weld-dubai
21-11-2001, 05:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمدr ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون { .} يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا { . } يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما {.
وبعد ،
فمن محاسن الشريعة الإسلامية أنها أباحت كل ما فيه مصلحة ومنفعة ، للروح والبدن ، للأفراد والمجتمعات ، من مأكول ومشروب وملبوس .
فشريعتنا أباحت كل نافع معين على طاعة الله تعالى ، وحرمت كل ما فيه مضرة ، أو ما كانت مضرته ومفسدته أكثر من منفعته . وما أباحه الله جل شأنه لنا من الضروريات والكماليات ، فيه غنية وكفاية عن المحرم ، لكن النفوس الشريرة ، والقلوب المتحجرة التي غلب عليها الأشر والبطر ، تأبى إلا مخالفة خالقها وباريها ، قال تعالى }: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء{ ( فاطر :8 ).
فكثير من الناس قد ابتلي بشرب الخمر والحشيش ، والكثير منهم يشرب الدخان مع معرفته بخبثه ومضرته ، ويتركون ما أباحه الله تعالى لهم من أنواع المشروبات والمطعومات النافعة .وفي تسع عشرة آية من آي الذكر الحكيم ، أباح الله الطيبات ، وأمر بالأكل منها ، قال تعالى :} يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون { ( البقرة : 172 ) . وقال تعالى : } هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا { ( البقرة : 29 ) . وقال تعالى : }يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا { ( البقرة :168 ) . وهذه الآيات وغيرها : تدل على أن الأصل في الأطعمة والأشربة والألبسة (( الحل )) فيباح كل طاهر طيب لا مضرة فيه ، لقوله تعالى : }يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات{ ( المائدة : 4) . وقوله تعالى في صفة النبي r : }ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث{ ( الأعراف : 157 ) .
ويحرم كل نجس ومتنجس ، وضار ومسكر ، وما تعلق به حق الغير .
v فالنجس : كالبول والعذرة ونحوهما .
v والمتنجس : كالسمن الذي وقعت فيه فأرة ، لحديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها : أن النبيr سئل عن سمن وقعت فيه فارة ، فقال :(( ألقوها ، وما حولها فاطرحوه ، وكلوا سمنكم )) رواه البخاري .
فالجامد إذا وقعت فيه نجاسة طرحت وما حولها ، وأما المائع فإن له حالتين :
1- أن تغير النجاسة طعمه أو لونه أو ريحه ، فهذا لا يحل أكله أو شربه .
2- أن لا تغير النجاسة شيئا من ذلك ، فيحل أكله .
v والضار : كالسموم بأنواعها ، سواء المستخرجة من الحيوان أو النبات ، لقوله تعالى : } ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما{ ( النساء :29 ).وقوله : } ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة { ( البقرة :195). ولقوله r : (( لا ضرر ولا ضرار )) رواه أحمد .
v والمسكر : كالخمر والمخدرات ، وسيأتي بيانه .
v وما تعلق به حق الغير : مثل المسروق والمغصوب ، فإنه لا يحل أكل شيء من ذلك . لقولهr (( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )) . متفق عليه . فلا يحل شيء منها إلا بطيب النفس .
أولا : المحرمات بالكتاب الكريم
1- الميتة :
لقوله تعالى : }قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم { ( الأنعام :145 ) . وقوله تعالى : } ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق .. { (الأنعام :121 ).
والميتة : كل ما مات من الحيوان حتف أنفه ، من غير ذكاة ولا اصطياد . وقد حرمها الله تعالى لمضرتها ، لما فيها من الدم المتعفن ، فهي ضارة بالدين والبدن .
v أنواع الميتة :
وقد ذكر الله أنواع الميتة بقوله تعالى في سورة المائدة } حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم .. { ( المائدة : 3 ) .
وهي :
أ- المنخنقة : هي التي تموت بالخنق إما قصدا ، وإما اتفاقا ، بأن تتخبل في وثاقها ( حبلها ) فتموت به ، فهي حرام .
ب- الموقوذة : هي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد ، حتى تموت . قال قتادة : كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي ، حتى إذا ماتت أكلوها ! .
وفي الصحيح : أن عدي بن حاتم قال : قلت : يا رسول الله ، إني أرمي الصيد فأصيب ، قال : (( إذا رميت بالمعراض (1) فخزق فكُله ، وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله )) .
