PDA

View Full Version : حوار مع هبنقة


الطارق
16-03-2005, 12:10 PM
الحوارات السابقة :

http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=113392

أرجو تعديل العنوان من ( الحوار مع هبنقة ) إلى ( حوار مع المشاهير 3 ) ..

------------------


حوار مع هبنقة
غطت لحيته الطولية جزاء كبيرا من وجه محاوري وصدره ! ورغم هذا فلم تغيب عن ناظري تلك القلادة من الودع والعظام والخزف والتي وضعها على عنقه !
كان محاوري هبنقة أبو نافع هو يزيد بن ثَرْوان ذو الودعات أحد بني قيس بن ثعلبة والذي ضرب به المثل بالحمق فقيل : ( أحمق من هبنقة ! )
أنا : أرحب بك معنا سيدي الكريم في حوارنا هذا والذي أرجو أن يكون خفيفيا عليك وعلينا وعلى القراء الكرام ، لنتعرف فيه على أخبارك وأخبار الحمقى خاصة وأنت زعيمهم وحامل لواءهم وكيف لا وقد ضرب بك المثل في الحمق حتى قيل (( أحمق من هبنقة )) ..

هبنقة : الشكر لك على هذا الاستضافة في هذا الحوار ! وأرجوا أن تكون الأسئلة خفيفة و سهلة علي !

أنا : حسنا أرجو ذلك .. وقبل أن نبدأ في حوارنا أريد الحديث عن اسمك فقد اختلف البعض في اسمك فقيل يزيد بن ثروان وقال البعض يزيد بن مروان ! أحببنا أن تخبرنا عن صحيح اسمك ؟!
هبنقة [ والتذمر بادي على وجهه ] : لست أدري ما صحيح اسمي ! وما أعلمه أنني من طائفة كان من أتباعها ما حدث به أبو العبنس :
قال أبو العنبس‏:‏ صحبني رجل في سفينة فقلت له‏:‏ ممن الرجل فقال‏:‏ من أولاد الشام ممن كان جدي من أصدقاء المنصور علي بن أبي سالم شاعر الأنبار وكان من الذين بايعوا تحت الشجرة مع أبي سالم بن يسار في وقعة الفاروق أيام قتل الحجاج بن يونس بالنهروان على شاطىء الفرات مع أبي السرايا
قال أبو العنبس‏:‏ فلم أدر على أي شيء أحسده على معرفته بالأنساب أم على بصره بأيام الناس أم حفظه للسير‏.‏
فكيف بالله أعرف صحيح أسمي وأنا من هؤلاء !!!!

أنا : ولكن هذا اسمك ولا يمكن أن تجهل اسمك ونسبك !!؟؟

هبنقة : يا هذا لقد جعلت في عُنُقي قِلادة من وَدَع وعِظامٍ وخَزَف، وأنا كبير في السن ذو لحية طويلة، فسألني الناس عن ذلك، فقلت لهم : لأعرف بها نفسي، ولئلا أضل ..
فكان أن بت ذات ليلة وأخَذَ أخي قلادتَي فتقلَّدها، فلما أصبحت ورأيت القلادة في عنق أخي عجبت من الأمر وقلت : يا أخي أنت أنا فمن أنا !!
أنا [ ضاحكا] : حسنا حسنا .. نعذرك كل العذر فهذا الفعل ليس بغريب عن طائفتك فقد حدث مثل هذا لجحا وهو شبيه لفعل ريطة بنت عامر الحمقاء‏ :‏ كانت تعلم رأس أولادها بالقزع لتعرف أولادها من أولاد غيرها !

هبنقة [ مستدركاً ] : ورغم هذا فإن أردت رأيي فأنا أفضل أن أكون من بني مروان ..

أنا : ولما ؟؟!!

هبنقة : لآن من بينهم الرجل الصالح أبو محمد ! فقد حدثنا معمر قال‏:‏ دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم لهم رواد فظننت فيهم الخير فجلست إليهم فإذا هم ينتقصو علي بن أبي طالب ويقعون فيه فقمت من عندهم فإذا شيخ يصلي ظننت فيه الخير فجلست إليه فلما أحس بي وسلم قلت‏:‏ يا عبد الله ما ترى هؤلاء القوم ينتقصون علياً ويشتمونه وجعلت أحدثه بمناقبه وأنه زوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو الحسنين وابن عم الرسول فقال‏:‏ يا عبد الله ما لقي الناس من الناس ولو أن أحداً نجا من الناس لنجا منهم أبو محمد رحمه الله هو ذا يشتم وحده‏.‏
قلت‏:‏ ومن أبو محمد قال‏:‏ الحجاج بن يوسف‏.‏

أنا [ وكدت أن أموت من الضحك ] : حسنا دعنا من كل هذا ولنواصل
أسئلتنا!
حسنا بديهة أحببنا أن نعلم ولو القليل عن مولدك ونشأتك ؟!

هبنقة : لا أدري لم أسئلتك صعبة ! وما يدريني أنا متى ولدت ! وكيف نشأت !؟
وهل كنت أعقل أنا ساعة مولدي ! حتى أعرف متى ولدت !؟ ثم هل يعقل الصبي كيف نشأ وماذا جرى له في صغره !!!!

أنا : عفوا .. عفوا .. ولكن قطعا لربما أخبرت من أهلك أو أي قريباً لك متى كان مولدك ؟! وقطعا تذكر ولو قليل عن نشأتك !!

هبنقة : أسمع لا أذكر شيئا من هذا ! لكن أن أردت فلربما ولدت في رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة أيام وأحسب الآن أنت كيف شئت ..

أنا : لكن .. لكن هذا لا يتفق أبدا مع ...

هبنقة [ بغضب ] : أسمع ! هل كنت أنت معي حين مولدي ! أم لعله مولدك وليس مولدي ! أو لعله أنت أنا وأنا ليس بأنا ، مع أن قلادتي في عنقي !!!

