PDA

View Full Version : رد على قراءة أمريكية-'إسرائيلية'- مغلوطة للدور الدعوي السعودي


غير شكل
19-03-2005, 08:45 PM
لا أجد وصفًا لمقال المستشرق الأمريكي المعروف 'دانييل باييس' حول دور المملكة العربية السعودية الدعوي في نشر الإسلام, إلا بأنه محاولة مكشوفة ومفضوحة بدعم 'إسرائيلي' لتشويه صورة المملكة. الدليل أن المقال تم نشره للمرة الأولى في صحيفة معاريف العبرية عدد 7 فبراير 2005م، ثم ما لبث أن انتشر في المحطات التلفازية والإذاعية الصهيونية بزعم أهميتها.



للوهلة الأولى ينفث المستشرق الأمريكي سموم الكارهين للإسلام بصفة عامة بقوله: 'كافة المتابعين لتطور ونمو الدين الإسلامي في الولايات المتحدة قلقون منذ سنوات من تأثير المال السعودي والأفكار السعودية على المسلمين بالولايات المتحدة. لقد رأينا كيف أن حكومة السعودية تُمول مساجد ومعاهد أبحاث. كيف تُعلن عن تأييدها لمنظمات إسلامية مثل مجلس العلاقات الأمريكية - الإسلامية.



هنا لابد من عقد مقارنة بين هذا الدور السعودي الأصيل، والذي أحسب أنه لن يتوقف على الإطلاق، وبين أدوار مماثلة لحكومة البيت الأبيض ممثلة في وزاراتها ومراكزها البحثية والثقافية في دعمها لجامعات أمريكية خارج الولايات المتحدة، ودعم التجمعات الأمريكية بل ودعم جماعات التنصير التي باتت منتشرة خاصة في القرن الأفريقي. كما أنه يجب التأكيد على أن الدور الدعوي السعودي لا يمكن لأية دولة أخرى عربية أو إسلامية القيام به على نفس القدر من جهد وعمل المملكة، والأسباب في ذلك عديدة لعل أهمها على الإطلاق تلك النقاط:



- المكانة الدينية الرفيعة للمملكة وسط جموع العالم الإسلامي، وهذا بالطبع ناتج عن خروج الرسالة المحمدية من أراضيها، فضلاً عن وجود الكعبة المشرفة قبلة المسلمين فيها.

- وجود أكبر مركز لتخريج الدعاة الأكفاء في المملكة، التي ينبت من أرضها يوميًا داعية أو أكثر يكون له الحضور والقبول لدى الكثير من المسلمين وغيرهم في بقاع شتى من العالم.

- الإمكانيات المالية الكبيرة للمملكة، التي يتم رصد جزء كبير منها لخدمة الدعوة الإسلامية، وهذه هي النقطة التي تُثير كل الأزمات من قبل واشنطن وحلفائها ضد السعودية.


ويخيل لي أن المقالات والتحقيقات الصحفية التي تنضح بها وسائل الإعلام الأمريكية و'الإسرائيلية' على حد سواء في هذا الاتجاه؛ ما هي إلا رغبة صهيونية في توريط أية جهة داعمة للعمل الدعوي الإسلامي، على رأسها السعودية فيما يعرف بـ'دعم الإرهاب الدولي'.



بطبيعة الحال، إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في نيويورك وواشنطن، حصرت مفهوم الإرهاب الدولي في المصطلح الصهيوأمريكي 'الإسلام الأصولي'.



أعود للقول: إن حافزي في كتابة هذا المقال التحليلي، الرد على هذه الرؤية الأمريكية - 'الإسرائيلية' حول الدور السعودي في مجال الدعوة الإسلامية، والتي قام المستشرق الأمريكي 'دانييل باييس' في مقاله – السالف الذكر - برصد وتجميع هذه الرؤية والنوايا الأمريكية و'الإسرائيلية' تجاه السعودية ودورها الدعوي.



الحقد على الإسلام:

بدأ باييس – كما ذكرنا آنفًا - مقالته ببث الحقد على انتشار الإسلام بالولايات المتحدة، زاعمًا أن الدعم المالي السعودي هو السبب في هذا الانتشار.



ثم ينتقل إلى الادعاء الثاني بأنه كان يريد الحصول على معلومة موثقة ومؤكدة حول هذا الدور السعودي، ولكنه لم يجد ذلك لفترات طويلة حتى وجد ضآلته في تقرير للمنظمة البحثية الأمريكية 'فريدوم هاوس'حول الدور الدعوي السعودي بعنوان 'منشورات سعودية عن أيديولوجيا الكراهية التي تملأ المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية'.



