View Full Version : "رجال في الشمس" ... إضاءة ....
خد القمر
27-02-2002, 01:14 AM
<p><font face="Comic Sans MS" color="#000080" size="4">
..نبدأ معا ..إن شاء الله..مشروعنا الثقافي.. إضاءات..
نختار في كل منها.. كتابا.. أو كاتبا..أو شاعرا..! ناثرا.. قصصيا.. .. نحدد قراءة له/لها.. .. نتعرف الكاتب..و الكتابة.. .. نشرف منها على مكتبة رائعة..بقديمها و جديدها..!
نجاح هذا أو عدمه يعتمد علينا..و علينا فقط.!!
سمحت لنفسي..أن أختار ..موضوعها الأول..رائعة "غسان كنفاني.." رجال في الشمس.. .. لأسباب..
توفر الرواية على النت.. : للقارئين الأحبة..
http://books.ajeeb.com/pages.asp?Lnk=shams/a002.xml
توفر العديد من الدراسات الأدبية لها.. و الترجمة أيضا..
القيمة الأدبية.. و السياسية.. لهذا العمل..و للكاتب.. فنصل منها الى مؤلفها..
إذن .. رجال في الشمس.. ..
</font></p>
خد القمر
27-02-2002, 01:16 AM
<p><font face="Comic Sans MS" size="4" color="#000000">
غسان كنفاني
ولد في عكا في التاسع من نيسان عام 1936، وعاش طفولته في - يافا التي اضطر للنزوح عنها كما نزح الآلاف بعد نكبة 1948، وأثر مجزرة دير ياسين التي وقعت في عيد ميلاده الثاني عشر، والتي جعلته ينقطع عن الاحتفال بـ " عيده " منذ ذلك التاريخ.
عاش لفترة قصيرة في جنوب لبنان ثم انتقل مع عائلته إلى دمشق حيث عمل منذ شبابه المبكر في النضال الوطني ، وبدأ حياته العملية معلماً للتربية الفنية في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ( الأنروا ).
انتقل إلى الكويت عام 1956 حيث عمل مدرساً للرسم والرياضة في مدارسها الرسمية. وفي هذه الأثناء عمل في الصحافة وظهرت بدايات إنتاجه الأدبي.
أقام في بيروت منذ 1960 ، وعمل محرراً أدبياً لجريدة " الحرية " الأسبوعية ، ثم أصبح عام 1963 رئيسا لتحرير جريدة " المحرر " كما عمل في " الأنوار " و" الحوادث " حتى عام 1969 ليؤسس بعد ذلك صحيفة " الهدف " التي بقي رئيساً لتحريرها حتى يوم استشهاده في 8 تموز / يوليو 1972 بعد انفجار لغم في سيارته حيث قتل ومعه ابنة شقيقته " لميس نجم " وعمرها 17 عاماً .
يتناول غسان كنفاني في كتاباته معاناة الشعب الفلسطيني في أكثر تجلياتها تعبيراً. " وهو يمثل نموذجاً خاصاً للكاتب السياسي والروائي والقاص والناقد.. "
رواية رجال في الشمس ، التي نضيئها هنا ، أعدت للسينما وحصل الفيلم على عدد من الجوائز في مهرجانات متعددة.
نقلت أعماله إلى ست عشرة لغة، ونشرت في عشرين بلداً. ومن مؤلفاته:
موت سرير رقم 12 ( قصص ) 1961.
أرض البرتقال الحزين ( قصص ) 1963
رجال في الشمس ( رواية ) 1963
عالم ليس لنا ( قصص ) 1965
ما تبقى لكم ( رواية)1966
القبعة والنبي ( مسرحية ) 1967
العاشق ( رواية غير كاملة ) بدأ كتابتها عام 1966
برقون نيسان ( رواية غير كاملة ) 71 - 72
بالإضافة إلى مجموعة من الدراسات والمقالات السياسية والفكرية والنقدية.
حصل على جائزة " أصدقاء الكتاب في لبنان " لأفضل رواية عن روايته " ما تبقى لكم " عام 1966 ، كما نال جائزة منظمة الصحافيين العالمية ( . I.O.J ) عام 1974، ونال جائزة " اللوتس التي يمنحها اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا عام 1975.
</font></p>
shahnaz
27-02-2002, 07:20 PM
فكرة هذا المشروع رائعة جداً ... إن شاء الله تنجح ...
جزاك الله خيرا يا خد القمر.
