زهرة الكركديه
05-04-2002, 10:10 PM
الغريب او الطريف انه ليس لدينا حتى اليوم سجل معجمي، او تاريخي
لهذا المصطلح (والحقيقة ان هذا ينطبق على جميع المصطلحات الادبية التي هاجرت الينا من الثقافات الاخرى) ولكن الرومانسية نفسها من اكثر المصطلحات غموضا، ويقول ارينيه ويليك في كتابه «مفاهيم نقدية» ان المواد المتوفرة لدراسة هذا الموضوع لا تزال فقيره في الفكر النقدي الغربي. ولا يزال الغرب حائرا في التثبيت من تاريخ اطلاق هذه الصفة على عمل أدبي لاول مرة. مثل حيرته في تحديد مواصفات المصطلح نفسه، و «لبول فان تيجيم» كتاب ضخم يؤرخ فيه للرومانسيات الغربية كلها، ولعل اشهر الحركات التي تركت آثارا عميقة هناك هي حركة (العاصفة والاندفاع) الالمانية وهي تجمع ادبي اتخذ لنفسه هدف اصلاح الحياة السياسية والاجتماعية، واعادة خلق الادب.
وجعل مثله الاعلى: الحرية، والمساواة الاجتماعية والاشادة بالطبيعة وبالعبقرية وبالابداع الشعري دون ادنى اعتبار للقوانين التقليدية للفن. ولقد قدمت الرومانسية بعد ذلك اسماء ادبية لامعه كان لها حضور قوي في الثقافة الغربية ويمكن ان نذكر جوته الالماني مثلا (ولنا معه وقفة اخرى) وبليك وبيرون وشلى الانجليز وغيرهم كثير ويتفق معظم النقاد العرب الذين أرخوا للرومانسية في الادب العربي على ان حضورها القوي ظهر بين الحربين العالميتين وتلاشى بنهايتهما. ويجب ان نلاحظ في البداية ان هذا المصطلح عُرب بصور مختلفة فهو «الرومانطيقية» حسب كتاب يمنى العبد (الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان) وهو الرومانتيكية حسب الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه (الرومانتيكية) ، وعبد الوهاب المسيري ومحمد علي زيد في كتابهما (مختارات من الشعر الرومانتيكي الانجليزي وهو الرومانسية حسب صياح الجهيم في كتابه المترجم (الرومانسية في الأدب الأوروبي) وهي الرومانتية حسب اقتراح الدكتور حسام الخطيب في كتابه الجامعي (الأدب الاوروبي نشأته وتطوره) وهناك اخيرا اقتراح تاج السر حسن في رسالته الجامعية بموسكو الذي ترجم فيه المصطلح الى «الابتداعية» لكن يمنى العبد التي نقلت الينا هذا المقترح في كتابها عن الدلالة الاجتماعية تقول بأن الباحث استخدم مصطلح الابتداعيه مرة حين اراد التأكيد على سمة التجديد في تيار الرومانسية العربي ثم استخدم مصطلح الرومانسية للاشارة الى السمات المشتركة التي تجمع بين هذا التيار وبين اصوله الغربية.
تظهر الرومانسية في لبنان حسب يمنى العبد في مرحلتين البدايات والنضج وابرز الاعمال في البدايات هي «الاجنحة المنكسرة» لجبران خليل جبران وهي تضيف اليه اعمالا لفرح انطون، وأمين الريحاني، وميخائيل نعيمه، اما في المرحلة الثانية فيبرز الشاعر الياس ابو شبكة كممثل فريد لهذا التيار، في المرحلة كان الرفض والتمرد هما السمتان البارزتان للاعمال الابداعية لكنهما سرعان ما تبخرتا في مرحلة النضج (وهذا غريب ولافت) ليحل محلهما شعور بالعجز والانهيار والنكوص واليأس والتصالح مع الواقع. وتقول الناقدة ان الرومانطيقية كانت دائما هي البحث عن عالم بديل، ناجم عن فشل محاولة تغيير الواقع الاجتماعي، ويقول (محمد مندور) ان استفحال سلطة اسماعيل صدقي في مصر الذي كمَّ الأفواه، واستذل العباد هو الذي ادى الى ظهور الرومانتيكيه، ولكنها ظهرت في صورة السوداوية والهرب الى العالم البديل الذي اشارت اليه يمنى العبد، وهذا يفسر في رأي مندور عناوين دواوين وقصائد شعراء الرومانتيكيه في مصر، مثل (من وراء الغمام) لابراهيم ناجي (الالحان الضائعة) لحسن الصيرفي (أزهار الذكرى) لمصطفى السحرتي (الزورق الحالم) لمختار الوكيل .. الخ.
