PDA

View Full Version : هــي


عادي
14-10-2001, 05:53 PM
إذا صفعت الحياة الإنسان بصفعةٍ لم يتوقعها .. فإنها تسبب الألم، الذي إذا لم يستطع قذفه في سلة المهملات .. ولا حشره في ركن من قلبه .. فإنها تنقلب إلى ليلٍ قاتم طويل لا ينجلي ليظهر الفجر من خلفه .. تصبح روتينية تبعث على الملل والضجر، إذا لم نكن نعرف كيف نتغلب على هذا الواقع .. إذا لم نرمي بآلامنا خلف ظهورنا .. سنعجز عن الانطلاق .. ونموت ضحايا الحزن .. والألم .

على الكرسي كانت تجلس .. وقد انحنت إلى الأمام .. تطالع بعض الوريقات أو بالأصح الملفات، أخذت تقلب الصفحات بملل .. انتبهت إلى خطأ في إحداها فأمسكت بالقلم وشرعت تكتب بعض الملاحظات في الجهة المقابلة، قلبت الصفحة لتكتشف مزيداً من الأخطاء ودونت المزيد من الملاحظات.. أمسكت ملفاً آخر فتحته لتلاحظ تدني مستوى أرباح " الحضانة " في الفترة الأخيرة ... أخذت تفكر في وضع الحضانة .. إنها بدأت بالتدهور .. الأمهات يشتكين من العاملات .. العاملات يشتكين من الأطفال .. الأطفال يتذمرون من الوضع .. تتزاحم المشاكل في رأسها لتؤلمه أمسكت رأسها مخافة أن يتفجر .. وفجأة دون سابق إنذار قذفت بالملف نحو الحائط وصرخت بأعلى ما تستطيع .. وضعت وجهها بين كفيها ثم مررت يديها على شعرها بضيق وهي تتراجع إلى الخلف لتستند على المقعد .. وأسندت رأسها على الحائط .. لِم تجمع النقود ؟؟ لِم أسست هذه الحضانة ؟؟ لتتحداه - وانهمرت دموعها عندما مرت بخاطرها صورته - وتثبت له أنها ليست بحاجته .. أنها أقوى من أن تعيش على ذكراه .. أرادت أن تحطم قوانين الأنثى لكنها - مع كل ما حققته من نجاح - فشلت .. فشلت في إسقاطه من قاموس حياتها .. في نسيانه .. يحسدها الناس على نجاحها وتفوقها .. على الرصيد الهائل الذي تمتلكه دون أن يفكر أحدهم أن قلبها يتأوه .. يتألم .. يتحطم .. يتعذب بين الآلام الأمس ومشاكل اليوم .

