ArabDev
01-01-2002, 09:59 AM
نظرية بوش: الأثر الرجعي
الجمعة 28 ديسمبر 05:04 مساء بتوقيت شرق أمريكا
نظريّة بوش : الأثر الرجعي
كتب تيد رول
نيويورك - الدارسين لتخصص الدعاية في أثناء الحروب سيتسائلون إن كان كل أو أجزاء من شريط أسامة بن لادن مزيف. ومن الطريف انه بعد 60 سنة بعد معركة فرنسا (أثناء الحرب العالمية)، قليل من الشعب الامريكي يعرفون أن الشريط الشهير لهتلر وهو يرقص مبتهجا بعد سقوط باريس هو شريط جرى التلاعب فيه: قام خبراء من الحلفاء بتحويل لقطة وحيدة لهتلر وفيها يخطو للوراء وجعلها متكررة توحي بأنه يرقص فرحا مما جعل منها لقطة راسخة بالأذهان لهتلر وهو يرقص تلك الرقصة المجنونة.
لو إفترضنا أن شريط أسامة بن لادن حقيقي، فانها تثبت بلا شك أن اسامة بن لادن (1) كان لديه علم سابق بهجمات 11 سبتمبر (2) كان فرحا لموت كثير من الأمريكيين. لكن الشريط كان قد جرى بتر كثير من أجزاءه قبل بثه. لا تستغربوا أن ينزل الشريط على هيئة دي في دي DVD وقد يحوي حينها لقطات جديدة تفسر الهدف المحدد للطائرة الرابعة (التي أسقطت) :هل كان البيت الأبيض هدفا، أو طائرة الرئيس الأمريكي (كما أشاعت عائلة بوش حينها) أو مثلا مسابقة الروك أند رول؟
"الشريط حقيقي" يقولها جيرهارد شرويدر الرئيس الألماني. يكمل "أنه يثبت أن بن لادن وفرقته الإرهابية وراء الهجمات". ولكن حتى لو كان الشريط حقيقي، فهو لا يثبت بشكل تام مسؤولية بن لادن عن تمويل أو تخطيط أو تنفيذ الهجمات في 11-9. قد تكون منظمة أخرى قد أعلمته بالهجوم كأن يقولون له "يا صديقي (ابن لادن) لن تصدق ما سوف نقوم به!". المعرفة المسبقة بعمل إرهابي منتقدة و خاطئة و أسامة مؤكد أنه مدان لفرحه لموت الأبرياء، ولكن أيضا المعرفة المسبقة بالهجوم لا تعني تلقائيا المسؤولية الكاملة عما حدث. قال ابن لادن في الشريط "لقد كنا على علم منذ الخميس السابق للهجمات". سواء أتى بالمعلومات من تنظيم القاعدة نفسه أو من مجموعة أو منظمة أخرى يبقى سؤالا لم يتم الإجابة عليه.
لو افترضنا كون الشريط يعطي دليلا لا يرقى اليه شك لإدانة أسامة بن لادن بالقتل في المحاكم الأمريكية. حتى لو حصل ذلك، فإن ذلك على أحسن افتراض يعتبر دليلا بأثر رجعي لتبرير عقوبات جرى تنفيذها قبل وجود الدليل. في نهاية سبتمبر، عائلة بوش (Bushies) طلبت من طالبان تسليم أسامة بن لادن، وأدعت وجود الدليل ولكن لا توافق على تقديم الدليل لطالبان. رفض طالبان لتسليم بن لادن أدى لإسقاط حكمهم بفضل منطق ال إف 16 و البي 52.
إنها إستراتيجية عبقرية! ستعجب بالتأكيد جوبلز. إفعل ما تريد ثم بعدها أثبت!. إن ذلك يعتبر من الإستغلال التام لمجتمع ذاكرته التاريخية أقصاها "ما ذا أكلت هذا الصباح؟". قام بوش بانتزاع الرئاسة ألأمريكية بالضبط بنفس الطريقة. بدلا من أن ينتظر إعادة فرز الاصوات التي يمكن أن تعطي الرئاسة للديموقراطيين، عائلة بوش بمنطق العصابات دخلوا البيت الأبيض عن طريق إرسال فتواتهم لتهديد موظفي الإنتخابات في فلوريدا و التدخلات الفاسدة في عمل المحكمة العليا. بعد مرور اشهر من إستلام الجمهوريين للرئاسة، قالوا بأن فرزا قامت به الصحف حينها قد أثبت فوز بوش. في عالم بوش الجاهل، الغاية تسبق الوسيلة.
