PDA

View Full Version : مدينة الفلوجة


USAMA LADEN
24-07-2005, 02:44 PM
زيارتان لمدينة الفلوجة العراقية قام بهما أمريكيان. أحدهما مسئول، والثاني كاتب وإعلامي. الفارق بين الزيارتين من حيث الهدف والمعنى، هو كما المسافة بين السماء والأرض. الزيارة الأولى، قام بها منذ ثلاثة أيام روبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية الأمريكية. ذهب إلى هناك لهدف دعائي مستفز. أراد أن يثبت، كما ذكر الصحفيون الأمريكيون الذين غطوا الزيارة، أن الأوضاع مستقرة في العراق، حتى في الفلوجة، معقل المقاومة العراقية. لكنه لم يجرؤ على زيارة مكان واحد في المدينة. لم يجرؤ على مغادرة العربة العسكرية المصفحة.

17 نيسان 2005

كل ما جرؤ على أن يفعله كي يثبت أن «الأوضاع مستقرة» هو أن العربة مرت سريعا أمام «مخبز» وألقى هو نظرة خاطفة عليه. وبعد ذلك اجتمع مع عدد من أعضاء مجلس المدينة في ثكنة عسكرية حصينة للجيش الأمريكي. وبعد أن شرحوا له ما حل بالمدينة من دمار، لم يجد ما يقوله لهم سوى أن سكان المدينة هم المسئولون عن إعادة بنائها. أي أن المسئول الأمريكي يريد أن يقول: نحن الأمريكيون دمرنا المدينة وأبدناها، وانتهت مهمتنا عند ذلك الحد.

زيارة المسئول الأمريكي تمثل كما نرى، منتهى الاستفزاز والاستهانة بشهداء الفلوجة الذين سقطوا على يد قوات الاحتلال، والذين تشردوا، وتدمرت مدينتهم.

الزيارة الثانية للفلوجة، قام بها مارك ماننج، وهو كاتب وإعلامي أمريكي. قضى في المدينة أسبوعين مع اللاجئين المشردين من أهلها. عاد إلى أمريكا ليكتب تقريرا طويلا تحت عنوان «أسبوعان في الفلوجة».

يقول إنه ذهب إلى الفلوجة كي يرى ما حل بها من دمار، وهل «عاد السلام» فعلا، وكي يعرف ماذا يريد أن يقول أهلها بالضبط للعالم وللشعب الأمريكي بالذات. يقول إن أهل الفلوجة هم الذين استضافوه، وهم الذين أطعموه، ووفروا له الحماية. وبناء على ما شاهده في المدينة في الأسبوعين، وعلى ما رواه له أهل الفلوجة، يقدم صورة عامة للجرائم والفظائع التي ارتكبتها قوات الاحتلال في المدينة.

ينقل عن أهل المدينة قولهم إن عدد سكانها كان يبلغ 500 ألف، وليس 250 ألفا كما ذكرت أجهزة الإعلام، وان قوات الاحتلال قبل العدوان الأخير، أعطتهم إنذارا بضرورة مغادرة المدينة خلال أسبوع، وأبلغتهم ببساطة أن كل من سيبقى سيعتبر «إرهابيا» وأنكم إما أن تغادروا وإما تقتلوا. وتركوا آلاف اللاجئين الذين غادروا المدينة بلا أي مساعدة من أي نوع، وظل اللاجئون يهيمون على وجوههم ويعيشون في أي مكان في المناطق المجاورة وسط ظروف مأساوية.

أما عن الذي حل بالفلوجة، فيقول الكاتب الأمريكي إن المدينة تم تدميرها تدميرا كاملا تقريبا. فـ65% من منازل الفلوجة دمرتها قوات الاحتلال بالكامل، وباقي المنازل تدمرت جزئيا. ويقول إن الأدلة على استخدام قوات الاحتلال للأسلحة المحرمة دوليا موجودة في كل مكان.. أدلة على استخدام اليورانيوم المنضب، والأسلحة الكيمياوية والنابالم والقنابل العنقودية.

ويذكر أن القوات الأمريكية كانت تقوم بحرق المنازل بعد تفتيشها، وحتى المنازل التي كانت ترفع أعلاما بيضاء ويعلم الأمريكيون أن بها سكانا مدنيين، كان يتم تدميرها. وينقل عن أهالي الفلوجة عديدا من روايات الفظائع والجرائم المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال.

تكفي هذه الجريمة التي رواها، والتي تلخص ما حل بأهل الفلوجة من ذبح. فتاة عراقية عمرها 17 عاما اختبأت تحت السرير مع أخيها البالغ 13 عاما أثناء اقتحام قوات الاحتلال لمنزلهما. شاهدت الجنود الأمريكيين وهم يقتلون أبيها، وابن عمها، وشقيقتيها بدم بارد. ظلت مختبئة ثلاثة أيام أخرى، وبعد ذلك عاد جنود الاحتلال وعندما شاهدوها هي وشقيقها مختبئين تحت السرير أطلقوا عليهما النار. قتل أخوها على الفور، وقدر لها أن تعيش كي تروي وقائع المذبحة.

وبعد أن يقدم الكاتب الأمريكي صورة للأوضاع المأساوية التي تعيشها الفلوجة اليوم، ينقل إلى الشعب الأمريكي رسالة من أهالي المدينة. يقول إن أهل الفلوجة طلبوا منه أن يبلغ الرسالة الآتية للشعب الأمريكي: «نحن لم نهاجمكم.. لماذا فعلتم هذا بنا؟.. كيف يمكن أن تساندوا مثل هذا العدوان الإرهابي الذي تعرضت له الفلوجة»؟.

الكاتب الأمريكي ذكر أنه سوف يعد فيلما عما جرى للفلوجة بناء على وقائع زيارته. وينهي مقاله بالقول: «لأول مرة في حياتي شعرت بالعار لأنني أمريكي». ويضيف «إنني لا يمكن أن أنسى أبدا ما حييت أهل الفلوجة»...

ومن ينسى الفلوجة وأهلها؟.. من بمقدوره أن ينسى المدينة الشهيدة، وجرائم الإبادة والذبح التي ارتكبتها أمريكا هناك، والتي سيظل عارها يلاحق الأمريكيين إلى يوم الدين؟. لا زيارات تافهة مثل زيارة زوليك، ولا كل الأحاديث عن «الديمقراطية» في العراق سوف تنسينا ما جرى.

ينبغي أن نحفظ للذاكرة العربية والإسلامية قصة الفلوجة الشهيدة بكل تفاصيلها، إلى أن يأتي يوم يدفع فيه المجرمون الهمج الذين ارتكبوا كل هذه الجرائم والفظائع الثمن.. وسوف يأتي هذا اليوم حتما.

السيد زهره
----
أخي للمرة الأخيرة نذكرك بضرورة إرفاق مصادر مواضيعك التي تنقل منها
مع كامل الاحترام لكم
المشرف