أنا [ وأنا أضحك ] : حسنا .. حسنا لا تغضب .. فلا يعنينا متى ولدت وكيف نشأت فالمصادر شحيحة في هذا الأمر و أنت لا تعلم أو قل لا تذكر عن هذا الآمر من شيء !
وإن كانت تذكر هذه المصادر أنك كنت معاصر لعبيد الله بن زياد الذي جمعك بأحمق أخر اسمه شَرَنْبَثٍ.ويقال جرنبذ وهو منافس لك في الحمق حيث يقال أحمق من شرنبث !؟

هبنقة : أذكر هذا .. أذكر هذا .. ولي معه قصة فقد كاد أن يفقأ عيني بحجارته ! بل كاد أن يقتلني بسبب تحريض ابن زياد ! ولا أدري من سيدفع لي ديتي عند وفاتي !!

[ وأخذ ينشد متوجعا ]

ِذا ما طلبتَ الأرضَ ثم تباعَدَتْ * عليكَ فضعْ كورَ المطيةِ وانزلِ
وإِن كنتَ في دارٍ يُهينُكَ أهلُها * ولم تكُ مكبولاً بها فتحوَّلِ
وإِن كنتَ ذا مالٍ قليلٍ فلا تكنْ * لزوماً لقعرِ البيتِ ما لم تموَّلِ

كنت أتمنا والله أن يحدث لي مع ابن زياد مثل ما حدث للجصاص مع ابن الفرات فقد دخل ابن الجصاص يوماً على ابن الفرات الوزير الخاقاني وفي يده بطيخة كافور فأراد أن يعطيها الوزير ويبصق في دجلة فبصق في وجه الوزير ورمى البطيخة في دجلة فارتاع الوزير وانزعج ابن الجصاص وتحير وقال‏:‏ والله العظيم لقد أخطأت وغلطت أردت أن أبصق في وجهك وأرمي البطيخة في دجلة‏.‏
فقال له الوزير‏:‏ كذلك فعلت يا جاهل‏.‏

ولكن حالنا مع ابن زياد أنا وشرنبث ليس كحال ابن الجصاص مع ابن الفرات بل كحال أحد السلاطين الذي دعا مجنونَينِ ليحرِّكَهما فيضحكَ ممّا يجيء منهما فلما أسمعاه وأسمعهما غضِب ودعا بالسيف فقال أحدُهُما لصاحبه‏:‏ كنَّا مجنونَين فصرنا ثلاثة !!



أنا ( وأنا بالكاد أكتم ضحكتي ) : حسنا .. حسنا .. فلنواصل الأسئلة ..
لا نعرف الكثير عن حياتك العملية فلم يذكر عنك أنك دخلت الكتاب ...

فقاطعني هبنقة قائلا : وهل أنا مجنون حتى يعلمني معلم صبيان !!

أنا :ولما !!

هبنقة : هل سمعت ما قاله الجاحظ ! قال : لقد مررت بمعلم و الصبيان يضربونه وينتفون لحيته فتقدمت لأخلصه فمنعني وقال‏:‏ دعهم بيني وبينهم شرط إن سبقتهم إلى الكتاب ضربتهم وإن سبقوني ضربوني واليوم غلبني النوم فتأخرت ولكن وحياتك إلا بكرت غداً من نصف الليل وتنظر فعلي بهم فالتفت إليه صبي وقال‏:‏ أنا أبات الليلة ها هنا حتى تجيء وأصفعك‏.‏..
فبالله عليك كيف تريدني أن أتعلم ومعلمينا هكذا !!؟

أنا : حسنا حسنا .. لم يكن رأي الجاحظ في المعلمين طيب .. ورغم هذا كان هذا سببا لكي تكون راعيا ترعى غنم وإبل أهلك !
ويقال أنه كانت لك سياسة في الرعي ؟!

هبنقة : نعم فقد كنت أرعى أغنام وإبل أهلي وكنت أرعى السِّمَان في العشب وأنحي المهازيلَ الضعاف فقيل لي: ويحك! ما تَصْنَع؟ فقلت لهم : لا أفسد ما أصلحه اللّه ! ولا أصلح ما أفسده !

أنا : لذا لما خَلَع قتيبةُ بن مسلم سليمانَ بن عبد الملك بخراسان قام خطيباً فقال‏:‏ يا أهل خراسان أتدرون مَن ولِيُّكم !؟
إنّما وليُّكم يزيد بن ثروان ..
شبه سليمان بك لإنك كنت تحسن من الإبل إلى السِّمان وتدع المهازيل وتقول ‏:‏

إنّما أكرِمُ من أكرم اللَّه وأهين من أهان اللَّه ، وكذلك كان سليمانُ يعطي الأغنياء ولا يعطي الفقراء ويقول‏:‏ أُصلح ما أصلح اللَّه وأُفسد ما أفسَد اللَّه !

هبنقة : لا شك أن سليمان قد احسن في الحكم ! وليس بغريب فقد أخذ بسنتي وحكمي !

أنا : لا أشك في هذا ! ومن أحكامك العجيبة تلك القصة التي تقول :

اختصمت الطّفاَوَة وبنو رَاسِب في رجل ادَّعَاه هؤلاء وهؤلاء، فقالت الطفاوة: هذا من عرافتنا، وقالت بنو راسب: بل هو من عرافتنا، ثم قالوا: رضِينَا بأولِ من يطلع علينا، فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم ، فلما رأوك قالوا: إنَّا لِلَّه! مَنْ طلع علينا؟ فلما دنوت منمه قَصُّوا عليك قصتهم، فقلت: الحُكْمُ عندي في ذلك أن يذهب به إلى نهر البَصْرة فيُلْقَى فيه، فإن كان راسبيا رسَب فيه، وإن كان طفاويا طَفَا، فقال الرجل: لا أريد أن أكون من أحد هذين الحيين، ولا حاجة لي بالديوان.

هبنقة : وهل أخطأت في الحكم !؟

أنا : لا .. وحتى لو أخطأت في الحكم فلم تبلغ ما بلغه أحد طائفتك وهو أحد ولاة الرشيد فقد حكم على شاة بالحد فقالوا إنها بهيمة‏.‏
فقال‏:‏ الحدود لا تعطل وإن عطلتها فبئس الوالي أنا‏.‏
فانتهى خبره إلى الرشيد فلما وقف بين يديه قال‏:‏ من أنت قال‏:‏ مولى لبني كلاب فضحك الرشيد وقال‏:‏ كيف بصرك بالحكم قال‏:‏ الناس والبهائم عندي واحد في الحق ولو وجب الحق على بهيمة وكانت أمي أو أختي لحددتها ولم تأخذني في الله لومة لائم‏.‏
فأمر الرشيد أن لا يستعان به‏ !

