PDA

View Full Version : ثقافة الدكتاتورية


مستر
21-05-2001, 03:30 PM
الثقافة والسياسة صنوان متلازمان
منذ ما قبل الميلاد
منذ أول حرف خط على الحائط والأو سلطة حكمت مجموعات قبلية،
والمثقف يعرف أن دور السلطة الثقافية كمحرك للشعوب أكثر قوة من دور السلطة السياسية،
إنما مع الأسف هذه المعرفة لم تسخر دوما لصالح الشعوب،
فليس كل المثقفين اطهارا بررة كما يريدنا البعض أن نصدق
لنتذكر فقط أن كل النظم الديكتاتورية في كل أنحاء العالم وكل مراحل التاريخ ما قامت إلا على حملات ترويجية قادها مثقفون


وانك لتجد الخطاب الثقافي في كل تلك الدول التي تروج للدكتاتوريات متشابها حتى أنك لو جعلت يونغ إيل زعيم كوريا الشمالية يتبادل الموقع مع صدام حسين لمدة سنة فحكم هذا بغداد وحكم الآخر بيونغ يانغ فإن أحد لن يلحظ أي تغير في الخطاب الترويجي للقائد الضرورة ولا تغيير حتى في اسلوب الحكم الداخلي لا في كوريا ولا في العراق إنما من الممكن جدا أن تغزو كوريا الشمالية كوريا الجنوبية بغية عودة الفرع إلى الأصل.

الإثنان معا يخضعان الشعب لعملية غسيل مخ مكثفة

يقودها زمرة من المثقفين،

يعيشون الشعوب في وهم الخوف والخطر والأعداء المتربصين الذين يحاولون تكسير الهمم ويؤكدون أهمية وجود القائد الضرورة المنقذ من كل تلك المؤامرات الذي لولاه لكانت جباههم منكسرة،
فتتم حملات ترويجية من أجل اقناع الجماهير بتسخير كل طاقاتهم ومواردهم لتتحول كل المؤسسات المدنية إلى مؤسسات عسكرية يحكمها رجال أمن تابعون للحزب ويعرف المثقفون كيف يروجون للجوع من أجل الكرامة أي حتى لو جاع الشعب كله فذلك شبع ايديولوجي يتقن بثه المثقفون فقط!

نفس الاطروحات تسمعها في نفس تلك الأنظمة

"على الشعب شد الحزام من أجل الكرامة"

بينما العائلة والحزب يعيشون في بحبوحة

يأكلون كل ما جوعوا الشعب منه،

ويلبسون كل ما عروا الشعب منه،

ويلعب أطفالهم بكل ما حرموا أطفال الشعب منه

بعلم ودراية بل وبمشاركة هؤلاء المثقفين!.

إن فضيحة كيم يونع نام ابن زعيم كوريا الشمالية نموذج واضح للحياة السرية التي تعيشها الطبقة الحاكمة والحزب،

نموذج للكذبة الكبرى التي عانت منها كل الشعوب البائسة التي حكمت بايدلوجيات لا يمكن أن تطبق ولا يمكن أن تكون واقعية،

فاجبرت "الثقافة الايدلوجية" الشعوب على الإيمان بها،

واعدم كل من انكرها بتهمة الخيانة للمبادئ

بينما الأسرة الحاكمه
تتمتع بكل الامتيازات الممنوعة وتنعم برغد العيش الممنوع،

أليس هذا ما يحدث الآن في العراق

وحدث سابقا في الدول الشيوعية

وكشف عنه مؤخرا في كوريا الشمالية؟

فبينما الشعب الكوري يموت جوعا بشهادة الأمم المتحدة

يتسلل ابن الزعيم ولثاني مرة أي انها ليست المرة الأولى ليزور "ديزني لاند" في اليابان، بشهادة الأمم المتحدة يتسلل ابن زعيم ولثاني مرة أي أنها ليست المرة الأولى ليزور"ديزني لاند" في اليابان، ديزني؟

نتاج الشيطان الأكبر

علامته المسجلة

وايقونته التجارية التي لو ضبطت في يد كوري شمالي لقطعت يده،

نعم.. يتسلل ابن الزعيم بجواز سفر مزور لليابان من أجل مشاهدة ديزني لاند!

هذا هو اسلوب الحكم في تلك النظم كذب وغش وخداع وازدواجية،

وليس هذا بغريب على ديكتاتوريات تريد أن تحكم الشعوب لتتكسب من ورائها إنما الغريب في دور الثقافة والمثقفين في تلك الكذبة الكبرى وذلك الغش الأعظم.

والأكثر غرابة

سذاجة المثقفين المنتمين للدول المتهمة بالرجعية القبلية وبالتعبية "كدول الخليج العربي"

حين يحاولون الاعتذار لمثقفي تلك الدول ويحاولون التبرير الخجل لاضطرار دولنا للاستعانة بالغرب الذي هو الشيطان الأكبر،

بينما من تعتذرون منهم يعيشون في بحبوحة هذا الشيطان

يشاهدون أفلامهم

ويلبسون جينزاتهم

ويأكلون همبرغرهم

ويلعبون بكمبيوتراتهم

ويجري ذلك كله خلف الكواليس

لهم ولعلائاتهم

المنتمين للسلطو وعائلاتها،
تماما مثلما يحدث في دول عربية ثورية وأخرى غير عربية،

حيث المثقف الشريف فيهم مشرد منفي مضطهد مطارد إلى آخر بقاع الدنيا بتهمة الخيانة والعمالة تماما مثلما يتهموننا،

ونعرف كلنا شعراء

وكتابا

وأطباء

ومهندسين

وعلماء

ورسامي كاريكاتير

..و..كلهم تشردوا وطردوا وقتلوا في المنافي.

إنها ازدواجية يقوم بها كثير ممن يتصدرون للشأن العام يبدأ بها بعض المثقفين وتمر على بعض رجال السلطة
ثم تمر عند بعض المعارضين السياسيين ولا يسلم منها حتى بعض رجال الدين،
كل ذلك من أجل السيطرة على القطيع

الذي يأخذ كل ما يقال على أنه منزه

وينسى أن من يتعامل معهم هم بشر في النهاية

حتى وإن كانوا مثقفين.



· معاشـــر السادة القراء

نسأل الله أن يهدينا إلى كلمة سواء ..

والله الهادي إلى سواء السبيل ..

وإلى المقال القادم بإذن الله