PDA

View Full Version : رثاء عبد القادر الحسيني طيب الله ثراه


فلاح
16-12-2002, 03:46 AM
من ديوان "الصدى الضائع"
للأديب الكبير الأستاذ أحمد بن راشد آل الشيخ مبارك رحمه الله
كم في الناس من لا يرى الشعر إلا كلاماً مقفَّى لَـهُ أوزان وأسجاع ، وإن كان خِلْواً من الفصاحة والرِّقة في ألفاظه ، ومجرَّداً من الجزالة والثراء في معانيه .
وقبل أيام طُبع ديوان ( الصدى الضائع ) للأديب الكبير الأستاذ أحمد بن راشد آل الشيخ مبارك رحمه الله المتوفَّى يوم الجمعة السابع والعشرين من ذي الحجة سنة 1415هـ .
وحين أهداني أخي الأستاذ غسان نسخة من ديوان والده رحمه الله رأيتني أقف أمام شاعر فحل وأديب كبير زان شِعرَهُ وأدبَه بعزَّة المسلم وإبائه .
ولعل غُرَّة هذا الديوان أبيات كتبها في رثاء الشهيد عبد القادر الحسيني طيَّب الله ثراه ، وعُلِّقت يومها على أبواب المسجد الأقصى .
وهي أبيات تكذِّب قول القائل ( أعذبُ الشعرِ أكذبُهُ ) ، فهي تُبرز مكنون الضمائر الحية وتخرج المعاني العالية من موضعها الذي سجنت فيه ، لِـتتجلَّى هذه المعاني من قوة التصوير بأوصافها التي وُجدت عليها في الواقع .
وكأني بالشاعر رحمه الله يَستشِفُّ الـحُجُب حين يَرْمِز في البيت قبل الأخير إلى سِرِّ انتصار السابقين وذُلِّ تخاذُل اللاحقين :

قيس بن محمد آل الشيخ مبارك

أستاذ الفقه المساعد
جامعة الملك فيصل- الأحساء


فِدىً لك قومٌ دون سعيِك سَعْـيُهم
وإن مَلَأ الدُّنيا بِمَسعاهُمُ الزّمرُ

فَعَلَتَ وقالوا وانتضيتَ وأحجموا
فليتهُمُ الثاوي وأنت لنا الذُّخرُ

لَقِيتَ الرَّدى مثل الرَّدى في مَضائه
إلى أن قضى أو كادَ يَقتُلُهُ الذُّعرُ


فآبَ وفي كَفَّيْهِ أنفَس مُهجةٍ
ورُحْتَ وبُرْدَاك الشهادة والفخرُ

فإن أصبَحَتْ ذي الأرضُ بعدَك مأْتماً
فقد زَهَتِ الفِردوس حين الْتَقَى السَّفْرُ

تلقَّتْكَ بالبُشرى هناك ملائكٌ
وحفَّ بك الفاروق والنَّفَر الغُرُّ

وتاهَ صلاحُ الدين عُجْباً وقدْ رأى
غِراساً لها أخلاقُـهُ الماءُ والبذرُ

وتاهَ أبوتـمام يـرنوا بمقـلةٍ
عن الـملأ الأعلى إليك وتـفـتَرُّ

فتىً مات بين السيف والضرب مِيتةً
تقومُ مقامَ النصرِ إن فاته النصرُ ‘‘

وأثبت في مستنقع الموت رجله
وقال لها مِن دون أخمصُكِ الحشرُ

رضِيتَ الرَّدى دون الأَسار دريئةً
ولَمَّا تقُلْْ أمران أحلاهما مرُّ

ومن طلب النصر المُبين بسيفه
فليس له إلا المَمَاتُ أو النصرُ

بني السِّبط لن تذهبْ دِماؤكُمُ سُدىً
ففي كُلِّ جَنْبٍ مِن خوافِقِنا ثأرُ

حرامٌ على غير السيوف دِماؤكُمْ
أكـان لها في هام بيتِكُمُ وِتْـرُ

ألستُمْ بني القوم الذين توارثَتْ
دِمَاهُمْ على الجُـلَّى المُثَـقَّفَةُ السُّمْرُ

وإمَّا رَنَتْ للمجد منكم عظيمةٌ
يُدكُّ فضاء الله أو يُدرَكُ الأمرُ

يَطيبُ غُبَارُ النَّقْعِ في لَهَوَاتِِكُمْ
إذا طاب في أفـواهِ غيرِكُمُ الخمرُ

سَيَعلَمُ قومٌ ضاعَ ثأرُك بينَهُمْ
بِأنَّ لهم يوماً وإن سَوَّف الدَّهرُ

http://www.palestine-info.info/arabic/poems/ebnrashed.htm