هبنقة : نعم الرجل هو فقد أحسن ! وهذا لو كان في زمانكم لكان من أتباع
المساوة المطلقة بين الخلق !

أنا : دعنا من هذا .. يقال أنك أضعت بعيراً فجعلت تنادي : من وجده فهو له فقيل لك‏:‏ فلم تنشده فقلت ‏:‏ فأين حلاوة الوجدان !

هبنقة : وماذا في هذا !!! وهل أحلى من حلاوة الوجدان !

أنا [ وأنا أضحك ] : حسنا لا اعتقد أنك أخطأت !! فلا أحلى من حلاوة الوجدان !
لم يبقى من الآمر إلا أن أذكر ما ذكره ابن الجوزي في كتابه أخبار الحمقى والمغفلين عن قصص من أصحابك وطائفتك وأرجو أن تنال رضاك واستحسانك ..
******
مرض صديق لحامد بن العباس فأراد أن ينفذ ابنه إليه ليعوده فأوصاه وقال‏:‏ يا بني إذا دخلت فاجلس في أرفع المواضع وقل للمريض‏:‏ ما تشكو فإذا قال‏:‏ كذا وكذا فقل له‏:‏ سليم إن شاء الله وقل‏:‏ من يجيئك من الأطباء فإذا قال‏:‏ فلان فقل‏:‏ ميمون وقل‏:‏ ما غداؤك فإذا قال‏:‏ كذا وكذا فقل‏:‏ طعام محمود‏.‏
فذهب‏.‏
فدخل على العليل وكان بين يده منارة فجلس عليها لارتفاعها فوقعت على صدر العليل فأوجعته ثم قال للمريض‏:‏ ما تشكو فقال‏:‏ أشكو علة الموت فقال‏:‏ سليم إن شاء الله فمن يجيئك من الأطباء قال‏:‏ ملك الموت قال‏:‏ مبارك ميمون فما غداؤك قال‏:‏ سم الموت قال‏:‏ طعام طيب محمود‏.‏
*****
وقال أحد القصاصين وهو يعض ‏:‏ إذا كان يوم القيامة خرج من النار رأس عظيم من صفته كذا وكذا‏.‏
وكان رجل يستمع في المجلس وهو يميد من الخوف فقال له‏:‏ ما الذي بك ! أتنكر قدرة الله قال‏:‏ لا بل إني رجل مزين ( حلاق ) فلو كلفت حلق هذه الرأس كيف كنت أعمل‏ !!!
******
ورأى الجاحظ معلم و قد جاءه غلامان قد تعلق كل واحد منهما بالآخر فقال‏:‏ يا معلم هذا عض أذني فقال‏:‏ ما عضضتها وإنما عض نفسه فقال‏ المعلم :‏ يا ابن الخبيثة جمل حتى يعض أذن نفسه !!
*******
‏وكان رجل كثير المخاصمة لامرأته وله جار يعاتبه على ذلك فلما كان في بعض الليالي خاصمها خصومة شديدة وضربها فاطلع عليه جاره فقال‏:‏ يا هذا اعمل معها كما قال الله تعالى‏:‏ إما إمساك إيش اسمه أو تسريح ما أدري إيش‏.‏
فهل كان هذا خيرا مني !!

*******
وحدث عبد الرحمن بن مسهر قال‏:‏ ولاني القاضي أبو يوسف القضاء بجبل‏.‏
وبلغني أن الرشيد منحدر إلى البصرة فسألت أهل جبل أن يثنوا علي فوعدوني أن يفعلوا ذلك وتفرقوا فلما آيسوني من أنفسهم سرحت لحيتي وخرجت فوقفت له فوافى وأبو يوسف في الحراقة فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين نعم القاضي قاضي جبل قد عدل بينا وفعل وصنع وجعلت أثني على نفسي فرآني أبو يوسف فطأطأ رأسه وضحك فقال هرون‏:‏ مم تضحك فقال‏:‏ إن المثني على نفسه هو القاضي‏.‏
فضحك هرون حتى فحص رجليه وقال‏:‏ هذا شيخ سخيف سفلة فاعزله فعزلني

*******

وصلى بعض الأعراب خلف بعض الأئمة في الصف الأول وكان اسم الأعرابي مجرماً فقرأ الإمام‏:‏ والمرسلات‏.‏
‏.‏
إلى قوله‏:‏ ‏"‏ ألم نهلك الأولين ‏"‏ فتأخر البدوي إلى الصف الآخر فقال‏:‏ ‏"‏ ثم نتبعهم الآخرين ‏"‏ فرجع إلى الصف الأوسط فقال‏:‏ ‏"‏ كذلك نفعل بالمجرمين ‏"‏ فولى هارباً وهو يقول‏:‏ ما أرى المطلوب غيري‏.
*****
وعن الحسين بن السميدع الأنطاكي قال‏:‏ كان عندنا بإنطاكية عامل من حلب وكان له كاتب أحمق فغرق في البحر شلنديتان من مراكب المسلمين التي يقصد بها العدو فكتب ذلك الكاتب عن صاحبه إلى العامل بحلب بخبرهما‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم إعلم أيها الأمير أعزه الله تعالى إن شلنديتين أعني مركبين قد صفقا من جانب البحر أي غرقا من شدة أمواجه فهلك من فيهما أي تلفوا قال‏:‏ فكتب إليه أمير حلب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم ورد كتابك أي وصل وفهمناه أي قرأناه أدب كاتبك أي إصفعه واستبدل به أي اعزله فإنه مائق أي أحمق والسلام أي انقضى الكتاب‏.

وقد انقضى حوارنا هذا فشكرا هبنقة على سعة صدرك !‏

الطارق
16-03-2005, 12:12 PM
حوار مع ابن قتيبة الدينوري
كان محاوري حسن المظهر، أبيض اللّحية طويلها ( تاريخ الاسلام ) ، كان محاوري هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، العلامة الكبير صاحب التصانيف الشهيرة ( سير أعلام النبلاء ) و أحد العلماء والأدباء والحفاظ الأذكياء ( البداية والنهاية ) وإمام مدرسة بغداد النحوية ( مقدمة عيون الأخبار ) !