بالأمس قبل ثماني سنوات دخلت الجامعة .. وهناك التقت به، كان محط أنظار الطالبات لأنه أنشط أعضاء جمعيه اتحاد الطلبة مع ما يمتاز به من جمالٍ إلهي .. لم تأبه به .. كان كأي طالبٍ آخر .. وتشاء الصدف أن تتعرف على أخته .. كانت معها في القسم ذاته .. تصادقتا .. ومنها شاهدته عن قرب .. وتحدثت معه . أعجبتها أفكاره وحيويته .. تناقشت معه حول الجامعة ومتطلباتها والطلاب وآرائهم ورغباتهم .. كما أُعجب هو الآخر بثقافتها وإطلاعها على العالم من حولها .. وطوال عامٍ كامل تعرفت فيه عليه لم يكونا يتحدثان - في المرات القليلة التي يلتقيان فيها - عن سوى الجامعة ومجتمعها لتمده بالمزيد من الأفكار وتثني على نشاط له وتنتقد آخر .. وعند انتهاء العام الدراسي ودعته .. شعرت وهي تودعه برغبة لو أن العام كان أطول .. لو أن هذه اللحظات تدوم .. لو تبقى معه .
هكذا بدأ شعورها نحوه .. أُعجبت به - والآن لو كان بيدها لما سمحت لمشاعرها بالتمادي أكثر من ذلك - وهناك في حفل زواج شقيقته وقفا معاً يرقبانها وهي تجلس إلى جوار زوجها ..لحظتها صارحها بكنه مشاعره نحوها .. برغبته في الأرتباط بها .. ولكنه يود معرفة رأيها أولاً، لم تعرف لِمَ أجابت دون تفكير بالموافقة .. وفعلاً تم عقد قرانهما .. وأجلا الزواج لحين تنهي دراستها .. ويؤمن هو مستقبله ...أي بعد خمس سنوات .
سافرت بعد مضي أربعة أعوام فقط للسياحة لتعود وتكتشف أنه تزوج أخرى بعد أن طلقها .. صُدمت ..أينتظرها كل هذه السنوات ولا يستطيع انتظار سنة واحدة؟؟!! أين ذهب كل ما بينهما ؟؟ أحلامهما التي رسماها سويا ..خيوط الأمل والفرح التي نسجها داخلها قطعها ؟؟
إيه يا بشر .. كيف تتبدل مشاعرك؟ كيف تتغير جذرياً في فترة وجيزة؟؟
عاشت عامين بعدها لم يعرف فيهما أحد إن كان عقلها ما زال موجوداً داخل رأسها أم أنه تبخر مع خطيبها .. إن كانت مازالت على قيد الحياة أم أن ملك الموت قد سل روحها ولم يبقى منها إلا هذا الجسد الفاني .. صممت بعدها على أن تنسى تجربتها الفاشلة - تناولت منديلاً لتمسح دموعها كأنها تجبرها على التوقف لتعلن لها أنه لا يستحق - وأسست هذه الحضانة لتعوض نفسها عن الأطفال اللذين كانت تحلم بإنجابهم .. يكفونها هم .. هكذا ظنت .. والآن! هاهي ترعاهم وتحبهم ولكن شيئاً ما يذكرها دوماً مهما طال جلوسهم معها فسوف يرحلون .. مهما رعتهم فغداً لا يتذكرون .. في المستقبل ينسون .. حاولت خداع نفسها ففشلت .. ما أمر الحقيقة !
لكن عندما وصلها أن زوجته أنجبت .. شعرت بالغيرة تخترق جوانحها لتمزقها إرباً إربا ودونما رحمة .. تظاهرت بالتماسك لكن ما إن خلت بنفسها حتى أجهشت بالبكاء .. هل عاشت طوال عامين كاملين تخدع نفسها بأنها نسيته ؟؟ لِم لم تستطع نسيانه وسط معترك الحياة ومسؤولياتها ؟؟ لِم ما زال يحتل مكاناً في قلبها ؟؟هل سامحته على كل فعل بها ؟؟ أكان وفاة زوجته وهي تضع طفلتها هو السبب! نعم .. لا بد أنها تشفق عليه لأنه وحيد حائر بطفلته .. فمهما تحملتها أخته لا بد أن تتركها يوماً .. ومهما رعتها فلن ترعاها كما لو كانت والدتها ولن تصبر عليها مدة طويلة ... لا ريب في أنه سيبحث عن أخرى .. أخرى! - هزت رأسها كأنها تنفي هذا الاحتمال - كلا لن يبحث عن أخرى .. هي ترفض هذه الفكرة ترفض مبدأ العذاب من جديد .. عذاب!
لا لن تتعذب .. لن تبكي .. لن تبكي بعد اليوم لأجله .. كفاها دموعاً انهمرت لأجله .. نعم لن تبكي .. لن تتألم .. لن تكون أنثى ضعيفة بعد اليوم .. ستنساه وبعزمٍ صادقٍ هذه المرة .. هل ستقضي حياتها تندبه ؟؟ تترجى عودته! أبداً .. ستكون أقوى .. فليتزوج أخرى في هذه المرة ستقف أمام كل الناس تبارك له زواجه .. ستظهر للجميع وله -على الأخص- أنها ليست أمةً لذكراه .. وبعزمٍ شديد وإرادة قويه .. ورغبة جامحة .. مسحت آثار الدموع .. طرق الباب .. تناولت إحدى الملفات بسرعة لتخفي وجهها لئلا يرى القادم مظاهر البكاء عليها ..هتفت أدخل .. سمعت صوت الخطوات باتجاهها .. رفعت عينيها من فوق الملف لترى وجه القادم .. كان رجلاً جميل الوجه .. رياضي الجسم .. يحمل بين يديه طفلة لم يتجاوز عمرها أربع أشهر .. وعلى شفتيه رُسمت ابتسامه .. وعلى وجهه خط الهم ...
- فاتنتي .. هل تصفحين عني وتعودين لي .. ونربي هذه الطفلة ضمن أطفالنا ؟؟
كان هو .. نعم هو .. لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء من جديد .

بنت العرب
15-10-2001, 09:31 AM
يجب أن لا تقبل!
من تركها مرة سيتركها مرة ثانية!



منفعلة مع القصة صح؟ :)
:)

وهج
15-10-2001, 09:57 AM
هكذا؟؟؟؟

بكل بساطة؟؟؟

يطلب منها الرجوع؟؟؟

مقهورة منه أنا!!!

..
..
كتاباتك تشدني جدا...:)

خد القمر
15-10-2001, 10:48 AM
..
ويلها من ذا الحب!..




؟؟ !!
ولكن لو! كان .. فعلا !! حقيقيا!..
فهو!..

مؤلم! لكن جمييييييييييييل!