إبن البحر
27-02-2002, 08:57 PM
أحسنت الإختيار. قرأت هذه الرواية منذ سنين. تأثرت بها كثيراً وحزنت لموت الرجال الذين جازفوا بحياتهم لأجل حريتهم.
الشهيد غسان هو من أغلى أيقونات الأدب الفلسطيني وهو إنسان فريد من نوعه . اجتمعت فيه شخصية الثوري والمحارب والأديب والعاشق ولم يفارقه الحنين الى وطنه والى حيفا المدينة التي أحبها وأمضى فيها سنين طفولته.
البحاري
28-02-2002, 05:33 AM
فكرة جميلة .. تستحق الشكر والتقدير ..
تحياتي لك ..
بنت العرب
01-03-2002, 03:45 PM
فكرة جميلة....أتمنى لها الاستمرار
ولي عودة للقراءة والحديث :)
إبن البحر
05-03-2002, 02:25 AM
ما هو سر الرسائل المتبادلة بين غسان كنفاني وغادة السمان؟ يبدوان من خلال الرسائل كعاشقان ليسا من هذا العالم. ومع ذلك انكر كلاهما قيام اي علاقة حب بالمفهوم المعروف لدينا. ما هو سر العلاقة ومن أين يا تُرى يأتون بهذا الكلام ان لم يكونا عاشقين؟
هل من إضاءة على هذا الموضوع؟ هناك حقاً ثمة ما يستحق البحث.
shahnaz
08-03-2002, 05:36 PM
أخي ابن البحر ..
موضوع المراسلات الأدبية موضوع شيق و يستحق البحث بالفعل.
خد القمر
09-03-2002, 12:57 AM
.. و نبدأ القراءة معا..!
.. لكن لن نمر هنا.. على الأسطر سطرا سطرا.. ! :)
.. تتناول الرواية.. ثلاثة رجال.. من فلسطين.. يختارون.. الهرب الى الكويت..! بحثا عن الخبز..!
الرجال الثلاثة هم.. أبو قيس.. و أسعد.. و مروان.. كل منهم.. .. جيل.. من الشعب الفلسطيني..! .. و إستطاع كنفاني بذكائه.. إجمال هذه الأمثلة الثلاثة.. تمثيلا للشعب .. بأهم شرائحه..
.. من الرواية..
أبو قيس
أراح أبو قيس صدره فوق التراب الندي، فبدأت الأرض تخفق من تحته: ضربات قلب متعب تطوف في ذرات الرمل مرتجة ثم تعبر إلى خلاياه... في كل مرة يرمي بصدره فوق التراب يحس ذلك الوجيب كأنما قلب الأرض ما زال ، منذ أن استلقى هناك أول مرة، يشق طريقاً قاسياً إلى النور قادماً من أعمق أعماق الجحيم، حين قال ذلك مرة لجاره الذي كان يشاطره الحقل، هناك، في الأرض التي تركها منذ عشر سنوات، أجابه ساخراً:
"هذا صوت قلبك أنت تسمعه حين تلصق صدرك بالأرض "، أي هراء خبيث! والرائحة إذن؟ تلك التي إذا تنشقها ماجت في جبينه ثم انهالت مهومة في عروقه؟. كلما تنفس رائحة الأرض وهو مستلق فوقها خيل إليه أنه يتنسم شعر زوجه حين تخرج من الحمام وقد اغتسلت بالماء البارد.. الرائحة إياها، رائحة امرأة اغتسلت بالماء البارد وفرشت شعرها فوق وجهه وهو لم يزل رطيباً .. الخفقان ذاته: كأنك تحمل بين كفيك الحانيتين عصفورا صغيراً.. الأرض الندية - فكر- هي لا شك بقايا من مطر أمس.. كلا، أمس لم تمطر! لا يمكن أن تمطر السماء الآن إلا قيظاً وغباراً ! أنسيت أين أنت؟ أنسيت؟
دور جسده واستلقى على ظهره حاضنا رأسه بكفيه وأخذ يتطلع إلى السماء: كانت بيضاء متوهجة، وكان ثمة طائر أسود يحلق عالياً وحيدا على غير هدى، ليس يدري لماذا امتلأ، فجأة بشعور آسن من الغربة، وحسب لوهلة أنه على وشك أن يبكي.. كلا، لم تمطر أمس، نحن في آب الآن.. أنسيت؟ كل تلك الطريق المنسابة في الخلاء كأنها الأبد الأسود.. أنسيتها؟ ما زال الطائر يحوم وحيدا مثل نقطة سوداء في ذلك الوهج المترامي فوقه.. نحن في آب ! إذن لماذا هذه الرطوبة في الأرض؟ إنه الشهد ! ألست تراه يترامى على مد البصر إلى جانبك ؟
خد القمر
17-03-2002, 12:00 AM
..هذا أبو قيس..شعار..المنكوبين..! شعار الخيمة..!و الخيبة.. والرايات الزرقاء..!..لم ينس زيتوناته..1 هناك.. في بيته.. في فلسطين..! ..و لبث.. يبكي يندب..! ! على أطلالها..! متسما..وعودا لن تطول..لكن زوجته..أطفاله..الذين يزيدون..! نصف غرفة.. يتنفس فيها..! ..أبو قيس..!