رحبت بمحاوري وأعلنت افتخري بحاورنا هذا فشكر لي هذا اللقاء وكان هذا الحوار :

أنا : أحببنا أن تخبرنا عن نفسك و نسبك ومولدك ؟!

ابن قتيبة الدينوري : أنا ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري وقيل المروزي
النحوي اللغوي صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب ( وفيات الأعيان ) ولدت ببغداد ( ويقال بالكوفة )سنة 213هـ (828 م ) وأصولي فارسية ( ويقال تركي ) من مرو خراسان ( تاريخ الأدب العربي / العصر العباسي الثاني )

أنا : عرفت بالدينوري لسبب أحببنا ذكره ؟

ابن قتيبة الدينوري : نعم فلم أكن أصلا من دينور فقد ولد والدي في مرو وولدت أنا في بغداد وإنما عرفت بالدينوير لإني وليت على قضاء الدينور وهي بلدة من بلاد الجبل عند قرميسين ( مقدمة عيون الأخبار / دار الكتب العلمية )

أنا : حسناً خبرنا عن نشأتك العلمية ؟!

ابن قتيبة الدينوري : كما قلت في السابق ولدت ببغداد سنة 213 هـ ونشأت ( مقدمة عيون الأخبار ) بها وأخذت أدرس في الكتاب في صباي فحفظت شيئا من القرآن الكريم والحديث النبوي والأشعار وشيئا من الفقه والنحو والحساب ثم أخذت اختلف إلى المساجد الجامعة ببغداد أخذ من علمائها أخذ كل ما عندهم من علوم اللغة والشريعة والحديث ، ثم عكفت على المترجمات اقرأ فيها واستوعبها وخاصة ما ترجم من الفارسية (تاريخ الأدب العربي / العصر العباسي الثاني )

أنا : ذكرت أنك أخذت عن الكثير من العلماء أحببنا ذكر بعض شيوخك ؟!

ابن قتيبة الدينوري : نعم درست علم الحديث دراسة واسعة على يد أساتذة كبار كان أولهم أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المروزي المعروف بابن راهويه ( 238 هـ ) وهو أحد أئمة الإسلام وأخذت عن أبو حاتم السجستاني ( 248 هـ ) وكان إماما في علوم القرآن والآداب عالما باللغة والشعر وعلم العروض وقد ألف الكثير من الكتب ، وأخذت في بغداد عن أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان الزيادي ( 249 هـ ) ( في سير أعلام النبلاء للذهبي أخذ عن وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الزِّيَادِيِّ ) وكان نحويا لغويا راوية وشاعر ، وأخذت عن أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي اللغوي النحوي المعروف ( قتله الزنج سنة 257 هـ ) ..
كما أخذت عن عبد الرحمن ابن أخي الاصمعي وحرملة بن يحي التجيبي وأبا الخطاب زياد بن يحي الحساني البصري ( مقدمة عيون الأخبار )

أنا : يقال أنك عاصرت الجاحظ وقد أخذت منه على الرغم أنك من السنة وهو من المعتزلة ؟!

ابن قتيبة الدينوري : فقد أجاز لنا الجاحظ من كتبه ككتاب البخلاء ( عيون الأخبار : ج3 / ص221 ) وقد انكببت على كتب الجاحظ أدرسها (تاريخ الأدب العربي / العصر العباسي الثاني ) ونقلت الكثير مما ذكره الجاحظ في كتبه ( مقدمة عيون الأخبار ) ورغم هذا فقد اختلفت معه فيك ثير من المسائل فقد كان الجاحظ أحد المعتزلة وقد نقدته في كتابي " تأويل مختلف الحديث " فقد كان يذكر حجج النصارى على المسلمين بأقوى مما يذكر الرد عليهم ، كما إن كتبه قد ملئت بالمضاحيك والعبث يريد استمالة الأحداث كما يستهزئ بالأحاديث ( ضحى الإسلام : ج1/ ص402 )

أنا : حسنا .. وكما ذكرت من قبل فقد عينت على قضاء الدينور ثم انتقلت إلى بغداد ( * ) تزاول التدريس والتعليم بها إلى حين وفاتك ؟! ( مقدمة عيون الأخبار )

ابن قتيبة الدينوري : نعم .. وقد تتلمذ علي يدي الكثير من العلماء منهم ولدي أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة وقد ولد في بغداد وكان فقيها قاضيا تولى قضاء مصر وروى كتبي جميعا كما أخذ عني ابن درستويه النحوي وأبا سعيد الهيثم بن كليب الشاشي البنكثي وأبو محمد قاسم بن أصبغ البياني وعبد الله بن عبد الرحمن السكري وإبراهيم بن محمد الصائغ وعبيد الله بن أحمد بن بكير التميمي ( مقدمة عيون الأخبار )

أنا : رغم مشاغلك في القضاء وتدريسك إلا أنك قد ألفت الكثير من الكتب التي تميزت بتعدد نواحيها وتناولت معارف عصرك حتى تعد من أمهات الكتب أحببت ذكر بعض الكتب التي ألفتها :

