الخير
06-03-2002, 01:46 AM
ما هي الحياة ؟
ما هو ذهبها ؟؟
ما هي فضتها؟؟؟
ما هي قصورها ؟ مناصبها ووظائفها ؟؟؟؟
كلها لا شئ 00 وإنما لعب ، ولهو ، وتفاخر ، وتكاثر ، وزهو ، ورياء ، وإعجاب ، وظهور ، ولموع 0
ولكن الحقائق الباقيات هي : الإيمان ، والعمل الصالح 0
خرج علي ابن المأمون الخليفة العباسي فأشرف من شرفة القصر ذات يوم ينظر إلى سوق بغداد 0
ينظر من البروج العاجيَّة 00 فطعامه شهي 00 ومركبه وطيء 00 وعيشه هنيء 0
يلبس ما جمل ويأكل ما طاب ، وما جاع يوماً في حياته ، وما ظمئ أبداً ، وما مست الشمس جبهته 0
فأخذ ينظر من القصر إلى الناس في السوق ، هذا يذهب ، وهذا يأتي في حركة دؤوبة 0
فلفت نظر الأمير رجل من الناس يعمل حمالاً يحمل للناس بالأجرة ، وكان يظهر عليه الصلاح والنسك 0
فكانت حباله على كتفيه ، والحمل على ظهره ، ينقل الحمولة من دُكَّان إلى دكان ، فأخذ يتابع حركاته في السوق ، فكان هذا الحمَّال إذا انتصف الضحى ، تركَ السوق ، وخرج إلى ضفاف دجلة فتوضأ ، وصلى ركعتين ، ورفع يديه إلى الحي القيوم 0
فكان هذا الحمَّال إذا صلى الضحى ، عاد فعمل إلى قبيل الظهر ، ثم اشترى خبزة بدرهم ، فيأخذها إلى نهر دجلة فيبلها في الماء ، ويشرب من الماء ويأكل 0
فإذا انتهى توضأ للظهر ، وصلى ثم دعا وابتهل وبكى 00
ثم نام ساعة وبعد النوم يستيقظ ، فينزل إلى السوق ، فيعمل ، ويجتهد ثم يشتري خبزاً ويذهب إلى بيته 0
وفي اليوم الثاني : يعود إلى هذا البرنامج والجدول الذي لا يتغير ، وهكذا اليوم الثالث والرابع إلى أيام كثيرة 00
فأرسل الأمير جندياً من جنوده إلى ذاك الحمَّال ليستدعيه ليكلمه في القصر 0
فذهب الجندي واستدعى الحمَّال ، فقال في نفسه : مالي ومال جنود بني العباس 00 مالي ومال الخلفاء 0
قالوا : أمر الأمير أن تحضر عنده اليوم 0
فظنَّ أن الأمير سوف يحاسبه أو يحاكمه 0
فقال : حسبنا الله ونعم الوكيل 0
فدخل هذا الفقير على ابن المأمون الأمير فسلَّمَ عليه 0
فقال له الأمير : ألا تعرفني ؟
قال : ما رأيتك حتى أعرفك 0
قال : أنا ابن الخليفة 0
قال : يقولون ذلك 0
قال : ماذا تعمل أنت ؟
قال : أعمل مع عباد الله في بلاد الله 0
قال : قد رأيتك أياماً ورأيت المشقة التي أصابتك ، فأريد أن أخفِّف عنك المشقة 0
قال بماذا ؟
قال اسكن معي القصر بأهلك ، آكلاً ، شارباً ، مستريحاً ، لا همَّ ولا غمَّ ، ولا حزن 0
فقال : يا ابن الخليفة لا همَّ على من لم يذنب ، ولا غم على من لم يعصِ ، ولا حزن على من لم يسئ 0
أما من أمسى في غضب الله ، وأصبح في معاصي الله ، فهو مصاحبٌ للغم ، والحزن ، والهم 0
فسأله عن أهله 0
فقال : أمي عجوز كبيرة ، وأختي عمياء حسيرة ، آتي بإفطارهما قبل الغروب ، وهما تصومان كل يوم فنفطر جميعاً ثم ننام 0
قال : فمتى تستيقظ ؟
قال : إذا نزل الحي القيوم إلى السماء الدنيا 0
قال : هل عليك من دين ؟
قال : ذنوب سلفت بيني وبين الحي القيوم 0
قال : ألا تريد معيشتنا ؟
قال : لا والله 0
قال : ولمَ ؟
قال : أخاف أن يقسو قلبي وأن يضيع ديني 0
فنزل وتركه !!!!!!!
