المحروم
04-01-2001, 08:07 PM
يا أصدقائي ..
بحثاً عن حقيقة نحترمها ، نتشرد في الدروب كل على طريقته .. قد نبحث بحماسة جمرة شاردة ، أو ببرود سلحفاة .. قد يكون بحثنا عملية واعية مرهقة ، وقد يكون رغبة لا شعورية تطفو فوق تصرفاتنا ، ويكون تعبيرنا عنها خاطئاً أو غير خاطئ ...
كلنا يبحث عن حقيقة يسكن إليها يرى وجوده من خلالها ... حبيبة وفية .. صديق .. موقد فيه نار .. فكرة .. مثل أعلى .. كلمة صادقة حتى لو كانت شتيمة .. أية حقيقة . وكلنا قد عرف مرارة الخيبة مرات ومرات حينما تتعرى الأشياء فجأة فتبدو بلا أقنعة وبلا أصباغ ، تسخر من طقوسنا وبخورنا ومراهقتنا ...
سأروي لكم نكتة ، قد تقولون أنها قديمة ، وأنا أعرف ذلك ، ولا أرغب مطلقاً في إضحاككم .. لكني سأرويها .
اشترى رجل أربع تفاحات ، ولما عاد بها إلى داره جلس ليأكلها أمسك بسكين ، ولم يكد يقطع الأولى حتى وجد فيها دودة ، فرمى بها وأمسك بالثانية وقطعها ، فوجد فيها دودة ، فرمى بها وقطع الثالثة فلم تكن خيراً من سابقتيها .. ولما رأى انه لم يبقَ لديه سوى تفاحه واحدة ، نهض وأطفأ النور ثم التهمها في الظلام كي لا يرى شيئاً....
إنها ليست نكتة ! إنها مأساة ! هل ترضى بأن تأكل تفاحتك في الظلمة خوفاً من أن ترى ما يمكن أن يكون فيها ، وتتألم لفقدها ؟
إننا جميعاً لا نملك إلا أن نمارس هذا الأسلوب في حياتنا اليومية .. قد نتجاهل كذبة صديق عزيز ونتركه ينتشي موهوماً بأنه استطاع خداعنا ..
وقد نساير انساناً له قلبنا موضع فتقول له ( أنت على حق ) كي نتحاشى مناقشة عميقة ..
لكننا مع هذا كله نعيش خطاً عاماً مهما تلوينا وانحنيا وهجرنا الدرب ثم عدنا ؟؟ هذا الخط العام هو البحث عن حقيقة نهبها لهيب عمرنا كله.. نحيا من أجلها
وأنا قد وجدت الليلة حقيقة .. في بسمة طفل .. في زغردة عامل .. في ثورة مشعل ، في التوهج العربيد لألعاب نارية على خد غيمه .. وجدت حقيقة : أهزوجة شعب
موجة فرح تسطو على أحزاني ، تريحني من كآبة فردية تذكرني بأن هذا الوجود ، في مدينة ما ، في واد ما ، وراء ألف بحر يعج بأخطبوطات وحيتان وأفاع ، وراء ألف غيمه مظلمة ، وقمم يلتقي فيها السحرة بعنزاتهم السود ومكانسهم الطائرة ، ووراء مدن ترقص أنوارها بخلاعة لا مبالية ، أن وراء هذا كله هلالاً شاباً ما زلت انتظر أن يبزغ في سمائي من جديد .. أمد نحوه يدي وبودي لو أن أزيح بضعفها مدناً وجبالاً وبحاراً وأكداس ظلمات مطبقة ..
سأحكي لكم كيف التقيت بهذه الحقيقة ....
كنت الساعة تشير إلى العاشرة ليلاً وكنت خارجاً من أحد المباني فركبت المصعد .. أخذ يهوي والجدران تركض مذعورة .. وتصيبني رعشة لذيذة .. ماذا لو يظل يهوي بلا توقف ، إلى الأبد ؟؟؟
ماذا لو يظل يعبر بهذا الصدق المضيء عن حقيقة أعماقي المظلمة ؟؟؟
منذ زمن وأنا أكتب بطرف قلمي الدقيق أحاول أن أحفر درب خلاصي في متاهات عمري الصخرية .. بطرف قلمي الدقيق أحاول أن أنسج حقيقة . أجد حقيقة
منذ عام كانت التفاحات الأربع كلها نضرة ومتوردة ، لم أجرؤ على أن أقطعها بسكيني ، كنت خائف منها ، ولم أرضَ مع ذلك بإطفاء النور كي التهمها في الظلام ...
منذ عام وعوالم صمت محمومة تهذي في أعماقي ، تتغذى من وحشتي وعزلتي .
توقف المصعد فجأة وفتحت بابه إنسان يبتسم ، خرجت إلى الشارع ، وسرت لا أشعر بما حولي كعادتي .. لكنني استيقظت فجأة على بسمة طفل ، وصيحة فرح متوحدة ترددها ملايين الشفاه الراعشة ، ولحية بيضاء لعجوز ما رقصت منذ زمن ..
وبدأت قوقعتي تذوب وتتلاشى ، وأحسست أنني موجة حماس في الخضم المتلاطم ، تمتلكني نشوة الثورة ، نشوة الشعب المحتفل بذكرى ...
ووجدت حقيقة أحترمها .. وجدتها في ثورة مشعل ، في التوهج العربيد لألعاب نارية على خد غيمه .. في أهزوجة حية لأمة ...
وجدت حقيقة أن تذوب ( الأنا ) في ( نحنن ) في أن تغيب جذوري مع أصالة جذورها وعراقتها .
بحثاً عن حقيقة نحترمها ، نتشرد في الدروب كل على طريقته .. قد نبحث بحماسة جمرة شاردة ، أو ببرود سلحفاة .. قد يكون بحثنا عملية واعية مرهقة ، وقد يكون رغبة لا شعورية تطفو فوق تصرفاتنا ، ويكون تعبيرنا عنها خاطئاً أو غير خاطئ ...
كلنا يبحث عن حقيقة يسكن إليها يرى وجوده من خلالها ... حبيبة وفية .. صديق .. موقد فيه نار .. فكرة .. مثل أعلى .. كلمة صادقة حتى لو كانت شتيمة .. أية حقيقة . وكلنا قد عرف مرارة الخيبة مرات ومرات حينما تتعرى الأشياء فجأة فتبدو بلا أقنعة وبلا أصباغ ، تسخر من طقوسنا وبخورنا ومراهقتنا ...
سأروي لكم نكتة ، قد تقولون أنها قديمة ، وأنا أعرف ذلك ، ولا أرغب مطلقاً في إضحاككم .. لكني سأرويها .
اشترى رجل أربع تفاحات ، ولما عاد بها إلى داره جلس ليأكلها أمسك بسكين ، ولم يكد يقطع الأولى حتى وجد فيها دودة ، فرمى بها وأمسك بالثانية وقطعها ، فوجد فيها دودة ، فرمى بها وقطع الثالثة فلم تكن خيراً من سابقتيها .. ولما رأى انه لم يبقَ لديه سوى تفاحه واحدة ، نهض وأطفأ النور ثم التهمها في الظلام كي لا يرى شيئاً....
إنها ليست نكتة ! إنها مأساة ! هل ترضى بأن تأكل تفاحتك في الظلمة خوفاً من أن ترى ما يمكن أن يكون فيها ، وتتألم لفقدها ؟
إننا جميعاً لا نملك إلا أن نمارس هذا الأسلوب في حياتنا اليومية .. قد نتجاهل كذبة صديق عزيز ونتركه ينتشي موهوماً بأنه استطاع خداعنا ..
وقد نساير انساناً له قلبنا موضع فتقول له ( أنت على حق ) كي نتحاشى مناقشة عميقة ..
لكننا مع هذا كله نعيش خطاً عاماً مهما تلوينا وانحنيا وهجرنا الدرب ثم عدنا ؟؟ هذا الخط العام هو البحث عن حقيقة نهبها لهيب عمرنا كله.. نحيا من أجلها
وأنا قد وجدت الليلة حقيقة .. في بسمة طفل .. في زغردة عامل .. في ثورة مشعل ، في التوهج العربيد لألعاب نارية على خد غيمه .. وجدت حقيقة : أهزوجة شعب
موجة فرح تسطو على أحزاني ، تريحني من كآبة فردية تذكرني بأن هذا الوجود ، في مدينة ما ، في واد ما ، وراء ألف بحر يعج بأخطبوطات وحيتان وأفاع ، وراء ألف غيمه مظلمة ، وقمم يلتقي فيها السحرة بعنزاتهم السود ومكانسهم الطائرة ، ووراء مدن ترقص أنوارها بخلاعة لا مبالية ، أن وراء هذا كله هلالاً شاباً ما زلت انتظر أن يبزغ في سمائي من جديد .. أمد نحوه يدي وبودي لو أن أزيح بضعفها مدناً وجبالاً وبحاراً وأكداس ظلمات مطبقة ..
سأحكي لكم كيف التقيت بهذه الحقيقة ....
كنت الساعة تشير إلى العاشرة ليلاً وكنت خارجاً من أحد المباني فركبت المصعد .. أخذ يهوي والجدران تركض مذعورة .. وتصيبني رعشة لذيذة .. ماذا لو يظل يهوي بلا توقف ، إلى الأبد ؟؟؟
ماذا لو يظل يعبر بهذا الصدق المضيء عن حقيقة أعماقي المظلمة ؟؟؟
منذ زمن وأنا أكتب بطرف قلمي الدقيق أحاول أن أحفر درب خلاصي في متاهات عمري الصخرية .. بطرف قلمي الدقيق أحاول أن أنسج حقيقة . أجد حقيقة
منذ عام كانت التفاحات الأربع كلها نضرة ومتوردة ، لم أجرؤ على أن أقطعها بسكيني ، كنت خائف منها ، ولم أرضَ مع ذلك بإطفاء النور كي التهمها في الظلام ...
منذ عام وعوالم صمت محمومة تهذي في أعماقي ، تتغذى من وحشتي وعزلتي .
توقف المصعد فجأة وفتحت بابه إنسان يبتسم ، خرجت إلى الشارع ، وسرت لا أشعر بما حولي كعادتي .. لكنني استيقظت فجأة على بسمة طفل ، وصيحة فرح متوحدة ترددها ملايين الشفاه الراعشة ، ولحية بيضاء لعجوز ما رقصت منذ زمن ..
وبدأت قوقعتي تذوب وتتلاشى ، وأحسست أنني موجة حماس في الخضم المتلاطم ، تمتلكني نشوة الثورة ، نشوة الشعب المحتفل بذكرى ...
ووجدت حقيقة أحترمها .. وجدتها في ثورة مشعل ، في التوهج العربيد لألعاب نارية على خد غيمه .. في أهزوجة حية لأمة ...
وجدت حقيقة أن تذوب ( الأنا ) في ( نحنن ) في أن تغيب جذوري مع أصالة جذورها وعراقتها .