PDA

View Full Version : على خطى أسماء وابن الزبير


زمردة
03-04-2002, 01:33 AM
http://groups.yahoo.com/group/Lover_Group/files/ourmothers.jpg

هل كان يمكنني أن أفعل شيئا آخر سوي أن أجهش في البكاء علي الفور..؟

فأترك الصديق الذي نقل إليّ الخبر مندهشا ومحرجا في الوقت ذاته.. ولأقضي أنا بعد ذلك اليوم كله متحاشيا الناس فقد كان كل ما ألقاه ومن ألقاه ينكأ الجرح في قلبي فتمتلئ بالدموع عيناي؟..

كان الصديق قد نقل إليّ ذلك الخبر الذي أذاعته قناة الجزيرة مرة واحدة دون أن تعيد إذاعته.. فربما لو أذاعته مرة أخري لقصفها بوش بالصواريخ..

هل كان يمكنني أن أفعل شيئا آخر بعد ذلك المشهد... لم أر المشهد بنفسي.. فكثيرا ما أتجنب رؤية المشاهد الأليمة فلم يعد في القلب متسع لمزيد ألم ..

لكنني كنت قد استمعت لتوي من ذلك الصديق إلي ما حدث مع الشهيد شادي نجمي.. وكما لو كان هذا الخبر هو اللازم لإكمال الكتلة الحرجة التي يحدث بعدها الانفجار..

فانفجر الغضب والقهر والخزي والعجز والانكسار والاحتقار والإعجاب والإجلال والإكبار والانبهار جميعا.. في نفس الوقت..

في واقعة الشهيد شادي نجمي يعيد التاريخ نفسه بصورة لا تقل جلالا أبدا.. يعيد واقعة أسماء بنت أبي بكر مع عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما..

هل أسيء الأدب حين أقول أن واقعة الشهيد شادي نجمي وأمه قد تفوق الواقعة الأولي؟!

علي الأقل كان لديهم من الإيمان ومن السمو الجماعي والاجتماعي العام أيامها ما يشكل وقودا دافعا.. أما نحن فليس لدينا شيء..

ما حدث مع الشهيد شادي نجمي هو أنهم التقطوا له فيلم فيديو وهو يتلو وصيته الأخيرة ..

وهذا حدث من قبل كثيرا حتي تعودت القلوب العمياء الصماء الجرداء القاحلة عليه.. الجديد في المشهد.. ما أذابني وصهرني وروعني وأبهرني.. أنه في هذا الشريط .. تظهر إلي جواره: أمه.. نعم.. أمه..

هل يمكن أن يكون هذا المشهد قد تكرر في التاريخ قبل ذلك.. وهل يمكن أن يتكرر؟..
صرخت:

هذا الخروج عن سنة الطبيعة البشرية بداية المعجزة..

هذه الأم أدت عن الأمة واجب تغيير نفسها.. أما تغيير ما بنا فهو لا محالة قادم..
كيف..

كيف يا أختاه فعلتيها..

أي نبل.. أي.. سمو .. أي رفعة.. أي فداء.. أي عظمة.. أي تضحية.. بل أي إيمان بأن ما عند الله خير وأبقي..

أي مستوي يمكن للكائن البشري أن يصل إليه..

كيف كنت يا أختاه..؟؟

كيف كنت وأنت تضمينه إلي صدرك الضمة الأخيرة.. تدركين أنه بعد قليل قد لا يتبقي منه شلو تتعرفين به عليه..

كيف كنت وأنت تقبلين جبينه قبلة تعلمين أنها القبلة الأخيرة..
كيف وجف قلبك.. وكيف اختلجت مشاعرك؟

وعندما غادرك وأنت تعلمين أنك لن تلقيه بعد هذه اللحظة في هذه الدنيا أبدا.. كيف كنت..
كيف كنت؟!..

كيف انتظرت دوي الانفجار؟..

كيف مرت الساعات بل الدقائق بل الثواني..

أم أنه ليس من حقي أن أسأل هذا السؤال فليس لأمثالنا أن يفهموا مثلك.. وما تمثلينه.. وما

يمكن أن يدور في نفس أبية شامخة مثلك.. نحن المدنسون بحكامنا.. المقيدون بعجزنا..

المسربلون بخزينا والغارقون في بحر من العار..
هل كان يمكنني أن أفعل شيئا آخر..

هل كان لي ـ علي سبيل المثال ـ أن أخفي عنكم يا قراء دموعي تلك؟
بل أولي لكم فأولي.. ثم أولي لكم فأولي أن تخجلوا أنتم لأنكم لا تبكون.. فإذا بكيتم أولي لكم أن تخجلوا لأن الدموع لم تكن دما..

هل كان يمكنني أن أفعل شيئا آخر .. أن أحتفظ ـ علي سبيل المثال ـ بسمت الكاتب الوقور.. الذي يدعي الحكمة فيستخلص العبرة وينطلق ليحلل وينظر وكأنه يملك بين يديه ميزان الصواب والخطأ والحق والباطل..

كاتب وقور؟

ما من أحد منا كاتب وما من أحد منا وقور وإنما نقف علي أعتابك يا أم البطل الشهيد كي ننبهر وكي نتعلم.. وما أقل من يتعلم..

كاتب وقور..