..ثم .يقدم لنا غسان.. "أسعد"..الشاب.. القوي.. المليء..بالتحدي.! ..و لا ينسى..أن يحتويه..مطلوبا على حدود.. البلاد..! ربما ..بأسباب وطنية..! لكنه الآخر.. كان ..ذاهبا..إلى البلد البعيد..! .. سعيا..وراء مكان لا يعرفه فيه أحد..!و لا يعرف فيه..خيبة.. مألوفة الملامح .. لم يعد يحتمل..الهزائم..التي..سقيها..واحدة تلو الأخرى..!
.. و ثالثا.."مروان"..! الشاب الصغير..الذي.. أعتقه والده و أخوه من طفولته قصرا..! نحو "المقلاة" كما يحب أخوه الكبير أن يسميها....مروان..رمز.. لإؤلئك..! الذين إحتملوا مسؤولية..تكبرهم.. بقدم القضية..لكن ما يفعل مروان..و هناك..من ينتظره..ليأكل..ليحيا..! "لم يعد طفلا".. نشيد.. يغنيه.. العرق.. على جبينه..ماضيا الى . ذات البلد البعيد.. سعيا..وراء إبتسامة..أمه..الحبيبة..وراء رضاها..!
..هؤلاء .. .. إحتملهم..الهم..و الحزن.. القبر..و الرمل....! إلى.حيث يلتقون.."أبا الخيزران".. و يمنيهم.... بوصول.. الى.. شواطيء الحلم..! حيث.. "قد يكون" و قد "لا يكون"...
أبو الخيزران.. هذا العاجز.. الذي.. باتت الحياة..! كيسا من الدنانير..! و ذكريات مرة..لنضال..لم يفد منه..سوى عجز.. و عجز..و عجز..!
.. .. و يحملهم معه..! على ظهر خزان ماء.. يسافر به بين الكويت و البصرة.. و بين البصرة و الكويت.. .. و إتفق معهم.. على أنهم سيضطرون الى دخول الخزان عند نقاط الحدود.. فرارا من التفتيش.. مرتين ليس الا..و الخزان فارغ..! ما من شيء يخشوه..! ..المهم.. هو "الوصول"..
نقطة التفتيش الأولى.... و دخول..متوجس الى الخزان..واحد تلو الآخر..! .. و دقائق..! تمر.. و الثلاثة في جهنم..! و قيادتهم..."أبو الخيزران".. ..في نقطة التفتيش.. يحمل التصاريح.. !!
.. بعد خروجهم الأول من الخزان..!
من الرواية
خد القمر
17-03-2002, 12:03 AM
<p><font color="#000080" face="Verdana" size="4">
وصل إلى أعلاها فأطفأ المحرك وترك " السيارة تنزلق قليلا ثم أوقفها وقفز من الباب إلى ظهر الخزان.
خرج مروان أولاً : رفع ذراعيه فانتشله أبو الخيزران بعنف وتركه مفروشا فوق سطح الخزان.. أطل أبو قيس برأسه ثم حاول أن يخرج إلا أنه لم يستطع، عاد فأخرج ذراعيه وترك أبا الخيزران يساعده.. أما أسعد فقد استطاع أن يتسلق الفوهة. كان قد خلع قميصه.
جلس أبو الخيزران فوق سطح الخزان الساخن. كان يلهث وبدا أنه قد كبر عن ذي قبل.. بينما انزلق أبو قيس ببطء فوق العجلات واستلقى في ظل السيارة منبطحا على وجهه . وقف أسعد هنيهة يتنشق بملء صدره. كان يبدو؟ أنه يريد أن يتكلم إلا أنه لم يستطع .. وأخيراً قال لاهثاً :
أووف ! الطقس هنا في غاية البرودة !