والمعراض سهم لا نصل فيه .
v مسألة : قال ابن كثير رحمه الله (2/8) اختلف العلماء فيما إذا أرسل كلبا على صيد فقتله بثقله ولم يجرحه ، أو صدمه هل يحل أم لا ؟ على قولين :
الأول : أن ذلك حلال !! لعموم قوله تعالى : }فكلوا مما أمسكن عليكم { . وهذا القول حكاه أصحاب الشافعي عنه ، وصححه بعض المتأخرين منهم كالنووي والرافعي .
قال ابن كثير : وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الأم .
الثاني : أن ذلك لا يحل وهو أحد القولين عن الشافعي ، واختاره المزني ، ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة ، وهو المشهور عن أحمد ، واحتج ابن الصباغ له بحديث رافع بن خديج : قلت يا رسول الله : إنا لاقو العدو غدا ، وليس معنا مدي ، أفنذبح بالقصب ؟ قال : (( ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه )) وهو في الصحيحين . واختاره ابن كثير في تفسيره ( 2/9 ).
جـ - المتردية : هي التي تقع من شاهق ، أو موضع عال ، فتموت .
د - النطيحة : هي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها ، وإن جرحها القرن ، وخرج منها الدم ، ولو من مذبحها ، فإنها لا تحل ، لأنها لم تذبح باسم الله تعالى .
هـ - ما أكل السبع : أي ما عدا عليها أسد أو فهد أو ذئب أو كلب ، فأكل بعضها فماتت بذلك ، فهي حرام ، وإن كان قد سال منها الدم ، ولو من مذبحها ، فلا تحل بالإجماع . وقوله تعالى : } إلا ما ذكيتم { عائد على ما يمكن عوده عليه ، مما انعقد سبب موته ، فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة ، وذلك إنما يعود على قوله تعالى : } والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع { .
وقال غير واحد : إن المذكاة : من تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها ( كأن تحرك يدها أو رجلها أو تطرف بعينها ) فذبحت فهي حلال ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد .
v ويلحق بالميتة : ما قطع من البهيمة وهي حية ، لقوله r: (( ما قطع من البهيمة وهي حية ، فهو ميتة )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، من حديث أبي واقد رضي الله عنه ، وله طرق أخرى يصح بها .. أي ما قطع من شحمها أو لحمها وهي على قيد الحياة ، فإنه ميتة لا يحل أكلها .
v ويستثنى من الميت : السمك والجراد ، لقول الرسول r : (( أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالسمك والجراد ، وأما الدمان : فالكبد والطحال )). رواه أحمد بن حنبل وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ويستثنى أيضا : الجنين إذا وجد في بطن الحيوان المذكى ، لقوله r : (( ذكاة الجنين ذكاة أمه )) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي .
2- الدم :
يعنى به المسفوح لقوله تعالى :} أو دما مسفوحا{ ( الأنعام :145 ) . ولا يدخل في ذلك الكبد ولا الطحال ، كما جاء ذلك في الحديث السابق ، ولا الدم الذي يكون في العروق بعد الذبح .
3- لحم الخنزير :
يعنى إنسيه ووحشيه ، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم ، ولا يحتاج إلى تحذلق الظاهرية في جمودهم ههنا وتعسفهم ، والأظهر أن اللحم يعم جميع الأجزاء ، كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطرد ، وفي (( صحيح مسلم )) عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول اللهr : (( من لعب بالنردشير ، فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه )) .
والنردشير : وهو حجر النرد المسمى بالزهر . فإذا كان التنفير لمجرد اللمس ، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به .
وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الأجزاء ، من الشحم وغيره (1) .
4- ما أهل لغير الله به :
أي ما ذبح فذكر عليه اسم غير اسم الله ، فهو حرام ، لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم ، فمتى عدل بها عن ذلك ، وذكر عليها اسم غيره من صنم ، أو طاغوت ، أو وثن ، أو غير ذلك ، من سائر المخلوقات ، فإنها حرام بالإجماع .
5- الخمر :
وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع .
أما في الكتاب ففي قوله تعالى : } يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون { ( المائدة : 90) .
أما في السنة : فقد وردت أحاديث كثيرة في بيان تحريمها ، منها : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : (( كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام )) رواه مسلم .
وقال أيضا : (( كل ما أسكر عن الصلاة فهوحرام )) .
وقال : (( كل شراب أسكر فهو حرام )) رواهما مسلم .
ولا يحل التداوي بالخمر : لحديث طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله r عن الخمر ، فنهاه عنها ، فقال : إنما أصنعها للدواء !! فقالr : (( إنه ليس بدواء ، ولكنه داء )) رواه أحمد ومسلم .