وهل تبقي منا كتاب؟ وهل تبقي لدينا وقار.. وما من أحد منا إلا وقد أجري حساباته كي يتعايش مع نظم حكم خائنة وعميلة.. فخان الأكثرون وهانوا وباعوا ونافسوا الحكام في كل ذلك.. وراح الباقون ـ مثلي ـ يجترون العار والعجز في صمت مخز..

أنت يا أم الشهيد لم تستسلمي للصمت ولا للخزي ولا للعجز ولا للعار..

فعلمينا يا أم الشهيد كيف فعلتيها وإن كنت أشك أننا يمكن أن نتعلم نفس شكّي في أن تنبت الأرض الخراب مهما هطل عليها المطر..

نحن الفخورون بسلامة أبناء لا يصيبهم خدش ولا يفقدون حتي قلامة ظفر..

نحن الفخورون بسلامة أبناء نري أن مقتضيات سلامتهم لا تأتي إلا بمحو هويتهم.. فمان خان فهو آمن.. ومن باع فهو آمن.. ومن استغرب فهو آمن.. ومن أيد تحالف الشيطان فهو آمن..

نحن الصامتون حتي علي ذلك النداء العاجز الصارخ الذي انطلق من فلسطيننا الحبيبة والمرأة تصرخ مستنجدة بالعالم الداعر أن يرسل طبيبا يخترق حصار الدبابات الإسرائيلية كي ينقذ أمها من الغيبوبة.. أما في اليوم التالي.. فقد كانت المرأة تواصل الاستنجاد بذات العالم الداعر.. لا لكي يرسل طبيبا .. بل حانوتيا يدفن الأم.. كانت الأم قد ماتت.. وكان الشرف فينا يموت.. وكانت قنواتنا الفضائية تهزل وتدعر..

فلنهنأ ونحن نخبّ في عار النجاة الدنيء..

فليهنأ أيضا الكتاب الكذابون والصحف العميلة والحكام الخونة أما ذو الدين والكرامة والنخوة فليجرع غصص الهزيمة والعار.. فلا يملك ما ينقذه من الموت خزيا وعارا سوي موقف كموقفك يا أم شادي..

ولتهنأ أيضا تيك الداعرات اللائي يدعين ريادة حرية المرأة فلا يتنادين إلا بالحفاظ علي بظر وغلفة، ولا يفهمن من الحرية إلا حرية العهر..

فلتهنأ الداعرات اللائي لم يفهمن ولن يفهمن أبد أنه لم يكن لأم شادي أن تضحي هذه التضحية لولا عهرهن وعهر مجتمعاتهن وحكومات تتستر عليهن لأنها مثلهن.. وأن أم شادي هي الأخري امرأة كان عليهن لو احتفظن من الشرف بمثقال حبة خردل أن يدافعن عنها وعن الحد الأدني لحريتها.. بألا ترغم علي تقديم فلذة كبدها شهيدا.. حين يكون لا سبيل أمامها إلا هذا..

يا أم شادي..

أقسم أنك قد آمنت وأوفيت..

أقسم أنك لمعة نور وسنا برق من ذلك الذي انفجر في غزوة الخندق فرأي فيه الرسول صلي الله عليه وسلم مصارع كسري وقيصر..

أقسم أنني رأيت في وميض هذا النور آخر إسرائيلي في فلسطين يلجأ إلي السفارة الأمريكية بعد أن هرب منها كل من دخلها بغير حق..

أقسم أنني رأيت في سنا هذا البرق نصر الله ونهاية إسرائيل..

أقسم أنني رأيت في وميضك أيتها الأم التي تتقاصر كل صفات اللغة عن وصفها نصركم المؤزر والحاسم.. حين يخرج من فلسطين آخر إسرائيلي فلا يعودون إليها أبدا إلي نهاية الزمان..

أقسم أن امرأة مثلك لو أقسمت علي الله لأبرها..

أقسم أن شعبا تنتمين إليه لا يمكن أن ينهزم..

أقسم أنك في الدنيا من يمسح عنا أمام التاريخ بعض عارنا..

وأن عملك يوم القيامة كفيل بالشفاعة لجيل..

أقسم أنك أعدت إلينا إيمان الصحابيات الألي..

تماما كما أعاد أسامة بن لادن عصر الصحابة والتابعين..

فخبرينا يا سيدة نساء أهل الأرض الأولي:

كيف نتعلم منك..

لكن..

أني لنا.. أني لنا.. أني لنا..

يا سيدة نساء أهل الأرض الآن ـ فأنت السيدة الأولي ولا أحد غيرك ـ:

أعطيتنا الفخر والانبهار.. أعطيتنا الفخر والانبهار..

حتي لو كنا غارقين في بحور العجز والعار

ہ كاتب من مصر

بو عبدالرحمن
03-04-2002, 07:04 AM
-
الأخت الفاضلة / زمردة
.......... رحم الله والديك ورفع قدرك

من حق هذا الموضوع أن يبقى ثابتاً لأطول فترة ممكنة
في هذه القصة المؤثرة
تأكيد على أن هذه الأمة لا تزال تخبئ الكثير من المفاجآت
التي سيراها العالم عاجلا أم آجلا

لله درك أيتها الأم المؤمنة ..
نسأل الله أن يتقبل ابنك مع الشهداء في فردوس الله الأعلى
ونسأله سبحانه أن يربط على قلبك بمزيد من أنوار الإيمان

البراء
03-04-2002, 10:02 AM
إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة

زمردة
04-04-2002, 01:04 AM
جزاكما الله خيراً ..