PDA

View Full Version : مجتمعي في خـــطر حقيـقي (3)


شاهين
20-01-2001, 01:00 AM
إن التنشئة الاجتماعية، كما تساهم بها وسائل الإعلام، تتم بهذا الشكل: نحن نتعرض باستمرار، ومنذ طفولتنا لرسائل إعلامية مشحونة بالقيم، ومعروضة بقوالب جذابة. ننشأ ونترعرع، ونشب، ونحن نتلقى قيما، وعادات، وطريقة حياة. تشعرنا وسائل الإعلام، وفي مناسبات كثيرة، أن ما نحن عليه، أدنى مما تقدمه لنا وتعدنا به، وهذا ما يجعلنا في حالة لهاث دائمة لنكون بمستوى (مجتمع التلفزيون)، أصبح الرجل لا تعجبه الطريقة التي تلبس بها المرأة، (قد تكون زوجته)،، وشعرها الأسود، ولا حياؤها من الرجال. يريدها أن تتلوى مثل شريهان، حينما تخرج إلى السوق، ويريدها أن تلبس حتى تبدو مثل بروك شيلدز، ويريدها أيضا أن تكون (جريئة) مثل جودي فوستر. أما المرأة فهي (اللاهث) أبدا. تريد أن تكون كل أولئك الثلاث، وفوق ذلك تعمل جاهدة على أن لا تغضب سان لوران، أو كريستيان ديور، أو فرساتشي، فتمتلك كل ما يرد إلى السوق من منتجاتهم، وتسعى أن تكون صدى لكل ما تعرضه الفضائيات، أو تقدمه فتيات (الفيديو كليب). أما الطفل فهو الضحية الكبرى. يسمع في البيت شيئا، ويرى في وسائل الإعلام شيئا آخر مختلفا، ويتعلم في المدرسة خلاف ذلك كله، وقد يذهب إلى المسجد، فيحس أنه في عالم آخر لا يمت إلى عالمه الذي يعيشه بصلة. هذا الفصام الذي يعيشه الطفل، وهو ينمو ويصبح شابا، بين عالمه (الطوباوي) المثالي، الذي يتعلمه في المدرسة، ويسمع شيئا عنه في المسجد، وبين واقعه الذي يعيشه، في أحضان (المربي الإلكتروني) في البيت، مضافا إليه التناقض الذي يراه في سلوك والديه، وبعض أفراد المجتمع المحيطين به، هو الذي ينتج شخصيات غير سوية، منفصلة اجتماعيا في أحيان كثيرة، عن النسق القيمي للمجتمع، كنتيجة طبيعية لتنشئة غير طبيعية.
لا تهدف هذه المداخلة إلى تحميل جهة دون أخرى (أزمة الأخلاق) التي يشهدها مجتمعنا. لقد ظللنا، لفترة طويلة، نردد بأننا نحن الأصفى عقيدة، والأحسن أخلاقا، والأكثر أمنا، والأقل جريمة. كان كثير (منا) يساهمون - من حيث علموا أو لم يعلموا - بتضليل القيادات السياسية والفكرية، بالتقليل من شأن ظواهر الانحراف التي تضرب في مجتمعنا، وبصياغة (صورة ذهنية) لمجتمعنا تضعه فوق الناس، وفوق الأخطاء، حتى كدنا أن نقول: نحن (مجتمع) الله المختار. إن هذا (الانحدار الأخلاقي)، الذي عرضت جزءا بسيطا منه، مسؤول عنه البيت، والمدرسة، ووسائل الإعلام،والدولة بكافة مؤسساتها. إن خطورة هذا السلوك تتعدى إلى الجانب الأمني. فالشعور بعدم الأمان، على الأعراض والمحارم، سوف يدفع الناس إلى (الدفاع) عن أنفسهم، وهذا سوف يؤدي، بالضرورة، إلى انفلات أمني.
إنني أتمنى تكوين هيئة وطنية عليا لعلاج أزمة الهوية والأخلاق، التي بدأت نذرها تصبحنا وتمسينا. إن الحل الأمني مطلوب، لكنه لا يكفي.. إنها أزمة هوية..

د. محمد الحضيف

Huda76
20-01-2001, 01:38 AM
أخي الكريم شاهين

فعلا .. مجتمعنا في خطر حقيقي ..

خطر محدق به من كل جانب ومصوب له من كل حدب وصوب ..

المتأمل الواعي لأحوال المجتمع يدرك أن هناك حرب معلنة على هذا المجتمع .. حرب تستهدف الاطاحة بأهم عناصر المجتمع وهي الأسرة ..

ولكن المؤلم حقا هو ما نراه من سوء فهم لمعاني الحضارة والمدنية .. حيث ما نرى هو تقليد أعمى لممارسات بعيدة كل البعد عن الحضارة والأخلاق والأهم بعيدة عن الدين .. ممارسات غرست في المجتمع بمسميات براقة زائفة .. وللأسف ان الناس يلهثون وراء مظاهر وقشور قد يكون ورائها هلاكهم في حين ان لنا في ديننا الحنيف ما هو خير لنا دائما وأبدا ..

تحياتي