Lirmontov
11-08-2000, 03:46 AM
خفف عنك أيها المليك الأسير، فلست في سجنك أشد بلاء مني في جسدي.
اربض وكن متجلدا يا ابا الأهوال، فالإضطراب أمام النوائب حريّ ببنات آوى، ولا يجمل بالملوك المسجونين سوى الاستهزاء بالسجن والسجان.
سكن روعك يا فتى العزم وانظر إليّ فأنا بين عبيد الحياة مثلك بين قضبان القفص، وما الفرق بيننا سوى حلم مزعج يجاور روحي ولكنه يخشى الاقتراب إليك.
كلانا منفي عن بلاده بعيد عن أهله وأحبابه، فخفِّـض عليك جأشك وكن مثلي صابرا على مضض الأيام والليالي، ساخرا بهؤلاء الضعفاء الذي يتغلبون عينا بعددهم لا بعزم أفرادهم.
وما عسى ينفع الزئير والضجيج والناس طرش لا يسمعون ؟
لقد صرخت قبلك في آذانهم فلم أستوقف غير أشباح الدجى، وتفحصت مثلك طبقاتهم فلم أجد بينهم سوى جبان يستبسل متجبِّـرا أما المقيدين بالسلاسل وضعيف يترفع متصلبا أمام المسجونين في الأقفاص.
انظر أيها المليك الجبار، انظر إلى هؤلاء المحيطين بسجنك الآن، تفرس في وجوههم تجد في ملامحهم ما كنت تراه في سحنات أدنى رعاياك وأعوانك في مجاهل الصحراءن فمنهم من يشبه الأرنب بضعف قلبه، ومنهم من يماثل الثعلب باحتياله، ومنهم من يضارع الأفعى بخبثه، ولكن ليس بينهم من له سلامة الأرنب وذكاء الثعلب وحكمة الأفعى.
"
"
"
"
"
"
"
"
فدتك روحي ايها المليك السجين، فقد أطلت الوقوف لديك وأسهبت بالكلام أمامك. ولكن هو القلب المخلوع عن عرشه يتعزّى بالملوك المخلوعين، وهي النفس السجينة المستوحشة تستأنس بالسجناء والمستوحشين. فسامح فتى يلوك الكلام متسليا به عن الطعام، ويرتشف الأفكار مستعيضا بها عن الشراب.
إلى اللقاء أيها الجبار المهيب، فإن لم يكن اللقاء في هذا العالم الغريب فسيكون في عالم الأشباح حيث تجتمع أرواح الملوك بأرواح الشهداء.
"
"
"
"
بقلم: جـبـران خـلـيـل جـبـران
.
.
.
.
اربض وكن متجلدا يا ابا الأهوال، فالإضطراب أمام النوائب حريّ ببنات آوى، ولا يجمل بالملوك المسجونين سوى الاستهزاء بالسجن والسجان.
سكن روعك يا فتى العزم وانظر إليّ فأنا بين عبيد الحياة مثلك بين قضبان القفص، وما الفرق بيننا سوى حلم مزعج يجاور روحي ولكنه يخشى الاقتراب إليك.
كلانا منفي عن بلاده بعيد عن أهله وأحبابه، فخفِّـض عليك جأشك وكن مثلي صابرا على مضض الأيام والليالي، ساخرا بهؤلاء الضعفاء الذي يتغلبون عينا بعددهم لا بعزم أفرادهم.
وما عسى ينفع الزئير والضجيج والناس طرش لا يسمعون ؟
لقد صرخت قبلك في آذانهم فلم أستوقف غير أشباح الدجى، وتفحصت مثلك طبقاتهم فلم أجد بينهم سوى جبان يستبسل متجبِّـرا أما المقيدين بالسلاسل وضعيف يترفع متصلبا أمام المسجونين في الأقفاص.
انظر أيها المليك الجبار، انظر إلى هؤلاء المحيطين بسجنك الآن، تفرس في وجوههم تجد في ملامحهم ما كنت تراه في سحنات أدنى رعاياك وأعوانك في مجاهل الصحراءن فمنهم من يشبه الأرنب بضعف قلبه، ومنهم من يماثل الثعلب باحتياله، ومنهم من يضارع الأفعى بخبثه، ولكن ليس بينهم من له سلامة الأرنب وذكاء الثعلب وحكمة الأفعى.
"
"
"
"
"
"
"
"
فدتك روحي ايها المليك السجين، فقد أطلت الوقوف لديك وأسهبت بالكلام أمامك. ولكن هو القلب المخلوع عن عرشه يتعزّى بالملوك المخلوعين، وهي النفس السجينة المستوحشة تستأنس بالسجناء والمستوحشين. فسامح فتى يلوك الكلام متسليا به عن الطعام، ويرتشف الأفكار مستعيضا بها عن الشراب.
إلى اللقاء أيها الجبار المهيب، فإن لم يكن اللقاء في هذا العالم الغريب فسيكون في عالم الأشباح حيث تجتمع أرواح الملوك بأرواح الشهداء.
"
"
"
"
بقلم: جـبـران خـلـيـل جـبـران
.
.
.
.