معاني الشعر الكبير ، و عيون الشعر ، والشعر والشعراء ، والمراتب والمناقب عن عيون الشعر ، وأدب الكاتب ،وديوان الكتاب ، وإعراب القرآن ، ومعاني القرآن، ومشكل القرآن ، والرد على القائل بخلق القرآن ، والقراءات ، وآداب القراءة ، وغريب الحديث ، ومختلف الحديث ، وإختلاف تأويل الحديث ، ومشكل الحديث ، والمشتبه من الحديث والقرآن ، وإصلاح غلط أبي عبيدة في غريب الحديث ، والمسائل ، والجوابات ، وجامع الفقه ، والتفقيه ، ودلائل النبوة، ومعجزات النبي ، وإدريس النبي ، وخلق الإنسان ، والرد على المشبهة ،وجامع النحو ، وجامع النحو الصغير ، والتسوية بين العرب والعجم ، وفضل العرب على العجم والرد على الشعوبية ، والعرب وعلومها ، والألفاظ المغربة بالألقاب المعربة ، والبلغة في شذور اللغة ، وتقويم اللسان ، والإشتقاق ، وتعبير الرؤيا ، والمعرفة والمعارف ، والعلم ، والقلم ، والأنوار ،وفرائد الدر ، وحكم الأمثال ، والحكاية والمحكي ، والخيل ، والرحل والمنزل ، والنبات ، والجراثيم ، واليسر والقداح ، آداب العشرة ، الجوابات الحاضرة ، الكلام ، تاريخ الخلفاء أو الإمامة والسياسة ( وإن شك البعض في نسبة الكتاب لبن قتيبة ) ، ووصية لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة إلى ولده ، وأرجوزة الظاء والضاد ( مقدمة عيون الأخبار ) ( ** )

ابن قتيبة الدينوري : نعم وإن كان أشهر كتبي هو كتاب عيون الأخبار وهو كتاب في الأدب قسمته إلى عشرة كتب كل كتاب كباب : كتاب السلطان ، والحرب والسؤدد والطبائع ، والأخلاق المذمومة ، والعلم والبيان والزهد ، والأخوان ، والحوائج ، والطعام ، والنساء . ( ضحى الإسلام : ج1 / 403 ) وقد مزجت فيها الثقافة العربية والفارسية والهندية وغيرها من ثقافات ذلك العصر .

أنا : كما اشتهر كتابك أدب الكاتب وإن كان قد نقده البعض بالقول أنه خطبة بلا كتاب لأنك طولت من الخطبة وأودعت فوائدك فيها وقد دافع عنك ابن خلكان فقال ( وفيات الأعيان ) : ( والناس يقولون إن أكثر أهل العلم يقولون إن أدب الكاتب خطبة بلا كتاب وإصلاح المنطق كتاب بلا خطبة وهذا فيه نوع تعصب عليه فإن أدب الكاتب قد حوى من كل شيء وهو مفنن وما أظن حملهم على هذا القول إلا أن الخطبة طويلة والإصلاح بغير خطبة وقيل إنه صنف هذا الكتاب لأبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيرالمعتمد على الله بن المتوكل علىالله الخليفة العباسي )

ابن قتيبة الدينوري : يكفيني ما قاله ابن خلدون عندما قال : ( وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن ( أي الأدب ) وأركانه أربعة دواوين وهي : أدب الكاتب لابن قتيبة وكتاب الكامل للمبرد وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لأبي على القالي البغدادي وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها ) ( مقدمة عيون الأخبار تحقيق يوسف علي طويل )

أنا : الحقيقة ورغم فارسيتك فقد رددت على الشعوبية في عصرك .. وإن اتهمك صاحب العقد الفريد أنك اضطربت في كتابك فنقضت في موضع ما أبرمته في آخر وقد علق أحمد أمين على هذا في مقارنته بينك وبين الجاحظ في الشخصية ( ضحى الإسلام : ج 1 / ص 403 )؟

ابن قتيبة : رغم هذا فقد كتبت كتابين دفاعا عن العرب وردا على الشعوبية هما الرد على الشعوبية وفضل العرب على العجم ( مناهج التأليف عن العرب ) ..


أنا : أخيرا اتهمك البعض بعدة تهم فقد قال البيهقيّ: كان يرى الكّرامية.
ونقل صاحب مرآة الزّمان عن الدّارقطنيّ أنّه قال: كان ابن قتيبة يميل إلى التّشبيه ( تاريخ الإسلام للذهبي ) ؟

ابن قتيبة الدينوري ( وقد بدأ عليه الغضب ): كيف هذا وقد ألفت كتابا عن اسمه الرد على المشبهة !!!

أنا : الحقيقة فند الذهبي هذا وقال : (والّذي قيل عنه في التّشبه لم يصحّ، وإن صح فالنّار أولى به. فما في الدِّين محاباة.
وقال مسعود السّجزيّ: سمعت الحاكم يقول: أجمعت الأمة على أنّ القتيبيّ كذاب.
وهذه مجازفة بشعة من الحاكم. وما علمت أحداً أتهم ابن قتيبة في نقلٍ. مع أنّ أبا بكر الخطيب قد وثَّقه.
وما أعلم أحداً اجتمعت الأمة على كذبه إلاّ مسيلمة والدّجّال. غير أنّ ابن قتيبة كثير النقَّل من الصُّحف كدأب الإخباريّين. وقلَّ ما روى من الحدَّيث. ) ( تاريخ الاسلام )
وقال في سير أعلام النبلاء : (أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ القُتَبِيَّ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ مُجَازَفَةٌ وَقِلَّةُ وَرَعٍ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَداً اتَّهَمَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ هَذِهِ القَوْلَة، بَلْ قَالَ الخَطِيْبُ: إِنَّهُ ثِقَةٌ.
وَقَدْ أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ الحَرَّانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ السِّلَفِيَّ يُنْكِرُ عَلَى الحَاكِمِ فِي قَوْلِهِ: لاَ تَجُوْزُ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ.
وَيَقُوْلُ: ابْنُ قُتَيْبَةَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَأَهْلِ السُّنَّةِ. )
وقال ابن كثير في البداية والنهاية : ( وكان أهل العلم يتهمون من لم يكن في منزله شيء من تصانيفه )
( قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً دَيِّناً فَاضِلاً )
بل قد تعصب أهل المغرب تعصبهم لمالك فقالوا من استجاز الوقيعة في ابن قتيبة يتهم بالزندقة ... حتى تبركوا بكتبك حتى قالوا : كل بيت ليس فيه شيء من تصنيف ابن قتيبة لا خير فيه .. ( مناهج التأليف عند العرب)

لم يبقى شي شيخنا الفاضل إلا أن نذكر أنه اختلف في سنة وفاتك فقيل 267 هـ وهي الأشهر وبين سنة 270 هـ وذكر ابن خلكان أنها في ذو القعدة من تلك السنة ( 270 هـ 9 وقيل سنة 271 هـ وكانت حادث وفاتك كما ذكر ابن خلكان :

