PDA

View Full Version : إليك يا صاحب الفاقة هديتي التي تحتاج


ابو عمر الفاروق
02-09-2001, 10:57 PM
إليك يا صاحب الفاقة هديتي التي تحتاج

الصبر هو حبس النفس عن الجزع واللسان عن الشكوى والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوها , وسئل عنه الجنيد فقال : (( هو تجرع المرارة من غير تعبس )).

وقال ذو النون : (( هو التباعد عن المخالفات , والسكون عند تجرع غصص البلية , واظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة )).

فكل عمل من الاعمال يعرف ثوابه الا الصبر قال تعالى : (( انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب )).
وقال تعالى : (( ان الله مع الصابرين )).
وقال تعالى : (( واله يحب الصابرين )).
وقال تعالى : (( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين )).

وفي الآية التالية يجمع الله للصابرين أمورا ثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي : الصلاة منه عليهم , ورحمته لهم , وهدايته اياهم قال تعالى : (( وبشر الصابرين @ الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون @ اوللآئك عليهم صلوات من ربهم واولائك هم المهتدون )).

وقال عليه الصلاة والسلام : ((ومن يتصبر يصبره الله , وما اعطي احد عطاء خيرا واوسع من الصبر )).

وقال عليه الصلاة والسلام : (( ان الله عز وجل قال : (( اذا ابتليت عبدي بحبيبته - عينيه - فصبر عوضته منهما بالجنة )) )).


وقال بعض السلف وقد عزي على مصيبة وقعت به : مالي لا اصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال , كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها .

ومن ذلك يتبين ان للصبر انواع كما قال اهل العلم : صبر على طاعة الله , وصبر عن معصية الله , وصبر على اقدار الله .
وهذه الثلاثة هي التي اوصى بها لقمان ابنه في قوله : (( يابني اقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على مااصابك )).

واما بالنسبة للصبر على طاعة الله فيحتاج له المرء في ثلاثة احوال :

الاولى :قبل الشروع في الطاعة بتصحيح النية والاخلاص ولهذا قدم الله عز وجل الصبر على العمل فقال :
(( الا الذين صبروا وعملوا الصالحات )).

الثانية : الصبر حال العمل كي لا يغفل عن الله اثناء عمله ولا يتكاسل .

الثالثة : الصبر بعد الفراغ من العمل اذ يحتاج الى الصبر عن افشائه والتظاهر به للرياء والسمعة وكذلك الصبر عن النظر الى العمل بعين العجب والصبر على الاتيان بما يبطل عمله كما قال تعالى : (( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى )) .

واما الصبر على المعاصي والصبر على البلاء فامرهما ظاهرين يكفي ان اذكر فيهما هذا الحديث في قوله عليه الصلاة والسلام : (( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات )) .
وهذه الاية وفي قوله عز وجل : (( ولنبلونكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين )).

ومما سبق نستنتج ان للصبر مراتب :

الاولى : الصبر بالله أي الاستعانة به كما قال تعالى : (( واصبر وما صبرك الا بالله )).

الثانية : الصبر لله وهو ان يكون البعث على الصبر محبة الله عز وجل وارادة وجهه والتقرب اليه .

الثالثة : الصبر مع الله وهو دوران العبد مع مراد الله منه ومع احكامه صابراً نفسه معها اينما توجهت وهذا اشد انواع الصبر وهو صبر الصديقين .

قال الجنيد : (( المسير من الدنيا الى الاخرة سهل هين على المؤمن وهجران الخلق في جنب الله شديد والمسير من النفس الى الله صعب شديد والصبر مع الله اشد )).

ولكن للاسف اخوتي في الله نجد ان هناك امور تقدح في هذا الصبر وتنافيه .. نسال الله العافية والسلامه
ومن ذلك :

1- الشكوى الى المخلوق (( غير الاخبار )).

فسبحان الله !!

واذا عرتك بلية فاصبر لها صبر الكريم فانه بك اعلم
واذا شكوت الى ابن آدم انما تشكو الرحيم الى الذي لايرحم

فالشكوى انما تكون لله عز وجل قال تعالى : (( انما اشكوا بثي وحزني الى الله )) .

2- وكذلك مما ينافيه ما يفعله الناس عند نزول المصيبه من شق الثياب ولطم الخدود والشتم التسخط على الله بخلاف الحزن والبكاء بغير صوت ولا كلام محرم كما قال تعالى : (( وابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم )).

3- ومما يقدح فيه كذلك اظهار المصيبة والتحدث بها .

4- الهلع والجزع والمنع عند ورود النعمة قال تعالى : (( ان الانسان خلق هلوعاً @ اذا مسه الشر جزوعاً @ واذا مسه الخير منوعاً )).

هذا ما احببت ان اوصي نفسي به اولا ثم اوصيكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .