PDA

View Full Version : تحت زخَّات المطر


فتى الإيمان
11-01-2004, 12:16 PM
عبدالرحمن بن عبدالله الفاضل


بدأ هطول الأمطار خفيفاً.. يبعث في النفس الانشراح والسرور.. وبينما كنت أسير في الشارع المزدحم.. اشتد هطول المطر.. وبدأ الناس في الإسراع ومحاولة الاختفاء.. هرباً من المطر..!

أخذت ناحية الطريق.. وفتحت مظلتي.. وأخذت أرقب حركة النَّاس..

مرَّ من أمامي رجل حسن الهندام.. وسيم الوجه.. لم يؤثر الماء المنهمر على طريقته المتزنة في المشي..

سألته: لم لا تحتمي من المطر كما يفعل الآخرون..؟!

أجاب: ولماذا أفعل ذلك..؟!

قلت: وهل من العقل.. أن تبقى تحت المطر..؟!

أجاب: "أول درجات الحمق أن تعتقد أنَّك عاقل"..!!

قلت:.. ولكن..!!

قاطعني.. وهو ينصرف مولياً: من يخاف زخَّات المطر.. لا يمكن أن يعبر البحر..!

بقيت مندهشاً.. حتى رأيت كهلاً جاء مهرولاً ناحيتي.. اقترب مني كثيراً.. وزاحمني تحت مظلتي..

سألته: من أنت..؟!

قال: ألا تعرفني.؟؟!

...: ربما نسيتك.. الأصحاب كثر.. والأيام ممحاة..!

قال: صدقت.. فنحن ننسى من شاركنا الضحك.. لكننا لا ننسى أبداً من شاركنا البكاء..!!

ثم التفت ناحية الطريق.. وانطلق يجرُّ معه أذيال خيبةٍ بدت على وجهه..!

ساد الصمت بداخلي للحظات.. بدت طويلة.. استرجعت خلالها صوراً كثيراً.. لكن من بين تلك الصور أشرقت صورٌ متعددة.. في محاولة لمعرفة سر تلك الإشراقات في ذاكرتي المنهكة.. أخذت أردد.. بعض الناس كالغذاء النافع.. وبعضهم كالسهم الناقع.!!

لمحت من بعيد.. شاباً يسير بلا مبالاة بما يدور حوله.. كأنَّما هو يسبح في الخيال.. ابتلت ملابسه من المطر والطين.. شعرت نحوه بالشفقة.. ناديته ليشاركني الاحتماء بمظلتي.. جاء بخطوات بطيئة عابثة..

أخذ ينظر إليَّ ويقول..:

أنت محظوظ بهذه المظلة.. فقد عرفت كيف تتصرف جيداً..!!

قلت: الدنيا تجارب..!

أجابني (بابتسامة ساخرة): التجارب يتحدَّث عنها الجميع.. حينما يتحدثون عن أخطائهم!!

همهمتُ.. ما أكثر ما يكتم الناس أفكارهم القيّمة..!

نظر إليَّ مرة أخرى.. ثمَّ قال:

بعض الناس.. مثلي.. لا حظَّ له في الحياة.. فلو اتجرت في الأكفان ما مات أحد.. فلماذا أتعب في الكدّ..؟

علت وجهي الدهشة..

لم ينتظر مني جواباً.. وولى يسير تحت المطر.. بخطوات يائسة..!!

لاحظت أنَّ المطر بدأ يشتد.. وربما لا تصمد مظلتي المتهالكة كثيراً.. بدأت المشي نحو الطريق الرئيسي.. أثناء ذلك رأيت طفلاً يلعب بالطين.. وقد صارت ملابسه وجسمه بلون واحد هو لون الطين.. تساءلت: هل فكَّر هذا الطفل كيف سيواجه تأنيب وصراخ أمه إذا عاد إلى البيت..؟

لم أفكر كثيراً في الجواب... تاكسي... تاكسي...!!

ركبت سريعاً.. قلت له: إلى (يوم الغد).. لو سمحت..!!

زمردة
11-01-2004, 02:01 PM
كأنك بموضوعك هذا تعني أن الناس أجناس ..

أنا في الواقع شدني العنوان ..

لأني شاهدت في التلفاز المطر الذي كان ينزل في الكويت عند مباراتهم مع البحرين .. بالطبع لم أتابع المبارة ولا للحظة لذلك لا أعرف عنها شيئاً ولا عن نتيجتها ..

ولكن رأيت لقطة كان فيها المطر ينزل بقوة :)

وغبطتكم على هذه الرحمة .. وتأسفت أن لم نحظى بمثل ما حظيتم .. :(

مباااااااارك على أهل الكويت هذه الأمطار الغامرة ..

جعلها الله أمطار رحمة ..