كان وجهه محمرا ومبتلا، وكان بنطاله مغسولاً بالعرق أما صدره فقد انطبعت عليه علائم الصدأ فبدا وكأنه ملطخ بالدم.. نهض مروان وهبط السلم الحديدي بإعياء.. كانت عيناه حمراوين وكان صدره مصبوغاً بالصدأ وحين وصل إلى الأرض وضع رأسه فوق فخذ أبي قيس ومدد جسده ببطء إلى جانب العجل.. بعد لحظة تبعه أسعد ثم أبو الخيزران فجلسا واضعين رأسيهما فوق ركبهما المطوية.. قال أبو الخيزران بعد فترة:
- هل كان الأمر مخيفاً ؟
لم يجبه أحد.. فدور نظره فوق وجوههم فبدت له وجوهاً صفراء محنطة، ولولا أن صدر مروان كان يرتفع ويهبط، ولولا أن أبا قيس كان يتنفس بصفير مسموع، لخيل إليه إذن أنهما ميتان..
- قلت لكم سبع دقائق.. ورغم ذلك لم يستغرق الأمر أكثر من ست.
نظر إليه أسعد ببرود بينما فتح مروان عينيه دون أن ينظر إلى شيء معين ودور أبو قيس وجهه إلى الناحية الأخرى.
- أقسم لك بشرفي. ست دقائق ! انظر إلى الساعة يا أسعد. ست دقائق بالضبط انظر ! لماذا لا تريد أن تنظر؟ لقد قلت لكما ذلك، قلته منذ البدء، وأنتم تعتقدون الآن أنني أكذب عليكم.. ها هي الساعة انظر.. انظر.
رفع مروان رأسه ثم استند على عضديه وأخذ ينظر، ملقياً رأسه بعض الشيء إلى الوراء، باتجاه أبي الخيزران.. لم يكن يبدو أنه يراه بوضوح..
- هل جربت أن تجلس هناك ست دقائق؟
- لقد قلت لكم..
- ثم إنها لم تكن ست دقائق.
- لماذا لا تنظر إلى ساعتك.. لماذا ؟ إنها في رسغك، هيا انظر.. انظر.. وكف عن التحديق بي كالمجنون..
قال أبو قيس:
- إنها ست دقائق.. كنت طوال الوقت أعد .. من الواحد إلى الستين: دقيقة، هكذا حسبت.. عددت ست مرات.. في المرة الأخيرة عددت ببطء شديد..
كان يتكلم بصوت منخفض وببطء.. فقال أسعد:
- ماذا بك يا أبا قيس، هل أنت مريض؟
- أنا؟ أنا؟ أوف، كلا.. لكنني أتنفس حصتي من الهواء.
....
______________________________________________
لكن دخولا على الجحيم.. لم يمض.. هكذا.. إشتعلت خواطرهم..و السيارة تتابع سيرها..
______________________________________________
شق العالم الصغير الموهن طريقه في الصحراء مثل قطرة زيت ثقيلة فوق صفيحة قصدير متوهجة.. كانت الشمس ترتفع فوق رؤوسهم مستديرة متوهجة براقة، ولم يعد أحد منهم يهتم بتجفيف عرقه .. فرش أسعد قميصه فوق رأسه وطوى ساقيه إلى فخذيه وترك للشمس أن تشويه بلا مقاومة.. أما مروان فقد اتكأ برأسه على كتف أبي قيس وأغمض عينيه.. وكان أبو قيس كدق إلى الطريق مطبقاً شفتيه بإحكام تحت شاربه الرمادي الكث.
لم يكن أي واحد من الأربعة يرغب في مزيد من الحديث.. ليس لأن التعب قد أنهكهم فقط بل لأن كل واحد منهم غاص في أفكاره عميقاً عميقاً.. كانت السيارة الضخمة تشق الطريق بهم وبأحلامهم وعائلاتهم ومطامحهم وأمالهم وبؤسهم ويأسهم وقوتهم وضعفهم وماضيهم ومستقبلهم.. كما لو أنها آخذة في نطح باب جبار لقدر جديد مجهول.. وكانت العيون كلها معلقة فوق صفحة ذلك الباب كأنها مشدودة إليه بحبال غير مرئية.
سوف يكون بوسعنا أن نعلم قيساً وأن نشتري عرق زيتون أو عرقين، وربما نبني غرفة نسكنها وتكون لنا، أنا رجل عجوز قد أصل وقد لا أصل.. أو تحسب إذن أن حياتك هنا أفضل كثيراً من موتك؟ لماذا لا تحاول مثلنا؟ لماذا لا تنهض من فوق تلك الوسادة وتضرب في بلاد الله بحثاً عن الخبز؟ هل ستبقي كل عمرك تأكل من طحين الإعاشة الذي تهرق من أجل كيلو واحد منه كل كرامتك على أعتاب الموظفين؟
وتمضي السيارة فوق الأرض الملتهبة ويدوي محركها بلا هوادة..