أهم ما يبدو من التقرير أنه بدون توقيع كما جرت العادة في كافة التقارير الأمريكية المُماثلة، وهنا يزعم المستشرق الأمريكي أن عدم كتابة اسم كاتب التقرير عليه يعود لأسباب أمنية!



يبدو أن باييس خشي من اتهام الكثيرين لتقرير المنظمة بأنه 'مُفبرك' أو تيقن الكثيرين من هوية كُتَّابه التي على ما يبدو أنهم 'إسرائيليون' وهو ما سيضع مصداقية المنظمة محل شكوك لدى الكثيرين من الأمريكان أنفسهم حال التأكد من ذلك.

واكتفى المستشرق بالقول: إن من كتب التقرير هم 'مجموعة من الأدمغة وليس باحثون رسميون في الجامعات'.

ثم مضى زاعمًا أن النشاط السعودي في الولايات المتحدة مُقلق بالتأكيد – على حد قوله-.




تحفيز غير مُبرر:

يصل التحفيز الأمريكي - 'الإسرائيلي' مداه ضد الدور السعودي إلى نقاط لا يرى فيها أي مفكر أو باحث أكاديمي ما يمكن من خلاله إدانة السعودية، إذ يُعلل التقرير الأمريكي حالة القلق من النشاط السعودي لا لشيء إلا لقيام المملكة ممثلة في جهاتها الدعوية الرسمية بتوزيع أكثر من 200 كتاب ونشرة على المساجد في أمريكا، حيث قام أفراد منظمة 'فريدوم هاوس' بزيارة 15 مسجدًا رائدًا في نيويورك وصولاً لسان دييجو، وكان خوف المنظمة من أن 90% من هذه الكتب تم كتابتها باللغة العربية!



وكما هو معروف لكل ذي لُب، أن هذه الكتب الدينية الإسلامية تُمثل أساس العقيدة وتفسيرات القرآن الكريم، لكن ذلك لم يمنع المستشرق الأمريكي والمنظمة الأمريكية نفسها من القول: إن 'ما وجدناه في الكتب شيء مروع'.



و'الشيء المروع' الذي وجدته المنظمة هو أن هذه الكتب تناهض المسيحية وتدعو للجهاد – حسب تعبيرهم-. وهي بذلك – أي المنظمة - تغفل حقيقة أن هذه الكتب الإسلامية تشتمل على تفسيرات آيات القرآن الكريم بما فيها آيات الجهاد والشفاء والمواريث والأحكام وقصص الأنبياء والصالحين... إلخ.



أما السؤال الذي لا بد من طرحه في هذا السياق: كيف يرى هؤلاء المستشرقون وهذه المنظمات الدين الإسلامي مناهضاً للمسيحية؟ الإجابة نفسها تعكس قصور فهمهم أو تعمد عدم فهمهم، فيقول تقرير المنظمة: 'المسلمون لا يقبلون بالمسيحية كدين شرعي، وهم يصرون على فرض شريعة الإسلام دون حلول وسط'.

وبدورنا نوجه سؤالاً آخر: هل يرضى المسيحيون أو غيرهم بغير ديانتهم دينًا شرعيًا لهم؟ ولنا في الاحتجاجات المسيحية الأخيرة بمصر لمجرد إسلام زوجة مسيحية وفتاتين جامعيتين إجابة شافية على السؤال.



استعداء ضد المملكة:

أهم أهداف مقال باييس تكمن في تبنيه وجهات النظر الأمريكية - 'الإسرائيلية' المطالبة بضرورة التعاطي مع السعودية كما يتم التعاطي مع الصين من قبل واشنطن.



أهم ملامح هذا التعاطي الذي يريده المستشرق الأمريكي – كما يقول - أن يتم وضع السعودية في مركز آخر بعيد عن العالم، بزعم أنها لا تتعامل مع ما يسمى بالعالم الحر ضد ما يُعرف بالإرهاب العالمي.



بخلاصة القول: فإن عشرات المقالات لمثل هذا المستشرق وأمثاله، وعشرات التقارير لمراكز البحث الأمريكية أو غيرها حول الدور السعودي في إثراء الدعوة الإسلامية، لن يؤثر على العمل السعودي الذي عهده المسلمون في العالم منذ مئات السنين، والتي أظن أنه سيستمر ما استمرت الحياة، من حقيقة أن المملكة العربية السعودية هي أهم المنارات الإسلامية المُدافعة عن الإسلام والمؤيدة له، والساعية لنشره في أي مكان في العالم.



بقلم: محمد زيادة

mozeada@islammemo.cc

مفكرة الإسلام