ويبتعد جلال فاروق الشريف عن محمد مندور في تعليله لظهور الرومانتيكيه في سوريا، فيرى انها كانت تعبيرا عن نزعة ليبرالية لدى مثقفي البرجوازية، وهي تختلف بذلك عن رومانتيكية الغرب التي مثلت الثورة على المجتمع الصناعي، وأكدت على النزوع الفردي للانعتاق من الاستبداد، بل ان الشريف يقول بأن الحلم بالتغيير ولد ايديولوجيات رومانتيكية منها الرومانتيكية البروليتارية الطبقية (وهو يقصد نشوء الحزب الشيوعي السوري) في مجتمع زراعي اقطاعي متخلف والرومانتيكية القومية السورية الاجتماعية التي حلمت بتوحيد بلاد الشام، والايديولوجية القومية العربية التي حلمت بتوحيد الأمة كلها.
على ان اكثر الاستنتاجات غرابة هي قول الدكتور (سيد حامد النساج) في كتابه (اتجاهات القصة المصرية القصيرة) من ان ابناء البرجوازية المصرية حرصوا على كتابة قصص رومانسية ارضاء لطبقتهم من جانب، وتلهية للجمهور من ابناء قوى الشعب حتى لا يفكرون في قضاياهم من جانب آخر، او استدرارا لاموال الجمهور القاريء (الذي تستهويه قصص الدموع كما يمكن الاستنتاج) والدكتور النساج يربط بطريقة حسابية او آلية بين ظهور التيارات الادبية وبين الانظمة الاجتماعية الاقتصادية فالنظام القبلي ينتج ادبا خرافيا والنظام العبودي ينتج ادبا اسطوريا والنظام الاقطاعي ينتج ادبا كلاسيكيا والرأسمالي ينتج ادبا رومانسيا والاشتراكي ينتج ادبا واقعيا اشتراكيا.
كل هذا يتناقض ايضا مع الاهداف التي توخاها احمد حسن الزيات من ترجمته لرواية «جوته» الشهيرة «آلام فرتر» وهي في الالمانية « ?رتر » وحسب. والدكتور طه حسين من كتابه المقدمة. ورواية جوته كانت قد احدثت صدى واسعا قويا في الاوساط الادبية والفكرية الالمانية والاوروبية ولاقت شعبية واسعة لدى قطاعات الليبرالية الصاعدة بسبب الصياغة الادبية الراقية التي صاغ بها جوته قصة مأساوية اظهر فيها التناقض بين الشخصية الانسانية والمجتمع.
وقد لاحظ معاصرو «جوته» مضمون روايته الثوري المناهض للسائد في الفكر والمجتمع، وابدى كثيرون اعتراضات ضد الرواية ومنهم مثلا «نابليون بونابرت» الذي اصطحبها معه في الحملة على مصر. لكنه ابدى ملاحظة على جوته انه ادخل في الرواية تناقضا اجتماعيا في مأساة غرامية، ومنع ضباط الحملة من قراءتها. وقال جوته بأن نابليون العظيم درس «الام فرتر» بطريقة قاض يدرس أوراق الدعوى، وهاجم الرواية بعد ذلك واعظ متعصب اسمه «كوزه» وقال ان من شأنها ان تربي القتلة والمجرمين اما اللورد بريستول فقد هاجم جوتة لأنه جعل عددا كبيرا جدا من الناس تعساء.