شفيقة إمرأة بريئة.. كانت صبية يافعة حين طوحت قنبلة مورتر بساقها فبترها الأطباء من أعلى الفخذ.. وأمه لا تحب أن يحكي إنسان عن أبيه. زكريا راح.. هناك، في الكويت، ستتعلم كل شيء. ستعرف كل شيء.. أنت ما زلت فتى لا تفهم من الحياة إلا قدر ما يفهم الطفل الرضيع من بيت ! المدرسة لا تعلم شيئاً. لا تعلم سوى الكسل فاتركها وغص في المقلاة مثلما فعل سائر البشر.
السيارة تمضي فوق الأرض الملتهبة، ويدوي محركها بهدير شيطاني..
ربما كانت قنبلة مزروعة في الأرض تلك التي داس عليها فيما كان يركض، أو
ربما قذفها، أمامه، رجل كان مختبئاً في خندق قريب، كل ذلك لا يهم الآن.
ساقاه معلقتان إلى فوق وكتفاه ما زالتا فوق السرير الأبيض المريح والألم الرهيب يتلولب بين فخديه.. كانت، ثمة، امرأة تساعد الأطباء. كلما يتذكر ذلك يعبق وجهه بالخجل.. ثم ماذا نفعتك الوطنية ؟ لقد صرفت حياتك مغامراً ، وها أنت ذا أعجز من أن تنام إلى جانب امرأة ! وما الذي أفدته ؟ ليكسر الفخار بعضه. أنا لست أريد الآن إلا مزيداً من النقود.. مزيداً من النقود. السيارة تمضي فوق الأرض الملتهبة.. ويدوي محركها بالهدير.
دفعه الشرطي أمام الضابط فقال له: تحسب نفسك بطلا وأنت على أكتاف البغال تتظاهرون في الطريق ! بصق على وجهه ولكنه لم يتحرك فيما أخذت البصقة تسيل ببطء نازلة من جبينه، لزجة كريهة تتكوم على قمة أنفه.. أخرجوه، وحينما كان في الممر سمع الشرطي القابض على ذراعه بعنف يقول بصوت خفيض: " يلعن أبو هالبدلة ".. ثم أطلقه فمضى يركض. عمه يريد أن يزوجه ابنته ولذلك يريده أن يبدأ.. لولا ذلك لما حصل الخمسين ديناراً كل حياته.
</font></p>
خد القمر
17-03-2002, 12:04 AM
... و لا يعطيهم الوقت مهلة..لنسيان..ذلك الجحيم..! فيصلون نقطة التفتيش الثانية.. !و يدخلون الى الخزان مرة أخرى.."أيو قيس..و أسعد و مروان..".. و ينطلق أبو الخيزران..و يحاول.. توقيع الأوراقو التصاريح ..بأسرع وقت..! لكن.. يسخر..منه القدر.. و يقهقه عجزه عاليا..!و رجال نقطة التفتيش..! يندرون حول.. لياليه الحمراء..! ..و يبدأ الوقت..عدا..! تنازليا..! يائسا..! .........
.لا يتوانى غسان.. في جعله..!"تراجيديا..صاعقا..! .. يختنقون..لا يدركهم..أيو الخيزران..!
لا أجمل من نهاية الرواية...
خد القمر
17-03-2002, 12:08 AM
<p><font color="#000080" size="4" face="Traditional Arabic">
اقتحم أبو الخيزران الغرفة الأخرى وهو يحدق إلى ساعته، كانت تشير إلى الثانية عشرة إلا ربعاً.. توقيع الأوراق الأخرى لم يستغرق أكثر من دقيقة.. وحين صفق وراءه الباب لسعه القيظ من جديد ولكنه لم يهتم بالأمر وقفز الدرج العريض مثنى مثنى حتى صار أمام سيارته، حدق إلى الخزان لحظة وخيل إليه أن حديده على وشك أن ينصهر تحت تلك الشمس الرهيبة، استجاب المحرك لأول ضغطة، وطوى الباب في لحظة دون أن يلوح للحارس.. الطريق الآن معبدة تماماً وأمامه دقيقة أو دقيقة ونصف ليتجاوز أول منعطف يحجبه عن مركز المطلاع، لقد اضطر إلى تخفيف السرعة قليلا حين التقى سيارة شحن كبيرة، ثم عاد فأطلق لسيارته كل العنان الممكن وحين وصل إلى المنعطف صفرت العجلات صفيراً متواصلا كأنه النواح وكادت أن تمس الرصيف الرملي وهي تقوم بدورتها الشيطانية الواسعة.. لم يكن في رأسه أي شيء سوى الرعب وخيل إليه أنه على وشك أن يقع فوق مقودة مغمياً عليه.. كان المقود ساخناً وكان يحسه يحرق كفيه الخشنتين ولكنه لم يخفف من تمسكه به، كان المقعد الجلدي يلتهب تحته وكان زجاج الواجهة مغبراً يتوهج ببريق الشمس.
