PDA

View Full Version : العم عصمان


Albaik
29-10-2001, 12:50 PM
العم عصمان
كانت أياماً جميلة ولن تتكرر تلك التي عشتها مع العم عصمان ، سبعيني هو، قد خط الزمن على وجهه الكثير من التجارب والآلام والأفراح ، لازلت أذكر لفافات التبغ البلدي التي كان يلفها بمتعة لا مثيل لها وكنت أجلس إلى جانبه أراقبه بشغف شديد ، كان يخرج أيام المطر ليرى ماذا حل بالطبيعة ، فبفطرة الإنسان كان يسأل عنها وتسأل عنه ، لم يختبئ أبداً منها ولم تبخل عليه ، أسأله دائماً إلى أين يا عم عصمان ، يقول يا بني ، الطبيعة تحتفل وهي تدعونا للإحتفال ، فهل نرفض العزيمة ، تعال معي، قالها مرة ، لفني بعبائته السميكه ، وخرجنا إلى الهضبة العالية بجانب بيتنا ، نشاهد المطر والبرق ونسمع الرعد ، كان العشب أنضر بكثير من الذي نعرفه وكان الهواء أنقى بكثير من الذي نستنشقه .
تركت العم عصمان وسافرت ولازلت أذكره كل مرة ، مع كل سيكارة مع كل قطرة مطر ومع كل هبة نسيم اليوم وقد جاءنا المطر ، خرجت لاحتفل ……. مع البحر مع الطبيعة ، فهذه فرصة نادرة هنا ،لم أرفض العزيمة يا عم عصمان وخرجت ، كانت أمواجاً عالية جداً ومنظراً أخاذا.
اعتقدت أني لوحدي لكن أناس كثر كانوا قد أتوا ليحتفلوا وقد فرحت لان جمهور هذا الاحتفال قد بدأ يتزايد .
احتفال بلا فرق موسيقية، وأي آلة موسيقية يمكنها أن تعطيك صوت الموج الهادر وحفيف الشجر المتمايل وصوت المطر على الأرض ، كان الجو عاصفاً وملبداً بالغيوم الكثيرة ولم أتوقع بأن هاتفي المحمول سيعمل ، لكن ريننه أزال الشك من اليقين ، أوووه العم عصمان ، كيف حالك وماذا تعمل هذه الأيام ؟؟ رد قائلاً أحتفل مع السماء وسألني أين أنت ، قلت له لم أرفض العزيمة أيضاً فقد خرجت للتو ، هل هي حالة مطر عامة ؟؟
سألني هل أنت لوحدك قلت نعم وحيد ، قال لي أنت لست وحيداً ، وقطع الإرسال.
قد تسأل نفسك ما مدى الرؤية التي تصلها عيناك ، وقد أجيبك بأن المسافات ليست بالأمتار بل بالمعاني.
هل فكرت أن تخرج في يومٍ ماطر إلى البحر أو البرية. لاتفكر بل اخرج ، وبعدها فكر.
الطبيعة الحقيقية هي مرآة حقيقية لما في داخلنا وكلما كانت نقية كنا أنقياء ، وهي لن تتخلى عنا مادمنا لن نتخلى عنها ،أما أنا فلازلت أفكر بكلام العم عصمان لكنني عرفت الأجابة فأنا لم أكن وحيداً مع المطر .