الحياة في الولايات المتحدة تغيرت بعد 20 يناير (استلام بوش للرئاسة)، و أكثر من ذلك بعد 9 سبتمبر حيث أصبح المجتمع يشابه المجتمعات المقهورة في العالم الثالث حيث كثرت الاقاويل والإشاعات. أين يختبئ الرئيس؟ هل نائب الرئيس قد مات منذ أشهر أو أنه هو من يدير أمريكا من مخبئه.... شريط أسامة بن لادن أثارالتساؤل.
هل السي أي ايه لديها دليل فعلا قبل وجود الشريط؟ ماذا لو لم نعرف القصة كاملة؟ بوش قال للأمريكيين بأنه لن يعلمهم كل شئ عن الحرب القادمة أفغانستان-الصومال-العراق أو أي مكان آخر. كنتيجة لذلك، كثير من الأمريكيين يشاهدون محطة BBC و يلجأوون لمواقع خاصة بالصحف الأجنبية ليعرفوا أخبار بلدهم.
بالنسبة للأخرين، نظرية بوش في "لأثر الرجعي" كانت عاصفة. إذا قمت بإثبات فوزك في انتخابات بعد أن قمت باغتصابها، هل يستطيع أحد الإدعاء بأنك مغتصب؟ إذا كانت الحرب التي بدأتها قد بررتها لاحقا، هل يستطيع أحد اتهامك بانك أخطأت.
أثر هذه الإستراتيجية غير محدود. في اي وقت تصبح إدارة الضرائب الأمريكية شحيحة الموارد، يمكنهم سرقة أموال المواطنين الأمريكيين من حساباتهم في البنوك ثم بعدها يصدر قانون ضريبي ما لتبرير هذه السرقة. إعدام أناس قبل إدانتهم بجريمة يعتبر قاسيا وغير اخلاقي. ولكن (وفقا لهذه الإستراتيجية) تعطي المسؤولين فرصة لعشرات السنين لمحاولة إيجاد جريمة لتبرير الإعدام.
تيد رول , الرّسّام الكاريكاتوريّ و الصّحفيّ , يعمل في كتاب جديد عن تجاربه تغطّي الحرب في أفغانستان
© 2001 Ted Rall, All Rights Reserved.
المصدر
http://dailynews.yahoo.com/h/uctr/20011228/cm/bush_s_theory_of_retroactivity__1.html
و قد ترجمت المقال ما وسعني ذلك
الجمعة 28 ديسمبر 05:04 مساء بتوقيت شرق أمريكا
نظريّة بوش : الأثر الرجعي
كتب تيد رول
نيويورك - الدارسين لتخصص الدعاية في أثناء الحروب سيتسائلون إن كان كل أو أجزاء من شريط أسامة بن لادن مزيف. ومن الطريف انه بعد 60 سنة بعد معركة فرنسا (أثناء الحرب العالمية)، قليل من الشعب الامريكي يعرفون أن الشريط الشهير لهتلر وهو يرقص مبتهجا بعد سقوط باريس هو شريط جرى التلاعب فيه: قام خبراء من الحلفاء بتحويل لقطة وحيدة لهتلر وفيها يخطو للوراء وجعلها متكررة توحي بأنه يرقص فرحا مما جعل منها لقطة راسخة بالأذهان لهتلر وهو يرقص تلك الرقصة المجنونة.
لو إفترضنا أن شريط أسامة بن لادن حقيقي، فانها تثبت بلا شك أن اسامة بن لادن (1) كان لديه علم سابق بهجمات 11 سبتمبر (2) كان فرحا لموت كثير من الأمريكيين. لكن الشريط كان قد جرى بتر كثير من أجزاءه قبل بثه. لا تستغربوا أن ينزل الشريط على هيئة دي في دي DVD وقد يحوي حينها لقطات جديدة تفسر الهدف المحدد للطائرة الرابعة (التي أسقطت) :هل كان البيت الأبيض هدفا، أو طائرة الرئيس الأمريكي (كما أشاعت عائلة بوش حينها) أو مثلا مسابقة الروك أند رول؟
"الشريط حقيقي" يقولها جيرهارد شرويدر الرئيس الألماني. يكمل "أنه يثبت أن بن لادن وفرقته الإرهابية وراء الهجمات". ولكن حتى لو كان الشريط حقيقي، فهو لا يثبت بشكل تام مسؤولية بن لادن عن تمويل أو تخطيط أو تنفيذ الهجمات في 11-9. قد تكون منظمة أخرى قد أعلمته بالهجوم كأن يقولون له "يا صديقي (ابن لادن) لن تصدق ما سوف نقوم به!". المعرفة المسبقة بعمل إرهابي منتقدة و خاطئة و أسامة مؤكد أنه مدان لفرحه لموت الأبرياء، ولكن أيضا المعرفة المسبقة بالهجوم لا تعني تلقائيا المسؤولية الكاملة عما حدث. قال ابن لادن في الشريط "لقد كنا على علم منذ الخميس السابق للهجمات". سواء أتى بالمعلومات من تنظيم القاعدة نفسه أو من مجموعة أو منظمة أخرى يبقى سؤالا لم يتم الإجابة عليه.