أزيز عريض ترسله العجلات كأنها تسلخ الإسفلت سلخاً من تحتها، أكان من الضروري أن تتفلسف يا أبا باقر؟ أكان من الضروري أن تقيء كل قاذوراتك على وجهي وعلى وجوههم؟ يا لعنة الإله العلى القدير عليك، يا لعنة الإله تنصب عليك يا أبا باقر! وعليك يا حاج رضا يا كذاب ! راقصة؟ كوكب؟ يا لعنة الله عليكم كلكم..
أوقف السيارة بعنف وتسلق فوق العجل إلى سطح الخزان.. وحين لامست كفاه السطح الحديدي أحس بهما تحترقان ولم يستطع أن يبقيهما هناك فسحبهما واتكأ بكميه - عند الكوعين - فوق حديد السطح ثم زحف إلى القفل المضلع، وأمسكه بطرف قميصه الأزرق ودوره فانفتح مقرقعاً واستوى القرص الحديدي الصدىء مستقيماً فوق مفصله.
حين ترك القرص لمح عقارب الساعة الملتفة على زنده: كانت تشير إلى الثانية عشرة إلا تسع دقائق. وكان زجاجها المدور قد تشقق - شقوقاً مضلعة صغيرة. الفوهة المفتوحة بقيت تخفق بالفراغ لحظة، كان وجه أبي الخيزران مشدوداً إليها متشنجاً وشفته السفلى ترتجف باللهاث والرعب، سقطت نقطة عرق عن جبينه إلى سطح الخزان الحديدي وما لبثت أن جفت.. وضع كفيه على ركبتيه وقوس ظهره المبتل حتى صار وجهه فوق الفوهة السوداء وصاح بصوت خشبي يابس:
- أسعد !
دوى الصدى داخل الخزان فكاد أن يثقب أذنيه وهو يرتد إليه، وقبل أن تتلاشى دوامة الهدير التي خلقها نداؤه الأول صاح مرة أخرى:
- يا هوه..
وضع كفين صلبتين فوق حافة الفوهة واعتمد على ذراعيه القويتين ثم انزلق إلى داخل الخزان.. كان الظلام شديداً في الداخل حتى إنه لم يستطع أن يرى شيئاً بادئ الأمر، وحين نحى جسده بعيداً عن الفوهة سقطت دائرة ضوء صفراء إلى القاع وأضاءت صدرا يملؤه شعر رمادي كث أخذ يلتمع متوهجاً كأنه مطلي بالقصدير.. انحنى أبو الخيزران ووضع أذنه فوق الشعر الرمادي المبتل : كان الجسد بارداً وصامتاً. مد يده وتحسس طريقه إلى ركن الخزان، كان الجسد الآخر ما زال متمسكاً بالعارضة الحديدية. حاول أن يهتدي إلى الرأس فلم يستطع أن يتحسس إلا الكتفين المبتلين ثم تبين الرأس منحدراً إلى الصدر، وحين لامست كفه الوجه سقطت في فم مفتوح على وسعه.
أحس أبو الخيزران أنه على وشك أن يختنق، كان جسده قد بدأ ينزف عرقاً بشكل مريع حتى بات يشعر أنه مدهون بالزيت الثقيل ولم يدر، أهو يرتجف بسبب إطباق هذا الزيت على صدره وظهره، أم بسبب الرعب؟ تحسس طريقه منحنياً إلى الفوهة وحين أخرج رأسه منها لم يدر لماذا سقطت في ذهنه صورة وجه مروان دون أن تبرح. لقد أحس بالوجه يلبسه من الداخل مثل صورة ترتجف على حائط فأخذ يهز رأسه بعنف وهو ينسل من الفوهة فتحرق رأسه شمس لا ترحم.. وقف هنيهة يتنشق هواء جديداً، لم يكن ليستطيع أن يفكر بأي شيء، كان وجه مروان يطغي في رأسه مثل نبعة انبثقت هادرة من الأرض شامخة إلى علو رهيب.. وحين وصل إلى كرسيه تذكر أبا قيس، كان قميصه ما زال موضوعاً على المقعد إلى جانبه فتناوله بأصابعه وقذف به بعيداً.. ودور محرك سيارته فبدأ يهدر من جديد، ومضت السيارة تدرج فوق المنحدر ببطء وجبروت.