( وكانت وفاته فجأة صاح صيحة سمعت من بعد ثم أغمي عليه ومات وقيل أكل هريسة فأصابه حرارة ثم صاح صيحة شديدة ثم أغمي عليه إلى وقت الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى وقت السحر ثم مات رحمه الله تعالى )

( * ) يقول الذهبي في تاريخ الاسلام : (ولاّه الرّياستين مظالم البصرة.
وبعد ثورة الزَّنج رجع إلى بغداد وأخذ يضنف ّ. )

( ** ) في الاعلام للزركلي : ( من كتبه " تأويل مختلف الحديث - ط " و " أدب الكاتب - ط " و " المعارف - ط " وكتاب " المعاني - ط " ثلاثة مجلدات ، و " عيون الاخبار - ط " و " الشعر والشعراء - ط " و " الامامة والسياسة - ط " وللعلماء نظر في نسبته إليه ، و " الاشربة - ط " و " الرد على الشعوبية - ط " و " فضل العرب على العجم - خ " في 40 ورقة ، و " الرحل والمنزل - ط " رسالة ، و " الاشتقاق - خ " و " مشكل القرآن - ط " و " المشتبه من الحديث والقرآن - خ " و " العرب وعلومها - خ " و " الميسر والقداح - ط " و " تفسير غريب القرآن )

المراجع :

1 –عيون الأخبار : لأبي محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري / تحقيق الدكتور يوسف علي طويل : دار الكتب العلمية )
2- تاريخ الأدب العربي / العصر العباسي الثاني ( شوقي ضيف )
3- ضحى الإسلام المجلد الأول أحمد أمين
4- الأعلام للزركلي كتاب وومجلد على نسق وورد محمل من النت..
5 – منهاج التأليف عن العرب / الدكتور مصطفى الشكعة .
6 – وفيات الأعيان كتاب ملفات وورد محمل من النت
تاريخ بغداد الخطيب البغداداي كتاب وملفات وورد محمل من النت
7 – البداية والنهاية لبن كثير برنامج المحدث ..
8 سير أعلام النبلاء الذهبي برنامج المحدث ..
9 تاريخ الإسلام الذهبي على هيئة ملفات وورد محمل من النت ...

الطارق
16-03-2005, 12:14 PM
كان منظر محاوري وما يحيط به يثير في نفسي الخوف ، كان هذا شعور قد انتابني وقد يكون هذا الشعور الذي انتابني وأنا أوجه محاوري شعورا نفساني أكثر ما يكون شعور ظاهر أو خارجي بين !

فقد كان محاوري مما اشتهر في التاريخ التأليفي عند العرب بتأليف كتب السحر والشعوذة ! وكان ما يخيفني أنه كان يدعي أنه ساحر [ الفهرست ]

كان محاوري هو أبو بكر أحمد بن علي بن المختار بن عبد الكريم بن جرثيا بن بدنيا بن برطانيا بن عالاطيا الكسداني الصوفي ! [ الفهرست وفي الأعلام : هو أحمد بن علي بن قيس بن المختار بن عبد الكريم بن حرثيا ، أبو بكر المعروف ابن وحشية ]
والمتوفي في سنة في حدود سنة 298 هـ [ معجم المؤلفين لعمر ضا كحالة والأعلام للزركلي ]
بدأت حواري وأنا في وجل وخوف من هذا الشخص !

بدأية الأمر عالمنا الكريم أحببنا أن تعرفنا بنفسك في عدة السطور !

ابن وحشية النبطي : أنا أحمد بن علي بن قيس بن المختار بن عبد الكريم بن حرثيا ، أبو بكر المعروف ابن وحشية : عالم بالكيمياء أنعت بالصوفي كلداني الاصل ، نبطي . من أهل قسين ( كورة من نواحي الكوفة ) [ أنظر الأعلام للزركلي ]
والنبط أو كسداني سكان الأرض الأولى وأنا منهم ومن ولد سنحاريب [ الفهرست ]

وقد ولدت في ضواحي الكوفة كما ذكرت من قبل وقد ورثت عن والدي ثروة كبيرة وقد حرمت منها ، وقد كنت شديد الذكاء فاتجهت إلى العلوم ومن بينها علوم اللغات القديمة [ قصاصة من أحد الجرائد لا أدري ما هي لعلها المدينة أو عكاظ بتاريخ الأربعاء 6 رمضان 1425 هـ - الموافق 20 أكتوبر 2004 م ) ]


أنا : الحقيقة اشتهر عنك أمران هما التأليف في السحر والأمر الأخر وهو المهم أن لك معرفة كبيرة باللغات القديمة ؟

ابن وحشية النبطي : أم ذكرك أنه قد اشتهرت بالتأليف في السحر والشعوذة فهذا حقيقة فقد ألفت عدة كتب فيها ومن ذلك : كتاب طرد الشياطين ويعرف بالاسرار كتاب السحر الكبير ، ولي كتاب السحر الصغير كتاب دوار على مذهب النبط وهو تسع مقالات كتاب الإشارة في السحر كتاب أسرار الكواكب كتاب حاطوثى أناعي الكسداني في النوع الثاني من الطلسمات [ الفهرست ] .

ونقلت من النبط كتاب طبقانا طلسم الاسرار وكنز الأنوار وكتاب سحر النبط [ كشف الظنون ]

أنا : حسناً .. حسنا .. الحقيقة أن هذا ليس محور اهتمامنا بك ولكن محور اهتمامنا بك هو أنك ألفت كتاب في معرفة اللغات القديمة ومنها الهيروغليفية حتى قيل أنك تعتبر الشخص الذي فك تلك الطلاسم ، وقبل العالم المصريات الفرنسي شامبليون الذي فك رموز الهيروغليفية القديمة !؟ [ قصاصة من أحد الجرائد لا أدري ما هي لعلها المدينة أو عكاظ بتاريخ الأربعاء 6 رمضان 1425 هـ - الموافق 20 أكتوبر 2004 م ) ]

ابن وحشية النبطي : لعلك تقصد مؤلفي ( شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام ) ؟!