غير ان استقبال الرواية في الثقافة العربية كان مختلفا عن هذه الآراء. فكتب احمد حسن الزيات في ترجمة للرواية يقول: «ان مبعث النهضات الاجتماعية، انما هو العواطف المتقدة، والخواطر الملتهبة، والنفوس المضطربة، اما العقول الرزينة الهادئة والاذهان المنطقية الساكنة فهي خمود وثورة القلوب، وتتعود في نهضة الشعوب» فالزيات يعامل الرواية حسب منطق نشوء الرومانسية التي كان الرفض والتمرد والثورة اهدافا لها، اما الدكتور طه حسين فقال في مقدمته للرواية ايضا: «ان على المترجم الا يترجم سوى تلك الأعمال التي تعود على الشعب بالنفع والفائدة وتعينه على التطور والانتقال».
باستثناء الكتاب النقدي امام «يمنى العبد» فان جميع النقاد الذين كتبوا عن الرومانسية، او اولئك الذين يصفون عملا ما «قصيدة او قصة او رواية» بانه رومانسي قصدوا الحط من شأن تيار الرومانسية دائما، دون ان يناقشوا لقيم الجمالية التي حققتها بعض انجازاته الهامة. ويمكننا هنا ان نشير الى اهمية كاتب شاعر مثل الياس ابو شبكة، او الى أهمية شعر المهجر، بل ان قصيدة مثل «المواكب» لجبران خليل جبران لم يقلل من اهميتها ابدا انها حاولت اعدام الواقع، وانهاض الطبيعة كعالم بديل. فالحقيقة ان هذه القصيدة لاتزال تلقى محبة القراء، وقد ازدادت شعبيتها فمنذ ان غنت فيروز مقاطع منها في «اعطني الناي وغني» فهل يعني هذا ان شروط كتابتها لاتزال مستمرة، ام يعني ان النص الادبي الذي يحقق سموا فنيا قادرا على البقاء خارج زمان او مكان انتاجه؟! وهل يمكن ان نسمي اعجابنا، ومتعتنا بهذه الأعمال: رومانسية؟!
لهذا المصطلح (والحقيقة ان هذا ينطبق على جميع المصطلحات الادبية التي هاجرت الينا من الثقافات الاخرى) ولكن الرومانسية نفسها من اكثر المصطلحات غموضا، ويقول ارينيه ويليك في كتابه «مفاهيم نقدية» ان المواد المتوفرة لدراسة هذا الموضوع لا تزال فقيره في الفكر النقدي الغربي. ولا يزال الغرب حائرا في التثبيت من تاريخ اطلاق هذه الصفة على عمل أدبي لاول مرة. مثل حيرته في تحديد مواصفات المصطلح نفسه، و «لبول فان تيجيم» كتاب ضخم يؤرخ فيه للرومانسيات الغربية كلها، ولعل اشهر الحركات التي تركت آثارا عميقة هناك هي حركة (العاصفة والاندفاع) الالمانية وهي تجمع ادبي اتخذ لنفسه هدف اصلاح الحياة السياسية والاجتماعية، واعادة خلق الادب.