التفت وراءه، عبر النافذة المشبكة الصغيرة، فشاهد القرص الحديدي مفتوحا مستويا فوق مفصله يأكل باطنه الصدأ.. وفجأة غاب القرص الحديدي وراء نقاط من الماء المالح ملأت عينيه. كان الصداع يتآكله وكان يحس بالدوار إلى حد لم يعرف فيه.. هل كانت هذه النقاط المالحة دموعاً ؟ أم عرقاً نزفه جبينه الملتهب؟
القبر
قاد أبو الخيزران سيارته الكبيرة حين هبط الليل متجهاً إلى خارج المدينة النائمة.. كانت الأضواء الشاحبة ترتعش على طول الطريق، وكان يعرف أن هذه الأعمدة التي تنسحب أمام شباك سيارته سوف تنتهي بعد قليل حينما يغرق في البعد عن المدينة.. وسوف يعم الظلام.. فالليلة لا قمر فيها، وأطراف الصحراء ستكون صامتة كالموت.
انحرف بسيارته عن الطريق الأسفلت ومضى يتدرج في طريق رملي إلى داخل الصحراء. لقد قر قراره منذ الظهيرة على أن يدفنهم، واحداً واحداً، في ثلاثة قبور... أما الآن فإنه يحس بالتعب يتآكله فكأن ذراعيه قد حقنتا بمخدر.. لا طاقة له على العمل.. ولن يكون بوسعه أن يحمل الرضا ساعات طويلة ليحضر ثلاثة قبور.. قبل أن يتجه إلى سيارته ويخرجها من كاراج الحاج رضا. قال في ذات نفسه أنه لن يدفنهم، بل سيلقي بالأجساد الثلاتة في الصحراء ويكر عائداً إلى بيته.. الآن، لم تعجبه الفكرة، لا يروقه أن تذوب أجساد الرفاق في الصحراء ثم تكون نهباً للجوارح والحيوانات.. ثم لا يبقي منها بعد أيام إلا هياكل بيضاء ملقاة فوق الرمل.
درجت السيارة بصوت هزيل فوق الطريق الرملي، ومضى هو يفكر.. لم يكن يفكر بالمعنى الصحيح، كانت أشرطة من مشاهد مقطعة تمر في جبينه بلا أي توقف أو ترابط أو تفسير.. وكان يشعر بإرهاق مر يتسرب في عظامه كقوافل مستقيمة من النمل.
هبت نسمة ريح فحملت إلى أنفه رائحة نتنة.. قال في ذات نفسه :"هنا تكوم البلدية القمامة " ثم فكر: " لو ألقيت الأجساد هنا لاكتشفت في الصباح،
ولدفنت بإشراف الحكومة " دور مقود سيارته وتتبع آثار عجلات عديدة حفرت طريقها قبله في الرمل ثم أطفأ فانوسي سيارته الكبيرين وسار متمهلاً على ضوء الفانوسين الصغيرين، وحين لاحت أمامه أكوام القمامة سوداء عالية أطفأ الفانوسين الصغيرين.. كانت الرائحة النتنة قد ملأت الجو حواليه ولكنه ما لبث أن اعتادها.. ثم أوقف سيارته وهبط.
وقف أبو الخيزران إلى جانب سيارته لحيظات ليتأكد من أن أحداً لا يشاهده ثم صعد ظهر الخزان: كان بارداً رطباً.. دور القفل المضلع ببطء، ثم شد القرص الحديدي إلى فوق فقرقع بصوت متقطع.. اعتمد ذراعيه وانزلق إلى الداخل بخفة.. كانت الجثة الأولى باردة صلبة، ألقى بها فوق كتفيه، أخرج الرأس أولاً من الفوهة ثم رفع الجثة من الساقين وقذفها إلى فوق وسمح صوتها الكثيف يتدحرج فوق حافة الخزان ثم صوت ارتطامها المخنوق على الرمل، لقد لاقى صعوبة جمة في فك يدي الجثة الأخرى عن العارضة الحديدية، ثم سحبها من رجليها إلى الفوهة وقذفها من فوق كتفيه.. مستقيمة متشنجة وسمع صوت ارتطامها بالأرض.. أما الجثة الثالثة فقد كانت أسهل من أختيها..