وفي ليلة من الليالي استفاق الأمير من غيبوبته وصحا من نومه ، وعلمَ أنه كان في سبات عميق 0
فقال لحاشيته : أنا أذهب إلى مكان ، فإذا أتى بعد ثلاثة أيام أخبروا أبي الخليفة المأمون أني ذهبت وسوف ألتقي أنا وإياه يوم العرض الأكبر 0
فخرج وسط الليل ، وخلع لباسه ولبس لباس الفقير ، واختفى عن العيون ، وقد غير هيئته وأصبح كهيئة المساكين ، وعمل مع تاجر التجَّار في صنع الآجر 0
فكان له أوراد 0 في الصباح يحفظ القرآن ، ويصوم الاثنين ، والخميس ، ويقوم الليل ، وما عنده من المال ما يكفيه يوماً واحداً 0
فذهب غمه وهمه ، وذهب حزنه ، وذهب العُجب ، والخيلاء من قلبه 0
ولما أتته الوفاة أعطى هذا التاجر خاتمه وقال : أنا ابن الخليفة المأمون فإذا متُّ فغسلني وكفني واقبرني ثم سلِّم هذا الخاتم لأبي 0
ففعل كما أمره ، وأتى بالخاتم إلى المأمون 0
فلما رأى الخاتم شهق وبكى حتى ارتفع صوته ، فسأل التاجر عنه 0
فقال له الخبر 0
فارتفع صوت الأمير الخليفة والوزراء بالبكاء ، وعرفوا أنه عرف الطريق لكنهم ما مشوا معه 0
( فَمَن يُرِدِ اللهُ أن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ للإسلَم )0
هذه قصة من قصص التاريخ ، أُثبتت وحُفِظت ونُقلت لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد 0
فوالله ليست السعادة في الدور ولا في القصور ، ولا في الحدائق 0
فهل من فَطِن يعلم أن السعادة في السجود لله ؟ وفي تلاوة كتاب الله ؟
وفي ذكر الله ؟؟؟0
فهل من عاقل !!!!!
وهل من متدبر ؟؟؟ 0
********** ******** ******** ******** ********
من كتاب " سياط القلوب "0
بارك الله فيك 00 يا من قرأت 00 فتدبرت 00 فعملت 0
ما هو ذهبها ؟؟
ما هي فضتها؟؟؟
ما هي قصورها ؟ مناصبها ووظائفها ؟؟؟؟
كلها لا شئ 00 وإنما لعب ، ولهو ، وتفاخر ، وتكاثر ، وزهو ، ورياء ، وإعجاب ، وظهور ، ولموع 0
ولكن الحقائق الباقيات هي : الإيمان ، والعمل الصالح 0
خرج علي ابن المأمون الخليفة العباسي فأشرف من شرفة القصر ذات يوم ينظر إلى سوق بغداد 0
ينظر من البروج العاجيَّة 00 فطعامه شهي 00 ومركبه وطيء 00 وعيشه هنيء 0
يلبس ما جمل ويأكل ما طاب ، وما جاع يوماً في حياته ، وما ظمئ أبداً ، وما مست الشمس جبهته 0
فأخذ ينظر من القصر إلى الناس في السوق ، هذا يذهب ، وهذا يأتي في حركة دؤوبة 0
فلفت نظر الأمير رجل من الناس يعمل حمالاً يحمل للناس بالأجرة ، وكان يظهر عليه الصلاح والنسك 0
فكانت حباله على كتفيه ، والحمل على ظهره ، ينقل الحمولة من دُكَّان إلى دكان ، فأخذ يتابع حركاته في السوق ، فكان هذا الحمَّال إذا انتصف الضحى ، تركَ السوق ، وخرج إلى ضفاف دجلة فتوضأ ، وصلى ركعتين ، ورفع يديه إلى الحي القيوم 0
فكان هذا الحمَّال إذا صلى الضحى ، عاد فعمل إلى قبيل الظهر ، ثم اشترى خبزة بدرهم ، فيأخذها إلى نهر دجلة فيبلها في الماء ، ويشرب من الماء ويأكل 0
فإذا انتهى توضأ للظهر ، وصلى ثم دعا وابتهل وبكى 00
ثم نام ساعة وبعد النوم يستيقظ ، فينزل إلى السوق ، فيعمل ، ويجتهد ثم يشتري خبزاً ويذهب إلى بيته 0
وفي اليوم الثاني : يعود إلى هذا البرنامج والجدول الذي لا يتغير ، وهكذا اليوم الثالث والرابع إلى أيام كثيرة 00
