يهنا ).

أم شهد : يا حبيبي الصغير ، و لكنك يجب أن تفهم أن الطير الجميل سعادته عندما ينطلق بحرية ، ليكسب رزقه كما علمه الله و ليعلب مع أقرانه و ليذهب عند أطفاله ، هناك أم تنتظره في منزله ، لا تكن قاسياً و تقيده عندك ، إن حبك له هو أن تسعده، فاتركه يحلق في السماء.
عبد الله في هدوء : و لكني أحبه يا عمتي و لا أستطيع أن أفارقه ..

أم شهد : يا حبيبي الصغير ، لم أطلب منك ذلك الأمر إلا لأنك أحببته، لا تكن أنانياً ، و فكر في راحة طيرك و سعادته قبل سعادتك، صدقني ستشعر براحة كبيرة عندما تتأكد بأن طيرك سعيد و مرتاح، أن حبك له يجب أن يكون نافعاً و لا يكون ظلماً بحقه.

سكت عبد الله قليلاً و أطرق ..

ثم قلت له : ما ذا قلت يا صغيري ..

عبد الله في هدوء : نعم يا عمتي ، سأطلق طيري الحبيب ليعيش بحرية كما كتب الله له ، يجب أن يسعد بحياته كما يسعد بها الآخرين ، دعيني أفكر بواقعية ، فما فائدة حبي له و قد قيدته و لم أتركه يعيش الحياة الطيبة كأقرانه ، لأني أحبه فسأطلقه كي يعيش بهناء و سعادة ..

ذهلت من تفكير الصغير و ابتسمت و قبلته على جبينه و قلت له : ما شاء الله عليك يا صغيري ، أحسنت الفعل و القول ، رغم أنك صغير السن ، و لكنك أدركت ما كنت أريده ، و لا أعلم يا صغيري هل ستستوعب ما أقوله لك الآن أم أن ما سأقوله كبير عليك ، المهم ، أنت لا زلت صغيراً ، وغداً باذن الله تصبح شاباً كبيراً ، الله خلقنا لعبادته وحده و للخلافة على الأرض ، همنا دائماً و أبداً هو الله ، نعمل من أجل الله ، قد تمر في امتحان من الله تعالى ، و لكن عليك الصبر و الاحتساب ، و تذكر بأن ترضى بما كتب الله لك و تحمد الله على ما أعطاك ، تذكر بأن الله قادر على كل شئ وبيده ملكوت السماوات و الأرض ، فلا تتسخط أبداً من أمرٍ قد كتبه الله لك ، بل احمده و اسأله أن يعينك، وأعلم أن الله لو كتب لك أي أمر فسيكون رغماً عن جميع الظروف، أي سلم أمورك كلها لمولاك و توكل عليه و احمده على ما أعطاك، فكر دائماً بالناس قبل أن تفكر بنفسك ، و لا أقصد أن تعمل من أجلهم ، حاشا لله ، بل اعمل من اجل الله وحده ، و لكن عليك يا صغيري بأن تؤثر الناس على نفسك ، فكر باسعادهم و لو كان الأمر على حساب نفسك و أحب لهم ما تحب لنفسك ، و ابتغ في هذا الأمر رضى الله و محبته لك. لا تكن أنانياً بأن تؤثر الخير لنفسك دون الآخرين، وهذه من صفات المؤمنين الصادقين كما قال عنهم الله تعالى ( ..وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ..) ، و كما قال عليه أفضل الصلاة و السلام ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ..

عبد الله : فهمت جيدا يا عمتي الغالية ..

أم شهد : أتمنى ذلك حقاً ، ( شكلك طالع ذكي على عمتك :) ، أمزح معاك :) ) وفقك الله ورعاك و يسر أمرك، و الآن هيا لتبادر لإطلاق الطائر ..

خرج عبد الله من غرفتي و هو ممسكاً طائره الصغير ، و لكن ملامح خروجه ليست كما دخل ، و لكن الحمد لله الذي وفقني في إقناعه بأمر الطائر.

قبل أن يغلق عبد الله الباب قال لي : عمتي أحب هذا الطائر كثيراً و لن أنساه ما حييت ، لأني أحببته بصدق و عشت معه أيام سعيدة لا أستطيع أن أنساها أو أمحوها من ذاكرتي ، و سأتركه يعيش كما كتب الله له ، و سأرضى بما كتب الله.

ابتسمت مرة أخرى و عدت لقراءة كتابي و دعوت لعبد الله الصغير بالتوفيق ، و سألت خالقي بأن ينفع به الإسلام و المسلمين.

ام شهد
27-05-2003, 04:00 PM
أتمنى من المشرف أن يعدل العنوان ..

عبد الله الصغير ، من دون (ة)


- في السطر الأول ، وجه عبد الله البرئ ، و ( ليس وجهه)


ما أدري شو سالفة الأخطاء المطبعية ، يمكن من العجلة:glasses:

و السموحة

طيور الشوق
28-05-2003, 01:14 AM
ما شاء عليه عبود ويهال هالأيام، أذكياء بشكل رهيب ما شاء الله، ويسمعون الكلام إذا اقتنعوا فيه!
مب مثلنا يوم كنا صغار أي شي يقولونه الأهل نصدقه ونسويه على طول.

طاح حظنا:D

تحياتي لعبد الله الصغير، والله يوفقه وإيانا لما يحبه ويرضاه.

ام شهد
28-05-2003, 02:22 AM
طيور الشوق :)

صحيح عندي ابن اخ صغير اسمه عبد الله ، و لكن هذه القصة من خيالي ، و بصراحة ابن اخي ليس ذكي لهذه الدرجة و حتى ان كان عنده طير لن يعطيني اياه .

قبل عدة أيام كان عندهم صوص جميل وصلهم هدية ، حاولت في أبناء أخي أن نعيده للمحل ، لأنهم مب ويه صوص و لا عصافير، هم ويه تماسيح و ثعالب ، طبعاً ما طاعوا ، و مات الصوص المسكين :(


القصة في الأصل رمزية ، ترمز إلى أن بعض الأحيان وجب على الإنسان يتخلى عن ما يحبه مجبراً حتى يسعد و يهنا الطرف الأخر ، و هذا ما قد يكون صعب على النفس في بعض الأحيان ..


أشكرك على المتابعة :)

حروف سوالف
28-05-2003, 12:17 PM
رائعه وننتظر القادم الجديد .........
اخوك حروف سوالف

ام شهد
28-05-2003, 03:52 PM
حروف الحب :)

شكراً للمتابعة ..

إرث أحزان
28-05-2003, 04:07 PM
رائعة جدا

اتمنى ان تسمحي لي ان احفظها عندي في الكمبيوتر

فانا احتفظ باجمل المشاركات

شكرا

ام شهد
29-05-2003, 05:03 AM
المشرف الأدبي :)

من دون استئذان بارك الله فيك احتفظ فيها ، حاضرين أخي الكريم في أي وقت .. :)

أشكرك للمتابعة الطيبة

ام شهد
18-06-2003, 05:50 AM
للرفع