وجعل مثله الاعلى: الحرية، والمساواة الاجتماعية والاشادة بالطبيعة وبالعبقرية وبالابداع الشعري دون ادنى اعتبار للقوانين التقليدية للفن. ولقد قدمت الرومانسية بعد ذلك اسماء ادبية لامعه كان لها حضور قوي في الثقافة الغربية ويمكن ان نذكر جوته الالماني مثلا (ولنا معه وقفة اخرى) وبليك وبيرون وشلى الانجليز وغيرهم كثير ويتفق معظم النقاد العرب الذين أرخوا للرومانسية في الادب العربي على ان حضورها القوي ظهر بين الحربين العالميتين وتلاشى بنهايتهما. ويجب ان نلاحظ في البداية ان هذا المصطلح عُرب بصور مختلفة فهو «الرومانطيقية» حسب كتاب يمنى العبد (الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان) وهو الرومانتيكية حسب الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه (الرومانتيكية) ، وعبد الوهاب المسيري ومحمد علي زيد في كتابهما (مختارات من الشعر الرومانتيكي الانجليزي وهو الرومانسية حسب صياح الجهيم في كتابه المترجم (الرومانسية في الأدب الأوروبي) وهي الرومانتية حسب اقتراح الدكتور حسام الخطيب في كتابه الجامعي (الأدب الاوروبي نشأته وتطوره) وهناك اخيرا اقتراح تاج السر حسن في رسالته الجامعية بموسكو الذي ترجم فيه المصطلح الى «الابتداعية» لكن يمنى العبد التي نقلت الينا هذا المقترح في كتابها عن الدلالة الاجتماعية تقول بأن الباحث استخدم مصطلح الابتداعيه مرة حين اراد التأكيد على سمة التجديد في تيار الرومانسية العربي ثم استخدم مصطلح الرومانسية للاشارة الى السمات المشتركة التي تجمع بين هذا التيار وبين اصوله الغربية.
تظهر الرومانسية في لبنان حسب يمنى العبد في مرحلتين البدايات والنضج وابرز الاعمال في البدايات هي «الاجنحة المنكسرة» لجبران خليل جبران وهي تضيف اليه اعمالا لفرح انطون، وأمين الريحاني، وميخائيل نعيمه، اما في المرحلة الثانية فيبرز الشاعر الياس ابو شبكة كممثل فريد لهذا التيار، في المرحلة كان الرفض والتمرد هما السمتان البارزتان للاعمال الابداعية لكنهما سرعان ما تبخرتا في مرحلة النضج (وهذا غريب ولافت) ليحل محلهما شعور بالعجز والانهيار والنكوص واليأس والتصالح مع الواقع. وتقول الناقدة ان الرومانطيقية كانت دائما هي البحث عن عالم بديل، ناجم عن فشل محاولة تغيير الواقع الاجتماعي، ويقول (محمد مندور) ان استفحال سلطة اسماعيل صدقي في مصر الذي كمَّ الأفواه، واستذل العباد هو الذي ادى الى ظهور الرومانتيكيه، ولكنها ظهرت في صورة السوداوية والهرب الى العالم البديل الذي اشارت اليه يمنى العبد، وهذا يفسر في رأي مندور عناوين دواوين وقصائد شعراء الرومانتيكيه في مصر، مثل (من وراء الغمام) لابراهيم ناجي (الالحان الضائعة) لحسن الصيرفي (أزهار الذكرى) لمصطفى السحرتي (الزورق الحالم) لمختار الوكيل .. الخ.
ويبتعد جلال فاروق الشريف عن محمد مندور في تعليله لظهور الرومانتيكيه في سوريا، فيرى انها كانت تعبيرا عن نزعة ليبرالية لدى مثقفي البرجوازية، وهي تختلف بذلك عن رومانتيكية الغرب التي مثلت الثورة على المجتمع الصناعي، وأكدت على النزوع الفردي للانعتاق من الاستبداد، بل ان الشريف يقول بأن الحلم بالتغيير ولد ايديولوجيات رومانتيكية منها الرومانتيكية البروليتارية الطبقية (وهو يقصد نشوء الحزب الشيوعي السوري) في مجتمع زراعي اقطاعي متخلف والرومانتيكية القومية السورية الاجتماعية التي حلمت بتوحيد بلاد الشام، والايديولوجية القومية العربية التي حلمت بتوحيد الأمة كلها.
على ان اكثر الاستنتاجات غرابة هي قول الدكتور (سيد حامد النساج) في كتابه (اتجاهات القصة المصرية القصيرة) من ان ابناء البرجوازية المصرية حرصوا على كتابة قصص رومانسية ارضاء لطبقتهم من جانب، وتلهية للجمهور من ابناء قوى الشعب حتى لا يفكرون في قضاياهم من جانب آخر، او استدرارا لاموال الجمهور القاريء (الذي تستهويه قصص الدموع كما يمكن الاستنتاج) والدكتور النساج يربط بطريقة حسابية او آلية بين ظهور التيارات الادبية وبين الانظمة الاجتماعية الاقتصادية فالنظام القبلي ينتج ادبا خرافيا والنظام العبودي ينتج ادبا اسطوريا والنظام الاقطاعي ينتج ادبا كلاسيكيا والرأسمالي ينتج ادبا رومانسيا والاشتراكي ينتج ادبا واقعيا اشتراكيا.