فأرسل الأمير جندياً من جنوده إلى ذاك الحمَّال ليستدعيه ليكلمه في القصر 0
فذهب الجندي واستدعى الحمَّال ، فقال في نفسه : مالي ومال جنود بني العباس 00 مالي ومال الخلفاء 0
قالوا : أمر الأمير أن تحضر عنده اليوم 0
فظنَّ أن الأمير سوف يحاسبه أو يحاكمه 0
فقال : حسبنا الله ونعم الوكيل 0
فدخل هذا الفقير على ابن المأمون الأمير فسلَّمَ عليه 0
فقال له الأمير : ألا تعرفني ؟
قال : ما رأيتك حتى أعرفك 0
قال : أنا ابن الخليفة 0
قال : يقولون ذلك 0
قال : ماذا تعمل أنت ؟
قال : أعمل مع عباد الله في بلاد الله 0
قال : قد رأيتك أياماً ورأيت المشقة التي أصابتك ، فأريد أن أخفِّف عنك المشقة 0
قال بماذا ؟
قال اسكن معي القصر بأهلك ، آكلاً ، شارباً ، مستريحاً ، لا همَّ ولا غمَّ ، ولا حزن 0
فقال : يا ابن الخليفة لا همَّ على من لم يذنب ، ولا غم على من لم يعصِ ، ولا حزن على من لم يسئ 0
أما من أمسى في غضب الله ، وأصبح في معاصي الله ، فهو مصاحبٌ للغم ، والحزن ، والهم 0
فسأله عن أهله 0
فقال : أمي عجوز كبيرة ، وأختي عمياء حسيرة ، آتي بإفطارهما قبل الغروب ، وهما تصومان كل يوم فنفطر جميعاً ثم ننام 0
قال : فمتى تستيقظ ؟
قال : إذا نزل الحي القيوم إلى السماء الدنيا 0
قال : هل عليك من دين ؟
قال : ذنوب سلفت بيني وبين الحي القيوم 0
قال : ألا تريد معيشتنا ؟
قال : لا والله 0
قال : ولمَ ؟
قال : أخاف أن يقسو قلبي وأن يضيع ديني 0
فنزل وتركه !!!!!!!
وفي ليلة من الليالي استفاق الأمير من غيبوبته وصحا من نومه ، وعلمَ أنه كان في سبات عميق 0
فقال لحاشيته : أنا أذهب إلى مكان ، فإذا أتى بعد ثلاثة أيام أخبروا أبي الخليفة المأمون أني ذهبت وسوف ألتقي أنا وإياه يوم العرض الأكبر 0
فخرج وسط الليل ، وخلع لباسه ولبس لباس الفقير ، واختفى عن العيون ، وقد غير هيئته وأصبح كهيئة المساكين ، وعمل مع تاجر التجَّار في صنع الآجر 0
فكان له أوراد 0 في الصباح يحفظ القرآن ، ويصوم الاثنين ، والخميس ، ويقوم الليل ، وما عنده من المال ما يكفيه يوماً واحداً 0
فذهب غمه وهمه ، وذهب حزنه ، وذهب العُجب ، والخيلاء من قلبه 0
ولما أتته الوفاة أعطى هذا التاجر خاتمه وقال : أنا ابن الخليفة المأمون فإذا متُّ فغسلني وكفني واقبرني ثم سلِّم هذا الخاتم لأبي 0
ففعل كما أمره ، وأتى بالخاتم إلى المأمون 0
فلما رأى الخاتم شهق وبكى حتى ارتفع صوته ، فسأل التاجر عنه 0
فقال له الخبر 0
فارتفع صوت الأمير الخليفة والوزراء بالبكاء ، وعرفوا أنه عرف الطريق لكنهم ما مشوا معه 0
( فَمَن يُرِدِ اللهُ أن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ للإسلَم )0
هذه قصة من قصص التاريخ ، أُثبتت وحُفِظت ونُقلت لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد 0
فوالله ليست السعادة في الدور ولا في القصور ، ولا في الحدائق 0
فهل من فَطِن يعلم أن السعادة في السجود لله ؟ وفي تلاوة كتاب الله ؟
وفي ذكر الله ؟؟؟0
فهل من عاقل !!!!!
وهل من متدبر ؟؟؟ 0
********** ******** ******** ******** ********
من كتاب " سياط القلوب "0
بارك الله فيك 00 يا من قرأت 00 فتدبرت 00 فعملت 0