أنا : هو ذلك .. نعم وقد قيل أن هذا الكتاب هو أول من فك رموز اللغة القديمة وميز أنواعها وقد ذكرت دراسة حديثة أنه وجد لك نسخة من كتابك هذا تعود لسنة 241 هـ وذكر في هذه الدراسة أنك وضعت في مخطوطتك أو كتابك الأقلام القديمة وحروفها وما يقابلها من حروف باللغة العربية ومن بين هذه اللغات إلى جانب الهيروغليفية المصرية القديمة مثل الديموطيقية والهيروطيقية والقبطية القديمة إلى جانب الأشورية والكلدانية والنبطية ؟! [ قصاصة من أحد الجرائد لا أدري ما هي لعلها المدينة أو عكاظ بتاريخ الأربعاء 6 رمضان 1425 هـ - الموافق 20 أكتوبر 2004 م ) ]

ابن وحشية : نعم حدث هذا بالفعل ..

أنا : وقد ترجم لك ابن النديم فقال : ((بن وحشية أبو بكر أحمد بن علي بن قيس بن المختار بن عبد الكريم بن حرثيا بن بدنيا بن بوراطيا الكرداني من أهل جنبلاء وقسين أحد فصحاء النبط بلغة الكسدانيين وقد استقصيت ذكره فيما فعل في المقالة الثامنة في فن السحر والشعبذة والعزائم وقد كان له في ذلك حظ ونحن نذكر في هذا الموضع كتبه في صناعة الكيمياء وهي كتاب الأصول الكبير في الصنعة كتاب الأصول الصغير في الصنعة أيضا كتاب المدرجة كتاب المذاكرات في الصنعة كتاب يحتوي على عشرين كتابا أول وثان وثالث وعلى الولاء نسخة الأقلام التي يكتب بها كتب الصنعة والسحر ذكرها بن وحشية وقرأتها بخطه وقرأت نسخة هذه الأقلام بعينها في جملة أجزاء بخط أبي الحسن بن الكوفي فيها تعليقات لغة ونحو وأخبار وأشعار وآثار وقعت لأبي الحسن بن التنح من كتب بني الفرات وهذا من أظرف ما رأيته بخط بن الكوفي بعد كتاب مساوي العوام لأبي العنبس الصيمري حروف الفاقيطوس ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن و ه لا ي حروف المسند ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن و ه لا ي هذه الحروف التي يصاب العلوم القديمة بها في البرابي حروف العنبث ربما وقعت هذه الخطوط في كتب العلوم التي ذكرتها من الصنعة والسحر والعزائم باللغة التي أحدث أهلها العلم فلا تفهم اللهم ان يكون الإنسان عارفا بتلك اللغة وهذا معوز وربما كانت هذه الكتابات تراجم تؤدي الى اللغة العربية وينبغي أن يتأمل ويجعل هذه الأقلام مثالا لها ويرجع إليها ان شاء الله تعالى ))

ثم ذكر بعد ذلك أن لك علاقة بشخص وهو الاخميمي واسمه عثمان بن سويد أبو حرى الاخميمي من أخميم قرية من قرى مصر وذكر أن بينك وبينه مراسلات وقد عرف به فقال : (( الاخميمي واسمه عثمان بن سويد أبو حرى الاخميمي من أخميم قرية من قرى مصر وكان مقدما في صناعة الكيمياء ورأسا فيها وله مع بن وحشية مناظرات وبينه وبينه مكاتبات كتاب الكبريت الأحمر كتاب الإبانة كتاب التصحيحات كتاب صرف التوهم عن ذي النون المصري كتاب التعليقات كتاب آلات القدماء كتاب الحل والعقد كتاب التدبير كتاب التصعيد والتقطير كتاب الجحيم الأعظم كتاب مناظرات العلماء ومفاوضاتهم ))

وأنا لا استبعد أن يكون ما بينكم من مراسلات كان في تعلم ودراسة اللغة الهيروغليفية خاصة وأنا هذا من أهل مصر !! ( 1 )

ابن وحشية النبطي [ ابتسم وقال ] : قد يكون هذا .. لكن الا تلاحظ أن من كتب عني يزعم أني قد ألفت كتاب في مفاوضتي مع الأخميمي هذا وأسميته : ( مفاوضة مع ابى جعفر الاموى وسلامة ابن سليمان الاخميمى في الصنعة والسحر ) [ ثم أنهى بابتسامة ساخرة ] [هدية العارفين - إسماعيل باشا البغدادي الجزء الأول ]

أنا : لكن شيخنا الكريم أليس قد يكون هذا سوء فهم من قبل من ألف عنكم أو كتب عنكم !؟ هل بالأمكان القول أن البعض عندما اطلع على الحروف الغريبة اعتقدها أنها مجرد سحر وطلاسم ؟!

ابن وحشية النبطي [ وهو لا زال على ابتسامته ] : وهل نسيت ما ذكره صاحب الفهرست من أني اعترفت بأني ساحر ؟! ثم هذه الكتب الكثيرة عن السحر أليست تدل على خطا استنتاحك !؟؟

أنا : حسنا ومهم يكن من أمر وقبل أن أنهي حوارنا هذا بتسجيل بعض كتبك التي ألفتها يثيرني فقد ذكرت في كتابك ( أسرار القمر ) في توليده كما ذكر في كتاب نهاية الأراب في فنون العرب : (( فقال ابن وحشية في توليده: وإن أردتم الفجل فخذوا من قرون المعز قرنين فانقعوهما في بول
الناس سبعة أيام، اغرسوهما في الأرض، وذروا عليهما شيئاً يسيرا من حلتيت، واسقوهما
ماء المطر يوما بعد يوم فإن ذلك ينبت لكم الفجل بعد أحد وعشرين يوماً ))

وقال : (( فقال ابن وحشية في توليده: إن أخذتم نابي الخنزير فدهنتموهما بالزيت، وجعلتم في كل
جانبٍ من جانبي النابين الحادين بعرة جمل، وطمرتموهما في الأرض خرج عن ذلك الجزر
الحلو الجيد، وإن طمرتم قرنين من كبشين من كل واحدٍ قرناً مدهوناً بالزيت خرج من ذلك
الجزر ))

وقال : (( قال أبو بكر بن وحشية في كتاب"أسرار القمر"
فقال: وإن أردتم الكُراّثَ الشامي فخذوا مقلة واحدةً فاغمسوها في سَكْبِينجٍ محلولٍ ببولٍ
أي بولٍ اتفق، ثم اطمروها في التراب، واسقوها الماء، فإنها تنبت بعد ثلاثين يوماً، وتعمل
أصولا جيادا ))

وقال : (( فقال ابن وحشية في توليده: وإن أردتم فستقاً فخذوا كبد الماعز فشقوها، وادفنوا فيها
عظم صلب الطاووس، وأهرقوا فوقها عصارة الشّاهْتَرَج، واطمروها في الأرض، فإنه بعد
سبعةٍ وعشرين يوما تخرج من شجرة الفستق ))
وقد ذكر النويري أمثلة كثيرة في كتابه مثل هذا ونسبها لك ؟!