ثانيا : المحرمات بالسنة المطهرة والمباحات
1- كل ذي ناب من السباع :
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (( كل ذي ناب من السباع ، فأكله حرام )) رواه مسلم .
وحديث أبى ثعلبة الخشني : (( أن رسول اللهr نهى عن كل ذي ناب من السباع )) متفق عليه .
والناب : السن الذي خلف الرباعية .
قال في النهاية : (( السباع )) وهو ما يفترس من الحيوان ويأكل قسرا ، كالأسد والنمر والذئب والثعلب ونحوها .
وقال في القاموس : السبع المفترس من الحيوان .
والأصل في النهي : التحريم ، قال بذلك جمهور العلماء ، وقال بعض العلماء : لا يحرم مطعوم إلا هذه الأربعة المذكورة في آية : }قل لا أجد فيما أوحي إلي .. { ( الأنعام :145 ). وهو قول يروى عن ابن عباس ( ولا يصح عنه انظر المحلي 7/41 ) وابن عمر وعائشة ، وهو قول الأوزاعي .
وقال ابن خويز منداد من المالكية : تضمنت هذه الآية تحليل كل شيء من الحيوان وغيره ، إلا ما استثنى في الآية من الميتة والدم ولحم الخنزير .
ولهذا قلنا : إن لحوم السباع وسائر الحيوان ما سوى الإنسان والخنزير مباحة . وقد روي عن مالك القول بالكراهة وهو ضعيف .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : واعلم أن مالك ابن أنس رحمه الله اختلفت عنه الرواية في لحوم السباع ، فروي عنه : أنها حرام ، وهذا القول هو الذي اقتصر عليه في الموطأ ، لأنه ترجم فيه بتحريم أكل كل ذي ناب من السباع ، ثم ساق حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه بإسناده عن النبي r أنه : (( نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع )) .
ثم ساق بإسناده حديث أبي هريرة مرفوعا : (( أكل كل ذي ناب من السباع حرام )) ثم قال : (( وهو الأمر عندنا )) وهذا صريح في أن الصحيح عنده تحريمها ، وجزم القرطبي بأن هذا هو الصحيح من مذهبه . أضواء البيان ( 2/250 ) .
2- كل ذي مخلب من الطير :
لحديث ابن عباس أنه r : (( نهى عن كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير )) رواه مسلم .كالصقر والعقاب والنسر ونحوها من الطيور الجارحة .
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمدr ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون { .} يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا { . } يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما {.
وبعد ،
فمن محاسن الشريعة الإسلامية أنها أباحت كل ما فيه مصلحة ومنفعة ، للروح والبدن ، للأفراد والمجتمعات ، من مأكول ومشروب وملبوس .
فشريعتنا أباحت كل نافع معين على طاعة الله تعالى ، وحرمت كل ما فيه مضرة ، أو ما كانت مضرته ومفسدته أكثر من منفعته . وما أباحه الله جل شأنه لنا من الضروريات والكماليات ، فيه غنية وكفاية عن المحرم ، لكن النفوس الشريرة ، والقلوب المتحجرة التي غلب عليها الأشر والبطر ، تأبى إلا مخالفة خالقها وباريها ، قال تعالى }: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء{ ( فاطر :8 ).
فكثير من الناس قد ابتلي بشرب الخمر والحشيش ، والكثير منهم يشرب الدخان مع معرفته بخبثه ومضرته ، ويتركون ما أباحه الله تعالى لهم من أنواع المشروبات والمطعومات النافعة .وفي تسع عشرة آية من آي الذكر الحكيم ، أباح الله الطيبات ، وأمر بالأكل منها ، قال تعالى :} يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون { ( البقرة : 172 ) . وقال تعالى : } هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا { ( البقرة : 29 ) . وقال تعالى : }يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا { ( البقرة :168 ) . وهذه الآيات وغيرها : تدل على أن الأصل في الأطعمة والأشربة والألبسة (( الحل )) فيباح كل طاهر طيب لا مضرة فيه ، لقوله تعالى : }يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات{ ( المائدة : 4) . وقوله تعالى في صفة النبي r : }ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث{ ( الأعراف : 157 ) .
ويحرم كل نجس ومتنجس ، وضار ومسكر ، وما تعلق به حق الغير .
v فالنجس : كالبول والعذرة ونحوهما .
v والمتنجس : كالسمن الذي وقعت فيه فأرة ، لحديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها : أن النبيr سئل عن سمن وقعت فيه فارة ، فقال :(( ألقوها ، وما حولها فاطرحوه ، وكلوا سمنكم )) رواه البخاري .