كل هذا يتناقض ايضا مع الاهداف التي توخاها احمد حسن الزيات من ترجمته لرواية «جوته» الشهيرة «آلام فرتر» وهي في الالمانية « ?رتر » وحسب. والدكتور طه حسين من كتابه المقدمة. ورواية جوته كانت قد احدثت صدى واسعا قويا في الاوساط الادبية والفكرية الالمانية والاوروبية ولاقت شعبية واسعة لدى قطاعات الليبرالية الصاعدة بسبب الصياغة الادبية الراقية التي صاغ بها جوته قصة مأساوية اظهر فيها التناقض بين الشخصية الانسانية والمجتمع.
وقد لاحظ معاصرو «جوته» مضمون روايته الثوري المناهض للسائد في الفكر والمجتمع، وابدى كثيرون اعتراضات ضد الرواية ومنهم مثلا «نابليون بونابرت» الذي اصطحبها معه في الحملة على مصر. لكنه ابدى ملاحظة على جوته انه ادخل في الرواية تناقضا اجتماعيا في مأساة غرامية، ومنع ضباط الحملة من قراءتها. وقال جوته بأن نابليون العظيم درس «الام فرتر» بطريقة قاض يدرس أوراق الدعوى، وهاجم الرواية بعد ذلك واعظ متعصب اسمه «كوزه» وقال ان من شأنها ان تربي القتلة والمجرمين اما اللورد بريستول فقد هاجم جوتة لأنه جعل عددا كبيرا جدا من الناس تعساء.
غير ان استقبال الرواية في الثقافة العربية كان مختلفا عن هذه الآراء. فكتب احمد حسن الزيات في ترجمة للرواية يقول: «ان مبعث النهضات الاجتماعية، انما هو العواطف المتقدة، والخواطر الملتهبة، والنفوس المضطربة، اما العقول الرزينة الهادئة والاذهان المنطقية الساكنة فهي خمود وثورة القلوب، وتتعود في نهضة الشعوب» فالزيات يعامل الرواية حسب منطق نشوء الرومانسية التي كان الرفض والتمرد والثورة اهدافا لها، اما الدكتور طه حسين فقال في مقدمته للرواية ايضا: «ان على المترجم الا يترجم سوى تلك الأعمال التي تعود على الشعب بالنفع والفائدة وتعينه على التطور والانتقال».
باستثناء الكتاب النقدي امام «يمنى العبد» فان جميع النقاد الذين كتبوا عن الرومانسية، او اولئك الذين يصفون عملا ما «قصيدة او قصة او رواية» بانه رومانسي قصدوا الحط من شأن تيار الرومانسية دائما، دون ان يناقشوا لقيم الجمالية التي حققتها بعض انجازاته الهامة. ويمكننا هنا ان نشير الى اهمية كاتب شاعر مثل الياس ابو شبكة، او الى أهمية شعر المهجر، بل ان قصيدة مثل «المواكب» لجبران خليل جبران لم يقلل من اهميتها ابدا انها حاولت اعدام الواقع، وانهاض الطبيعة كعالم بديل. فالحقيقة ان هذه القصيدة لاتزال تلقى محبة القراء، وقد ازدادت شعبيتها فمنذ ان غنت فيروز مقاطع منها في «اعطني الناي وغني» فهل يعني هذا ان شروط كتابتها لاتزال مستمرة، ام يعني ان النص الادبي الذي يحقق سموا فنيا قادرا على البقاء خارج زمان او مكان انتاجه؟! وهل يمكن ان نسمي اعجابنا، ومتعتنا بهذه الأعمال: رومانسية؟!