ابن وحشية [ وهو يضحك ] : وما تستغربه من هذا .. فإن لم تصدق ما قلت فجرب هذا إن أردت !!!!

- ولم أعلق على هذا وختمت اسئلتي بسؤله عن ملفاته فقال : نعم ألفت عدة كتب ومن بينها : ومن تصانيفه اسرار الشمس والقمر . سحر النبط . سدرة المنتهى في الكيمياء . شوق المستهام في معرفة رموز الاقلام . غاية الامل في التصريف والمعاناة وما يتصرف من علوم الرياضيات . الفلاحة الصغيرة . الفلاحة الكبيرة . الفوائد العشرون في الكيمياء . كتاب الاشارات في السحر . كتاب الاصنام . كتاب الاصول الصغير . كتاب الاصول الكبير . كتاب الحياة والموت في علاج الامراض . كتاب الرقى والتعاويذ . كتاب السحر الصغير . كتاب السحر الكبير . كتاب الطبيعة . كتاب القرابين . كتاب طرد الشياطين . كتاب المدرجة . كتاب المذاكرات . مذاهب الكلدانيين في الاصنام . مفاوضة مع ابى جعفر الاموى وسلامة ابن سليمان الاخميمى في الصنعة والسحر . نزهة الاحداق في ترتيب الاوفاق [هدية العارفين - إسماعيل باشا البغدادي الجزء الأول ]

لم يبقى من شيء مؤلفنا العظيم إلا أن نشكرك على هذا الحوار !!

المراجع :
اعتمدت في هذا الموضوع على بعض الكتب المحملة من موقع ملتقى أهل الحديث ، وموقع مشكاة ، وبرنامج المحدث جزاهم الله خيراً ...

وهذه الكتب هي الفهرست لابن النديم ، والاعلام للزركلي ، ومروج الذهب للمسعودي ، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي ، ونهاية الآراب في فنون العرب للنويري ، وكشف الظنون لحاجي خليفة ...
و قصاصة من أحد الجرائد لا أدري ما هي لعلها المدينة أو عكاظ بتاريخ الأربعاء 6 رمضان 1425 هـ - الموافق 20 أكتوبر 2004 م !



( 1 ) في بحثي في أحد المواقع قرأت أن ذو النون المصري كان يجيد اللغات القديمة هذا ما ذكره أحد الباحثين المصريين وذكر انه قد عرف هذا بعد ابن وحشية مع أن ذو النون ( توفي سنة 245 هـ كما في الأعلام للزركلي ) أقدم في الزمن ابن وحشية !! وقد ذكر المسعودي في مروج الذهب عن ذو النون ان له معرفة بتلك اللغات !!
ويقول إحسان إلهي ظهير في كتاب ( التصوف .. المنشأ والمصادر ) : (( وكذلك المسعودي يذكر أنه ( جمع معلوماته عن ذي النون من أهل إخميم عندما زار هذا البلد . وهو يروي عنهم أن أبا الفيض ذا النون المصري الإخميمي الزاهد كان حكيما سلك طريقا خاصا , وأتخذ في الدين سيرة خاصة , وكان من المعنيين بحل رموز البرابي في إخميم , كثير التطواف بها . وأنه وفق إلى حل كثير من الصور والنقوش المرسومة عليها , ثم يذكر المسعودي ترجمة لطائفة من هذه النقوش التي ادعى ذو النون أنه قرأها وحلها ) .

ثم وبعد ذكر هذه العبارات كتب نيكلسون ما خلاصته : ( أن ذا النون كان كثير العكوف على دراسة النقوش البصرية المكتوبة على المعابد وحل رموزها , كما كانت مصر القديمة في نظر المسلمين مهد علوم الكيمياء والسحر وعلوم الأسرار , وكان هو من أصحاب الكيمياء والسحر مع أن الإسلام حرم السحر , ولذلك ستره بلباس الكرامات , ومن هنا بدا تأثير السحر في التصوف , ويؤيد ذلك استخدام ذي النون الأدعية السحرية واستعماله البخور لذلك كما ذكره القشيري في رسالت ))


ففي كشف الظنون يذكر أحد الكتب وهو : ((حل الرموز وفتح اقفال الكنوز لأبي القاسم أحمد بن محمد العراقي وهو رسالة في اقلام الأوائل الذين لغزوا بها علومهم واسرارهم في كنوزهم )) ولم أجد لهذا ترجمة أقصد هنا أبي القاسم !!

إلا أنه ذكره أيضا في كشف الظنون وقال : (( عيون الحقائق وكشف وإيضاح الطرائق ذكره في الجفر أوله الحمد لله الذي اطلع لنا من مشارق الأرض الخ وهو على ثلاثين بابا كل باب في علوم غريبة وحيل ساسانية ونيرنجيات وشعبذة ونحو ذلك وخواص ادوية مفردة ومؤلفه هو الامام أبو القاسم بن أحمد بن محمد العراقي المعروف بخروز شاه السماوى كذا ذكره هو بنفسه في أوائل هذا الكتاب وذكر ان له كتابا آخر الفه قبل هذا ويعرف بكتاب الإشارات والمقالات في علم السيمياء الخ كذا في نسخة كتبت في سنة 995 وهى من جملة الكتب التي وقفها ولي الدين أفندي جار الله عددها 2549 ))

ويبدو أن معرفة اللغات المصرية كانت معروفة لدى العرب ولكن ليست بالمنتشرة