فالجامد إذا وقعت فيه نجاسة طرحت وما حولها ، وأما المائع فإن له حالتين :
1- أن تغير النجاسة طعمه أو لونه أو ريحه ، فهذا لا يحل أكله أو شربه .
2- أن لا تغير النجاسة شيئا من ذلك ، فيحل أكله .
v والضار : كالسموم بأنواعها ، سواء المستخرجة من الحيوان أو النبات ، لقوله تعالى : } ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما{ ( النساء :29 ).وقوله : } ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة { ( البقرة :195). ولقوله r : (( لا ضرر ولا ضرار )) رواه أحمد .
v والمسكر : كالخمر والمخدرات ، وسيأتي بيانه .
v وما تعلق به حق الغير : مثل المسروق والمغصوب ، فإنه لا يحل أكل شيء من ذلك . لقولهr (( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )) . متفق عليه . فلا يحل شيء منها إلا بطيب النفس .
أولا : المحرمات بالكتاب الكريم
1- الميتة :
لقوله تعالى : }قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم { ( الأنعام :145 ) . وقوله تعالى : } ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق .. { (الأنعام :121 ).
والميتة : كل ما مات من الحيوان حتف أنفه ، من غير ذكاة ولا اصطياد . وقد حرمها الله تعالى لمضرتها ، لما فيها من الدم المتعفن ، فهي ضارة بالدين والبدن .
v أنواع الميتة :
وقد ذكر الله أنواع الميتة بقوله تعالى في سورة المائدة } حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم .. { ( المائدة : 3 ) .
وهي :
أ- المنخنقة : هي التي تموت بالخنق إما قصدا ، وإما اتفاقا ، بأن تتخبل في وثاقها ( حبلها ) فتموت به ، فهي حرام .
ب- الموقوذة : هي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد ، حتى تموت . قال قتادة : كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي ، حتى إذا ماتت أكلوها ! .
وفي الصحيح : أن عدي بن حاتم قال : قلت : يا رسول الله ، إني أرمي الصيد فأصيب ، قال : (( إذا رميت بالمعراض (1) فخزق فكُله ، وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله )) .
والمعراض سهم لا نصل فيه .
v مسألة : قال ابن كثير رحمه الله (2/8) اختلف العلماء فيما إذا أرسل كلبا على صيد فقتله بثقله ولم يجرحه ، أو صدمه هل يحل أم لا ؟ على قولين :
الأول : أن ذلك حلال !! لعموم قوله تعالى : }فكلوا مما أمسكن عليكم { . وهذا القول حكاه أصحاب الشافعي عنه ، وصححه بعض المتأخرين منهم كالنووي والرافعي .
قال ابن كثير : وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الأم .
الثاني : أن ذلك لا يحل وهو أحد القولين عن الشافعي ، واختاره المزني ، ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة ، وهو المشهور عن أحمد ، واحتج ابن الصباغ له بحديث رافع بن خديج : قلت يا رسول الله : إنا لاقو العدو غدا ، وليس معنا مدي ، أفنذبح بالقصب ؟ قال : (( ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه )) وهو في الصحيحين . واختاره ابن كثير في تفسيره ( 2/9 ).
جـ - المتردية : هي التي تقع من شاهق ، أو موضع عال ، فتموت .
د - النطيحة : هي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها ، وإن جرحها القرن ، وخرج منها الدم ، ولو من مذبحها ، فإنها لا تحل ، لأنها لم تذبح باسم الله تعالى .
هـ - ما أكل السبع : أي ما عدا عليها أسد أو فهد أو ذئب أو كلب ، فأكل بعضها فماتت بذلك ، فهي حرام ، وإن كان قد سال منها الدم ، ولو من مذبحها ، فلا تحل بالإجماع . وقوله تعالى : } إلا ما ذكيتم { عائد على ما يمكن عوده عليه ، مما انعقد سبب موته ، فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة ، وذلك إنما يعود على قوله تعالى : } والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع { .
وقال غير واحد : إن المذكاة : من تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها ( كأن تحرك يدها أو رجلها أو تطرف بعينها ) فذبحت فهي حلال ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد .
v ويلحق بالميتة : ما قطع من البهيمة وهي حية ، لقوله r: (( ما قطع من البهيمة وهي حية ، فهو ميتة )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، من حديث أبي واقد رضي الله عنه ، وله طرق أخرى يصح بها .. أي ما قطع من شحمها أو لحمها وهي على قيد الحياة ، فإنه ميتة لا يحل أكلها .
v ويستثنى من الميت : السمك والجراد ، لقول الرسول r : (( أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالسمك والجراد ، وأما الدمان : فالكبد والطحال )). رواه أحمد بن حنبل وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ويستثنى أيضا : الجنين إذا وجد في بطن الحيوان المذكى ، لقوله r : (( ذكاة الجنين ذكاة أمه )) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي .
2- الدم :
يعنى به المسفوح لقوله تعالى :} أو دما مسفوحا{ ( الأنعام :145 ) . ولا يدخل في ذلك الكبد ولا الطحال ، كما جاء ذلك في الحديث السابق ، ولا الدم الذي يكون في العروق بعد الذبح .
3- لحم الخنزير :
يعنى إنسيه ووحشيه ، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم ، ولا يحتاج إلى تحذلق الظاهرية في جمودهم ههنا وتعسفهم ، والأظهر أن اللحم يعم جميع الأجزاء ، كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطرد ، وفي (( صحيح مسلم )) عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول اللهr : (( من لعب بالنردشير ، فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه )) .
والنردشير : وهو حجر النرد المسمى بالزهر . فإذا كان التنفير لمجرد اللمس ، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به .
وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الأجزاء ، من الشحم وغيره (1) .
4- ما أهل لغير الله به :
أي ما ذبح فذكر عليه اسم غير اسم الله ، فهو حرام ، لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم ، فمتى عدل بها عن ذلك ، وذكر عليها اسم غيره من صنم ، أو طاغوت ، أو وثن ، أو غير ذلك ، من سائر المخلوقات ، فإنها حرام بالإجماع .
5- الخمر :
وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع .
أما في الكتاب ففي قوله تعالى : } يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون { ( المائدة : 90) .
أما في السنة : فقد وردت أحاديث كثيرة في بيان تحريمها ، منها : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : (( كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام )) رواه مسلم .
وقال أيضا : (( كل ما أسكر عن الصلاة فهوحرام )) .
وقال : (( كل شراب أسكر فهو حرام )) رواهما مسلم .
ولا يحل التداوي بالخمر : لحديث طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله r عن الخمر ، فنهاه عنها ، فقال : إنما أصنعها للدواء !! فقالr : (( إنه ليس بدواء ، ولكنه داء )) رواه أحمد ومسلم .
ثانيا : المحرمات بالسنة المطهرة والمباحات
1- كل ذي ناب من السباع :
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (( كل ذي ناب من السباع ، فأكله حرام )) رواه مسلم .
وحديث أبى ثعلبة الخشني : (( أن رسول اللهr نهى عن كل ذي ناب من السباع )) متفق عليه .
والناب : السن الذي خلف الرباعية .
قال في النهاية : (( السباع )) وهو ما يفترس من الحيوان ويأكل قسرا ، كالأسد والنمر والذئب والثعلب ونحوها .
وقال في القاموس : السبع المفترس من الحيوان .
والأصل في النهي : التحريم ، قال بذلك جمهور العلماء ، وقال بعض العلماء : لا يحرم مطعوم إلا هذه الأربعة المذكورة في آية : }قل لا أجد فيما أوحي إلي .. { ( الأنعام :145 ). وهو قول يروى عن ابن عباس ( ولا يصح عنه انظر المحلي 7/41 ) وابن عمر وعائشة ، وهو قول الأوزاعي .
وقال ابن خويز منداد من المالكية : تضمنت هذه الآية تحليل كل شيء من الحيوان وغيره ، إلا ما استثنى في الآية من الميتة والدم ولحم الخنزير .
ولهذا قلنا : إن لحوم السباع وسائر الحيوان ما سوى الإنسان والخنزير مباحة . وقد روي عن مالك القول بالكراهة وهو ضعيف .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : واعلم أن مالك ابن أنس رحمه الله اختلفت عنه الرواية في لحوم السباع ، فروي عنه : أنها حرام ، وهذا القول هو الذي اقتصر عليه في الموطأ ، لأنه ترجم فيه بتحريم أكل كل ذي ناب من السباع ، ثم ساق حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه بإسناده عن النبي r أنه : (( نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع )) .
ثم ساق بإسناده حديث أبي هريرة مرفوعا : (( أكل كل ذي ناب من السباع حرام )) ثم قال : (( وهو الأمر عندنا )) وهذا صريح في أن الصحيح عنده تحريمها ، وجزم القرطبي بأن هذا هو الصحيح من مذهبه . أضواء البيان ( 2/250 ) .
2- كل ذي مخلب من الطير :
لحديث ابن عباس أنه r : (( نهى عن كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير )) رواه مسلم .كالصقر والعقاب والنسر ونحوها من الطيور الجارحة .