فتى الإيمان
12-01-2004, 02:32 AM
جزاك الله خيراً
يا أختي في الله
( زمردة )
وبارك الله فيك
وهذا الشي الذي دفعني لوضع هذا الموضوع :)
حيث أن الله رزقنا في هذا المطر الغزيز و المتواصل حتى هذه الساعة
قال الله تعالى { وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء }
فيالها من نعمة عظيمة، ومنة كريمة.

فيا أيها الأخوة المؤمنون، إننا ـ والله ـ بحاجة لشكر الله عز وجل في كل وقت وفي كل حين، وعلى كل نعمة ينعم بها الله جل جلاله، وخاصة في هذه الأيام، فمن واجب الله علينا أن نشكره، فقد سقى البلاد والعباد، وأنزل هذا الماء الذي جعله سبب حياتنا، فمنه نشرب، ومنه نسقي حرثنا وأشجارنا، منه وبسببه ينمو الزرع ويدر الضرع بإذن الله تعالى

وليكن شكرنا شكرا حقيقيا، نشكره بألسنتنا، ونشكره بأعمالنا، نعمل شكرا له سبحانه، أليس هو القائل: { اعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ } [سبأ:13].

أسير الليل
12-01-2004, 06:49 PM
السلام عليكم
حياك أخوي فتى الايمان

موضوعك ذكرني بنقطه يمكن البعض يغفل عنها
وأكون صريح لو قلت أن كبار السن هم اللي يدركون هالشئ
وهي الدعاء ساعة نزول المطر .. تختلف مشاعر البعض !!

لكن أكثر من مره وأقربها كان بجده مطر بسيط في الصباح
حضر احد اولياء الامور ولما نزل المطر .. تنحى عننا شوي
وجلس يدعي .. صراحه المنظر كان جدا مؤثر ..
اللهم لا تحرمنا الغيث اللهم لا تجعلنا من القانطين

اعذرني على الاطاله والتشريق في المداخله
همسه
الان بالتحديد .. المطر يهل علينا :)

زمردة
13-01-2004, 03:46 AM
جزاك الله خيراً .. الأخ الفاضل أسير الليل ..

أنا كذلك قبل أن أرد على الأخ الفاضل فتى الإيمان .. طاف بفكري حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ورد أنه حسر عن صدره ليصيبه ماء المطر فلما سئل عن ذلك قال لأنه حديث عهد بربه .. تجد هذا الحديث في الأمور التالية التي نفعلها عند نزول المطر :

ويستحب أن يصيب المطر شيئاً من البدن والمتاع ففي حديث أنس رضي الله عنه قال:

أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه تعالى -رواه مسلم- .



** الدعاء مجاب عند نزول المطر، ففي حديث سهل بن سعد قال قال رسول الله عليه وسلم ثنتان ما تردان الدعاء عند النداء وتحت المطر,, (صحيح الجامع).



** قال ابن باز رحمه الله: لا حرج في الجمع بين المغرب والعشاء ولا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء للمطر الذي يشق معه الخروج إلى المسجد وهكذا الرحض والسيول الجارية في الأسواق لما في ذلك من مشقة.

والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء وزاد مسلم من غير خوف ولا مطر ولا سفر, فدل ذلك انه قد استقر عند الصحابة رضي الله عنهم أن الخوف والمطر عذر في الجمع كالسفر لكن لا يجوز القصر في هذه الحال وإنما يجوز الجمع فقط لكونهم مقيمين لا مسافرين, والقصر من رخص السفر الخاصة, (أ, هـ) -فتاوى مهمة تتعلق بالصلاة-.



** لا يدعى بوقف المطر إن خشي الضرر منه بل يدعى بأن يكون في الأودية ومنابت الشجر، كما في حديث أنس رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد فقال:

يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس (رواه مسلم).



** رؤية السحاب لا يفرح بها لأنه يخشى أن يكون عذاباً,, قالت عائشة: يا رسول الله أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه مطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية فقال: يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا (رواه البخاري ومسلم).



** كان صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما فيها وما أرسلت به (رواه مسلم) ..

وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سرى عنه (رواه مسلم).



** كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال:

اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك (سنن الترمذي).



** كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال: اللهم حييا نافعاً (رواه البخاري).



** من الناس من اغتر بالمطر فظن أن هذا رضا من الله وما علم المسكين أن هذا قد يكون استدراجاً من الله.

قال بعض السلف: يستدرجهم الله بالنعم، إذا عصوه ويملي لهم ثم يأخذهم اخذ عزيز مقتدر.

**
من أي عهد في القرى تتدفق *** وبأي كف في المدائن تغدق

ومن السماء نزلت أم فجّرت من *** عُليا الجنان جداولاً تترقرق

وبأي عين أم بأية مزنة *** أم أي طوفان تضيف وتفهق

وبأي نولٍ أنت ناسج بردة *** للضفتين جديدها لا يُخلق

تعيي منابعُك العقول ويستوي *** متخبط في علمها ومحقق


http://saaid.net/arabic/ar58.htm