قفز إلى الخارج وأغلق الفوهة ببطء، ثم هبط السلم إلى الأرض، كان الظلام كثيفاً مطبقاً وأحس بالارتياح لأن ذلك سوف يوفر عليه رؤية الوجوه ، جر الجثث - واحدة واحدة - من أقدامها وألقاها على رأس الطريق، حيث تقف سيارات البلدية عادة لإلقاء قمامتها كي تتيسر فرصة رؤيتها لأول سائق قادم في الصباح الباكر.
صعد إلى مقعده ودور المحرك ثم كر عائدا إلى الوراء ببطء محاولاً قدر الإمكان أن يخلط آثار عجلات سيارته بالآثار الأخرى، كان قد اعتزم أن يعود إلى الشارع الرئيسي بذلك الشكل الخلفي حتى يشوش الأثر تماماً.. ولكنه ما لبث أن تنبه إلى أمر ما بعد أن قطع شوطاً فأطفاً محرك سيارته من جديد ثم وعاد يسير إلى حيث ترك الجثث فأخرج النقود من جيوبها؟ وانتزع ساعة مروان وعاد أدراجه إلى السيارة ماشياً على حافتي حذائه.
حين وصل إلى باب السيارة ورفع ساقاً إلى فوق تفجرت فكرة مفاجئة في رأسه.. بقي واقفاً متشنجاً في مكانه محاولاً أن يفعل شيئاً، أو يقول شيئاً.. فكر أن يصيح إلا أنه ما لبث أن أحس بغباء الفكرة، حاول أن يكمل صعوده إلى السيارة إلا أنه. لم يشعر بالقوة الكافية ليفعل.. لقد شعر بأن رأسه على وشك أن تنفجر، وصعد كل التعب الذي كان يحسه فجأة، إلى رأسه وأخذ يطن فيه حتى أنه احتواه بين كفيه وبدأ يشد شعره ليزيح الفكرة.. ولكنها كانت ما تزال هناك.. كبيرة داوية ضخمة لا تتزعزع ولا تتوارى ، التفت إلى الوراء حيث ألقى بالجثث، إلا أنه لم ير شيئاً، ولم تجد النظرة تلك إلا بأن أوقدت الفكرة ضراماً فبدأت تشتعل في رأسه.. وفجأة لم يعد بوسعه أن يكبحها داخل رأسه أكثر فأسقط يديه إلى جنبيه وحدق في العتمة وسع حدقتيه.
انزلقت الفكرة من رأسه ثم تدحرجت على لسانه:
- " لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟... "
دار حول نفسه دورة ولكنه خشي أن يقع فصعد الدرجة إلى مقعده وأسند رأسه فوق المقود:
- لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقولوا؟ لماذا وفجأة بدأت الصحراء كلها تردد الصدى:
-لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقرعوا جدران الخزان؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا!
</font></p>
إبن البحر
21-03-2002, 03:39 AM
تخرج الى النور قريباً أول مسرحية عربية يتم انتاجها بالعربية في كلية المسرح في جامعة حيفا بمشاركة نخبة من الممثلين والممثلات العرب الشباب.
تجري في هذه الأيام التحضيرات والمراجعات الأخيرة لمسرحية "رجال في الشمس" عن رائعة الكاتب الفلسطيني المناضل غسان كنفاني في قسم المسرح في جامعة حيفا. هذه المسرحية هي المسرحية الأولى التى يتم انتاجها باللغة العربية في كلية للمسرح في البلاد. ستبدأ العروض في 13.3 وتنتهي في 24.3 في جامعة حيفا.
المسرحية من اخراج منير بكري بناءاً على نص أعدته المجموعة المشاركة في المسرحية. ويضم طاقم الممثلين كل من ايهاب سلامة وأشرف برهوم وعامر حليحل وشادي فخر الدين وميشيل سخنين وآمال قيس ولنا زريق. المسرحية من انتاج قسم المسرح في الجامعة وبدعم من الاتحاد القطري للطلاب العرب.
الطاقم المهني: طالي يتسحاكي ( ديكور ) وفراس روبي ( موسيقى ).
كل من يريد مشاهدة المسرحية من اخواننا العرب في الأردن والأقطار الشقيقة مدعو لتشريف مدينة حيفا ،عروس البحر، والمبيت للجميع مضمون مجاناً في مضافات ابن البحر.
لترتيب زيارة جماعية يرجى الاتصال على الهاتف التالي: 6385030-972
الدعوة عامة
الل اللقاء