لو افترضنا كون الشريط يعطي دليلا لا يرقى اليه شك لإدانة أسامة بن لادن بالقتل في المحاكم الأمريكية. حتى لو حصل ذلك، فإن ذلك على أحسن افتراض يعتبر دليلا بأثر رجعي لتبرير عقوبات جرى تنفيذها قبل وجود الدليل. في نهاية سبتمبر، عائلة بوش (Bushies) طلبت من طالبان تسليم أسامة بن لادن، وأدعت وجود الدليل ولكن لا توافق على تقديم الدليل لطالبان. رفض طالبان لتسليم بن لادن أدى لإسقاط حكمهم بفضل منطق ال إف 16 و البي 52.
إنها إستراتيجية عبقرية! ستعجب بالتأكيد جوبلز. إفعل ما تريد ثم بعدها أثبت!. إن ذلك يعتبر من الإستغلال التام لمجتمع ذاكرته التاريخية أقصاها "ما ذا أكلت هذا الصباح؟". قام بوش بانتزاع الرئاسة ألأمريكية بالضبط بنفس الطريقة. بدلا من أن ينتظر إعادة فرز الاصوات التي يمكن أن تعطي الرئاسة للديموقراطيين، عائلة بوش بمنطق العصابات دخلوا البيت الأبيض عن طريق إرسال فتواتهم لتهديد موظفي الإنتخابات في فلوريدا و التدخلات الفاسدة في عمل المحكمة العليا. بعد مرور اشهر من إستلام الجمهوريين للرئاسة، قالوا بأن فرزا قامت به الصحف حينها قد أثبت فوز بوش. في عالم بوش الجاهل، الغاية تسبق الوسيلة.
الحياة في الولايات المتحدة تغيرت بعد 20 يناير (استلام بوش للرئاسة)، و أكثر من ذلك بعد 9 سبتمبر حيث أصبح المجتمع يشابه المجتمعات المقهورة في العالم الثالث حيث كثرت الاقاويل والإشاعات. أين يختبئ الرئيس؟ هل نائب الرئيس قد مات منذ أشهر أو أنه هو من يدير أمريكا من مخبئه.... شريط أسامة بن لادن أثارالتساؤل.
هل السي أي ايه لديها دليل فعلا قبل وجود الشريط؟ ماذا لو لم نعرف القصة كاملة؟ بوش قال للأمريكيين بأنه لن يعلمهم كل شئ عن الحرب القادمة أفغانستان-الصومال-العراق أو أي مكان آخر. كنتيجة لذلك، كثير من الأمريكيين يشاهدون محطة BBC و يلجأوون لمواقع خاصة بالصحف الأجنبية ليعرفوا أخبار بلدهم.
بالنسبة للأخرين، نظرية بوش في "لأثر الرجعي" كانت عاصفة. إذا قمت بإثبات فوزك في انتخابات بعد أن قمت باغتصابها، هل يستطيع أحد الإدعاء بأنك مغتصب؟ إذا كانت الحرب التي بدأتها قد بررتها لاحقا، هل يستطيع أحد اتهامك بانك أخطأت.
أثر هذه الإستراتيجية غير محدود. في اي وقت تصبح إدارة الضرائب الأمريكية شحيحة الموارد، يمكنهم سرقة أموال المواطنين الأمريكيين من حساباتهم في البنوك ثم بعدها يصدر قانون ضريبي ما لتبرير هذه السرقة. إعدام أناس قبل إدانتهم بجريمة يعتبر قاسيا وغير اخلاقي. ولكن (وفقا لهذه الإستراتيجية) تعطي المسؤولين فرصة لعشرات السنين لمحاولة إيجاد جريمة لتبرير الإعدام.
تيد رول , الرّسّام الكاريكاتوريّ و الصّحفيّ , يعمل في كتاب جديد عن تجاربه تغطّي الحرب في أفغانستان
© 2001 Ted Rall, All Rights Reserved.
المصدر
http://dailynews.yahoo.com/h/uctr/20011228/cm/bush_s_theory_of_retroactivity__1.html
و قد ترجمت المقال ما وسعني ذلك